في يناير الماضي، اعتذر لويس روبياليس رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم عن خطأ حدث في البث التليفزيوني قبل نهاية مباراة ريال مدريد وأتليتك بلباو في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني.
الخطأ هو أن المخرج أغفل إعادة لقطة اشتباه ركلة جزاء لريال مدريد كانت تراجعها تقنية الفيديو، وأصر على إعادة لقطة أخرى لاحقة!
أكرر مرة أخرى لأنك ربما الآن تظن أنه يعتذر عن عدم مراجعة اللقطة في غرفة الـVAR.. لا اعتذر عن عدم إذاعة اللقطة التي تراجعها غرفة الـVAR للمشاهدين أمام شاشات التليفزيون.
روبياليس استخدم كلمات حادة مثل الفشل والحماقة في وصف الخطأ في نقل الصورة تليفزيونيا.
هل الحكم ظلم ريال مدريد؟ لا، لكن البث التليفزيوني ربما أوحى للمشاهدين في المنازل ومن سيشاهد تسجيل المباراة لاحقا أنه ظلم ريال مدريد بعدم مراجعة الحالة التي ربما كانت ستُحتسب ركلة جزاء.
وهذا سبب الحدة التي استخدمها رئيس الاتحاد الإسباني في كلماته، فما الدليل على أن الحكم منح ريال مدريد كامل حقه – حتى لو كان فعل – طالما لم يكن متاحا لكل من شاهد المباراة.
ليس الاتحاد الإسباني فقط، لو زرت صفحة تقديم تقنية الـVAR في الموقع الرسمي للبريمرليج ستجد شرحا واضحا لما يتوقعه الجمهور في الملاعب والمشاهدون أمام شاشات التليفزيون أثناء قيام الحكام في الغرفة بعملهم.
سيشير الحكم إلى أذنه للإشارة إلى أن غرفة الـVAR تراجع الحالة، ويتبعها بـ"إشارة تلفزيونية" عند اكتمال المراجعة قبل إعلان القرار النهائي.
وفي هذه الأثناء، يستطيع من يتابع المباراة أمام التليفزيون مشاهدة أكثر من إعادة للحالة من زوايا مختلفة بنفس الشكل الذي تعرضه غرفة الـVAR وحتى لو استخدم الحكام أي تقنيات أخرى قبل إصدار حكمهم النهائي.
وهذه ميزة لن يمتلكها المشجعون في الملاعب لأنهم لن يستطيعوا مشاهدة اللقطات التي تراجعها غرفة الـVAR، والسبب ذكره سكرتير مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم IFAB لوكاس برود في تصريحات لـ"سكاي سبورتس" وهو: "نريد تجنب شعور الحكام بالضغط أو التأثر باللاعبين أو الأجهزة الفنية أو المشجعين أثناء قيامهم بعملية اتخاذ القرار".
وبالتالي قد تعرض بعض الملاعب في شاشتها إعادة للقطة في حال تم إلغاء قرار الحكم، أما خلال مراجعة الحالة سيتم الاكتفاء بإعلام الجماهير بأن غرفة الـVAR تراجع حالة حتى لا يمثل تفاعل الجماهير معها ضغطا على الحكم.
التأكد من صحة قرار الحكم من المدرجات أمر أقرب للمستحيل مهما كانت درجة قرب المقعد من الملعب، لكن عندما يعود هؤلاء إلى منازلهم ومشاهدة إعادة المباراة سيكون بانتظارهم أفضل جودة ممكنة للمشاهدة قبل الحُكم على الحَكم.
ببساطة، الـVAR مع جودة التصوير شيئان لا يمكن الفصل بينهما ليس فقط لمساعدة الحكام ولكن أيضا لإقناع الجميع بأن الحكم اتخذ القرار الأصح من وجهة نظره بعدما استخدم كل التقنيات المتاحة له.
وبعد أن توافرت كل الأدوات التي تساعد الحكم على اتخاذ القرار، تبقى أن تُقنع تلك الأدوات من يشاهد اللقطات الجدلية بأن الحكم لم يقصر في عمله.
