كتب : إسلام أحمد
"كنا أمواتا".. تكررت تلك الكلمة مرتين من قبل، لكن في النهاية أظهر ريال مدريد أنه على قيد الحياة.
مر ريال مدريد بطريق استثنائي ليصبح بطلا لدوري أبطال أوروبا، تخطى عقبة باريس سان جيرمان المرشح لحصد اللقب ثم تشيلسي حامل اللقب ثم مانشستر سيتي وصيف النسخة الماضية ثم ليفربول في النهائي.
كل ذلك لم يكن ليحدث لو لم تُجر قرعة جديدة لدور الـ 16 من البطولة بسبب خطأ تقني، حينها ريال مدريد كان سيواجه بنفيكا البرتغالي.
قال كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد بعد العودة ضد سيتي في المربع الذهبي: "تاريخ هذا النادي هو الذي يساعدنا على الاستمرار عندما يبدو أننا خسرنا".
سانتياجو سولاري الفائز بدوري أبطال أوروبا 2002 قال من قبل لشبكة ذا أثليتك: "عندما تكون لاعبا في ريال مدريد، ينتابك هذا الشعور بالانتماء والتاريخ والانتصارات. إنه موجود دائما، وتشعر أنك جزء منه".
في كل مرحلة احتاج ريال مدريد لنجم من أجل قيادته في قلب النتيجة إلى جانب زملائه، وكان هناك من يبرز ليصبح هو من يعرف طريق عودة الملكي من الموت.
أمام باريس سان جيرمان سجل كريم بنزيمة ثلاثة أهداف (هاتريك) في 17 دقيقة قاد بها الملكي لتخطي عقبة الباريسيين.
كان الوقت بين الهدفين الثاني والثالث 106 ثانية، وأصبح الفرنسي أكبر لاعب يسجل هاتريك في دوري أبطال أوروبا بعمر 34 عاما و80 يوما.
قال بنزيمة للصحفيين بعد المباراة: "ريال مدريد حي وأظهرنا كيف يمكننا الفوز على أي شخص."
وأضاف "جاءت العودة لأسباب تتعلق بالقوة الذهنية. يشرفني حقا أن أكون جزءا من هذا النادي الأسطوري والآن نمضي قدما."
أمام تشيلسي في ستامفورد بريدج سجل بنزيمة هاتريك جديد في الفوز 3-1.
فأصبح الفرنسي ثاني لاعب يسجل الهاتريك في مباراتين متتاليتين بعد كريستيانو رونالدو في 2017 حينما هز شباك بايرن ميونيخ وأتليتكو مدريد بثلاثيتين متتاليتين آنذاك، كما قاد ريال مدريد للفوز الأول على البلوز بعد 5 مباريات.
وتحدث بنزيمة عقب المباراة قائلا: "أتينا إلى لندن من أجل الفوز فقط ولنبرهن من يكون ريال مدريد".
في الإياب رفع جمهور ريال مدريد لافتة "لا تعبث مع الملوك"، تأخر الملكي حتى الدقيقة 80 بثلاثية دون مقابل ولولا تألق تيبو كورتوا لكانت النتيجة 4-0 وخرج الفريق من البطولة.
هنا ظهر لوكا مودريتش وبلمسة واحدة فقط أعاد ريال مدريد للحياة من جديد.
تمريرة طولية بوجه القدم الخارجي إلى رودريجو الذي سدد من لمسة واحدة في الشباك معادلا النتيجة.
في الأشواط الإضافية تكفل بنزيمة بالأمر، سجل هدفا وقاد الملكي للمربع الذهبي ليعود الفريق من بعيد.
بعد عودة ريال مدريد أمام تشيلسي في إياب ربع النهائي قال لوكا مودريتش: "شيء لا يصدق ولا أجد الكلمات لوصف المباراة، كنا أمواتا حتى تسجيل الهدف الأول لصالحنا".
