كتب : عمر مختار
اجتمعت مجموعة من عمالقة كرة القدم في أعظم مشهد يمكن رؤيته على وجه الأرض حاليا. لكن هناك سؤال يطرح نفسه. "هل هناك كارثة تنتظر الحدوث؟"
لقد وصل ليونيل ميسي إلى مدينة النور وعاصمة الموضة، باريس، المدينة التي تبدو وكأنها تمتلك موارد مالية غير محدودة، مدينة جنون العظمة الجديدة.
لقد أصبح فريق كرة القدم الأكثر إثارة على هذا الكوكب ممثِلا لهذه المدينة الآن. بدت مشاهد ظهور ميسي مثل عبور الكائنات الفضائية إلى مجرة أخرى. لقد رحب به الجميع كملك يزيِّن الأرجاء وهم على استعداد تام لطاعته والشعور بلذة الانتصار.
في عام 2017، تعاقد النادي الباريسي مع النجمين نيمار وكيليان مبابي مقابل أكثر من 400 مليون يورو. والآن ينضم ميسي إلى الصورة، إلى سيرك كرة القدم الذي تم وضعه على نظام رباعي الأبعاد.
يجب على الأرجنتيني البالغ من العمر 34 عاما الآن تحقيق أحلام الجماهير. وقد حذر لاعب إيفرتون، جيمس رودريجيز من الأمر قائلا:
"إذا انتقل ميسي إلى باريس سان جيرمان، فسوف يلعبون بمفردهم في الدوري. يجب أن تأتي لهم بجميع الألقاب".
ومع ذلك، فإنه ليس نجاحا أكيدا، حتى لو بدا على الورق فريقا لا يمكن هزيمته.
لقد استثمرت الإدارة أكثر من مليار دولار لتدعيم الفريق منذ انضمامهم إلى النادي في عام 2011، لكن حتى الآن لم تتم مكافأتهم على ذلك، بضع بطولات فرنسية، هذا كل شيء. وفي الموسم الماضي لم ينجحوا حتي في تحقيق لقب الدوري.
هناك سابقة تمنح الأمل لجميع المنافسين على الألقاب الأوروبية ألا وهي خطة نادي ريال مدريد منذ بداية الألفية.
فلورنتينو بيريز، رجل أعمال ثري جدا، أراد أن يكون رئيسا للعائلة المالكة هناك في ذلك الوقت ووعد الأعضاء بأشياء جنونية. كل عام يقوم بالتوقيع مع نجم وبشكل مفاجئ كان الأعضاء متحمسين لهذا الجنون، وقد جعلوه في الواقع رئيسا لناديهم.
بدأ الأمر في موسم 2000-2001، عندما اشتروا لويس فيجو، لاعب غريمهم اللدود، برشلونة. كان عقده الأوَّلي يعادل مليوني يورو. وبعد ذلك بعام، تبعه زين الدين زيدان، أفضل لاعب في جيله، قادما من يوفينتوس بمبلغ انتقال قدره 77.5 مليون يورو جعله أغلى لاعب في العالم حينها.
هناك جملة شهيرة جاءت على لسان بيريز آنذاك: "أكبر ناد يحتاج إلى أفضل اللاعبين في العالم. نحن مدينون بذلك لمشجعينا".
بدأت فكرة الجالاكتيكوس تحقق نجاحا، حيث فاز الفريق بلقب دوري أبطال أوروبا في عام 2002، وقد سجل زيدان هدفا سحريُا في نهائي البطولة أمام باير ليفركوزن.
في ذلك المساء، صعد نَجم إيكر كاسياس، الذي نزل إلى الملعب كحارس مرمى بديل يبلغ من العمر 20 عاما نظرا لإصابة الحارس سيزار سانشيز في الدقيقة 68، وقد نجح في التصدي لعدد لا يحصى من التسديدات. في السنوات التي تلت ذلك، أصبح كاسياس، قديس كرة القدم، وفاز بالدوري مرة أخرى، وأصبح بطلا لأوروبا والعالم.
من ناحية أخرى، وصلت فكرة الجالاكتيكوس بالفعل إلى ذروتها في نهائي جلاسكو. لم يشك أحد في ذلك أبدا لأنه بعد ذلك الانتصار، واصل بيريز تسليح نفسه، وبدأ في الانجراف إلى العبث.
رونالدو، أفضل مهاجم في ذلك العصر، انضم إلى زيدان، فيجو، روبيرتو كارلوس، كاسياس وراؤول، تلاه في موسم 2003-2004، ديفيد بيكام صاحب الكاريزما الأعظم في عالم كرة القدم. وبجانب ذلك، مايكل أوين، الذي كان ذات يوم أعظم أمل لإنجلترا لتحقيق شيء.
يتذكر كاسياس الأمر ويصفه ببؤسٍ شديدٍ.
"الأمر ليس دائما مجرد أسماء كبيرة، يجب أن نكون فريقا ونحن لم نكن كذلك. لم نفز بأي شيء لمدة ثلاث سنوات بينما انطلق برشلونة وفاز ببطولتين متتاليتين ودوري أبطال أوروبا عام 2006".
