كتب : عبد الرحمن فوزي
بعد 9 سنوات ما زال مانشستر يونايتد لم يجد الرجل المناسب لتعويض رحيل السير أليكس فيرجسون الذي اعتزل التدريب في قمة مجده متوجا بالدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأخيرة في تاريخ النادي حتى الآن عام 2013.
9 سنوات كان التخبط في اختيار المدربين هو السمة الأساسية في مانشستر يونايتد، فترة شهدت تعيين 7 مدربين مختلفين ما بين مدرب مؤقت أو دائم، ليتحول الفريق من كبير إنجلترا والمسيطر عليها إلى فريق يكافح فقط للدخول ضمن الأربعة الكبار والوصول إلى دوري أبطال أوروبا ليجعل موسمه ناجحا.
أليكس فيرجسون يتهمه البعض بأنه أحد أسباب أزمة مانشستر يونايتد الحالية بجانب الإدارة بكل تأكيد لكونه صاحب اختيار ديفيد مويس ليحل محله في تدريب الفريق عقب إعلانه إعتزاله، وهو الموسم الذي شهد بداية وصول الفريق إلى حالته الحالية.
ولكن في عام 2015 شدد فيرجسون على أن اختياره الأول لم يكن مويس ولكن كان بيب جوارديولا الذي بنى أسطورته الخاصة أثناء تدريب برشلونة.
فيرجسون كشف عن إجرائه لحديث مع جوارديولا عبر الهاتف ليقنعه بخلافته في مانشستر يونايتد ولكن الأخير اتفق بعدها على تدريب بايرن ميونيخ لأنه لم يكن مستعدا في ذلك الوقت للتدريب في الدوري الإنجليزي.
جوارديولا حاليا هو مدرب مانشستر سيتي وقد أثبت نجاحه في الدوري الإنجليزي بالفعل بالسيطرة عليه خلال المواسم الماضية.
ولكن يبقى السؤال، هل لو تم تعيين جوارديولا كمدرب لمانشستر يونايتد في وقت سابق كان النادي سيختلف موقفه عن الوضع الحالي؟ وإذا حصل مانشستر يونايتد على مدرب حاليا صفاته تقارب جوارديولا فهل سيخرج من كبوته ويعود للمنافسة؟
خلال الأيام الماضية وفقا للتقارير فإن مانشستر يونايتد قد تواصل مع إريك تين هاج مدرب أياكس أمستردام ليتولى تدريب الفريق في الموسم المقبل وجميع المؤشرات تشير إلى أن المفاوضات تسير بشكل جيد.
ولكن ما الذي تراه إدارة مانشستر يونايتد في المدرب الهولندي لتتفاوض معه آملة في أن يكون مخرج الفريق من كبوته.
إريك تين هاج قد يكون هو المدرب الأكثر قربا من مواصفات جوارديولا على الساحة حاليا ويعبتره البعض خليفته في التدريب.
خليفة جوارديولا تعني بأنه مدرب صاعد أو واعد لأن ذلك الأمر لا ينطبق على تين هاج صاحب الـ 52 عاما، أي أن سنه أكبر من جوارديولا نفسه ولكن بداية مسيرته التدريبية وقرب أفكاره الخططية وحتى التعلم منه تحتم تسمية تين هاج بخليفة جوارديولا في التدريب.
تين هاج بدأ مسيرته التدريبة مع جو أهيد إيجلز الهولندي لمدة موسم واحد قاد الفريق خلاله إلى الصعود للدرجة الأولى لأول مرة بعد غياب 17 عاما.
وفي 2013 تولى تدريب الفريق الثاني لبايرن ميونيخ لمدة موسمين كان جوارديولا خلالهم هو مدرب الفريق الأول وهو ما جعله يراقب طريقة لعب المدرب الإسباني عن قرب.
تين هاج نفسه كان قد أكد من قبل تأثره بطريقة جوارديلا قائلا: "لقد تعلمت الكثير من جوارديولا، فلسفته مثيرة للاهتمام وما فعله مع برشلونة وبايرن ميونيخ وما يفعله حاليا مع مانشستر سيتي وهذا الأسلوب الهجومي الذي يجعله يفوز كثيرا وهذه هي البنية التي حاولت تنفيذها مع أياكس".
تين هاج يقود أياكس منذ عام 2017 وقاد الفريق خلال تلك الفترة من تحقيق الدوري الهولندي مرتين والثالثة تقترب في الموسم الحالي، ولكن إنجازه الأكبر مع الفريق هو عودته للمنافسة والوصول إلى مراحل بعيدة في البطولات الأوروبية.
ويعد الإنجاز الأبرز لتين هاج مع أياكس هو الوصول إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في 2019، النسخة التي كان طريقه صعبا خلالها ولم يصل بالمصادفة، إذ أنه قد واجه ريال مدريد في دور الـ 16 ليفوز بأربعة أهداف مقابل هدف واحد على ملعب سانتياجو برنابيو، قبل أن يقصي يوفنتوس الذي كان قد وقع مع رونالدو للتو في دور ربع النهائي.
وكان تين هاج على بعد دقيقة واحدة من الوصول إلى المباراة النهائية قبل أن يستقبل هدفا قاتلا من لوكاس مورا لاعب توتنام.
