في الدوريات الـ 11 الكبرى في أوروبا هناك أكثر من 500 لاعب إفريقي، وهو ما يمثل حوالي 6% من إجمالي قاعدة لاعبي تلك الفرق. ليس غريبا أن معظمهم يأتي من دول غرب إفريقيا.
تُعرّف الأمم المتحدة غرب إفريقيا بأنها 16 دولة هي بنين وبوركينا فاسو وكاب فيردي وجامبيا وغانا وغينيا وغينيا بيساو وكوت ديفوار وليبيريا ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوجو.
بحسب موقع "footballbenchmark" من بين أول 10 دول إفريقية في عدد المحترفين بنفس المسابقات، هناك 8 دول من غرب إفريقيا تسيطر على عدد المحترفين في القارة العجوز، والدولتان المتبقيتان هما المغرب والجزائر.
يرتكز أغلب المحترفون الأفارقة في الدوري الفرنسي بواقع 107 لاعبا، نادي ميتز بمفرده يمتلك 16 لاعبا من القارة السمراء وهو الاسم الأبرز في استخراج المواهب الإفريقية الشابة خاصة عندما نذكر: ريجبور سونج وسيباستيان باسونج إيمانويل أديبايور وبابيس سيسيه وساديو ماني وكاليدو كوليبالي.
7 من 16 في ميتز سيتواجدون رفقة منتخبات بلادهم بكأس الأمم الإفريقية 2021 بالكاميرون بعد أيام قليلة.
هنا يأتي السؤال الأهم كيف يخرج هذا الكم الضخم من اللاعبين من القارة السمراء إلى أوروبا؟ نحن أبعد عن اللاعبين الذين وُلدوا لأب أو أم في القارة العجوز وترعرعوا حتى قرروا أن يمثلوا منتخب بلادهم الأم.
الأكاديميات خاصة في غرب إفريقيا هي الحل، ولنبدأ بالسنغال التي تضم أكبر عدد محترفين في القارة العجوز.
10 أسماء من 27 استدعاها أليو سيسيه بدأت مسيرتها من أكاديميات في السنغال، عن طريق جينيراسيون فوت –منافس الزمالك الموسم قبل الماضي بدوري الأبطال- وديامبارس.
من جينيراسيون فوت تواجد: بونا سار – بابي سار – إسماعيلا سار – ساديو ماني - حبيب ديالو – كاليدو كوليبالي.
ومن ديامبارس: إدريسا جاي – ساليو سيس – بامبا ديانج – جوزيف لوبي.
منذ إطلاق الدوري السنغالي بنظامه الاحترافي حقق جينيراسيون فوت اللقب مرتين في 2017 و2019 وفاز ديامبارس باللقب في 2013.
ينضم للناديان أيضا كاسا سبورتس ونادي إيتوال دي لوسيتانا كأديميات تقدم الأسماء الشابة للكرة السنغالية.
ويعد جينيراسيون فوت من أهم الأكاديميات في السنغال إذ أنشئء عام 2000 ويمتلك عقد شراكة مع نادي ميتز الفرنسي منذ 2003 تم تمديدها لعشر سنوات أخرى حتى 2030، ومن أبرز الأسماء التي وفرتها الأكاديمية السنغالية للنادي الفرنسي: إسماعيلا سار وديفارا ساخو وحبيب ديالو وساديو ماني.
بحسب صحيفة "ذا صن" الإنجليزية فأن معظم لاعبي الفريق لا يتجاوز أعمارهم الـ 18 عاما، ويعود الفضل في ذلك إلى مادي توري اللاعب السابق الذي انتهت مسيرته بسبب الإصابة.
مادي توري يكشف كيف بدأ المشروع قائلا للصحيفة الإنجليزية: "قبل إنشاء الأكاديمية، عندما أحضرت لاعبين أفارقة شبابا إلى أوروبا، قيل لي دائما أنهم يفتقدون شيئا ما، لذلك قمت بإنشاء الأكاديمية لسد فجوات اللاعبين ووضعهم في أفضل الظروف للنجاح في أوروبا".
"لقد بدأت من الصفر وبدأت في مشروع كان مجنونا بعض الشيء، أردت مساعدة السنغال".
