كتب : إسلام أحمد
"كنا نضحك كثيرا بشكل دائم عندما نستمع إلى آباء لاعبي الخصم، اعتادوا القول إن الطريقة الوحيدة لإيقاف فينيسيوس هي دراجة نارية"، كارلوس أبرانتيس لشبكة "ذا أثليتك".
مر أبرانتيس على الكثير من الأوقات الجيدة في مسيرة فينيسيوس جونيور، بدءا من فريق الشباب في ريو دي جانيرو، ليبهر فرق فلامنجو والبرازيل تحت السن القانونية، ومن ثم انتقل بصفقة كبيرة إلى ريال مدريد في سن 18 عاما، والآن تنفجر موهبته في دوري أبطال أوروبا.
شبكة "ذا أثليتك" أعدت تقريرا عن البرازيلي الشاب مع الأشخاص الذين جاوروا فينيسيوس جونيور في مسيرته وصولا لنهائي دوري أبطال أوروبا.
نشأ فينيسيوس في ساو جونكالو وهي ليست منطقة مزدهرة لكن تمتع البرازيلي بطفولة مستقرة وسعيدة.
بدأ في مدرسة كرة قدم محلية -واحدة بين 120 مدرسة تابعة لفلامنجو في البرازيل- وفي سن السادسة كان مدربه الأول هو كارلوس أبرانتيس.
قال أبرانتيس لشبكة "ذا أثليتك": "برز فينيسيوس على الفور لقدرته على المراوغة وسرعته".
وأضاف "عندما شاركنا في البطولات، حاولت الفرق مراقبته، لكنهم لم يتمكنوا من إبقائه هادئا. كان سريعا جدا ومباشرا جدا. لا أحد يستطيع مواكبة ذلك. كان لا يمكن إيقافه".
بعمر العاشرة انضم فيني لصفوف فريق الشباب لفلامنجو، والغريب أنه في استمارة التسجيل كتب أنه يلعب كظهير أيسر.
اختيار ربما يأتي كون ريناتو أبرو لاعبه المفضل آنذاك كان لاعب وسط مهاجم ويشغل أيضا مركز الظهير الأيسر.
كان كارلوس نوفال المدير التنفيذي لفرق فلامنجو للشباب أشرف على تقدمه في تلك السنوات الأولى. وصف فينيسيوس بأنه "غير متوقع، لا يعرف الخوف، قوي ذهنيا"، وقال إن هذه الصفات كانت موجودة منذ البداية.
قال نوفال للشبكة: "لقد كان أعلى من البقية، منذ البداية، اعتاد الذهاب إلى المدافعين، تماما كما يفعل اليوم. لم يكن خائفا من أي شيء. الطريقة التي يتمكن بها من المراوغة مع السرعة مذهلة. يمكنه تغيير الاتجاه في ومضة".
وواصل "إذا اضطررت إلى اختيار كلمة واحدة لوصفه، فسيكون (مبهج)".
وأوضح "أينما ذهب، كان يفوز بحب الناس بابتسامته وسلوكه. لقد كان الأمر مُعديا".
جيلمار بوبوكا درب فيني في فرق فلامنجو تحت 13 و17 وتوطدت العلاقة بينهما في فريق تحت 20 عاما، في ذلك الوقت تألق فيني في بطولة ساو باولو للشباب -أحد أكبر بطولات الشباب في البرازيل- بعمر أقل من 3 سنوات عن البقية.
يقول بوبوكا: "عليك أن تعرف اللحظة المناسبة لإلقاء طفل في الفريق في بطولة كهذه، خاصةً عندما يكون قد جاء للتو من فئة عمرية أصغر، كان بعض الأولاد الآخرين على وشك الانضمام إلى الفريق الأول، لذلك كان عليّ أن أعتني به. لكنه انتهز فرصته".
فينيسيوس سجل 3 أهداف وصنع 2 في 3 مباريات وكانت كلمة "حسم" دائما ما تصفه.
