كتب : فادي أشرف
في كأس العرب 2021، لن نشاهد مواجهة بين تونس والمغرب إلا في نصف النهائي أو ما بعد ذلك. نسور قرطاج في المجموعة الثالثة مع الإمارات وسوريا وموريتانيا، فيما يحل أسود الأطلس في المجموعة الرابعة مع السعودية والأردن وفلسطين.
ولكنها مواجهة ينتظرها الجميع في كأس العرب، الدربي المغاربي دائما ما كان عنوانا للمتعة والإثارة والمباريات الكبيرة.
التقى المنتخبان عبر التاريخ في 46 مناسبة، منهم مواجهتين بالمناسبة في كأس العرب حسمهما أسود الأطلس، لكن لا يمكن سرد تاريخ ذلك الدربي دون ذكر 3 مواجهات مميزة، حدثوا بين فبراير 2004 وأكتوبر 2005.
602 يوما، شهدوا قمة المواجهات بين نسور قرطاج، وأسود الأطلس.
الفصل الأول
رغم الهزيمة في النهاية، لا ينظر المغربيون إلى نهائي كأس أمم إفريقيا 2004 بعيون الندم بقدر الفخر بمنتخبهم.
الصحفي منصف آيت الصغير كتب عبر موقع رياضة لو سيت: " نسخة كأس أمم إفريقيا 2004 كانت استثنائية بالنسبة للمغاربة، بلوغ للنهائي بعد نكستين غير متوقعتين حجبت بصيص الأمل الذي لم يراه في جيل 2004 المغمور الذي شهد لأحداث لم تكن تصب في إمكانية تحقيقه لأي انجاز، نسختا 2000 و2002 من كأس أمم إفريقيا، عبارة عن صدمتين لم تسلم منها الجماهير المغربية توقع شيئا أقوى وأفضل من الإقصاء المبكر الذي كان في دور المجموعات، خاصة وأن المنتخب الوطني حينها كان يتوفر على تركيبة قوية تضم عدد من اللاعبين المتميزين أصحاب الخبرة".
وأضاف "البداية كانت بإقالة المدرب البرتغالي هومبرتو كويليو لفشله في قيادة المنتخب للتأهل إلى كأس إفريقيا مالي 2002 وكأس العالم كوريا الجنوبية و اليابان، ليتولي بادو الزاكي الإشراف على تدريب المنتخب الوطني. نال بادو الزاكي رضا واستحسان المغاربة عقب قيادته للمنتخب الوطني للتأهل إلى نهائيات أمم إفريقيا 2004 متصدرا مجموعته في التصفيات المؤهلة للنسخة، طموح يرافق المشجعين حينها الذين فقدوا الأمل مع الجيل السابق، الذي فشل في عبور دور المجموعات خلال النسختين السابقتين، فما عسى منتخب مغمور يقوده مدرب بدأ مشواره في التدريب حديثا".
ولكن منتخب المغرب فاجأ الجميع في تونس 2004، حيث وصل "رجال الزاكي للنهائي والكأس أمام مرأى المغاربة، الخصم كان منتخب البلد المنظم تونس، الذي نجح هو الآخر في بلوغ الدور النهائي، المهمة صعبة أمام أصحاب الأرض، المباراة عرفت تحفظا من الجانب المغربي وغياب التركيز عكس المنتخب التونسي الذي كان المبادر واستغل هفوات المنتخب الوطني لينتهي اللقاء بخسارة الأسود للمرة الأولى في المنافسة بـ2-1 وينتهي معه حلم الظفر بالكأس الثانية الذي كاد أن يتجسد ويصبح حقيقة. ذاك الإنجاز وتلك اللحظات السعيدة التي أتت فُجاءة حينما انقطعت الشعرة الأخيرة في حبل الأمل، لذلك كان بلوغ نهائي المنافسة بطعم تحقيق اللقب القاري عند المغاربة، اعتبروا جيل 2004 بداية مسار آخر، توليفة ستكون لبنة منتخب يصبو نحو الدفاع عن ارث السلف وكتابة أسطر أخرى في كتاب تاريخه ومساره، لمستقبل أفضل مما مضى".
وصول منتخب المغرب للنهائي لم يكن أمرا متوقعا، حيث يروي عبد السلام وادو مدافع الفريق لموقع "تيل كيل": "من بين الأمور التي لن أنساها، هو خوضنا لمباراة نصف نهائي كأس أمم إفريقيا 2004 بقمصان مزيفة، لأنه لم يتبقى لدينا عدد كافي. في تلك الفترة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لم تبرمج وصولنا إلى هذه المرحلة، وهو الأمر الذي دفعها إلى جلب قمصان المباريات محدودة، لنضطر للاستعانة بنسخة منها، وليست الأصلية، وفزنا برباعية أمام منتخب مالي".
جيل المغرب لم يكن ذهبيا بحق، ولكنه كان مكافحا. وعلى الجانب الآخر، ربما لم تتمتع منتخبات كثيرة بذلك الحظ الذي تمتع به التونسيون في 2004. ليس الحظ الذي يمنحك هدفا غير مستحق، أو ذلك الذي يمنع المنافسين من التسجيل أمام المرمى، ولكنه حظ من نوع آخر.
