كأس العرب - الجزائر.. منتخب التحرير لتحقيق المجدين العربي والعالمي
الأحد، 28 نوفمبر 2021 - 13:47
كتب : أحمد العريان
تتأسس الدول وتحصل على استقلالها، ثم تبدأ تكوين منتخباتها. هكذا يقول تاريخ الأمم، لكن هنا تختلف الأمور. منتخب كرة قدم أشعل ثورة التحرير التي قادت البلاد للاستقلال. الجزائر، محاربو الصحراء يرحبون بكم.
منتخب الجزائر أو منتخب التحرير كان عنصرا أساسيا في بداية ثورة التحرير الجزائرية، والتي ساعدت في استقلال الجزائر عن فرنسا.
والجزائر ستكون ضمن 16منتخبا يزورون قطر لخوض كأس العرب خلال شهر ديسمبر المقبل، وفي أذهانهم هدفين، أحدهما عربي والآخر عالمي في إنجاز فريد إن تحقق.
مؤتمر الصومام
من هنا بدأت القصة، في العشرين من أغسطس لعام 1956 اجتمع العديد من أعضاء المنظمة الجزائرية السرية بدعوة من عبان رمضان أحد ضباط الصف في الجيش الجزائري.
وخلال الاجتماع الذي استمر لعشرة أيام في بلاد القبائل بجبال أطلس، ناقشوا كيفية استمرار الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، ليتم الاستقرار على إنشاء جبهة التحرير الوطني.
لم تمر سوى أيام قليلة حتى رأى أعضاء جبهة التحرير أن الرياضة أرض خصبة أيضا للنضال، فلماذا لا ننشر قضيتنا مستغلين كرة القدم؟ ومن هنا ظهرت فكرة تأسيس منتخب لـ الجزائر لأول مرة.
الجزائر قضية عالمية
في 14 أبريل من عام 1958 كان بمقدور جبهة التحرير الجزائرية أن تعلن بفخر "عددا من اللاعبين الجزائريين المحترفين غادروا فرنسا وإمارة موناكو من أجل النضال وتلبية لكفاح الجزائر".
الزيتوني ومخلوفي تركوا فرصة اللعب لفرنسا في كأس العالم 1958 بعد أن وقع الاختيار عليهم، وكل اللاعبين الجزائريين في فرنسا تقريبا اتخذوا قرارهم بمغادرة فرنسا وتكوين المنتخب الجزائري.
ولأن كرة القدم ليست مجرد لعبة، فقد كان للخبر وقع الذهول على الإعلام الفرنسي.
كتبت ليكيب عن الحادثة "الرياضة أداة رائعة للتقريب بين الأفراد، إنهم يتعلمون في الملاعب كيف يتعرفون ويتفاهمون بأفضل صورة، لكن من العبث أن نعتقد بأنهم من الممكن أن يكونوا في مأمن من تأثير التيارات السياسية أو الاقتصادية الكبرى المولدة للنزاعات العالمية الحالية.. جبهة التحرير المسؤولة عن الحدث المفاجيء الذي جرى ظهيرة يوم الإثنين استوحت المقل من فيدل كاسترو، المتمرد الكوبي الذي قام، كما نتذكر، باختطاف بطل العالم للسيارات مانوال فانجيو. لقد تصرفت بنفس الطريقة، لا شيء يمكن فعلا أن يؤثر في الأذهان بقدر الانسحاب المفاجيء لزيتوني ورفاقه عشية مناقشة البرلمان.. ومباراة دولية كبرى في كرة القدم".
"من غير الُمجد أن ننكر الدوي الذي سيحدثه هذا التصرف. العدوى قد تتوسع، في ذهننا بعض الأسماء الكبيرة لرياضة ألعاب القوى مثل عامر، براقشي، ميمون، وفي الملاكمة مثل حليمي، وحامية، بل وفي السباحة مثل خمون، باعتباره عنصرا من الدرجة الأولى".
هكذا نقلت صحيفة "ليكيب" الفرنسية خبر انسحاب اللاعبين الجزائريين من الدوري الفرنسي، وكذلك أيضا قضية فرنسا بعد هذا الموقف الجليل لم تعد كما كانت قبله، فقد تحولت قضية "استقلال الجزائر" من قضية محلية أو عربية، إلى قضية عالمية تتناول صحف العالم أخبارها في صفحاتها الأولى.
يقول عباس فرحات أحد الزعماء الجزائريين في جبهة التحرير "هذا الفريق أكسب الثورة الجزائرية ما يساوي عشر سنوات من العمل".
ضد الفيفا
كانت المشكلة بعد ذلك أن الاتحاد الفرنسي تقدم بشكوى إلى الاتحاد الدولي "فيفا" لعدم الاعتراف بهذا المنتخب كممثل للجزائر ومنعهم من اللعب في أي مناسبة دولية، وهو ما وافق عليه فيفا.
لكن ورغم تهديدات الفيفا بمعاقبة أي دولة تستقبل الفريق، إلا أنهم تمكنوا من كسر هذا الحظر ولعب أكثر من 80 مباراة في مختلف الدول.
