كتب : عبد الرحمن فوزي
حلم تأخر لمدة 23 عاما قبل أن يحقق منتخب كوت ديفوار كأس أمم إفريقيا للمرة الثانية في تاريخه في 2015.
جيل 2015 قد لا يكون هو الأقوى على مستوى الأسماء في تاريخ كوت ديفوار مقارنة بجيل 2006، و2008، و2010 على الخصوص ولكنه بالطبع هو محقق الإنجاز والعودة للتتويج مرة أخرى.
حقق منتخب كوت ديفوار كأس أمم إفريقيا للمرة الأولى في عام 1992، جيل كان صاحب الإنجاز القاري الوحيد لمدة طويلة، حاول جيل جديد وقوي بقيادة ديدييه دروجبا ويايا توريه تكرار الإنجاز ولكن كانت تنقصهم دائما الخطوة الأخيرة، إذ هزم في النهائي مرتين بركلات الترجيح، من مصر في 2006 ومن زامبيا في 2012.
في 2015 كان دروجبا قد قرر الاعتزال دوليا ولم يشارك في كأس أمم إفريقيا وتولى يايا توريه مسؤولية حمل شارة القيادة، وانضم لاعبين جدد كانوا نواة لصنع جيل جديد مثل ماكس جراديل وإريك بايي.
وبقيادة المدرب الرائع هيرفي رينار تمكن منتخب كوت ديفوار أخيرا من التتويج باللقب وكسر عقدة ركلات الترجيح والتي توج بها في النهاية أمام غانا، بعد ركلات امتدت ليسدد حراس المرمى.
بعد البطولة جاء الوقت الذي لا يحبه أي عاشق لأي فريق كرة القدم وهو وقت رحيل اللاعبين القدامى الذين صنعوا المجد وبداية صنع جيل جديد، ما زاد الأمر كان رحيل رينار أيضا والذي قرر خوض تجربته الحقيقية الأولى في أوروبا بتدريب ليل الفرنسي.
بعد رحيل رينار قرر اتحاد كوت ديفوار لكرة القدم تعيين ميشيل دوساييه كمدرب جديد للمنتخب، وبدأت عناصر جديدة في الانضمام مثل نيكولاس بيبي لاعب أرسنال الحالي والذي كان صغير السن في ذلك التوقيت، وويلفريد زاها وفرانك كيسي وسيرجي أورييه، لإضافتهم إلى العناص الجديدة ولكن مع رحيل بارز ليايا توريه وجيرفينيو نجوم المنتخب السابقين.
وفي كأس أمم إفريقيا 2017 كان الاختبار الأول بعد اعتزال العديد من لاعبي الجيل حامل اللقب ولكن منتخب كوت ديفورا بقيادة دوساييه قدم أداء كارثي في البطولة وتم إقصاؤه من دور المجموعات بعد أن حل في المركز الثالث خلف الكونغو الديموقراطية والمغرب بحصده لنقطتين فقط في المجموعة.
وفي تصفيات كأس العالم 2018 كان الموعد مع الفشل الجديد، ولم يتمكن منتخب كوت ديفوار من بلوغ النهائيات بعد حصوله على المركز الثاني خلف المغرب في مجموعة ضمت أيضا الجابون ومالي.
في 2019 كان الشعب الكوت ديفواري ينتظر الأفضل بسبب الأسماء التي يمتلكها المنتخب منذ النسخة الماضية والتي تمرست في فرق أوروبا تلك المرة، وأضيف إليهم أيضا ماكسويل كورنيت لاعب بيرنلي الحالي.
وبقيادة المدرب الوطني إبراهيما كونيه، لم يتمكن المنتخب من الذهاب بعيدا في البطولة، صحيح بأنه قد مر من دور المجموعات وأيضا حقق الفوز على مالي في دور الـ 16 ولكنه اصطدم بالجزائر بطل البطولة في ربع النهائي ليقصى مرة أخرى بركلات الترجيح.
