كتب : أحمد أباظة
لقد مات مينو رايولا، وحان وقت انهيار وكالته. خلى العرش والكل يقتتل الآن على اعتلائه. أليس كذلك؟
فيما يبدو.. لا. وهذا ما سنحاول التعرف عليه من خلال تقرير ذا "أثلتيك" عن رافاييلا بيمينتا.. المحامية البرازيلية والوريثة الشرعية لتلك الإمبراطورية.
..
في الثلاثين من أبريل، توفي أحد أشهر وكيل لاعبي كرة قدم في العالم إن لم يكن أشهرهم، عن عمر يناهز 54 عاما.
رحل مينو رايولا في مستشفى سان رافاييلي بعد معاناة مع المرض منذ يناير، وتوالى نجوم كرة القدم لتقديم العزاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من ألفي هالاند والد إرلينج هالاند نجم مانشستر سيتي الحالي المنتقل مؤخرا من بوروسيا دورتموند، مرورا بالأرميني هنريك مخيتاريان لاعب روما الحالي ومانشستر يونايتد وأرسنال السابق، وبول بوجبا بطل كأس العالم مع منتخب فرنسا..
الأخير تحديدا، كان رايولا هو من حرك انتقاله من مانشستر يونايتد إلى يوفنتوس مجانا في 2012، ثم كسر به رقما قياسيا في عودته إلى الشياطين الحمر عام 2016 مقابل 89.3 مليون جنيه استرليني.
بحسب بعض التقارير، هذه الصفقة وحدها كانت تساوي 41.39 مليون جنيه استرليني ينالها رايولا، بناء على شرط وضعه في اتفاق نقل بوجبا إلى يوفي، حيث وافق النادي الإيطالي على منحه 50% من أي قيمة انتقال مستقبلية تساوي أكثر من 40 مليون جنيه استرليني، ناهيك عن العمولات الطبيعية التي تلقاها من يونايتد وبوجبا نفسه.
بالطبع، نفى رايولا صحة هذه الأرقام، ولكن عمولاته الضخمة ولسانه الحاد، جعلوه أحد أسوأ الأشخاص سمعة في كرة القدم.
هالاند وبوجبا ومخيتاريان ليسوا كل شيء، فوكالة الإيطالي الراحل تضم زلاتان إبراهيموفيتش وبليز ماتويدي وماركو فيراتي وجيانلويجي دوناروما وماريو بالوتيلي ومويس كين وألفونس أريولا وأليسيو رومانيولي وعدنان يانوزاي ونصير مزراوي.
هذا بالإضافة إلى كونه أنجح جامعي المواهب الشابة الهولندية، حيث أتى بكل من ماتيس دي ليخت وجاستن كلوفيرت ورايان جرافنبرش وأوين فيندال ودينزل دومفريس ودونيل مالين وكالفين ستينجز وميرون بوادو.
القاسم المشترك بين كل هذه الأسماء أنها تبلغ من العمر 23 عاما أو أقل عدا دومفريس، المتواجد في إنتر ميلان حاليا.
حين مات رايولا، كان السؤال الأول بطبيعة الحال عما سيحل بوكالته وكيف سيؤثر كل ذلك على ما كان يعتقد الجميع كونه عملية كبرى يديرها رجل واحد، خشية حدوث هجرة جماعية مفاجئة.
وتحدث وكيل لاعبين -رفض ذكر اسمه لـ "ذا أثلتيك" : "سيكون هناك فترة احترام (للراحل)، حتى أسوأ الوكلاء سيحترمونها. ثم سيكون هناك محادثات غير ملائمة في كل غرفة إدارة". وبالطبع سيكون محور هذه الأحاديث عن محاولة صيد عملاء رايولا.
في الوقت الحالي لن يكون هناك أي تحركات أكثر من مغادرة ماركوس تورام، نجل الأسطورة ليليان تورام، الذي غادر الوكالة بعد وفاة رايولا بوقت قصير، ما يعني أن الوضع سيستمر في استقراره الحالي، وهذا أولا لأن اللاعبين يفضلون البقاء مع وكالات تعمل لعدة أعوام، وثانيا لأن هناك امرأة تدعى رافاييلا بيمينتا.
أحد المسؤولين عن التعاقدات في الدوري الإنجليزي الممتاز، يصف بيمينتا بأنها أهم شخص لا أحد يعلم عنه شيئا في كرة القدم، بينما وصفها مصدر آخر في عالم الوكلاء بأنها "أقوى امرأة في كرة القدم الآن"، وأنها "أصعب مفاوض في كرة القدم".
بيمينتا هي محامية برازيلية عملت مع رايولا لأكثر من 20 عاما، والآن هي من تدير الإمبراطورية التي تركها.
رغم أن رايولا يملك نجلين، ماريو وجابرييل، إلا أن القيادة الرئيسية في موناكو بين يدي بيمينتا، الشريكة في الوكالة منذ 18 عاما، والتي تداخلت في عدة مراحل رئيسية لكل صفقة أجراها رايولا.
كانت بيمينتا طوال الوقت هي الشخصية الحازمة فيما يخص الأوراق، وفي الوقت ذاته قريبة من اللاعبين وعائلاتهم، إذ وصفها بوجبا لأطفاله بـ "العمة رافا".
تتولى البرازيلية منصب نائب الرئيس التنفيذي لمنتدى كرة القدم، الذي كان يرأسه رايولا، وينوب عنه البرتغالي الأشهر جورجي مينديش، وهو تحالف لوكلاء اللاعبين لمواجهة تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في شؤون الوكلاء وعمولاتهم.