يقود رشيد مخلوفي "لعبنا في العديد من دول أوروبا الشرقية مثل الاتحاد السوفيتي وبلغاريا ورومانيا المجر وتشيكوسلوفاكيا، لعبنا كذلك بآسيا: في الصين وفيتنام، وبالطبع في بعض الدول العربية".
"تونس، ليبيا، الأردن، المغرب وغيرهم. جولاتنا كانت تمتد لعدة أسابيع".
"ولكن ستظل اللحظة الأهم بالنسبة لي في العراق. رُفع حينها العلم الجزائري لأول مرة وعُزف النشيد الوطني".
الهدف من رحلات منتخب التحرير لم يكن كرة القدم، لكن نشر الفكرة. نحن الجزائر ولنا قضية يجب أن تنظروا إليها ضد المحتل الفرنسي.
يقول مصطفى معزوزي مهاجم فريق جبهة التحرير "أعجز عن وصف شعوري تجاه تلك الفترة، لقد شعرنا بالفخر للمشاركة في الثورة الجزائرية، وازددت فخرا عندما شعرت الحكومة الفرنسية أن هروبنا بمثابة صفعة على وجههم".
"على مدار أربع سنوات، عشنا حياة من الترحل. خضنا عشرات المباريات وحققنا العديد من الانتصارات وكونا ذكريات رائعة لا ننساها".
"لم تكن انتصاراتنا معجزة، فنحن منتخب مكون من أفضل لاعبي كرة القدم في الجزائر".
من بوخاريست إلى هانوي، مرورا ببغداد وبكين صوفيا وطرابلس وبيلجراد. يتجول المنتخب الجزائري عبر البلاد ويعرف مئات الآلاف من الناس بمآسي الجزائر، كأفضل سفير للبلاد.
هكذا نشأ منتخب الجزائر، وحصل على صفته الرسمية بعد الاستقلال الرسمي عام 1962، ومن هنا قد تفسر سبب الارتباط غير الطبيعي للجزائريين بمنتخبهم.
مشاركة جادة
رغم عدم أهمية البطولة، لكن الجزائر قررت المشاركة في بطولة كأس العرب بالصف الأول، باستثناء المحترفين طبعا لعدم قدرتهم على التواجد خارج الأجندة الدولية.
وسيكن لـ الجزائر هدفين من تلك المشاركة، أحدهما عالمي، والثاني عربي.
الهدف العالمي هو تحطيم رقم إيطاليا كصاحب أكبر سلسلة لا هزيمة في التاريخ بـ 37 مباراة متتالية. الجزائر لم تخسر حاليا منذ 33 مباراة متتالية، وإذا لم تخسر في 3 مباريات بدور المجموعات، ثم في مباراة ربع النهائي، سيعادلون رقم إيطاليا.
العقبة الأصعب للجزائر ستكون أمام مصر بالجولة الثالثة من دور المجموعات.
وبعيدا عن السلسلة، فستهدف الجزائر إلى التتويج باللقب كواحد من أكبر المرشحين للبطولة، وللفوز باللقب العربي الأول في تاريخهم.
المدرب الأفضل
يتولى جمال بلماضي تدريب منتخب الجزائر منذ شهر أغسطس لعام 2018.
لاعب الوسط الذي مثل أوليمبيك مارسيليا، وباريس سان جيرمان، ومانشستر سيتي، وساوثامبتون وعديد من الأندية، بدأ مسيرته التدريبية عام 2010.
صاحب الـ45 عاما كتب التاريخ بالفعل مع الجزائر. التتويج بأمم إفريقيا للمرة الثانية في تاريخهم، وبعدها واصل معهم سلسلة اللاهزيمة لـ34 مباراة متتالية حتى الآن.
الجزائر تسير أيضا بشكل مثالي في تصفيات كأس العالم بعد الوصول إلى المرحلة النهائية. أمور جعلته يحصل على جائزة أفضل مدرب إفريقي عام 2019 عن جدارة، وتصنفه كواحد من أفضل إن لم يكن الأفضل في تاريخ منتخب الجزائر.
ولكن بلماضي لن يتواجد في قطر، فـ مجيد بوقرة هو من سيقود محاربي الصحراء خلال البطولة، وهو مدرب منتخب الجزائر للمحليين.
قائمة قوية
وتملك الجزائر قائمة قوية للبطولة. رايس مبولحي مثلا سيحرس المرمى، وبغداد بونجاح سيقود الهجوم.
وسيحصل أمير سعيود نجم الطائي الحالي، ولاعب الأهلي السابق على فرصته أخير وفي غياب رياض محرز عن البطولة.
التشكيل المتوقع لـ الجزائر
حارس: رايس مبولحي.
الدفاع: حسين بن عيادة – جمال بن عمري - أيوب عبد اللاوي – إلياس شتي.
الوسط: مهدي عبيد – سفيان بن دبكة.
أمامهما: ياسين براهيمي – يوسف البلايلي – أمير سعيود.
الهجوم: بغداد بونجاح.