2019 لم تكن خيبة الأمل الكبرى ولكنها أتت في تصفيات كأس العالم 2022 بقيادة المدرب الفرنسي باتريس بوميل، وبعد إضافة عناصر جديدة متمرسة في أوروبا أيضا مثل سابيستيان هالير لاعب أياكس وهداف دوري أبطال أوروبا حاليا.
ولكن خلال التصفيات لم يظهر الفريق بأي نوع من أنواع الروح والرغبة في الفوز والتأهل وفي النهاية حل منتخب كوت ديفوار في المركز الثاني في المجموعة الرابعة خلف الكاميرون في المجموعة التي ضمت أيضا موزمبيق ومالاوي.
في المباراة الأخيرة كان منتخب كوت ديفوار يواجه الكاميرون ويحتاج فقط إلى تحقيق الفوز ليحتل صدارة المجموعة ولكن الأخير تمكن من الفوز في مباراة لم يسدد فيها منتخب كوت ديفوار سوى تسديدة واحدة على المرمى على الرغم من تأخره بهدف منذ الدقيقة الـ 21.
فشل كوت ديفوار في التأهل لم يكن هو محط الانتقاد الأكبر خصوصا عند مواجهة منتخب قوي مثل الكاميرون، ولكن أثار الغضب في البلاد كان انعدام الروح تماما أثناء المباراة والظهور بأداء سيء لا يتناسب مع إمكانياته طوال التصفيات.
فشل منتخب كوت ديفوار في الصعود للمرحلة الأخيرة من تصفيات كأس العالم ليتأكد غيابه رسميا عن البطولة للمرة الثانية على التوالي منذ نهاية جيل 2015.
منذ 2015 ومنتخب كوت ديفوار يقدم أداء يفقتد إلى الروح أو حتى إظهار الفنيات ويعاني من الفشل في تحقيق الإنجازات أو الاقتراب منها أو حتى تقديم أداء جيد يليق بتاريخه الكبير داخل القارة.
البعض قد يرجع الأسباب إلى اعتزال نجوم كبار قادوا المنتخب في السابق مثل ديدييه دروجبا ويايا توريه أحد أفضل لاعبي إفريقيا عبر التاريخ، ولكن الجيل الحالي لا ينقصه الأسماء أو النجوم الكبار، بالعكس فقد يتفوق في عدد النجوم المحترفة في قارة أوروبا عن الجيل الحالي.
صحيح بأن الجيل الحالي ليس به لاعب بإمكانيات دروجبا أو يايا توريه ولكنه يظل يمتلك العديد من العناصر الجيدة والتي إذا اجتمعت بفريق واحد في أوروبا قد تتمكن على الأقل من المشاركة في دوري الأبطال.
مشكلة كوت ديفوار قد تكون في انعدام الروح أو الرغبة، وأيضا قد تكون مشكلة مدرب، لإن المدرب صاحب النجاح الأخير كان هيرفي رينار والذي يترك بصمته مع كل منتخب يتولى مسؤوليته كزامبيا أو المغرب، أو السعودية حاليا.
ولكن سواء كانت المشكلة في توليفة اللاعبين أو المدرب، في النهاية فإن منتخب كوت ديفوار يعاني من إظهار نفسه بشكل جيد وسط منتخبات القارة على الرغم من امتلاكه لأسماء أفضل من أغلب المنتخبات الأخرى على الورق، ولكن على أرض الواقع فإن العديد من متابعي كرة القدم الإفريقية قد يستبعدونه من قائمتهم للمنتخبات المرشحة للمنافسة على كأس أمم إفريقيا المقبلة.
في النسخة المقبلة من كأس أمم إفريقيا، الجيل الحالي سيكون على موعد مع تحدي كبير وهو إثبات الزات وإثبات قدرته على تعويض جيل سابق كتب التاريخ لمنتخب كوت ديفوار ووضع نفسه من ضمن منتخبات الصفوة الإفريقية لمدة 10 سنوات.