ذلك الحظ الذي منح نسور قرطاج جيلا ذهبيا، تزامنا مع استضافتهم للبطولة بعد 10 أعوام من استضافة تونس للبطولة في 1994، وخروجها من الدور الأول ذلك الحين، و8 أعوام من خسارة اللقب أمام جنوب إفريقيا على أرضها.
علي بومنيجل، خالد بدرة، حاتم الطرابلسي، رياض بوعزيزي، مهدي النفطي، زياد الجزيري، جوهر المناري، راضي جعايدي، مدعومين بصغار مثل كريم حجي وكريم السعيدي وخلفهم مدرب متوج بكأس الأمم الأوروبية قبل 4 سنوات فقط. روجيه لومير.
"الحب والجماعية بين الفريق كانت كبيرة، كل أحاديثنا داخل الملعب أو خارجه كانت كرة قدم فقط، وهذا بفضل قادة للفريق مثل خالد بدرة". هكذا يروي أصغر عناصر الفريق، كريم حجي صاحب الـ20 عاما وقت التتويج، عن ذلك الفريق التونسي.
بقيادة عمار السويح قبل عامين، خرج المنتخب التونسي بنقطة واحدة فقط وأداء غير مقنع، وربما شهد نسور قرطاج أوسع تغيير في قائمتين لبطولتين متتاليتين بذلك المعيار.
كوّن روجيه لومير فريقا جديدا مع حفاظ على بعض عناصر الخبرة، قبل أن يستفيد من منتخب أوليمبي قوي ويطعم به عناصر الخبرة ويكون فريقا صعب المراس.
بعد رأسية الهداف التاريخي لتونس دوس سانتوس، سجل يوسف المختاري التعادل من رأسية أخرى في مرمى علي بومنيجل من صناعة يوسف حجي وسط استاد يحمل عددا لا يستهان به من مناصري أسود الأطلس.
سجل زياد جزيري الهدف الثاني ضد المغرب بحاسة هداف قدير من متابعة لتسديدة كلايتون التي وقعت من يد خالد فوهامي.
في 14 فبراير 2004، يوم عيد الحب، توج جزيري ودوس سانتوس وكريم حجي وزملائهم قصة حب حقيقية مع منتخب رائع ومدرب مخضرم، ليرفع خالد بدرة الكأس التونسية الوحيدة إلى الآن، الفصل الأول من متعة الـ 602 يوما.
الفصل الثاني
تونس والمغرب كانا على موعد مع صراع ناري جديد في تصفيات كأس العالم 2006، في مجموعة ضمت أيضا غينيا وكينيا وبوتسوانا ومالاوي.
التقى الفريقان في الجولة الرابعة في الرباط بصافرة مصرية لأحمد عودة. تونس دخلت المواجهة بـ 6 نقاط، ودخل المغرب بـ 7 نقاط. أسود الأطلس على موعد مع الثأر.
رغم امتلاء ملعب الأمير مولاي عبد الله عن بكرة أبيه، فاجأ دوس سانتوس فريق المدرب بادو الزاكي بهدف رائع في الدقيقة 11.
ولكن طلال القرقوري تعادل بصاروخ غير اتجاهه ليسكن مرمى تونس في الدقيقة 74.
استمر التصدر المغربي، لكن تعثر أسود الأطلس في الجولة قبل الأخيرة قلب المعطيات قبل مواجهة 8 أكتوبر 2005. تونس تتصدر بفارق نقطة وحيدة قبل نزال رادس الذي يحدد المتأهل للمونديال بصافرة عصام عبد الفتاح.
التالي، حكاية ملحمية بحق..
المباراة بدأت بخطأ تونسي سيُغتفر لاحقا من حاتم الطرابلسي الذي مرر كرة قصيرة وصلت لبدر القادوري، الذي منح الكرة لمروان الشماخ ليسدد في المرمى بعد 3 دقائق فقط.
خطأ الطرابلسي تم تعديله عن طريق زميله جوزيه كلايتون في الدقيقة 18 بعد أن حصل رياض بوعزيزي على ركلة جزاء. البرازيلي الأصل سجل بكل هدوء وبطريقة رائعة وفي المقص الأيمن للمرمى المغربي.
الإثارة لم تتوقف هنا، فعاد المغرب للمقدمة مرة أخرى بعد هدف جديد من طلال القرقوري نفسه، الأنفاس محبوسة في رادس قبل دقيقتين من نهاية الشوط الأول.
ولكن في النهاية، أخطأ نادر المياغري حارس مرمى المغرب في التعامل مع عرضية عادل الشاذلي في الدقيقة 68، لتتأهل تونس إلى كأس العالم 2006، لتنهي صراع الـ 602 يوما بين نسور قرطاج وأسود الأطلس على قمة الكرة الإفريقية، فهل يتكرر الصراع في قطر؟