كتب : رامي جمال
ليس من السهل على أي شخص أن يقف أمام زلاتان إبراهيموفيتش ويقوم بتوبيخه بقسوة لينقذ مسيرته من الكروية من الفشل، لكن شخص واحد فقط هو الذي قام بذلك الأمر ليحول نفسه إلى أحد أفضل وكلاء اللاعبين في العالم، مينو رايولا.
وتوفي اليوم السبت رايولا بعد صراع مع مرض رئوي وأعلنت عائلته عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" النبأ الحزين لعالم كرة القدم.
لكن من هو رايولا وما هو أبرز أعماله كوكيل لاعبين وكيف بدأت مسيرته؟
رايولا صاحب الـ55 عاما هو من أصول إيطالية حيث ولد قرب ساحل أمالفي هناك، قبل أن ينتقل مع أسرته إلى مدينة هارلم الهولندية عندما كان يبلغ من العمر عاما واحدا.
بائع بيتزا
عندما انتقلت أسرته إلى هولندا قام والده الذي كان يعمل كميانيكي بفتح مطعم لبيع البيتزا، وبسبب قدرة رايولا على التحدث الهولندية بشكل أفضل منه جعله يتولى الشؤون الإدارية للمتجر.
درس رايولا القانون لمدة عامين لكنه لم يكمل طريقه، وكان يهتم بتعلم اللغات فهو يتحدث سبع هي (الهولندية، الإيطالية، الألمانية، الفرنسية، الإسبانية، البرتغالية، والإنجليزية التي تعلمها من مشاهدة أفلام ديزني).
وأثناء عمله في المطعم كان رئيس نادي هارلم الهولندي يأتي ليتناول الطعام كل جمعة مع عائلة مينو، وكان رايولا يقوم بتقديم نصائحه له عن كيفية إدارة عمله في الفريق، ما دفعه لتعيينه مديرا رياضيا وهو لم يتجاوز الـ19 من عمره.
وفي ظل كثرة الخلافات مع أعضاء إدارة النادي قرر رايولا الرحيل عن منصبه، ليلتحق بشركة لإدارة أعمال اللاعبين تدعى "سبورت بروموشون" والتي كانت تهدف لبيعهم بأعلى مقابل مادي ممكن على أساس أعمارهم.
بداية مسيرته
حينما كان رايولا يعمل في شركة سبورت بروموشن نجح في نقل دينيس بيركامب وفيم يونك إلى إنتر ميلان مقابل 10 مليون و400 ألف جنيه إسترليني في عام 1993، كما أنه ساهم في بيع العديد من اللاعبين الهولنديين للأندية الإيطالية في ذلك التوقيت.
بعد جمعه لخبرات جيدة قرر رايولا الرحيل عن سبورت بروموشن ليعمل لحسابه الخاص، وأول صفقة له كانت هي تسهيل عملية انتقال بافيل نيدفيد من سبارتا براج إلى لاتسيو مقابل مليون و200 ألف جنيه إسترليني.
قبل أن يساهم أيضا بعد ذلك بخمسة أعوام في التوسط لنقله إلى يوفنتوس مقابل 25 مليون جنيه إسترليني على الرغم من كونه ليس وكيل أعماله.
علاقته مع إبراهيموفيتش
"هو وكيل أعمالي، صديقي، والناصح دائما لي، أنا مدين له بالكثير" هكذا يصف زلاتان إبراهيموفيتش رايولا في سيرته الذاتية، فقد ساهم وكيل اللاعبين في نقل اللاعب السويدي لخمسة أندية مقابل 130 مليون جنيه إسترليني.
إذا كيف بدأت علاقة رايولا بأحد أكثر اللاعبين جدلا في تاريخ كرة القدم.
يقول اللاعب الملقب بالسلطان في سيرته الذاتية:"حاول رايولا عندما كنت في أياكس أن يصبح وكيل أعمالي وجعل صديقي ماكسويل يتوسط لدي فكان ردي هو إن كان لديه شيئا جيدا فليقدمه وإلا فأنا لست مهتما بالأمر كله".
ويواصل إبرا"رد مينو مجددا عن طريق ماكسويل وكانت رسالته اللعنة عليك".
وأضاف المهاجم السويدي"في وقت ما أردت أن يتم بيعي بأعلى سعر، وبدأت بالبحث عن وكيل لاعبين جديد، أردت شخصا لا يتبع القواعد ولا يقف عند إشارات المرور، وكان رايولا هو الحل".