"تعمل الأكاديمية بدعم من نادي ميتز. نحن نعطي الفرصة للشباب لكي يتغذوا ويسكنوا ويتعلموا ويتدربوا".
حوالي 120 لاعبا شابا، تتراوح أعمارهم بين 12 عاما وما فوق، مسجلين في دورة مدتها ست سنوات مصممة لتحويلهم إلى نجوم المستقبل.
وبسبب الشراكة الناجحة مع ميتز فأن النادي الفرنسي هو من يتكفل بتكاليف الأكاديمية الشهرية ولا ينفق النادي أي مبلغ بل ويحصل اللاعبون على تعليم مجاني.
الأمر لا يتوقف عند لعب كرة القدم وإخراج المحترفين، بنفس المبدأ ظهرت أكاديمية ديامبارس في السنغال لأول مرة عام 2003 وهي جمعية غير ربحية تهتم باكتشاف اللاعبين وتدريبهم ودعمهم على بُعد 85 كيلومترا من العاصمة السنغالية داكار.
درب نادي ديامبارس أكثر من 500 لاعب منهم 60 لعبوا الكرة بشكل احترافي و80% أكملوا تعليمهم بشهادات مدرسية أو بكالوريوس، وحصل 30% من الطلاب على منح جامعية لأوروبا أو الولايات المتحدة.
وفي نهاية عام 2018 أبرم النادي شراكة مع نادي مارسيليا الفرنسي الميزانية السنوية حوالي 1 مليون يورو، إذ يعد المشروع ممول من مؤسسيه ومن خلال الرعاية والشراكات وانتقالات اللاعبين.
إلى الدولة الأكبر في القارة
تُعرف نيجيريا بأنها الدولة الأكبر والأكثر كثافة سكانية في القارة السمراء، ولذلك لا عجب في تواجد كم ضخم من النسور الخضر يجوبون الملاعب الأوروبية والعالمية.
في قائمة النسور الخضر لكأس الأمم الإفريقية 2021، سيتواجد صامويل تشوكوزي وكيليتشي نواكالي وهما في الأساس من خريجي أكاديمية دايموند النيجيرية.
نواكالي حصد جائزة أفضل لاعب في كأس العالم تحت 17 عاما في 2015، فيما حصد تشوكوزي المركز الثالث في ترتيب الهدافين برصيد 3 أهداف.
مارتن أبوجو رئيس الأكاديمية صرّح في وقت سابق: "لا أشعر بأي ندم لأن تطوير المواهب هو شغفي. في دايموند أكاديمي، لدينا مدربون قدموا من منتخب أوروبا ونيجيريا".
هناك أيضا أكاديمية كوارا والتي تعتمد نموذجا يجمع بين تدريب كرة القدم والتعليم الأكاديمي الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عاما.
بحسب الأكاديمية يتلقى الطلاب تدريبا على كرة القدم كل مساء، ويحضرون دروسا أكاديمية كل صباح.
ويتم تقسيم الطلاب إلى ثلاث فئات: الكادر الصغير يضم الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عاما.
والكادر المتوسط مع الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و16 عاما بينما يضم كادر النخبة الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و19 عاما.
كل تلك الأكاديميات في نيجيريا لابد أن تعود إلى الأصل وهي أكاديمية بيبسي لكرة القدم تم إنشاؤها في نوفمبر 1992 وبدأت تلقي الدعم من بيبسي وأصبحت تُعرف بذلك الاسم عام 1994، لتصبح نواة لباقي الأكاديميات ليس في نيجيريا بل القارة بأكملها.
اعتبارا من عام 2006 ضمت أكثر من 3000 طالب تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاما وتعمل على مدار السنة في 12 مركزا للتدريب، مع 54 مدربا في جميع أنحاء نيجيريا.
ويعد جون أوبي ميكيل وأوساز أوديموينجي وإشيابي أوكودوجا وجوزيف أكبالا من أبرز الأسماء التي خرجت من الأكاديمية النيجيرية الأم.
بين أكاديميات ووكلاء
في غانا عديد الأندية الأوروبية تمتلك مدارس خاصة بها مثل تشيلسي وأرسنال.
وفي 1999 أسس نادي فينيورد الهولندي أكاديمية، محمد أبو بكاري أول من تخرج منها وحصل على عقد احترافي في النادي الهولندي.
