كتب : أحمد أباظة
كالعادة، تسيطر المشاعر المتضاربة على خبر تعيين أي مدرب جديد، خصوصا وإن كان لا يملك الكثير من الخبرة، وخصوصا وإن كان لاعب وسط سابق اعتزل وارتدى "البدلة"، ولكن على غرار مأساة فرانك لامبارد مع تشيلسي الكبير، أو التسرع المفرط في عملية أندريا بيرلو مع يوفنتوس، يحمل خبر تعيين ستيفن جيرارد مدربا لأستون فيلا بعض الاختلافات.
بطبيعة الحال لا يحظى الدوري الاسكتلندي بالكثير من المتابعة، أبرز ما لفت الأنظار إليه مؤخرا كان إعادة إحياء مسيرة برندان رودجرز هناك مع سلتيك بعد إقالته من تدريب ليفربول، قبل أن يعود إلى البريميرليج ويقود ليستر سيتي لنجاحاته الحالية.
بعد رودجرز، شهد الدوري الاسكتلندي التحاق نجم آخر له علاقة وطيدة بنادي ليفربول، ولكن على دفة قيادة الغريم رينجرز. على عكس رودجرز الذي كان يعيد اكتشاف ذاته، كان جيرارد يخطو خطوته الأولى كمدرب لفريق أول.
في يونيو 2018 تسلم أسطورة وسط ليفربول عمله الجديد، وبنهاية موسمه الثالث حقق لقب الدوري الاسكتلندي أخيرا. ماذا بعد؟ أهلا وسهلا.. إنه الدوري الاسكتلندي في نهاية المطاف.
صحيح، مجرد الفوز بالدوري الاسكتلندي ليس شيئا بهذا الحجم على الساحة الأوروبية، فما بالك إن كان الدوري رقم 55 في تاريخ النادي الفائز به؟ الأمر يعيد إلى الأذهان مارتن لاسارتي حين كان يمتدح إنجازه الأكبر مع الأهلي حين فاز بالدوري رقم 41 مبررا به إخفاقاته الشهيرة في دوري الأبطال وكأس مصر..
ولكن لا، الأمر ليس كذلك على الإطلاق، فالفارق بين الدوري رقم 54 في تاريخ رينجرز وبين الدوري 55 هو 10 سنوات ميلادية كاملة. رينجرز لم يضع يده على اللقب منذ نهاية موسم 2010-2011.
في هذه الأثناء، احتكر غريمه اللقب لـ9 مواسم على التوالي، رافعا حصيلته في المنافسة التاريخية من 42 إلى 51 لقبا. أتى جيرارد في الأعوام الأخيرة لحقبة يتحول خلالها الفارق بين الغريمين من 12 لقبا إلى 3 فقط.
باختصار شديد للغاية، بعد آخر تتويج لرينجرز فيما قبل جيرارد، انفجرت آثار الأزمة المالية للنادي في وجهه، ففاز سلتيك باللقب في العام التالي مستفيدا من خصم 10 نقاط من رصيد غريمه بسبب وضعه تحت الحراسة القضائية، أما في العام الذي يليه، صدر قرار هبوط رينجرز إلى الدرجة الثالثة بتصويت 25 ناديا من أصل 30، بعد أن وصلت ديونه إلى مستويات خرافية بالنسبة للكرة الاسكتلندية.
هذا هو النادي الذي تسلمه جيرارد لاحقا في وضع أفضل بكثير، فكان خير تجربة له للتعلم قبل الارتقاء إلى المستوى التالي، وكان بالنسبة للنادي خير حاصد لثمرة عقد كامل من الانتظار، ليحقق 125 انتصارا و42 تعادلا في 193 مباراة، بنسبة فوز تصل إلى 64.77%.
والسؤال الآن.. هل حان الوقت؟
اسم جيرارد طرح ضمن عشرات الأسماء التي طرحت حين تم الاستحواذ السعودي على نيوكاسل يونايتد، لا نعرف حتما ما إن كان هناك أي تواصل قد حدث بين الطرفين قبل الإعلان عن تعاقد نيوكاسل مع إيدي هاو، ولكن المؤكد أن إجابة جيرارد كانت صحيحة.
رفض أسطورة ليفربول الخوض في شائعات، واعتبر أن ما يحدث أمر جيد بالنسبة لنيوكاسل وجماهيره، دون أن يظهر أدنى اهتمام بهذه الوظيفة، هذا بحد ذاته جيد للغاية، ولكن إن عرضت عليه الوظيفة ورفضها، فهذا أفضل.
الفشل الأول في إنجلترا قد يحمل الكثير من المعاني، ففي حالة رودجرز مثلا، اضطر للجوء إلى اسكتلندا قبل العودة إلى البريميرليج من جديد، وفي حالة إيدي هاو، اضطر الرجل للبقاء في منزله لوقت طويل حتى تذكره نيوكاسل بعد أن رفضه العديد من الأسماء التي لا تنوي لعب دور المحطة المؤقتة.
مهمة نيوكاسل معقدة للغاية، فهناك نواقص واضحة بالقائمة، وهناك معركة للبقاء في البريميرليج تمهيدا لإجراء الصفقات الخرافية التي يدور الحديث عنها في الإعلام بصورة شبه يومية، وبعد كل ذلك وحتى إذا تم ضمان البقاء.. إن لم يحقق مدربه الجديد نجاحا لافتا، فإن استبداله لن يمثل أي عملية معقدة.
على العكس تماما، أستون فيلا يبحث عن الاستقرار، ولا يملك تمويلا خرافيا وبالتالي لا يملك أي تطلعات خرافية. المركز الحادي عشر كان مرضيا للغاية بالنسبة له، وها هو يبحث عن خطوة أخرى للأمام، أي مركز بين التاسع والثاني عشر لن يشكل إحباطا، عكس نيوكاسل في الموسم المقبل.
بالتالي ليس من الصعب القول أنه لولا سوء النتائج الواضح في الآونة الأخيرة ما كان أستون فيلا ليتخذ قرار إقالة دين سميث من الأساس، إذ حمله الرجل عدة خطوات للأمام بالفعل، ولكن عانى من نفس المتلازمة التي ضربت العديد من المدربين، فكل شيء بدأ حين رحل جاك جريليش..
ماذا حدث لرودجرز في ليفربول واضطره للمنفى الاسكتلندي الاختياري؟ كل شيء بدأ برحيل لويس سواريز. ماذا حدث في توتنام قبلها بعام؟ كل شيء بدأ برحيل جاريث بيل. أغلب المدربين يعرفون هذه المعاناة جيدا. يرحل نجم الفريق وتفشل العديد من الصفقات في تعويضه مباشرة، لتنهار النتائج ويصبح التغيير أمرا ضروريا لحين الوصول إلى التركيبة الناجحة التالية.
هذا هو التحدي الذي يواجهه جيرارد، فعلى الرغم من تضرر فيلا الواضح إثر رحيل جريليش، إلا أنه يملك العديد من اللاعبين الجيدين، وأجرى بالفعل بعد الصفقات الجيدة مثل بوينديا وبايلي، فهل يتمكن جيرارد من إحداث هذا التغيير للأفضل؟ أم يجد نفسه بنهاية الموسم لاجئا لأحد الدوريات المجاورة؟ هذا ما سنعرفه في الأشهر المقبلة بطبيعة الحال، ولكن ما يمكن تأكيده اليوم، هو أننا سنرى شيئا مثيرا للاهتمام.