وأضاف "ولكننا لم نستسلم وكافحنا للوصول لأبعد حد وأظهرنا أن لدينا طابع خاص هنا في ريال مدريد والجمهور حفزنا كثيرا حينما كنا أمواتا في المباراة وأعطونا الشجاعة للعودة".
تيري هنري صرّح قناة CBS الأمريكية مشيدا بأداء مودريتش: "هذا الرجل يبلغ من العمر 50 عاما، ما الذي يفعله حتى الآن؟ إنه رائع".
الأدهى أن مودريتش مثل النبيذ كلما تقدم بالعمر تصبح جودته أفضل وأعلى، وهو بعمر الـ 36 هو رابع أكثر من ركض كيلومترات في دوري أبطال أوروبا، الموسم الجاري أوروبيا صنع 4 أهداف وهو نفس العدد الذي حققه في آخر 3 مواسم.
أفضل نسبة تمريرات صحيحة، وأفضل نسبة ضغط ناجح على الخصم على المستوى الفردي للكرواتي خلال آخر 4 مواسم أوروبية.
ليس مودريتش فقط، بل أن توني كروس خلال 8 مواسم مع ريال مدريد في دوري الأبطال، لم تقل نسبة دقة تمريراته عن 92%.
وتواجد الألماني تاسعا في قائمة أكثر 10 لاعبين ركضا في دوري أبطال أوروبا.
كاسيميرو امتلك 31 عرقلة ناجحة كثاني أفضل لاعب في البطولة بعد ماركو فيراتي وتواجد في المركز العشرين بقائمة أكثر اللاعبين ركضا بالبطولة.
بالتأكيد لأنطونيو بينتوس رئيس الإعداد البدني في ريال مدريد دورا رئيسيا، فقال في وقت سابق "في كل مرة يراني فلورنتينو بيريز رئيس النادي، يقول لي: "نمنح اللاعبين وقتا عصيبا، أليس كذلك؟".
وأضاف "عندما اتصل بي للعودة قال لي أريد فريقا به الكثير من الشدة. وقلت له لا داعي للقلق".
امتلك ريال مدريد ثلاثي وسط بارع، ورغم ازدياد معدله العمري وتخطيه الـ 30 إلا أنه استطاع حصد اللقب الرابع له سويا من على أرض الملعب في المباراة النهائية.
من بين أول 25 لاعبا في قائمة الأكثر ركضا بدوري الأبطال ستجد 8 من ريال مدريد.
بيب جوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي قال قبل لقاء الإياب في المؤتمر الصحفي: "الجودة التي يتمتعون بها ليست مصادفة، لديهم مستوى عالٍ في كل شيء. جودة مدريد ليست صدفة أو حظ. الأشخاص الذين يقولون إنهم محظوظون لا شيء من هذا القبيل".
مودريتش أيضا سخر من الأمر قبل المباراة في المؤتمر الصحفي: "نفوز بالحظ؟ لا يمكننا أن نقول أي شيء للناس التي تفكر بتلك الطريقة دعهم يستمرون في ذلك، أن نصل إلى هنا ونفوز بعدد لا أعرفه من البطولات لا يأتي ذلك فقط بالحظ، هذا غير عادل ويجعلنا نضحك".
روح خوانتيو أسطورة ريال مدريد لا تزال حاضرة، الإسباني سبق له أن قال للاعب إنتر عقب الخسارة ذهابا أن "90 دقيقة هي فترة طويلة في سانتياجو برنابيو".
هذا ما تحقق في الإياب ضد مانشستر سيتي، ريال مدريد خسر ذهابا 3-4.
وفي الإياب ظل حتى الدقيقة 90 مهزوما بهدف دون رد.
وفي "ليلة سحرية لملوك أوروبا" وفي ظرف 50 ثانية سجل رودريجو ثنائية أعادت ريال مدريد من بعيد.
البرازيلي الشاب سجل 7 أهداف من 9 له هذا الموسم كبديل في جميع المسابقات.