وأكمل"عندما ذهبت لمقابلته أردت إثارة إعجابه وارتديت ملابس ثمينة وذهبت للمطعم بسيارتي البورش، وفوجئت بشخص يدخل علي مرتديا قميص رياضي وجينز وجسده سمين، كما قيل عنه كان أشبه برجل العصابات، وحين جلس طلب طعام يكفي لخمسة أشخاص".
واستدرك"وعندما بدأ بالحديث أدركت فورا أن هذا هو الرجل المناسب، لكن وجدته ينتقدني بقسوه ويقول لي أن مستواى لن يساعده على بيعي، وقال لي عليك التخلي عن ملابسك وسيارتك الباهظة، وسألني هل تريد أن تكون الأفضل في العالم، فأجبته بالطبع".
وأردف إبرا"وجدته يقول لي إذا عليك أن تعمل على أن تكون الأفضل في العالم ثم كل الأشياء الأخرى من المال والشهرة ستأتي إليك، لكن إن سعيت خلف المال فلن تحصل على أي شيء".
وأتم إبراهيموفيتش"منذ ذلك الحديث بدأت العمل بجد وأدركت على الفور الاختلاف الذي حدث لي، ومن هنا كانت بدايتي الحقيقية".
علاقته مع ميدو
بدأت علاقة ميدو برايولا حينما كان الأول لاعبا في صفوف روما في عام 2004 وكان المهاجم المصري يرغب في الرحيل عن صفوف الفريق الإيطالي، وكان يواجه مشكلة في ذلك الأمر.
وبالفعل نجح رايولا في نقل ميدو إلى توتنام على سبيل الإعارة لمدة موسم ونصف وبعد تألقه مع السبيرز حاول الفريق الإنجليزي شرائه لكنه عرض على روما مبلغا زهيدا.
وكان رد رايولا آنذاك في تصريحات نقلتها صحيفة "ديلي ميل" الإنجليزية عام 2006"نحن نتحدث إلى توتنام وروما وأندية أخرى".
وأضاف"لم نستبعد خيار التعاقد مع توتنام لكن هناك أندية أخرى الآن قدمت عروضا أفضل منهم، أنا أشعر بخيبة أمبل لعدم التوصل لاتفاق معهم".
وأكمل"أنا لا أشعر بأن توتنام يرغبون في استثمار أموالهم في جلب ميدو، هناك أندية أخرى حتى أكبر منهم في إنجلترا بل أوروبا تريد ضمه".
وفي شهر أغسطس من عام 2006 نجح رايولا في نقل ميدو من روما إلى توتنام نهائيا مقابل 5 مليون جنيه إسترليني.
أسلوب عمله
يؤمن رايولا دائما أن مصلحة موكليه أي اللاعبين فوق كل شيء وأهم من مصلحة الأندية فتحدث قائلا:"أعتقد إنه عندما يقرر أي لاعب الرحيل عن فريقه، فهو يجب أن يغادر".
وأضاف"وكلاء اللاعبين القدامي كانوا يعملون في مصلحة الأندية، بالنسبة إلي اللاعبين يأتوا أولا".
أسلوب عمله هذا جعل السير أليكس فيرجسون يعرب عن غضبه الشديد منه بسبب عمله على نقل بول بوجبا من مانشستر يونايتد إلى يوفنتوس في صفقة انتقال حر، ووصفه آنذاك برجل صعب في التفاوض.
هذا بالإضافة إلى أنه لا يسمح لأي شخص بالتعدي على لاعبيه أو التحدث عنه بسوء فهو سبق وهاجم بيب جوارديولا بعدما عامل إبراهيموفيتش بشكل سيئ في برشلونة، ويدافع دائما عن ماريو بالوتيللي ضد الانتقادات التي يتعرض لها.
ويرى رايولا أن مصلحته تكمن مع لاعبيه وليس في مجرد الحصول على أموال بسبب بيعهم للأندية.
وكان رايولا يعيش مع أسرته في مونتريال بكندا، حيث أنه لا يهتم بحضور المباريات من الملعب، بل يفضل مشاهدة لاعبيه من التلفاز ويتابعهم عن طريق الهاتف.
كما أنه ليس لديه أي شركة باسمه الآن سواء أول واحدة افتتحها أو الثانية ويعمل فقط مع مساعده الشخصي ومحاميه.
وفي يناير من عام 2015 أعلن نيته الترشح لخوض انتخابات رئاسة الفيفا، لكنه في النهاية تراجع دون وجود سبب واضح.
وبشكل عام فدائما يتهم رايولا بأنه يخلق المشاكل، ولكنه يقول أنه هو الرجل المناسب لحلها، لكن اتفقنا أو اختلفنا حول أسلوب وطريقة عمله، فهو كان أحد أهم وأنجح وكلاء اللاعبين في عالم كرة القدم.