كتب : رامي جمال
زلزال مدمر دوى في كتالونيا منتصف اليوم الخميس بعدما أعلن نادي برشلونة رحيل قائده التاريخي ولاعبه الأعظم في تاريخه ليونيل ميسي.
جاءت تلك الأنباء بعد أشهر من تأكيدات إدارة برشلونة برئاسة خوان لابورتا ومن المدير الفني للفريق رونالد كومان بأن ميسي سيجدد تعاقده مع الفريق بعد نهايته بنهاية الموسم الماضي.
أعلن برشلونة في بيانه المدوي أن سبب رحيل ميسي هو "على الرغم من توصل برشلونة وميسي إلى اتفاق واضح لتوقيع العقد الجديد اليوم، إلا أن هذا لا يمكن أن يحدث بسبب العقبات المالية والهيكلية الخاصة بلوائح الدوري الإسباني".
ليظل السؤال، ما هي تلك اللوائح والعقبات المالية؟
شبكة "ذا أثليتك" الأمريكية نشرت تقريرا مطولا في وقت سابق شرحت فيه ما يمر به برشلونة وقواعد الدوري الإسباني التي تحدد كيفية الإنفاق.
في عام 2013 أنشأت رابطة الدوري الإسباني "لا ليجا" قسما للرقابة الاقتصادية على الأندية في الدرجتين الأولى والثانية مع وضع حدا صارما لإنفاقهم في كل موسم.
هذا الحد هو المبلغ الإجمالي الذي يمكن أن تنفقه الأندية على لاعبي الفريق الأول والمدير الفني والجهاز المعاون والرديف والأكاديمية وأي لاعب غير مسجل.
ومن حق الأندية اختيار كيفية تقسيم إنفاقها من خلال الموارد بشرط واحد، عدم تجاوز الحد الإجمالي للإنفاق.
وقبل كل سوق انتقالات صيفية تقوم رابطة "لا ليجا" بمطالبة الأندية بتقديم بيانات تشمل الإيرادات المتوقعة للموسم المقبل والأرباح والخسائر من السنوات السابقة والتكاليف العامة والمدخرات الجارية والديون القائمة والاستثمارات ومصادر التمويل الخارجي.
ويرجى الإشارة هنا إلى أن تكلفة رسوم ضم لاعب من فريق آخر يتم تقسيمها على عدة سنوات هي مدة عقد اللاعب مع ناديه الجديد، لذلك يتم احتساب جزء من المبلغ مستحقا مع بداية كل موسم.
على سبيل المثال انضم فيليبي كوتينيو إلى برشلونة من ليفربول 135 مليون يورو في عام 2018 وحتى 2023، في كل سنة يوضع جزء من ذلك المبلغ الكلي لقيمة الانتقال على ميزانية البلوجرانا الجديدة.
لذا عندما يتطلع أي ناد لتسجيل لاعبا جديدا يقوم فريق المراقبة الاقتصادية في "لا ليجا" بالتحقق من ميزانية النادي وحينها يتم اتخاذ القرار سواء بتسجيل اللاعب أم لا.
ذلك الأمر مشابه لقواعد اللعب المالي النظيف لدى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" لكنه يختلف بأنه في إسبانيا يُمنع ملاك الأندية من ضخ الأموال بلا حساب ما قد يؤدي لاختلال في الميزانية حال انسحاب هؤلاء الملاك فجأة أو بيعهم للنادي.
فما هي أزمة برشلونة؟
وقت الإدارة السابقة برئاسة جوسيب ماريا بارتوميو كانت توقع مع اللاعبين برواتب خيالية ما أدى لأن ميزانية النادي الكتالوني في وقت كان 671 مليون يورو.
بعد الأزمة المالية بشكل عام والناتجة بعد ذلك بشكل خاص عن جائحة كورونا تضرر برشلونة بقوة أكثر من أي ناد آخر.
ولم يعد بإمكان برشلونة تسجيل لاعبين جدد إلا في حالة بيع لاعبين من عنده كي تصبح لديه ميزانية كافية لدفع الرواتب.
فحتى الآن لم يستطع برشلونة تسجيل الرباعي الجديد بسبب تلك الأزمة وهم سيرجيو أجويرو وممفيس ديباي وإريك جارسيا وإيمرسون رويال.
لذا حاول برشلونة التخلص من لاعبين مثل جريزمان وعثمان ديمبيلي اللذين يحصلان على 24 مليون يورو وكوتينيو أكثر من يحصل على راتب من النادي بـ27 مليون يورو.
لكن النادي لم يستطع.
فماذا حدث مع ميسي؟
ميسي بالفعل كان قد وافق على تخفيض راتبه بنسبة 50% كي يبقى مع ناديه الذي جاء إليه شابا يافعا ولم يرتد قميص غيره أبدا.
ولكن من أجل حل الأزمة المالية كان يتعين على ميسي تخفيض 80 أو حتى 90% من راتبه كي يجدد تعاقده.
كل ذلك لا يعني أن برشلونة كان سيستطيع تسجيل العقد الجديد، فالأزمة المالية لم تنته من الأساس.
لذا حاول لابورتا إقناع خافيير تيباس رئيس "لا ليجا" بالحصول على استثناء لناديه من أجل تجديد تعاقد ميسي، لكن الأخير رفض بشكل قاطع.
وقال تيباس: "أتمنى أن يستطيع برشلونة حل أزمة راتب ميسي، ولكن لتسجيله عليهم تخفيض جزءا من ميزانيتهم، لا نستطيع القيام باستثناء لميسي أو هالاند".
تيباس كان مقتنعا أنه لو قام باستثناء لميسي فإن المشروع الاقتصادي للدوري الإسباني سينهار كليا فيما بعد.
كما أنه رأى أن البطولة استطاعت عبور أزمتي رحيل كريستيانو رونالدو ونيمار من ريال مدريد وبرشلونة بل ووقع على عقد جديد مع شبكة "إي إس بي إن" في شهر مايو الماضي لشراء حقوق المباريات.
وفي ظل تلك الأزمة وعدم القدرة على بيع اللاعبين وتخفيض الرواتب أو الحصول على استثناء لم يستطع برشلونة إيجاد حلا لأزمة راتب ميسي وتسجيل تعاقده الجديد.
وبالتالي كان الرحيل ونهاية الحقبة التاريخية هو القرار النهائي.