حين قرر الثنائي الإيطالي جيوفاني كيانيلي وأنجيلو بيساني كتابة سيرة ذاتية لرايولا، لم يكن هناك أي ذكر لاسم بيمينتا، ولكن أخيرا بعد وفاته طفى هذا الاسم على السطح، خصوصا في الصحافة الإيطالية باعتبارها وريثته.
وبالفعل، واجهت السيدة البرازيلية فترة مزدحمة للغاية منذ أن تسلمت المقاليد، إذ تولت صفقة انتقال هالاند إلى مانشستر سيتي، والآن تعمل على نقل بوجبا من مانشستر يونايتد إلى يوفنتوس للمرة الثانية.
كان رايولا قد شهد على العديد من خطوات عملية انتقال هالاند، ولكن حتى قبل وفاته الفعلية بيومين، انتشر نبأ زائف عن وفاته، وتم نفيه عبر تويتر. أما يوم وفاته الفعلية، فقد حرصت بيمنتا على الاتصال شخصيا بعملاء الراحل، ليسمعوا النبأ منها مباشرة بدلا من الإعلام.
أيضا أدارت بيمينتا انتقال ثنائي أياكس مزراوي وجرافنبرش إلى بايرن ميونيخ، والأخير أدار رايولا محادثاته الأولى في فبراير، حين كان لا يزال قادرا على العمل.
مصدر مقرب من رايولا حذر من عدم وجود أي ولاء في كرة القدم، بينما تنبأ بعض الأشخاص من هذا المجال، بأن اللاعبين سيمنحون الوريثة الجديدة بعض الوقت، لفترتي انتقالات على سبيل المثال كي تثبت نفسها، قبل النظر في مسألة الرحيل المحتمل.
السؤال المشروع دائما سيكون عن شخصية رايولا الاستثنائية، والتي يعتبرها العديد من المتابعين العامل الرئيسي في نجاحات وكالته، وأنه بانتفاء ذلك العامل، فإن هذه المملكة ستسقط في وقت قصير.. ولكن لا يبدو هذا صحيحا.
مصادر محيطة بعمل هذه الوكالة على وجه التحديد، أكدت أن بيمينتا تملك إخلاص العديد من اللاعبين بالفعل، والأهم من ذلك، ثقتهم.
وأثارت بعض الشائعات مسألة أن زلاتان إبراهيموفيتش قد يفكر في العمل بهذا المجال بعد اعتزال كرة القدم، وبحسب مصادر "ذا أثلتيك"، فإنه لن يمانع أبدا العمل بجوار بيمينتا.
ربما تمتلك بيمينتا نفس الصلابة، ولكن حتى حلفاؤها يقرون بأنها شخص مختلف تماما عن رايولا..
للتوضيح، رايولا ليس شخصا يمكنك أن تأخذ منه موقفا محايدا، إما أن تحبه وإما أن تكرهه، لا وسط هنا، إذ كان مباشرا للغاية طوال الوقت في حديثه.
الرجل الذي بدأ بمطعم عائلته للبيتزا في مدينة هارلم الهولندية، ثم أصبح مليونيرا في عامه التاسع عشر بصفقة "مكدونالدز" الشهيرة، وافتتح مسيرته كوكيل لاعبين بعمليات من طراز دينيس بيركامب (من أياكس إلى إنتر – 1993) وبافل نيدفيد من لاتسيو إلى يوفنتوس عام 2001، لم يكن يكترث بما يرتديه كثيرا، ولم يكن يهتم بمظهره الخارجي للدرجة القصوى، ولم يلفت انتباه زلاتان إبراهيموفيتش من هذا المنظور إطلاقا، بل بحديثه المباشر..
في اليوم الأول قال رايولا لإبرا أن عليه بيع سياراته وساعاته والتدرب 3 مرات أقوى لأن "أرقامه مزرية".
وحين احتك الوكيل بأسطورة مانشستر يونايتد سير أليكس فيرجسون خلال مفاوضات تجديد عقد بوجبا، انتهى الأمر بسباب مباشر من فيرجسون لرايولا.
رايولا رد على ذلك بقوله "هذا عرض لا تقبل كلابي بالتوقيع عليه"، ليسبه فيرجي مجددا.
بيمينتا تتذكر هذا الاجتماع جيدا، وفي وثائقي بوجبا رفضت وصفه بالاجتماع أصلا، بل بالكارثة.
وكيل اللاعبين الراحل لم يجد حرجا في نعت المدرب الإسباني الشهير بيب جوارديولا بـ "الكلب الجبان" على خلفية معاملته لإبراهيموفيتش في برشلونة، ولم يتورع عن وصف يورجن كلوب بـ "قطعة من الـ...." بسبب مصير ماريو بالوتيلي تحت قيادته في ليفربول.
بيمينتا هي النقيض الكامل لكل ذلك..
فهي تملك مسيرة تعليمية قوية للغاية، كما عملت في قسم مكافحة الاحتكار بحكومة الرئيس البرازيلي السابق فيرناندو هنريك كاردوسو، ويرجع اجتماعها الأول مع رايولا إلى 22 عاما مضوا، خلال حدث خيري نظمهم الثنائي البرازيلي ريفالدو وسيزار سامبياو.
هنا نشأت الرابطة، وباتت بيمينتا واحدة من القلائل الذين وثق بهم رايولا، وسرعان ما أصبحت شريكته، واليوم، هي الوريثة الشرعية عن جدارة واستحقاق.