منذ أن سجل لويس ميكيسوني هدف الأهلي الأول في شباك الاتحاد السكندري في الجولة 12 من الدوري في الدقيقة 35، لعب فريق المدرب بيتسو موسيماني 335 دقيقة محلية دون تسجيل أي هدف، حتى سجل محمد مجدي "أفشة" من ركلة جزاء أمام سيراميكا كليوباترا.
تلك المعاناة دفعت موسيماني للتصريح، عقب مباراة طلائع الجيش: "بيرسي تاو يهدر الفرص، محمد شريف يهدر الفرص، حسام حسن شارك وأهدر وأيضا صلاح محسن، المهاجمين الأربعة في فريقي أهدروا الأهداف أمام المرمى، ماذا أفعل أنا؟"
هل مشكلة الأهلي الوحيدة في هذا الصدد هي إهدار الفرص؟ وهل لدى موسيماني ما يفعله؟ هذا ما سيحاول FilGoal.com الإجابة عنه في هذا التقرير.
ماذا تقول الأرقام؟
أمام الاتحاد السكندري، خلق الأهلي 3 فرص محققة Big Chances للتهديف، تراجع هذا الرقم لـ صفر أمام المصري، ثم ارتفع لفرصتين ضد طلائع الجيش، وفرصة واحدة أمام كليوباترا كانت ركلة الجزاء التي سجل منها أفشة.
هل تمثل تلك الأرقام تراجعا؟ الأهلي هو أكثر فريق سجل في الدوري هذا الموسم، حيث يتقاسم لقب أقوى هجوم في الدوري مع الزمالك بـ 32 هدف لكليهما، ولكن الأهلي لعب 3 مباريات أقل من منافسه المباشر.
في 14 مباراة في الدوري، صنع لاعبو الأهلي 21 فرصة محققة للتهديف، بمعدل فرصة ونصف في المباراة الواحدة. هذا التراجع سببه بشكل كبير الـ 3 مباريات الأخيرة محليا.
ففي الـ 11 مباراة الأولى ومنهم مباراة الاتحاد السكندري، وصل الأهلي لخلق 29 فرصة، بمعدل 2.6 فرصة محققة في المباراة الواحدة.
أي أن الأهلي، رقميا، عجز فجأة عن صناعة الفرص، مع أمر إهدار الفرص ما ظهر جليا ضد طلائع الجيش على سبيل المثال.
من أصل 21 فرصة محققة للتسجيل للأهلي طوال الموسم، أهدر لاعبوه 16 فرصة منهم. ببساطة، أهدر لاعبو الأهلي 76.1% من الفرص المحققة للتسجيل. بيرسي تاو وحده تكفل بإهدار 6 فرص منهم، ويليه محمد شريف بـ 3 فرص.
تصريح موسيماني، بعنوان ماذا أفعل، رد عليه مهاجمون مثل راداميل فالكاو الذي شرح مسبقا لـ فور فور تو بعض التداريب الفردية التي يلجأ لها لتحسين قدرته على تسجيل الأهداف، حيث يتم ربط المهاجم بحزام يمسك به لاعبين اثنين آخرين، مع وضع 5 أقماع بشكل هلالي داخل منطقة الجزاء، ويقوم المدرب بتمرير الكرة في كل مرة عند قمع من الأقماع يتحرك له المهاجم ويسدد في المرمى، هكذا يرى فالكاو أن قدراته التهديفية بالقدمين تحسنت بشدة.
تلك التدريبات موجودة على الانترنت بكثافة، وربما تفيد مهاجمي الأهلي، وموسيماني في تحسين دقة إنهاء الهجمات.
ولكن الصيام التهديفي للمهاجمين قد يعود لأسباب أخرى، حيث تحدث توم بيتس، المدرب النفسي في شركة "بيك بيرفورمانس" عن الشق النفسي في الأمر بالنسبة للمهاجم الذي يتوقف عن التهديف.
يقول بيتس، إن على المهاجم تقييم أدائه بشكل مكتوب ومرسوم بشكل كامل، مع تقسيم الأدوار التي يقوم بها داخل الملعب، والتفكير في التسجيل كجزء واحد فقط من عدة أدوار يجب أن يقوم بها المهاجم.
أمور مثل معدل العمل لصالح الفريق، وبناء اللعب مع خط الوسط ومساعدة الزملاء على التسجيل تساعد المهاجم على اكتساب الثقة إذا تيقن أنها مهمة، وأنه يقوم بها على أكمل وجه.
هذه العملية تزيد من ثقة المهاجم بحسب بيتس، ما يعني قدرته على إنهاء صيامه التهديفي سريعا.
ولكن الأمر كله لا يعتمد على الشق النفسي بحسب ألان سميث الذي تألق رفقة أرسنال، ويملك 168 هدفا في 481 مباراة.
سميث قال لـ فور فور تو: "إياك أن تفقد الثقة. استمر في الوجود داخل الأماكن الخطيرة وسدد كثيرا، كرة من تلك التسديدات ستدخل المرمى في النهاية".