عندما غادر ديفيد بيكام مطار مدريد في عام 2007 متوجها إلى لوس أنجلوس باعتباره العضو الأخير في فريق الأحلام، كان من الواضح أن فشل فكرة الجالاكتيكوس قد اكتمل.
لم تصل النجوم أبدا إلى المجرات في تلك السنوات، وقد فشلوا ثلاث مرات بين عامي 2003 و 2007 في تخطي الدور ثمن النهائي من دوري أبطال أوروبا، ووصلوا مرة واحدة فقط للدور ربع النهائي قبل الخروج على يد موناكو.
كان نهائي الكأس الذي خسره الفريق أمام ريال سرقسطة بثلاثة أهداف لهدفين بعد التمديد لوقت إضافي في موسم 2003-2004 نقطة مرجعية.
يقول كاسياس: "كان الجالاكتيكوس بُعدا آخر. رونالدو، زيدان، فيجو و40 مصورا خلف بيكام بمجرد خروجه. كنا نفوز منذ تسعة أشهر وبدا أن كل شيء كان يسير بشكل جيد، لكن الهزيمة في النهائي أمام سرقسطة وقفت أمامنا ".
لقد خسر الفريق في دوري أبطال أوروبا في لقاء العودة أمام موناكو بثلاثية مقابل هدف على الرغم من تقدمه في الذهاب برباعية مقابل هدفين، وفي سباق الدوري خسروا اللقب بعد الهزيمة في خمس مباريات متتالية.
وأنهى الحارس الاسباني حديثه: "كان الأمر أشبه بالسقوط بدون مظلة، تماما مثل الفترة من الأسبوع الثالث من مارس إلى منتصف مايو".
يتحدث رونالدو عن الأمر كذلك ويصفه بالخطأ الفادح: "كما يعلم الجميع الآن، فقد ارتكب بيريز خطأ فادحا بطرد ديل بوسكي. كنا سنكسب الكثير معه بالتأكيد" .
وأقيل ديل بوسكي بعد فوزه بالبطولة عام 2003 لأسباب فنية كما قيل، حيث لم يترك المدرب الإسباني وبطل العالم في وقت لاحق الفريق يلعب بشكل رائع بما يكفي كما رأت إدارة النادي.
لكن يبدو أن روبيرتو كارلوس لا يتفق مع ذلك: "لقد فهمنا فيسينتي ديل بوسكي تماما. لم نكن بحاجة إلى أي قواعد. كان اللاعبون يعرفون ما يجب عليهم فعله ".
لقد كررت إدارة باريس سان جيرمان بالفعل الأمر. بعد الهزيمة في نهائي دوري أبطال أوروبا في موسم 2019-2020، قاموا بطرد توماس توخيل، الذي كان يحظى باحترام النجوم.
في العام التالي، قاد الألماني نادي تشيلسي من منتصف الجدول في البريميرليج إلى تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا، ونظر إلى نادي العاصمة من عرش أوروبا. وقد فشل خليفته ماوريسيو بوكيتينو في تخطي الدور نصف النهائي للبطولة القارية.
كان الخطأ الثاني الذي منع الجالاكتيكوس من التحليق عاليا هو استراتيجية تعاقدات بيريز. لم تخطط تلك التعاقدات للاستثمار بشكل كبير في الدفاع. فإذا كان كل هؤلاء النجوم يحومون في المقدمة فماذا سيحدث إذا اختفت الكرة؟
حينها سيتعين على شخص آخر إنقاذ الأمر، كلود ماكيليلي، أحد أفضل لاعبي الوسط الدفاعيين. جاء الفرنسي في موسم 2000-2001، لكن بعد وصول بيكام بعد ذلك بعامين، اضطر اللاعب إلى الرحيل.
لقد كان ماكيليلي أحد أعمدة الجالاكتيكوس التي طردها بيريز. في سيرته الذاتية، التي نُشرت في عام 2006، كتب زميله السابق في الفريق ستيف ماكمانامان:
"لقد كان أفضل لاعب في الفريق لسنوات، لكن بعض الأشخاص لم يلاحظوا ذلك، ولم يلاحظوا ما كان يفعله. نحن جميعا كنا نعرف أنه الأهم. كان رحيل ماكيليلي بداية نهاية الجالاكتيكوس".
ثم جاء حديث بيريز العنيف عن ماكيليلي: "لن نفتقد ماكيليلي. مهاراته الفنية متوسطة، يفتقر إلى السرعة والتقنية اللازمة للتغلب على المواجهات الفردية و90٪ من تمريراته تذهب للخلف أو الجانب. لم يكن لاعبا جيدا بالرأس ونادرا ما كانت تمريراته تتعدى أكثر من عشرة أقدام. سيأتي اللاعبون الأصغر سنا ويجعلون اسم ماكيليلي يُنسي".
حسنا، من الواضح أنه لم يأت أحد، على الأقل ليس في تلك السنوات التي تخيل فيها بيريز أنه ينظر إلى تصميم أحد مشاريعه المعمارية.
