كتب : زكي السعيد
إعادة نشر
عندما تقدّم مجدي عبد الغني لتسجيل هدفه التاريخي أمام هولندا في مثل هذا اليوم منذ 32 عامًا، هل أدرك أنه يواجه حارس المرمى رقم 1 في التصدي لركلات الجزاء على مستوى العالم؟
تباهى مجدي عبد الغني كثيرا بركلة باليرمو من بين 20 ركلة تقريبا سددها طوال مسيرته، لم يدّع تواضعًا زائفًا، بل قدّم لنا ثلاثة عقود من التفاخر بالهدف المونديالي الوحيد الذي شاهده المصريون، مستغلا حظ عبد الرحمن فوزي العاثر الذي لم يسمح له سوى بالتسجيل قبل عصر البث التلفزيوني.
وركلة الجزاء لعلها ليست أجمل أساليب التسجيل في كرة القدم، فهناك التسديدات بعيدة المدى، والضربات المقصية الأكروباتية، والرأسيات المستحيلة.
لكن ما التميز في مواجهة الحارس على بعد أمتار قليلة دون أي مضايقة والتسديد على إحدى زاويتيه؟ تقريبا الأمر لا يحتاج إلى مهارة عالية بقدر احتياجه إلى أعصاب فولاذية.
ولهذا، فالرد على تباهي مجدي عبد الغني دائما كان تذكيره بالطريقة التي سجل بها، من علامة الجزاء، وهو من جانبه لم يكف ولم يتراجع، بل زاد تمسكًا بتاريخية هدفه وقيمته العظمى في كرة القدم المصرية، وهذا حقه بالكامل.
فلو كان الأمر بهذه السهولة، لماذا انتظرنا 56 عامًا قبله و28 عامًا بعده حتى نشهد مسجلا مصريا غيره في المونديال؟
أمّا ما أغفله مجدي عبد الغني، وما يتمحور حوله هذا التقرير، هو الطرف الآخر، هانز فان بروكلين، الرجل الذي واجه عبد الغني في تلك الركلة التاريخية.
اسمٌ كان مألوفا في كرة القدم بالطبع، أحد أفضل حراس جيله، امتلك ردود فعل خارقة، أظهرها في تصديه غير العادي لتسديدة أحمد الكاس مطلع الشوط الثاني في نفس المباراة، وكذلك في إبعاده الرشيق لرأسية جمال عبد الحميد بعد عرضية متقنة من أحمد رمزي.
لكن قصة فان بروكلين مع كرة القدم وركلات الجزاء، تتجاوز بكثير الـ90 دقيقة التي اصطدم فيها بالفراعنة، أو حتى ركلة عبد الغني التي كاد أن يوقفها، وعجز في النهاية عن إبعادها.
قاتِل ركلات الجزاء
بدأ فان بروكلين مسيرته مع أوتريخت في السبعينيات، ثم قضى موسمين مميزين مع نوتنجهام فورست الإنجليزي، حتى استقر به الحال في بي إس في آيندهوفن بين 1984 و1994 -عام اعتزاله-.
في آيندهوفن كانت الفترة الذهبية لـ فان بروكلين والتي خلّدت اسمه في تاريخ كرة القدم الهولندية.
هناك أطلقوا عليه لفظ Elfmetertöter، وترجمته الحرفية "قاتل ركلات الجزاء"، فقد أعطى فان بروكلين انطباعا دائما أن مهمته في التصدي أسهل من اللاعب الذي سيسدد.
امتلك فان بروكلين في منزله فهرسًا بأسماء أبرز مسددي ركلات الجزاء في أوروبا، وعكف دوما على حصر الزوايا التي يسددون فيها، مما أعطاه أسبقية نفسية وفنية أمامهم أغلب الوقت.
هذا الأسلوب صار منتشرا الآن في عصر الإحصاءات، لكن فان بروكلين كان رائدا في تطبيقه قبل أكثر من 30 عاما.
لكن هولندي آخر احترف تلك الخدعة قبل 20 عاما، هو فان بروكلين، الذي اعتاد الإشارة بإصبعه نحو إحدى الزوايا، لبدء حرب نفسية مع المُسدد.
لو كنت مكان المُسدِد ستتساءل، هل يخدعك لتسدد في الزاوية الأخرى، أم يخدعك لتسدد في نفس الزاوية، ستبدأ في إجراء قدر هائل من الحسابات داخل عقلك، وستعجز في النهاية عن معرفة البيضة الأول أم الفرخة!
في النهاية، لم تجد أي من الخدع الأربعة لـ فان بروكلين، وسكن شباكه هدف تاريخي، حتى لو سُجل من علامة الجزاء دونا عن كل الأساليب الخلابة الأخرى.
قبل 32 عاما، أحرجت مصر بطل أوروبا، وفرّطت في انتصارٍ مستحق.
اقرأ أيضا:
تقنية تحكيمية جديدة قد تظهر في المونديال