يحل مانشستر سيتي الإنجليزي ضيفا على باريس سان جيرمان الفرنسي في قمة منافسات الجولة الثانية لدور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، بسؤال واحد يتكرر كل عام: من يريدها أكثر؟
قبل 10 سنوات، ربما أقل، ما كان لفظ "قمة" ليصبح واردا في الحديث عن مباراة كهذه، قبلها بقليل لم يكن ظهورهما بالمسابقة معتادا من الأصل، ولكن هذا هو الواقع اليوم، فلا يسهل استبعاد أي منهما من قائمة المرشحين للتتويج باللقب سنويا.
رغم قوة الترشيحات لم ينجح أي منهما في وضع يده على اللقب بعد، في الواقع، أقرب نقاط بلغها مانشستر سيتي في تاريخه دائما ما يبلغها على حساب باريس، ولكن العمل لا يكتمل..
مرتان فقط اصطدم الطرفان في دوري الأبطال، الأولى في ربع نهائي 2016 وشهدت تأهل مانشستر سيتي لأول نصف نهائي في تاريخه، ولكنه غادره على يد ريال مدريد بفضل هدف فيرناندو العكسي.
تدور الأيام ويتجدد الصدام بعد 5 سنوات ولكن في نصف النهائي هذه المرة، ويفوز سيتي ذهابا وإيابا 4-1 بمجموع المباراتين، بينها ثلاثة أهداف سجلها الجزائري رياض محرز، ليصل سيتي إلى النهائي الأول في تاريخه، ولكن لا جدوى، خسر النهائي أمام تشيلسي بهدف كاي هافيرتز.
كل عام يتفانى كل منهما في إثبات إلى أي درجة يريد هذا اللقب، فقبل النهائي الذي خسره سيتي بعام واحد، كان باريس سان جيرمان في نهائي المسابقة، والذي خسره على يد بايرن ميونيخ بهدف كينجسلي كومان.
ولكن المحصلة لا تتغير، فريق آخر يحتفل باللقب في نهاية الموسم، لأنه بينما يريد الفريقان هذا اللقب بشدة، كل كبار القارة يشاركونهم الأمر ذاته.
لا يوجد فريق كبير لا يستهدف الفوز بدوري أبطال أوروبا، إلا من لا يتناسب وضعه الحالي مع حجم هذا الحلم، وحتى في ظل الظروف السيئة يبقى الحلم باقتناصها قائما، استثمارا لمزايا الإقصائيات على الأقل.
ولكن للأمانة، بالنظر إلى حجم استهداف مانشستر سيتي وباريس الواضح لهذا اللقب كل عام، وبالنظر للتحركات الأخيرة في سوق الانتقالات، فلا يوجد من هو أكثر جموحا في مطاردة هذا الحلم.
يخوض مانشستر سيتي بطولة تنافسية من الدرجة الأولى كل عام وهي البريميرليج، ورغم ذلك كان البطل 3 مرات في آخر 4 نسخ، ويظل الإنفاق ضروريا للحفاظ على التفوق في ظل تركز العديد من رؤوس الأموال في هذه المسابقة.
وعلى عكس باريس، وجد الفريق الممول إماراتيا منظومته الثابتة وقرر الرهان عليها للنهاية مهما تكررت خيبات الأمل. بيب جوارديولا في القيادة الفنية، تكسيكي بيجرستاين في القيادة الرياضية، المنظومة ثابتة ويتم دعمها كل عام سواء كان هناك حاجة لذلك أو لا.
هذا هو الطريق الذي ينوي أزرق مانشستر السير فيه، مهما كلف من أموال لم يسبق مراكمتها في خط دفاع واحد على سبيل المثال، على النقيض التام، باريس سان جيرمان ليس واثقا مما يريد فعله، ولكنه سيفعل أي شيء.
بكلمات أخرى، توماس توخيل المدرب الذي أقاله قبل استقدام ماوريسيو بوكيتينو هو من فاز بلقب دوري أبطال أوروبا في نفس الموسم مع تشيلسي، وكان من الواضح على الفريق أن مدربه الجديد سيكون بحاجة لبعض الوقت حتى يتمكن من إجادة استخدام أدواته الحالية..
أدواته الحالية تنطبق على الفريق الذي تسلمه في منتصف الموسم الماضي وخسر به نصف النهائي أمام باريس، وخسر به الدوري لصالح ليل، لأن باريس اقتحم سوق الانتقالات في ظل الأزمة الاقتصادية العامة الناتجة عن جائحة كورونا، وتعاقد مع ليونيل ميسي.
وكأن هذا لا يكفي، ميسي كان آخر هذه الصفقات أصلا، ففي نفس السوق كان هناك أشرف حكيمي وجورجينيو فينالدوم وجيانلويجي دوناروما الذي يتقاضى قرابة 12 مليون يورو سنويا ولكنه لا يزال حبيس مقاعد البدلاء لصالح كيلور نافاس، وأيضا سيرخيو راموس..
حتى وإن لم يلعب راموس حتى الآن بسبب الإصابة، فإن باريس سان جيرمان تعاقد مع قائدي برشلونة وريال مدريد في نفس سوق الانتقالات. عنف واضح وشراسة واضحة وشره في بناء أقوى فريق يمكن الوصول إليه.
نقطة الخلاف الرئيسية ستظل واضحة رغم كل هذه التعاقدات الخارقة: كيف سيبني بوكيتينو بهم فريقه الجديد ومنظومته الخاصة؟ باريس سان جيرمان يملك قوة فردية قاتلة، ولكن الرهان على منظومة سيتي في مثل هذه المواجهات هو الرهان الأكثر أمانا، فما أسقطه العام الماضي على وجه التحديد كان منظومة الرجل الذي أقاله فريق العاصمة الفرنسية.