إن باريس سان جيرمان يفعل الأمر نفسه لكن بشكل مختلف. قبل بداية الموسم، حصلوا على توقيع سيرجيو راموس، أحد أفضل المدافعين في السنوات العشر الماضية، رجل متقلب، صلب ويؤدي عمله جيدا، وحش عقلي جاهز لتدمير اللعبة الجميلة.
جاء أشرف حكيمي من إنتر، وكان الدولي الألماني ثيلو كيرير موجودا بالفعل، وكذلك المدافع الفرنسي بريسنيل كيمبيمبي، القائد ماركينيوس، الشاهد علي هزيمة برشلونة الثقيلة في أنفيلد، جورجينيو فينالدوم وبطل أوروبا ماركو فيراتي. من الصعب تخيل ذلك، ولكن يوجد في الواقع شيء من التوازن بين الدفاع والهجوم. على الأقل نوعا ما، على عكس سنوات الجالاكتيكوس.
سينظر جانلويجي دوناروما إلى المشهد لكن قريبا من المرمى في الخلف. كان حارس المرمى الإيطالي بطلا لأوروبا وقد حصل على لقب أفضل لاعب في البطولة.
لقد بنى بوكيتينو طريقته في ساوثامبتون وتوتنام حول الضغط المكثف. كان كل لاعب في الملعب يضغط على خصمه من الأمام مباشرة.
هاري كين سيضغط، ريكي لامبرت سيضغط. الآن هو يمتلك ليونيل ميسي، كيليان مبابي ونيمار ودعونا نوضح الأمر، سيتعين عليه اللعب بالثلاثي. إذا لم يفعل، فسوف تقوم الجماهير والصحافة وكل من يستطيع لفظ اسم باريس سان جيرمان بتوبيخه.
إذا أين المشكلة؟ حسنا كما قلت، الضغط المكثف. لا يبذل الثلاثي الأمامي في باريس سان جيرمان جهدا عندما يتعلق الأمر بالضغط واستعادة الكرة ولماذا يجب عليهم ذلك على أي حال؟
إنهم اللاعبون الذين ينتظرون الكرة ثم يقومون بعملهم، يأخذون الأنظار ويسجلون الأهداف ليحققوا النقاط، بالتالي لن يشارك ثلاثة لاعبين من الفريق بشكل كافي في المرحلة الدفاعية مما يعني عملا إضافيا للسبعة الآخرين في الملعب.
سوف يركضون من أجلهم، ويطاردون المنافس لكنهم لن يستطيعوا فعل ذلك من الأمام، وسيتركون فجوة كبيرة هناك.
ببساطة يمكنك ترك ذلك للصدفة وتأمل فقط أن يقوم الثلاثي السحري بفعل كل شيء. ولكن هل هذا جيد؟ هل سيغير بوكيتينو نظامه؟
أشك بشدة في ذلك، لقد تمسك دائما بطريقته في اللعب ولا يمكنني رؤيته يغيرها لمجرد وصول ميسي. هل يمكنه بدلا من ذلك أن يطلب من واحد أو اثنين منهم المشاركة في الدفاع والركض خلف الكرة، أم أن ذلك يمثل مخاطرة كبيرة؟
تخيل أن بوكيتينو يتحدث إلى أحد الثلاثة وقد طلب منه أن يفعل ذلك. سيكون رد فعله كالآتي: "أنا مهاجم من الطراز العالمي، فلماذا تطلب مني القيام بعمل شخص آخر؟"
إنها أنانية، نعم، لكن هل يمكنك حقا رؤيتهم يقولون غير ذلك؟
إنهم جميعا يريدون أن يكونوا في فئة النجوم، وأن تكون اسماءهم لامعة. إنك تهينهم من خلال مطالبتهم بالقيام بمثل هذا العمل في ملعب كرة قدم.
أظهر نظام بوكيتينو في الموسم الماضي أنه من الصعب تطبيقه مع وجود اثنين من اللاعبين لا يشاركان في عملية الضغط التي يستخدمها. قام دي ماريا بالركض بينما كان مبابي ونيمار ينتظران الكرة.
وقد انتهى بهم الأمر بخسارة الدوري أمام ليل. إذا لم ينجح الأمر مع اثنين لا يشاركان في المرحلة الدفاعية، فكيف سيكون الأمر مع وجود لاعب إضافي لا يقوم بذلك أيضا؟
يتمتع باريس سان جيرمان برفاهية امتلاك أفضل اللاعبين في الدوري، لذلك قد ينتهي بهم الأمر بالفوز به بشكل بديهي، لكن من المؤكد أنها فكرة تستحق التجربة وشيء يجب التفكير فيه.
لذا، لقد طرحت السؤال مرة وسأطرحه مرة أخرى: "هل هناك كارثة تنتظر الحدوث؟"
المصادر
تصريحات كاسياس عن فترة جالاكتيكوس
تقرير بليتشر ريبورت عن ماكاليلي
تقرير تريبيونا عن وعد بيريز الذي تسبب في رحيل ماكاليلي