وأكمل بوبوكا: "حسم الكثير من المباريات الصعبة لصالحنا، كان شخصا يريد تحمل المسؤولية في اللحظات الصعبة وأراد من الفريق الاعتماد عليه".
وواصل "قال بعض الناس إنه ليس الأكثر حسما، لكن هذا لا يناسبني. كان فينيسيوس دائما هدافا جيدا، كان أفضل هداف في كل فئة عمرية في فلامنجو".
بعد فترة قصيرة خاض فيني بطولة أمريكا الجنوبية للناشئين تحت 17 عاما في تشيلي، سجل 7 أهداف واللقب لتتعزز سمعته بشكل أكبر في البرازيل.
كارلوس أماديو مدربه تحدث عنه قائلا: "كان فينيسيوس شخصا يعرف كيفية التحرك خلف دفاع الخصم، شخص يمكنه التسلل واستغلال المساحة، لكن قبل البطولة لاحظنا نقطة ضعف كبيرة، لم يقم بعمله الدفاعي".
جمع أماديو أبرز اللقطات لفيني من أجل أن يشاهدها اللاعب اليافع، شاهدها فينيسيوس في صمت، ثم أخبره أنه سيعمل على حلها.
وتابع أماديو: "بدأ في بذل المزيد من الجهد، كان رائعا في تلك البطولة. حصد جائزة الهداف وأفضل لاعب، وأكمل أيضا واجباته".
آنذاك وصفته الصحافة الإسبانية بـ "نيمار الجديد" وضمه ريال مدريد مقابل 45 مليون يورو قبل عام من مجرد بلوغه 18 عاما بعدما لعب فقط 17 دقيقة على مستوى الفريق الأول لفلامنجو، بقى طيلة عام مع الفريق البرازيلي قبل أن ينضم للملكي بشكل نهائي بعدما أتم 18 عاما.
في الأشهر الأولى لفينيسيوس في فلامنجو سجل أربعة أهداف في 32 مباراة، أربعة منها فقط في الموسم الأول في عام 2017، وبدا أنه يستمتع بشهرته الجديدة.
يقول أماديو: "لقد أظهر أنه يستطيع التعايش مع المطالب والتوقعات المعلقة عليه، دائما تمتع بهذه الشخصية القوية. إنه يواجه تحديات وجها لوجه".
أثار فيني الجدل عندما احتفل بطريقة "طفل يبكي" أمام بوتافوجو ثم وصفه ديان بيتكوفيتش نجم الفريق الأسبق بأنه "كثير من الفردية وقليل من العمل الجماعي".
سجل ثنائية في شباك إيميلك الإكوادوري وتمت مقارنته برونالدو الظاهرة، ورحل في يونيو 2018 صوب ريال مدريد واحتل فلامنجو المركز الثاني في جدول ترتيب الدوري البرازيلي بنهاية الموسم.
واختتم نوفال حديثه قائلا: "حتى عندما كان صغيرا، كنت متأكدا من أنه سيصبح أحد أفضل اللاعبين في العالم، قد يكون في الواقع اللاعب الوحيد الذي شعرت به بهذه الطريقة".
"كان من دواعي سروري مشاهدته. لقد سحر الجميع".
--
صمم ريال مدريد ألا يخسر مجددا أمام برشلونة حربه لضم موهبة برازيلية شابة بعد نيمار في 2013.
جوني كالافات كشاف المواهب في ريال مدريد لعب دورا رئيسيا لضم فينيسيوس حيث أمضى وقتا طويلا في البرازيل لإقناع المراهق ومن حوله بخطة طويلة المدى لتطويره ليصبح لاعبا أساسيا في سانتياجو برنابيو.
بعد أن وافق فينيسيوس على الانتقال، وكان ينتظر عاما آخر ليبلغ الثمانية عشر من عمره مع فلامنجو، التقى كل أسبوع بموظف في مدريد لمراجعة لقطات فيديو لمبارياته الخاصة ومباريات مدريد أيضا، لذلك عرف كيف يتوقعون تطوره.
