كتب : أحمد أباظة
"الإنهاء في المركز الثاني هو قصة حياتي".
قالها يورجن كلوب بنبرة تغلبها أقصى درجات اليأس، بعد خسارة ليفربول للقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة إثر تعرضه لـ "بسترة" ممنهجة من مانشستر سيتي.
قالها، وهو يعلم أنه مهدد برؤية المصير ذاته مرة أخرى بعد 6 أيام في نهائي دوري أبطال أوروبا، وقد كان.
ولكن بعد خسارة نهائي دوري الأبطال للمرة الثانية في 5 سنوات وأمام نفس الفريق، فعل يورجن ما يجيده..
تظاهر الألماني بعدم حدوث أي شيء على الإطلاق، وبدأ يتحدث عن إمكانية العودة إلى النهائي مرة أخرى في الموسم المقبل، وحجز تذاكر اسطنبول من الآن.
تصريح بالطبع سيلقى سخرية واسعة إذا خرج ليفربول من نصف النهائي حتى، فهذا هو حال تلك اللعبة، ولكنه يعكس كيف يفكر الرجل الجالس على مقعد تدريب الريدز حتى 2026.
في 2018 وبعد صاعقة كييف التي شهدت إصابة محمد صلاح وكوارث لوريس كاريوس، كان كلوب يغني بمنتهى الحماس والبهجة على وجهه:
"رأينا الكأس الأوروبية، مدريد امتلك كل الحظ اللعين، نقسم أننا سنبقى هادئين وسنعيدها إلى ليفربول".
رغم حزن واضح في ظروف كئيبة لا تخطئها العين، إلا أن هذا ما كان يفكر به الرجل حقا: لنحاول مجددا.
وبالفعل، في العام التالي مباشرة: ليفربول بطل دوري أبطال أوروبا على حساب توتنام هوتسبر.
لا يخدعنك ذلك ويوحي لك أن كلوب خاسر لطيف، في الواقع هو خاسر سيئ للغاية، ويفضل دائما ألا تحاول الحديث معه بعد أي خسارة عموما، إلا الخسارة الأخيرة في الموسم.
في خضم المنافسة، سيقول لك أي شيء يطرأ على ذهنه إن خسر، من التحكيم إلى الرياح.. أي شيء حقا.
ولكن بمجرد أن ينتهي كل شيء بخيبة أمل، لن تسمع "صياحه" حتى ينطلق الموسم المقبل، كل ما ستراه سيبدو كخليط منتقى بعناية بين أقصى مستويات التنمية البشرية وأروع أغنيات "سبيستون".
فعلها قبل ذلك، وها هو يعيدها، وبالنظر لقصته، فإن نهجه هو الخيار الأفضل، لأن الخيار الثاني -على الأرجح- سيكون القفز أمام قطار مسرع أملا في وضع حد لهذه المعاناة، ولكن يورجن أذكى من ذلك، فهو يعرف أن "كرة القدم هي أهم الأشياء غير الهامة على الإطلاق".
بـ 35 مليون يورو، ناطح هذا الرجل عملاق ألمانيا بايرن ميونيخ وانتزع منه الدوري مرتين في حقبة "القوس والسهم ضد البازوكا"، وحين وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، منعه البافاري من لمس الكأس في الدقيقة 89.
اتجه إلى ليفربول فخسر نهائي الدوري الأوروبي، ثم نهائي دوري أبطال أوروبا، وها هو يخسره للمرة الثانية. في النهاية هذه منافسات إقصائية وكل الأمور واردة، ولكن هل تعرف شخصا خسر الدوري بفارق نقطة وحيدة مرتين في 4 أعوام؟ نعم، هذا هو.
"ماذا سنفعل في الغد يا يورجن؟ ما نفعله كل نهاية موسم يا بينكي.. سنشرب إلى الثمالة ثم نستيقظ ونحاول من جديد".
بعد كل ضربة ينهض ليفربول كلوب أقوى، كما تُبعث العنقاء من رمادها.
مصدر هذه الثقة المطلقة يظل مشروعا متماسكا بناه خطوة تلو الأخرى، وزادت دعائمه يوما بعد يوم، فهو يعرف جيدا ما يتوجب عليه فعله..
سيرحل ساديو ماني؟ لا مشكلة، هناك لويس دياز وديوجو جوتا سلفا، والقدرة المالية بالطبع على شراء نجم بهذا المركز إذا أتت الفرصة، مثل هيونج مين سون الذي طرح اسمه مؤخرا.
خط الوسط شهد انضمام الواعد فابيو كارفاليو بالفعل، والهدف التالي هو أوريلين تشاوميني جوهرة موناكو.
إضافة ستكون بالغة الأهمية لكتيبة متماسكة تضم مختلفات الفئات العمرية، وسط أحاديث أخرى عن مطاردة جافي، ومتابعة المعدلات البدنية لهذا اللاعب فقط تنذر مبكرا بما يمكن لكلوب أن يفعل من خلاله.
ستظل الدائرة تدور بالنسق ذاته، سيرحل نجم ويأتي آخر، أو حتى يُصنع آخر، وسيحاول كلوب مجددا.
ماذا إذا فشل مجددا؟ لا شيء، سينتهي الأمر به في مكان على الأرجح لا يعلمه، مسيتقظا وهو لا يتذكر أحداث الليلة السابقة بالدقة الكافية، ثم يحاول مرة أخرى.