غينيا "الكأس أو الأموال".. الإنجازات لا تُحقق بالسجن والتعذيب

وصلت كرة القدم في غينيا إلى قمة مستواها وانعكس تألق فريق هافيا كوناكري في دوري أبطال إفريقيا على المنتخب.

كتب : عمرو عبد المنعم

الخميس، 30 ديسمبر 2021 - 13:11
غينيا

المكان - كوناكري (عاصمة غينيا)

الزمان - عام 1976

وصلت كرة القدم في غينيا إلى قمة مستواها وانعكس تألق فريق هافيا كوناكري في دوري أبطال إفريقيا على المنتخب.

دعم قوي قدمه (أحمد سيكو توري) رئيس البلاد آنذاك لفريق هافيا كوناكري والمنتخب حتى تظهر كرة القدم في غينيا بقوة على مستوى قارة إفريقيا خلال بطولات الأندية والمنتخبات.

وبالفعل ظهرت نتيجة هذا الدعم سريعا.

مع نهاية ستينيات القرن الماضي تأهل فريق عاصمة غينيا إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا وخسر اللقب. بعد 3 سنوات بالتحديد في عام 1972 تأهل مرة أخرى للنهائي ونجح في الفوز بالكأس وكرر الأمر عام 1975 وحصد لقبه الإفريقي الثاني.

مستوى رائع قدمه فريق هافيا في دوري الأبطال منذ بداية السبعينيات وبالتأكيد انعكس هذا الأمر على منتخب غينيا الذي تأهل لنهائي الأمم الإفريقية عام 1976 قبل أن يخسر اللقب في النهاية أمام المغرب.

خسارة للقب أمم إفريقيا في الشهور الأولى لعام 1976، ولكن تألق فريق هافيا على مستوى الأندية في القارة السمراء استمر ووصل مرة أخرى لنهائي دوري الأبطال في العام ذاته وللمرة الثانية على التوالي.

لكن الفريق الذي كان أحد أقوى فرق قارة إفريقيا في تلك الحقبة فشل في الفوز باللقب وخسر النهائي أمام مولودية الجزائر بسيناريو غريب وبعد الفوز في الذهاب في غينيا بثلاثية دون رد تلقى هزيمة في الإياب بالنتيجة ذاتها، وفي ركلات الترجيح تكفل لاعبو فريق هافيا بإهدار ركلة تلو الأخرى.

اللقب الثاني الذي تخسره كرة القدم في غينيا خلال العام ذاته.

عاد فريق هافيا كوناكري إلى غينيا بعد خسارة لقب دوري أبطال إفريقيا أمام مولودية الجزائر ولكن الاستقبال لم يتوقعه أحد.

غضب رئيس غينيا (أحمد سيكو توري) بعد خسارة بلاده للقب الثاني في العام ذاته وكان عقابه للاعبي فريق هافيا شديدا للغاية.

بمجرد عودة الفريق إلى غينيا أصدر الرئيس (سيكو توري) أمرا بإلقاء جميع اللاعبين في أحد السجون المشددة وتعذيبهم وتهديدهم بعد خسارتهم اللقب الإفريقي.

واستمر هذا الأمر لعدة أيام ثم أطلق الرئيس سراح الفريق.

عاد الفريق لتدريباته وأكمل مسيرته ويبدو أن السجن والتعذيب والتهديد أتى بنتيجة ترضي الرئيس سيكو توري.

وصل فريق هافيا في العام التالي (1977) إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي ونجح في الفوز باللقب على حساب هارتس أوف أوك الغاني وبذلك عوض خسارته للكأس أمام مولودية الجزائر.

واحتفظ هافيا بكأس البطولة إلى الأبد وتم تصميم كأسا جديدا للبطولة تحت اسم (أحمد سيكو توري) واحتفظ به بعد ذلك نادي الزمالك بعد الفوز 3 مرات بدوري أبطال إفريقيا.

استمر تألق الفريق على مستوى الأندية في قارة إفريقيا ووصل مرة رابعة على التوالي لنهائي دوري الأبطال قبل أن يخسر أمام كانون ياويندي الكاميرون.

هدأت الأمور في غينيا على مستوى السياسة وكرة القدم مع نهاية السبعينيات وعادت مرة أخرى التقلبات بداية الألفية الثالثة في حقبة ما بعد الرئيس أحمد سيكو توري.

اضطرابات سياسية كثيرة ومتكررة. حرب أهلية وتدخلات حكومية في شؤون كرة القدم وأكثر من ذلك.. والنتيجة هي قرار من الاتحاد الدولي لكرة القدم بإيقاف النشاط الكروي في غينيا واستبعاد المنتخب من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2002 وكأس الأمم الإفريقية للعام ذاته.

انتهى الإيقاف وعاد منتخب غينيا للممارسة كرة القدم بشكل طبيعي بمشاركة في أمم إفريقيا 2004 في تونس ليحقق إنجازا كبيرا وهو تخطي دور المجموعات للبطولة للمرة الأولى منذ عام 1980 قبل أن يخرج أمام مالي في دور الـ8.