وكذلك هاريسون أفول كان قريبا من ارتداء قميص الأحمر والأبيض الهولندي، لكنه لم يحصل على عقد ولعب للترجي التونسي بعد ذلك وخاض تجربة احترافية.
وفي 2014 تغير اسم الأكاديمية إلى غرب افريقيا.
في 1999 قرر توم فيرنون رئيس كشافة مانشستر يونايتد في إفريقيا إنشاء أكاديمية لتظهر أكاديمية رايت تو دريم أي "الحق في الحلم" في عام 2004.
بدأت المنظمة في الشراكة مع المدارس الثانوية الداخلية الأمريكية لتقديم منح دراسية رياضية.
في 2015 توسع النادي ليمتلك نادي نورشيلاند الدنماركي وفي العام الماضي حصلت مجموعة منصور المصرية على حق النادي مقابل 120 مليون يورو.
وفقا لموقعهم على الإنترنت اعتبارا من عام 2021، منذ عام 1999، تخرجت الأكاديمية 144 طالبا.
إيفانز منساه لاعب سيراميكا كليوباترا ومحمد قدوس لاعب أياكس وعبد المجيد واريس لاعب ستراسبورج وإيمانويل وبواتينج لاعب لوس أنجلوس جالاكسي السابق من أبرز خريجي المدرسة الرياضية.
وبالطبع أصبح نورشيلاند يمتلك 19 لاعبا مختلفا ارتدى قميص الفريق الأول من غانا منهم 11 لاعبا عقب توقيع الشراكة ومن أهمهم كمال الدين سليمانا هداف الفريق الحالي.
والآن هناك فرع للأكاديمية في مصر.
الأمر في غانا قد يأخذ منحى آخر، إذا رأيت أن أوليفر آرثر وكيل اللاعبين الغاني يمتلك وكالة تُعرف بـ "آرثر ليجسي" أي إرث آرثر.
آرثر في الأساس كان يعمل في مجال السفر ولأنه محب للكرة وارتباطه برئيس أحد الأندية فكان هو المسؤول عن تأشيرات التي نقلت سولي مونتاري إلى أودينيزي الإيطالي، ومايكل إيسيان إلى باستيا الفرنسي.
بعد عدة سنوات من بناء قدراته وعلاقاته، قرر أوليفر الدخول في مجال كرة القدم بشكل كامل في عام 2006.
وأصبح مسؤولا عن جلب ما يقارب 90% من اللاعبين الغانيين في إيطاليا، حتى أن البعض يصفه بـ "مينو رايولا" في بلاد النجوم السوداء.
Northern Ghana Watch out!
Our scouting tournament is coming off early January.
Check artwork for details!#arthurlegacy #scouting pic.twitter.com/kKr8KGi9Bt
— ArthurLegacy (@ArthurLegacy) December 31, 2021
يمتلك آرثر حاليا العديد من الأسماء الغانية الشابة أبرزها إديموند أدو لاعب شيريف تيراسبول المولودفي وفيليكس جيان لاعب روما الذي رفض الانضمام للمنتخب من أجل الاستمرار مع الذئاب الإيطالية.
حيث يبدأ المستقبل
في الكاميرون لا صوت يعلو فوق صوت أكاديمية كادجي، والتي أسسها جيلبرت كادجي وأخرجت العديد من الأسماء أبرزها صامويل إيتو وكارلوس كاميني وستيفان مبيا وإريك دجيمبا دجيمبا وموديستي مبيي.
تحتوي الأكاديمية على 7 ملاعب لكرة القدم و12 ملعب تنس وملعبين لكرة السلة وملعب كرة يد وملعب كرة طائرة ومسبح شبه أولمبي وصالة للألعاب الرياضية.
بالبحث عن الأكاديمية تجد فيديو دعائي لها بعنوان "حيث يبدأ المستقبل" ويظهر أطفال يريدون السير على خطى نجوم مثلوا الأسود وأطلقوا زئيرهم في كل القارات.
الأكاديميات في إفريقيا جعلت مواهب القارة السمراء تظهر بشكل أفضل وتستفيد القارة من مواهبها بشكل أكبر لتتعاظم قوة المنتخبات الإفريقية، واعتقد الآن لابد من تعظيم دور الأكاديميات في مصر كي نجد 100 محمد صلاح جديد.