وأضاف "أثناء التدريب، يجب على المهاجم الذي يعاني من الصيام التهديفي التركيز كثيرا على التسديد. بمختلف الطرق، من وضع الثبات والحركة، وتسديدات المرة الواحدة ومتابعة العرضيات، إحساس التسديد في الشباك نفسه ممتع ومفيد للمهاجم. أعلم أن المباريات مختلفة عن التدريبات ولكن إحساس هز الشباك في حد ذاته هام".
وأتم "من الجانب النفسي، يجب على المهاجم أن يعلم أنه سيسجل حتما، لابد أن يسجل. يجب أن يظل شجاعا ويقف في الأماكن المناسبة وستعود له حاسته التهديفية".
ولكن، ماذا تسبب في عجز الأهلي المفاجئ عن صناعة الفرص؟
الإجابة عن هذا السؤال تبدأ من نقطة أولى، من يصنع الفرص في الأهلي؟
من بين 21 فرصة محققة للأهلي هذا الموسم، صنع محمد مجدي "أفشة" 5 فرص، تلاه أحمد عبد القادر بـ 3 فرص، وعلي معلول بفرصتين.
أي أن هذا الثلاثي وحده تكفل بصنع أكثر من 50% من فرص الأهلي المحققة محليا هذا الموسم، وبين تراجع المستوى والإصابة والإرهاق، فقد الأحمر جزء كبير من قدرته على خلق الفرص. ضف إلى ذلك غياب عمرو السولية للإصابة في آخر مباراتين محليتين، وإرهاقه الشديد قبلهما، حيث يلعب نجم وسط الأحمر دور الرابط بين خطوط الفريق، خاصة في غياب بدر بانون وتأثر الأهلي الشديد في عملية بناء اللعب من الخلف في غياب المدافع المغربي.
بالتالي، تراجعت عملية صناعة الفرص من أساسها في صفوف الأحمر، وحتى الفرص الشحيحة التي يتم خلقها تُهدر بأقدام ورؤوس المهاجمين.
وبناء على ذلك، لجأ الأهلي وموسيماني للحل البدائي، الكرات الطولية.
لا يجب تصنيف الأفكار الكروية بأن بعضها سيء وبعضها جيد. كرة القدم بالنسبة للمدرب وخاصة عندما تدرب فريقا مطالبا دائما بتحقيق الانتصارات والألقاب، هي لعبة المبتغى الأول فيها هو تحقيق الفوز ولا يهم إن كان ذلك الفوز جميلا أو قبيحا.
فكرة رفع الكرات داخل منطقة الجزاء في انتظار مهاجم طويل يهيئها للاعبين واختصار وقت التحضير خاصة في ظل الضعف الواضح في تلك النقطة في غياب بانون والسولية، فكرة ذات وجاهة، ولكن أين المهاجم الطويل؟
أطول مهاجمي الأهلي، محمد شريف، لديه نقطة ضعف واضحة في الفوز بالصراعات الهوائية، وهو أمر يتعلق بتقنية محاولة الحصول على الكرة بالنسبة له حيث يقفز بوقت طويل قبل وصول الكرة الهوائية، والحل الثاني هو حسام حسن الذي لم يلعب سوى لـ 114 دقيقة من أصل 335 دقيقة محلية فشل فيهم الأهلي في التهديف، بعد فترة طويلة من الغياب عن المشاركة من الأساس.
وبالتالي، مع الزيادة المطردة في الكرات الطولية التي يلعبها الفريق (40 كرة أمام المصري، 41 أمام طلائع الجيش، قبل أن يتراجع الرقم إلى 24 أمام كليوباترا، مع نسبة نجاح لم تتخطى 58% في أي من المباريات الثلاث) زاد معدل خسارة الأهلي للكرة، وليس ذلك فقط، فإن إرهاق خط وسط الأهلي الشديد حيث يلعب السولية – قبل الإصابة – وديانج وحمدي فتحي كل المباريات في ظل إصابة بدلاءهم مثل أكرم توفيق وعمار حمدي، في خسارة الفريق دائما للكرة الثانية - وفي ذلك حديث آخر- وتهديد الفريق على المستوى الدفاعي، مثلما استطاع باسم مرسي مهاجم كليوباترا التسجيل في الفريق بسبب ضعف في الحصول على الكرة الثانية، وضعف مماثل في الارتداد، مع مرتدة منظمة.
تحول نمط الفريق من اللعب المباشر السريع، إلى تحضير بطيء لا فائدة منه، ينتهي بكرة طولية لمهاجمين قصار القامة وخلفهم دفاع متكتل استغل الوقت الطويل في التحضير لأخذ أماكنه الدفاعية بشكل سليم، وجاهز لاستقبال الكرة الطولية القادمة من قلب الملعب، أو العرضية من طرفي الملعب، دون أي معاناة.
فهل يجد بيتسو موسيماني حلا لذلك العجز المفاجئ قبل المواجهة المصيرية ضد وفاق سطيف في نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا، أم يستمر لمباراة رابعة على التوالي؟