كتب : أحمد أباظة
24 يونيو 1987.. مجرد يوم عادي، مجرد ولادة في روساريو. استقبل عامل المصنع خورخي ميسي وعاملة النظافة سيليا كوتشيتيني ثالث الأبناء الذكور، وقطعاً لا أحد كان يدري ما سيحدث بعد ذلك.
نضج ليونيل أندريس ميسي وهو يعشق هذه اللعبة، بدأ ممارستها في سن الخامسة، وانضم لاحقاً إلى نيولز أولد بويز أكبر أندية مدينته، قبل أن تتلقى عائلته صدمة معاناته من نقص هرمونات النمو.
موهبة طاغية ولكن لا يوجد في الأرجنتين من يمكنه تحمل تكلفة العلاج نظير فرصة في علم الغيب لخصوله على لاعب مميز، ولكن برشلونة، على عكس ريفر بليت مثلاً، كان يمكنه فعل ذلك.
14 ديسمبر 2000.. اتفاق مبدئي على منديل طعام، ليونيل ميسي بين ناشئي برشلونة وحياة هذه العائلة تتغير للأبد، بل وعالم كرة القدم بأكمله.
منعطفات جنونية تبدأ من 16 أكتوبر 2004 حين ارتدى ليو قميص الفريق الأول في مباراة رسمية للمرة الأولى على الإطلاق تحت قيادة فرانك ريكارد، ولم يخلعه إلى صيف 2021.
في كنف رونالدينيو واحد من أبرز ظواهر كرة القدم بهذا العصر، ينضج الفتى الأرجنتيني شيئاً فشيئاً، يسجل أول هاتريك في الكلاسيكو منذ عام 1995 على حساب ريال مدريد عام 2007 ويصبح أصغر من يسجله، يحاكي هدف مارادونا الشهير في إنجلترا على حساب خيتافي، خطوة تلو الأخرى، يبدو مقعد الرجل الأول مصمم خصيصاً لهذا الواعد.
تنتهي حقبة ريكارد ومعها حقبة رونالدينيو، ويأتي بيب جوارديولا بالحد الادنى من الخبرة التدريبية لينقلب العالم رأساً على عقب، سداسية في 2009 والكرة الذهبية الأولى، خماسية في 2011 والكرة الذهبية الثالثة، 6-2 و5-0 في الكلاسيكو.
ذروة هذا الجنون على صعيد مستوى ميسي وأرقامه أتت في موسم خسارة برشلونة لليجا، حيث سجل 73 هدفاً في موسم 2011-2012، وحطم الرقم القياسي المسجل باسم جيرد مولر على صعيد العام الميلادي، بتسجيل 91 هدفاً في عام 2012، مؤمناً الكرة الذهبية الرابعة على التوالي.
ولأن الأمور لا تسير أبداً على هذه الوتيرة طوال الوقت، أتى موسم 2013-2014 ليصبح أقل مواسمه الرقمية منذ انفجاره، وبلا ألقاب سوى السوبر الإسباني في بدايته، وانتهى بخيبة أمل خسارة نهائي كأس العالم مع الأرجنتين، انتهت تجربة تاتا مارتينو بنهاية الموسم الأول، لتبدأ حقبة لويس إنريكي.
انقلاب آخر بعد نصف موسم غير مبشر على الإطلاق، حمل نصفه الثاني ثلاثية تاريخية للكتلان، أكملها بالخماسية في الموسم التالي، بالعديد من المحطات البارزة على الطريق، ولكن تبقى أقربها للذاكرة والقلب هدفه الثاني في شباك بايرن ميونيخ، والكرة الذهبية الخامسة.
يرحل شابي هيرنانديز، وتستمر فترة إنريكي بكل محطاتها، المرتفعة مثل لقب الليجا الثاني على التوالي، والمنخفضة مثل وداع دوري الأبطال أمام يوفنتوس بعد الريمونتادا الشهيرة ضد باريس سان جيرمان مباشرةً، وخسارة الليجا بنهاية هذا الموسم رغم هدف ميسي القاتل في البيرنابيو، لتبدأ واحدة من أغرب الفترات على الإطلاق بقيادة إرنستو فالفيردي.
لموسمين على التوالي برشلونة يفوز بالليجا، ولكنه يعاني بصورة قاسية للغاية في دوري أبطال أوروبا، يتقدم على روما 4-1 فيخسر الإياب 3-0.
رحل أندريس إنييستا في صيف 2018 وبات ميسي أخيراً القائد الأول لبرشلونة، ليقدم وعده الشهير باستعادة دوري أبطال أوروبا، وبالفعل بلغ نصف النهائي ليتقدم على ليفربول 3-0 فيخسر 4-0. مأساة أطاحت بموسم تاريخي في 2019، ولكنها لم تنتزع الكرة الذهبية السادسة من بين يدي ليونيل بعد موسم كبير للغاية.
2020 كان العام الأسوأ على الإطلاق.. هو العام الذي فجرت به الجائحة كل كوارث إدارة الرئيس جوسيب ماريا بارتوميو دفعة واحدة، هو عام الثمانية المذلة في لشبونة، هو عام قرار ميسي الأول بالرحيل وفسخ العقد.
بقي ميسي لعام أخير في عقده، وصحيح أن الألقاب الغائبة لم تعد واكتفى الفريق بكأس إسبانيا، إلا أن بارتوميو استقال، وأتى خوان لابورتا، ووصل الطرفان إلى اتفاق بالفعل، ولكن أتى بيان اليوم ليقلب كل الأمور رأساً على عقب، معلناً الانفصال بين الطرفين إزاء تعنت رابطة الليجا.
صاحب الحذاء الذهبي 6 مرات، بطل الليجا 10 مرات، بطل دوري أبطال أوروبا 4 مرات، وأخيراً بطل كوبا أمريكا التي طال انتظارها مع الأرجنتين، والتي بدأها في الأيام الأخيرة لعقده مع برشلونة. 21 عاماً في كامب نو حقق خلالها كل ما يمكن تحقيقه، فهل انتهت هذه الرحلة اليوم؟