فلسفة تين هاج لا تتوقف فقط على النتائج المحققة ولكنه تمكن من إنشاء قوة هجومية كبيرة مع أياكس خلال الموسم الحالي، إذ أن الفريق تمكن من تسجيل 115 هدفا في جميع البطولات، ليكون ثاني أكبر فرق أوروبا تسجيل للأهداف متفوقا على فرق أصحاب قوة هجومية كبيرة مثل ليفربول ومانشستر سيتي وخلف بايرن ميونيخ فقط.
وذلك الحال لم يكن وليد الصدفة فقط في الموسم الحالي ولكن الأمر يتكرر للموسم الرابع على التوالي إذ أن الفريق تمكن من تسجيل أكثر من هدفا خلال كل موسم تولى خلاله تين هاج تدريب أياكس.
القوة الهجومية هي أحد أكبر نواقص مانشستر يونايتد الحالية إذ أن الفريق تمكن من تسجيل 59 هدفا فقط طوال الموسم خلال 38 مباراة وهو ما يقارب نصف عدد أهداف أياكس المسجلة، والأمر لا يتعلق فقط بقوة الدوري الإنجليزي مقارنة بالهولندي، ولكن على مستوى دوري أبطال أوروبا أيضا فإن أياكس سجل 22 هدفا مقابل 12 لمانشستر يونايتد على الرغم من إقصاء الفريقين في نفس الدور.
مع القوة الهجومية الكبرى فإن أياكس لم يعاني من مشاكل دفاعية بالحافظ على التوازن الطبيعي بين القوة الهجومية والدافعية، وفي 37 مباراة خاضها الفريق خلال الموسم حتى الآن استقبلت شباكه 21 هدفا.
المشاكل الدفاعية هي المشكلة الأكبر في مانشستر يونايتد وسكنت شباك الفريق 51 هدفا خلال 38 مباراة وهو ما يدل على هشاشة دفاعية كبيرة.
مانشستر يونايتد قد يجد علاجا للنواقص التي يعاني منها مع الفريق بإنشاء قوة هجومية كبيرة مع خلق الاتزان الدفاعي الذي خلقع تين هاج مع أياكس.
فلسفة تين هاج التدريبية تعتمد في الأساس على الاستحواذ مع نشر الملعب بطريقة عرضية مستخدما الأجنحة والأظهرة مثل بيب جوارديولا وهي أحد الأشياء التي تنقص مانشستر يونايتد بالنظر إلى أرقام جناح الفريق الأساسي جادون سانشو الذي سجل خمسة أهداف وصنع ثلاثة فقط منذ بداية الموسم، والحديث أيضا يصل إلى الأظهرة الذين لم يقدم أي أحد منهم أي إضافة هجومية على مدار الموسم.
تين هاج يلعب بطريقة 4-2-3-1 أو 4-3-3 ويفضل أن يكون ثلاثي وسط الملعب مميزين في اللعب والحفاظ على الاستحواذ وفي مانشستر يونايتد فهنالك بعض الأدوات التي قد تساعده على تطبيق فلسفته.
ويعتمد تين هاج على ترك أحد اللاعبين في وسط الملعب في حالة هجومية ومساندة لاعب الوسط على الطرف للظهير والجناح مع ترك لاعب الوسط الآخر لتأمين الدفاع.
في الصورة شكل الخطة التي يلعب بها إريك تين هاج معه أياكس خلال الموسم الحالي وشرحا لطريقة لعبه فإن كل من أنتوني ونصير مزراوي يفتحان الملعب بجانب خط الهجوم ولكن بشكل متزن على الجهة اليمنى وفي الناحية الأخرى فإن تاجليافيكو وتاديتش هم من يقومون بنفس الأداور على الجانب الأيسر.
وفي الحالة الهجومية من الجانب الأيسر فإن جرافينبيرش يقوم ببعض المساندة الهجومية للاعبي الجناح مع ترك كلاسين للمساندة الدفاعية وعلى العكس في الهجوم من الناحية اليمنى وهي حالات مشابهة لاستخدام جوارديلا لكل من بيرناردو سيلفا وكيفين دي بروين كلاعبي وسط يقدمان المساندة الهجومية بشكل أكبر للأجنحة والأظهرة.
على سبيل المثال دوني فان دي بيك اللاعب الذي قدم أفضل أداء له مع تين هاج قبل انتقاله إلى مانشستر يونايتد لذلك فإن لاعب الوسط الهولندي سيكون على الأرجج هو أول من يحجز مكانه في التشكيل الأساسي مع بول بوجبا لاعب الوسط الممتاز في تأدية الأدوار الهجومية والاحتفاظ بالكرة وبالطبع مع وجود لاعب بمواصفات برونو فيرنانديز.
يبقى التحدي الأكبر أمام تين هاج في مانشستر يونايتد هو محاولة استخدام اللاعبين المتاحين في مانشستر يونايتد في في تطبيق أفكاره مع الفريق وبناء قوته الهجومية والدفاعية.
مانشستر يونايتد سيدخل موسم الانتقالات مع تين هاج في حالة توليه المسؤولية للتعاقد مع مواهب شابة تناسب فلسفته وليس فقط لاعبين أصحاب أسماء كبيرة وهو نفس ما كان يتبعه طوال فترة وجوده مع أياكس وهو عكس ما اتبعه المدربين السابقين لمانشستر يونايتد منذ إعتزال فيرجسون.
السؤال الأكبر يبقى هو هل يكون مدرب بمواصفات جوراديولا هو الحل لخروج مانشستر يونايتد من كبوته أم أن النادي يحتاج إلى حلول جذرية تبدأ بالإدارة؟