كانت الصفقة أيضا علامة مهمة وضعها ريال مدريد إذ انضم كالافات للملكي في موسم 2013-14 وكلفه فلورنتينو بيريز رئيس النادي بتحديد وتأمين أفضل اللاعبين الشباب في العالم.
وكانت هناك مخاطرة خاصة أن ريال مدريد دفع مبلغا ضخما في لاعب شاب للحصول على خدماته.
وصل فيني لكتيبة سانتياجو سولاري في ريال مدريد "كاستيا".
يقول سولاري: "وصل فينيسيوس كجزء من خطة استراتيجية لمدريد لمحاولة التعاقد مع أفضل اللاعبين قبل أن ينفجروا".
وأردف "لقد أصبح سوق كرة القدم سيئا. والآن ترى ثمار استراتيجية النادي هذه. كان مطلوبا الكثير من الشجاعة، وأيضا عين جيدة جدا للموهبة. لذا فإن المديرين والمؤسسة يستحقون الثناء على ذلك".
لم ينتظر فيني الكثير، في الدربي أمام أتليتكو مدريد للشباب سجل ثنائية في سبتمبر 2018، وصاحبها صخب من الصحافة العالمية والمحلية.
خاض فيني 12 دقيقة تحت قيادة جولين لوبيتيجي في الدوري الإسباني مع الفريق الأول.
قال بوبوكا: "أعتقد أن ريال مدريد تعامل معه بشكل جيد، ووضعه في فريق الشباب في البداية، حتى يتمكن من الشعور بثقل القميص والتعرف على الأسلوب الإسباني في كرة القدم".
بعد رحيل لوبيتيجي آثر الخسارة بخماسية في الكلاسيكو ضد برشلونة أصبح سولاري المدير الفني الأول لريال مدريد ومعه قرر الاعتماد على البرازيلي.
يقول سولاري: "الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان اللاعب جاهزا هي خوض المباريات، استطعت أن أرى أنه يستحق فرصة لإظهار ما يمكنه فعله".
وأكمل "تواصله مع الجماهير جاء بسرعة كبيرة لأنه لاعب مباشر للغاية".
أصيب فيني في مباراة أياكس والتي انتهت بخسارة ريال مدريد 4-1 وتوديع دوري الأبطال ورحيل سولاري وانضم زيدان مع تدعيم بضم إدين هازارد مقابل 100 مليون يورو.
في الموسم الثاني شارك البرازيلي في 7 مباريات فقط بشكل كامل وساهم بتسجيل 5 أهداف وصناعة 4 في 38 مباراة بجميع المسابقات.
بدأ زيدان يفضل الاعتماد على هازارد رغم إصاباته المتكررة، تارة يشرك فيني في مركز الجناح الأيمن أو يبقيه على مقاعد البدلاء.
لكن الشرارة كانت في مباراة بوروسيا مونشنجلادباخ الألماني بدوري الأبطال، عندما التقطت الكاميرات كريم بنزيمة وهو يطلب من مواطنه فيرلاند ميندي بألا يمرر للبرازيلي "إنه يلعب ضدنا".
لم يمرر بنزيمة تمريرة واحدة إلى فينيسيوس في الدقائق الـ25 التالية وسجل الضيوف مجددا ومن ثم شارك هازارد واستطاع ريال مدريد خطف نقطة التعادل بنتيجة 2-2.
رغم أن المصادر قالت إن الثنائي كان قريبا دائما من بعضه إلا أن فيني احتاج من يظل على مقربة منه في ذلك الوقت.
أماديو قال "فينيسيوس هو شخص كاريوكا نموذجي (شخص من ريو) منفتح، ثرثار، شخص يحب المرح والعبث".
وواصل "يتمتع بشخصية قوية: فهو يتغلب على الصعوبات بسهولة، ويواجه التحديات وجها لوجه، ويمكنه التعايش مع المطالب والتوقعات الموضوعة عليه".