يأتي منتخب غينيا إلى مصر للمشاركة في بطولة الأمم الإفريقية 2006 بقائمة من اللاعبين أغلبهم يحملون لقب "بانجورا" الاسم الذي يظل حتى الآن عالقا في أذهان جماهير الكرة المصرية.

وبعد 13 عاما.. عاد منتخب غينيا إلى مصر للمشاركة في بطولة الأمم الإفريقية 2019 في ثوبها الجديد، ولكن دون أي لاعب من عائلة "بانجورا". وغير مطالب بتحقيق اللقب حتى لا يتم إلقاء اللاعبين في السجن.

لاس بانجورا.. هو آخر اللاعبين من العائلة الشهيرة في منتخب غينيا تم استبعاده من القائمة الأولية في ذلك الوقت.

أزمات وكوارث

مع تغير موازين القوة في كرة القدم الإفريقية ما بين سبعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، إلا أن منتخب غينيا نجح في تخطي دور المجموعات لأمم إفريقيا 3 مرات متتالية في أعوام 2004 و2006 و2008 وبدون سجن أو تعذيب أو تهديد لأي لاعب.

لكن التهديدات لكرة القدم في غينيا ظلت مستمرة بعد رحيل أحمد سيكو توري.

عادت الاضطرابات السياسية في غينيا واندلعت حربا أهلية كبيرة نهاية عام 2008 بعد وفاة رئيس غينيا وقتها (لإنسانا كونتي) لترجع الأمور الرياضية والكروية هناك إلى نقطة الصفر.

ثم كانت الكارثة الأكبر في عام 2009 التي حدثت خلال مظاهرة أثناء الحرب الأهلية في غينيا بتعرض أكثر من 150 شخصا للقتل أثناء تجمعهم داخل الملعب الوطني لكرة القدم في العاصمة كوناكري.

كارثة في ملعب كرة قدم كافية أن تعود باللعبة في أي بلد إلى سنوات كثيرة للوراء، لكن في غينيا حدث عكس ذلك.

هدأت الأمور في غينيا بعد كارثة الملعب الوطني وعادت الحياة إلى طبيعتها في غينيا وبعدما فشل المنتخب في التأهل لأمم إفريقيا 2010 عاد وشارك في بطولتي 2012 و2015، ثم كان الغياب عن بطولة عام 2017 وأخيرا عاد منتخب غينيا لأمم إفريقيا في مصر بشكل جديد.

الأفيال هو اسم شهرة منتخب كوت ديفوار كما يعرف الجميع، لكن الأفيال الوطنية وهو اسم شهرة منتخب غينيا كانوا الأقوى خلال التصفيات المؤهلة لأمم إفريقيا 2019 في مصر، حيث تفوقت "الأفيال الوطنية" وتصدرت المجموعة دون أي هزيمة، لكن هذا لم يكن كافيا، إذ تأهلت ضمن أفضل الثوالث من مجموعة تصدرتها مدغشقر، قبل أن تنتهي الرحلة في دور الـ16 على يد البطل الجزائر.

البحث عن إنجاز غائب لأكثر من 40 عاما

يبحث زملاء نابي كيتا نجم ليفربول الإنجليزي وقائد منتخب غينيا في مصر عن إنجاز غائب منذ 45 عاما.

ومنذ أن حصل منتخب غينيا على المركز الثاني في أمم إفريقيا عام 1976 لم ينجح ولا مرة في تخطي دور الثمانية بالنظام الجديد للبطولة.

8 محاولات لمنتخب غينيا للوصول لنصف نهائي أمم إفريقيا جميعها فشلت في أعوام 1980 و1994 و1998 و2004 و2006 و2008 و2012 و2015.

وفي الكاميرون سيحاول منتخب غينيا مرة أخرى أن يصل إلى نصف نهائي أمم إفريقيا دون أي تهديدات أو تعذيب للمنتخب إذا فشل في ذلك.. ولكن هذه المرة هناك نوع جديد من التهديد.

الكأس أو الأموال

تمر الأيام وتشهد غينيا تغيرا سياسيا في الآونة الأخيرة، ليصل العقيد مامادي دومبويا إلى رأس السلطة في البلاد، ويقود هو مراسم سفر بعثة المنتخب وتسليمها العلم قبل الطيران إلى أراضي الكاميرون.

وفي مشهد يعيد للأذهان حقبة سيكو توري ولكن بصورة أكثر لطفا، كان دومبويا واضحا للغاية في حديثه مع اللاعبين: "إما العودة بالكأس، وإما إعادة الأموال التي ننفقها عليكم".

تخطي دور المجموعات والتأهل لدور الـ16 يبدو أمرا ليس بالصعب أمام نابي كيتا ورفاقه الذين يلعبون في المجموعة الثانية بجانب كل من السنغال وزيمبابوي ومالاوي.

ومع بداية دور الـ16 تبدأ المواجهات القوية والحاسمة للبطولة مع خروج المغلوب، لذلك ستكون مهمة منتخب غينيا صعبة للغاية في تخطي دور الـ16 ثم ربع النهائي والوصول لنصف النهائي لأول مرة منذ حكم (أحمد سيكو توري).