"أهداف اللحظة الأخيرة والعودة وحتى الهزائم كلها جزء من فريقنا الرائع، لقد كانت تجربة لا تصدق لنا جميعًا لذا أشكركم على ذلك"
لم تكن هذه كلمات ليونيل ميسي في وداعية برشلونة بل كان لسان السير أليكس فيرجسون من نطق بذلك في يومه الأخير كمدرب لمانشستر يونايتد.
أتذكر يومها كيف بكيت بكل ما أمتلك من مشاعر، دموع امتزجت بعدم التصديق وأنا أسير في الشوارع غير مصدق لما حدث. هل سيجلس مدرب آخر مكان فيرجسون؟ لن أراه يقفز فرحا لهدف في الدقائق الأخيرة؟ لن يغضب أمام قرارات الحكام؟
لم يكن عقلي قادرا على استيعاب ذلك وسط انفطار قلبي لانتهاء مسيرة الرجل الذي فتحت عيني على كرة القدم لأجده مدربا للفريق الذي عشقته طوال حياتي.
العاطفة، الأموال، الروح، الموهبة، التكتيك، الألقاب، الإداريات، بناء المشروع، الاحتراف.. كلها مصطلحات ارتبطت أو أصبحت مرتبطة مؤخرا بكرة القدم، ولكن أيا منها يقفز لذهنك في البداية إذا فكرت في كرة القدم؟
إذا سألتني عن رأيي فلا يوجد مشجع لا ينتظر فوز فريقه بالألقاب بالطبع ولكن النسبة الأكبر بعد ذلك ستراها متجهة نحو العاطفة، الذكريات التي تتراكم بمرور السنوات لتزيد ارتباطك بناديك أو بأحد لاعبيه أو مدربيه.
لست مشجعا لبرشلونة ولا ريال مدريد -وبالطبع عاطفتهم في هذا الوقت لن تكون موجودة- ولن أناقش مشاعر جمهور برشلونة بعد رحيل أسطورتهم التاريخية.
"كنت أقلب الأمور في رأسي لأعرف ما سأقوله في هذه اللحظات، لكني لا أقدر على الكلام الآن بعد هذه السنوات الطويلة".
خلاصة ما يقارب الـ21 عاما لميسي داخل برشلونة، الكلمات لن تعبر بالطبع عن أي شيء. كل هدف واحتفال وتمريرة حاسمة ولمحة فنية وقرار ساهم في التتويج ببطولة لم ترها جماهير برشلونة إلا منه، المزيد والمزيد من تراكم الذكريات ليس فقط لدى الجماهير ولكن للاعب نفسه كانت نتيجتها البكاء قبل حتى أن يبدأ الحديث وبالطبع لم يكن الشعور مختلفا لدى الجماهير منذ اللحظة التي أعلن فيها النادي رحيل ميسي.
كل هذه التراكمات المتبادلة والحكاية الأسطورية التي عاشها ميسي مع جمهور برشلونة جعلتني أتمنى أن تكون نهاية الرحلة في نفس مكان بدايتها.
يمكنني أن أتذكر كيف بكى راموس قبل شهرين مع رحيله عن ريال مدريد وقبله زيدان مرورا بزانيتي وتوتي وديل بييرو ولامبارد ودروجبا وواين روني أسطورتي المفضلة وغيرهم الكثير والكثير في كرة القدم العالمية والعربية حتى ماتيرازي لمورينيو باكيا بعد إعلان رحيله من إنتر لريال مدريد.
لن أكون من الرافضين لتغير كرة القدم إلى سلعة تجارية يحكمها في كثير من الوقت الاحتراف والمؤسسات التجارية أو كيف تطورت ليتم التعرف على أدق التفاصيل الممكنة في التكتيك ومحاولة الوصول بطرق مختلفة للفوز بالمباريات والبطولات.
ولكن، منذ البداية حتى النهاية. لن يكون هناك أي تأثير عليّ-بعد فرحة الفوز بالبطولات- أكثر من العاطفة والروح.
الذكريات التي تتراكم بمرور الوقت لتزيد من تعلقي-أو تعلق غيري- بكرة القدم أو بلاعب معين، الروح والقتال لأجل ألوان شعار الفريق والتي في بعض الأوقات توجد أفضلية لفريق على الآخر بعيدا عن المستوى والفنيات.
هذه هي كرة القدم التي وقعت في حبها منذ أكثر من 20 عاما والتي سيظل لها التأثير الأكبر بنفس الشكل لذلك تمنيت أن تنتهي حكاية ميسي مع هذا الجلد المدور في نفس مكان بدايتها.