لو طبقنا ذلك على الدوري المصري، لن يكون صعبا تخيل المعاناة التي يجدها حكام غرفة الـVAR لاتخاذ قرار لو سوء جودة الصورة التي تصل لهم بنفس القدر الذي نشاهدها به.
ولو كانت غرفة الـVAR تشاهد اللقطات الجدلية من زوايا مختلفة عما يراه المشاهدون أمام التليفزيون، فما الذي يمنع الجمهور من التشكيك في نزاهة الحكام بعد أي قرار غير مرض لهم طالما لم تتوافر لهم نفس معايير الحُكم.
كلنا نستطيع أن نجزم أن كرة ليفربول لم تدخل مرمى مانشستر سيتي بكامل استدارتها في دوري 2019، لكن هل نمتلك نفس الثقة عندما نتحدث عن كرة الأهلي ضد طلائع الجيش؟
كان اتخاذ قرار بشأن الحالة صعبا لدرجة أن التقنية التي استخدمتها قناة "أون تايم سبورتس" ذهبت إلى أن الكرة ليست هدفا واختلفت معها التقنية التي استخدمتها قناة "الأهلي"، وكانت جودة الصورة سيئة لدرجة أن حتى من يحللون أداء الحكم اختلفوا فيما بينهم على صحة القرار.
والطبيعي هو أن تكون جودة الصورة هي معيار الحكم على القرار قبل التقنيات التي تعتمد أساسا على الصورة.
بالتأكيد يجب أن نتطلع لتحكيم أفضل كما نبحث عن حلول لكل مشاكلنا مثل تنظيم أفضل للمسابقة بمواعيد وملاعب محددة وكما تبحث الأندية عن لاعبين ومدربين أفضل، لكن هل تضمن أن ينهي ذلك الصراعات الجماهيرية وتصريحات المسؤولين الغاضبة من قرار تحكيمي.
هل تضمن أن تقتنع الجماهير والأندية بصحة قرار الحكم في لقطة جدلية مثل تلك التي حدثت في مباراة الأهلي وطلائع الجيش حتى إذا كان أفضل حكم في العالم لو شاهدوا اللقطة في التليفزيون بنفس الجودة التي شاهدناها بها ومن زاوية واحدة فقط؟
في جودة تصوير وإخراج أفضل، ربما يمكن الجزم إذا وقعت أخطاء تحكيمية فجة وبالتالي تستطيع أن تعاقب حكما أو تتهمه بالتقصير في عمله على الأقل، لكن ما الذي سيقنع مسؤولي الأندية والجماهير بأن الحكم اتخذ قرارا صحيحا إذا شاهد لقطة جدلية بالجودة التي نشاهد بها مباريات الدوري المصري حاليا.
هل الطبيعي أن يخرج كل إعلامي، لاعب سابق وخبير تحكيمي للحكم على لقطة جدلية بناء على حساب طول الساق أو الذراع.
بنفس طريقة وزير الداخلية في فيلم الإرهاب والكباب يريد المسؤولون عن الدوري المصري الخلاص من الموسم وليس حل المشاكل ويتوقعون أن تنتهي كل الأزمات والاتهامات المتبادلة بنهاية الموسم، لكنهم بشكل غريب أو تمثيلي يتفاجأون بأننا نواجه نفس المشاكل في الموسم الجديد.
وإذا كان هناك الكثير غير معلوم جماهيريا عن المشاكل التي تواجه تحديد مواعيد وملاعب للمباريات ويمنح المسؤولون مبررات لعدم انتظام المسابقات، فالجماهير لها ما تراه أمامها في شاشات التليفزيون.
لا تفكر الجماهير في ظروف الفريق ولكنها قد تنتقد قرارات مدربه بسبب الأداء لأنهم يحكمون على ما يروه أمامهم، فكيف تتوقع منهم حكما إيجابيا على قرار حكم ليس في صالح فريقهم لو لم يروه بأفضل جودة صورة.