في الموسم الماضي وأمام ليفربول في ربع النهائي استغل جونيور سرعته في صراع حقيقي مع ألكسندر أرنولد وسجل ثنائية قادت فريقه لنصف النهائي، لكن الموسم انتهى بتوديع دوري الأبطال أمام تشيلسي وخسارة الدوري الإسباني أمام أتليتكو مدريد.
رحل زيدان وأصبح أنشيلوتي مديرا فنيا للملكي، لكن بدأ هازارد أساسيا بجوار جاريث بيل وبنزيمة في أول مباراتين من الموسم، لم تكن الأمور واعدة للبرازيلي.
سجل هدفا ضد ألافيس ثم ثنائية ضد ليفانتي.
قال خورخي فالدانو نجم ريال مدريد السابق: "لقد تعلم فينيسيوس كيفية التسجيل في غضون أسبوع" وهو يضحك على عدم الإيمان بموهبة اللاعب.
سجل فينيسيوس 5 أهداف في 5 مباريات في الدوري بعدما سجل من قبل 5 أهداف في 35 مباراة الموسم الماضي.
بدأ أنشيلوتي العمل على تطوير اللاعب، وطلب منه على وجه الخصوص تسديد الكرة في وقت مبكر وتقليل اللمسات حول منطقة الجزاء. في الغالب كان الأمر يتعلق باستعادة فينيسيوس ثقته بنفسه، والشعور بالأهمية مرة أخرى.
ظهرت الثقة على البرازيلي فسجل أمام سيلتا فيجو في حضور الجماهير بسانتياجو بيرنابيو بعد 18 شهرا من الغياب، وكذلك ضد إشبيلية وشاختار دونتسك.
من ثم غير أنشيلوتي بعضا من أفكاره في الهجوم ليفسح المجال لبروز اللاعب البرازيلي ولتتواصل الثنائية الهجومية مع بنزيمة في عبور باريس سان جيرمان ثم مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا.
توج ريال مدريد بلقب الدوري، سجل 17 هدفا وصنع 10، وفي دوري الأبطال سجل 3 وصنع 6 في 12 مباراة وعلى بعد مباراة من التتويج باللقب.
قال سولاري: "هذا التقدم شيء توقعته، لكنك لا تعرفه على وجه اليقين".
وأضاف "لقد قدم موسما رائعا، ولعب دوره حيث فاز ريال مدريد بالدوري الإسباني وبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا. وهذا يجعلني سعيدا جدا له وللنادي".
وشدد "إنه المثال الرئيسي الآن على ذلك القرار السياسي الشجاع الذي اتخذه النادي، للمراهنة على اللاعبين الشباب، وتوفير الهيكل المناسب لهم للنمو".
بعمر 21 عاما فقط خاض فيني 169 مباراة مع ريال مدريد.
ومثل الكثيرين في النادي لديه مدرب لياقة بدنية شخصي وطاهٍ، ويعمل كثيرا على تعافيه بعد المباراة ولم يتعرض لأي إصابات هذا الموسم.
جلبت موهبته الطبيعية وابتسامته فرصا تجارية ضخمة وتجنب أي دعاية ضارة خارج الملعب.
ربما فقدان ريال مدريد فرصة ضم مبابي تمثل ضربة لكن بالتأكيد سيحتاج فينيسيوس جونيور لمواصلة التطور من أجل أن يبقى ريال مدريد على القمة.
ويختتم سولاري: "الآن عليه أن يواصل الضغط، كل عام في ريال مدريد، المطالب تصل لإقصاها للجميع - لاعبين ومدربين ومديرين. فينيسيوس هو بالفعل أحد أفضل اللاعبين الشباب في العالم، ولديه كثير ليقوله. كل هذه الأشياء تعتمد دائما على عدم التوقف عند أمجادك، والعمل الجاد كل يوم لمواصلة التحسن".
"لدي كل الثقة في العالم بأنه سيستمر على هذا الطريق".
طالع أيضا:
ماذا قدم السداسي الجديد قبل الانضمام لـ منتخب مصر