رودريجو قال لشبكة "بي إن سبورتس" عقب ثنائيته القاتلة في المربع الذهبي: "في بعض اللحظات كنا أمواتا ولكن هذا القميص علمنا القتال سعيد بالهدفين وقيادة الفريق للتأهل".
الوقت الإضافي عرف تقدم ريال مدريد على سيتي في مجموع المباراتين لأول مرة والذي ساوى التأهل عن طريق ركلة جزاء تحصل عليها وسجلها كريم بنزيمة.
كريم بنزيمة كان مسؤولا عن 54% من أهداف ريال مدريد التي سجلها في دوري الأبطال، سجل تسعة من أهدافه الخمسة عشر بعد الدقيقة الستين.
وعادل بنزيمة رقم كريستيانو رونالدو بتسجيل 10 أهداف في الأدوار الإقصائية من دوري أبطال أوروبا، كما حصد لقب هداف البطولة، كل هذا يجعله مرشحا فوق العادة لحصد الكرة الذهبية.
أنشيلوتي قال بعد المباراة: "ريال مدريد يمتلك السحر ولا نستسلم أبدا بحثا عن الطاقة للفوز".
بعد مباراة المربع الذهبي قال ستيف ماكمانمان لاعب وسط ريال مدريد وليفربول الأسبق عبر BT Sports: "هذا ليس أكثر فرق ريال مدريد بريقا ستشهده في تاريخ هذا النادي لكنهم لعبوا كفريق ويعتقدون أنه يمكنهم إنجاز المهمة".
كورتوا بعد المباراة النهائية سيحظى بالاحترام الكافي على أقل تقدير.
تصدى تيبو كورتوا لـ 9 فرص محققة من ليفربول كأكثر حارس تصديا للفرص في النهائي، وأصبح أكثر حارس يتصدى لتسديدات المنافسين في نسخة واحدة من البطولة برصيد 59 تصدٍ.
الحارس البلجيكي استطاع في النهائي منع 2.5 هدفا محققا من سكون شباكه في النهائي وهو أفضل معدل لحارس مرمى في نهائي دوري أبطال أوروبا منذ موسم 2013-14 على الأقل.
وثالث حارس يتوج بجائزة رجل المباراة النهائية لدوري الأبطال بعد أوليفر كان في 2001 وإدوين فان دير سار في 2008.
البلجيكي حصل على تقييم 9.19 من 10 في المباراة من موقع أوبتا للأحصائيات ليصبح الأعلى في مركزه منذ بدء جمع التقييمات في 2009.
كورتوا بعد النهائي قال لشبكة "BT Sports": "كنت بحاجة للفوز بالمباراة النهائية في مسيرتي على كل العمل الشاق، ولإعطاء بعض الاحترام لاسمي، لأنني لا أعتقد أنني أحظى بالاحترام الكافي، خاصة في إنجلترا".
ريال مدريد سدد 71 تسديدة مقابل 134 تسديدة لخصومه في الأدوار الإقصائية من دوري أبطال أوروبا، تغلب فيها على باريس سان جيرمان وتشيلسي ومانشستر سيتي وليفربول ليفوز بلقبه الرابع عشر.
البطل ينتهز الفرصة الواحدة، ومن تسديدة وحيدة على المرمى في 90 دقيقة بالنهائي حصد اللقب الرابع عشر وابتعد عن أقرب منافسيه بفارق الضعف.
عقب التتويج قال كريم بنزيمة: "نحن الأفضل مرة أخرى، كان موسما صعبا بالنسبة لنا واستحققنا ما وصلنا إليه مرة أخرى، المباراة كانت صعبة للغاية ولكننا أظهرنا للجميع أننا على قيد الحياة".
اقرأ أيضا:
غياب صلاح عن تشكيل الأفضل في أوروبا
موقف حسام حسن القانوني من تدريب المصري
تفاصيل استبعاد فتوح من منتخب مصر