كتب : فادي أشرف حسام نور الدين
"الأهلي شبع بطولات محلية، وأصبح متعطشا لبطولة إفريقية تروي ظمأ جماهيره وتدفعه للخروج من المحلية إلى الإفريقية"، كانت تلك الكلمات التي استخدمها الصحفي محمد صادق في موسوعته "الأهلي أسطورة القرن" لوصف أول كأس إفريقية للأهلي.
قبل أيام من محاولة الأهلي حصد كأسه العاشرة في دوري أبطال إفريقيا، يبحر FilGoal.com في نهائيات دوري أبطال إفريقيا التسعة التي توج بها الأهلي، مستعينا بأرشيف الجرائد والمواقع، ومتحدثا مع أبطال تلك النهائيات، والبداية من الكأس الأولى في 1982.
بحلول عام 1982، فاز الأهلي بـ17 لقبا للدوري المصري. لظروف كثيرة لم يخض الأهلي قبل ذلك التاريخ تجربة محاولة الفوز بلقب إفريقي سوى 3 مرات. الأولى انتهت دون مغامرة كبيرة، خسارة 3-0 من مولودية الجزائر أنهت محاولة 1976 قبل أن تبدأ. في 1977 كان الترحال إلى غانا مرعب، برغم الفوز في ذهاب ربع النهائي في القاهرة على هارتس أوف أوك 1-0، إلا أن قطب الكرة الغانية هزم الأهلي إيابا 3-0.
الحدث الحزين كان في 1981، الأهلي المتسلح بجيل ذهبي اضطر للانسحاب في نصف النهائي ضد شبيبة القبائل قبل اللعب بسبب اغتيال الرئيس محمد أنور السادات.
في 1982.. الخطيب ورفاقه بقيادة الجوهري
"حشد الأهلي كل أسلحته، وجهز فريقا مقاتلا بقيادة محمود الجوهري ليخوض الأدغال الإفريقية". من موسوعة الأهلي أسطورة القرن.
صادق يتحدث هنا عن فريق مكون من أساطير للكرة المصرية حقا. إكرامي يحرس المرمى، مصطفى يونس وربيع ياسين يقودان الدفاع، وسط ملعب مكون من مجدي عبد الغني مع مختار مختار ومصطفى عبده ومحمد عامر، يدعمون هجوما مكونا من علاء ميهوب ومحمود الخطيب، ومن على الدكة يشارك طاهر أبو زيد.
ولكن البداية في 1982 لم تكن واشية بالنهاية السعيدة إطلاقا. الأهلي احتاج لأكثر من 180 دقيقة بقليل ليهز شباك الأشغال الصومالي بكرة "شاردة" بحسب وصف جريدة الأهرام حينها سجلها علاء ميهوب.
خضع المنافسون تواليا. يانج أفريكانز التنزاني وجرين بافالوز الزامبي ثم إينوجو رينجرز النيجيري الذي خسر الأهلي ضده ذهابا في نيجيريا، قبل مواجهة المرعب، أشانتي كوتوكو.
"مخطيء من يقول إن الصعوبات في 1982 كانت ضد كوتوكو فقط. مباراة رينجرز كانت صعبة للغاية بعد الخسارة 1-0 هناك. قمنا برد الاعتبار وفزنا 4-0 أمام 100 ألف متفرج في القاهرة". ربيع ياسين يتذكر كأس الأهلي الأولى لـFilGoal.com.
كوتوكو المرعب
بين 1969 و1971 واجه كوتوكو النادي المصري صاحب البطولة الأولى في إفريقيا، الإسماعيلي.
الإسماعيلي كانت له الغلبة في نصف نهائي 1969 حيث تعادل 2-2 في غانا وفاز 3-2 في مصر.
في نصف نهائي العام التالي، فاز كوتوكو 2-0 بعد التعادل السلبي في مصر، وذهاب ربع النهائي تعادلا 1-1 في مصر قبل الهزيمة 3-0 في غانا.
السفر إلى غانا، ومواجهة كوتوكو تحديدا، هي رحلة محفوفة بالمخاطر ومن المنتظر أن تحمل شباكك بهدفين على الأقل. انس الفوز، ستعود بنتيجة ثقيلة.
"فرق غانا كانت قوية للغاية، قبل انفتاح الاحتراف كانت أفضل العناصر مع النوادي. كانت أقوى من المنتخبات". محمد عامر يروي لـFilGoal.com.
لم يكن هناك سبيل للأهلي لعدم تكرار التجارب الأليمة في غانا سوى تحقيق فوز عريض في القاهرة، وهو ما ناله الأحمر بهدفين لمحمود الخطيب وهدف لعلاء ميهوب ضد فريق يضم 9 عناصر قادت النجوم السوداء للفوز بكأس أمم إفريقيا في ليبيا مطلع ذلك العام.
بحسب موسوعة "الأهلي أسطورة القرن"، لم تكن رحلة كوتوكو إلى مصر سهلة.
قبل 10 أشهر من المباراة قاد النقيب طيار جيري رولينجز انقلابا عسكريا ضد الرئيس هيلا ليمان. لم تكن الأوضاع هناك قد استقرت تماما ليضطر فريق الأشانتي للقدوم إلى مصر على متن طائرة حربية.
"الأهلي استغل كل فرصة في القاهرة، لقد جعلوا مباراة العودة في كوماسي مهمة مستحيلة". صفحة "غانا فوتبول ليجاسي" المهتمة بتأريخ الكرة الغانية على فيسبوك.
"كلمة السر كانت في تعليمات صالح سليم، حيث وجهنا بالالتزام الأعمى بتعليمات الجوهري، وهو ما تحقق في مباراة الذهاب". ربيع ياسين.
ثم جاءت مباراة العودة..
"حققت مع الأهلي 5 بطولات إفريقيا، لكن تبقى بطولة 82 هي الأعظم. لقد كانت استثنائية في كل تفاصيلها". محمد عامر.
تفاصيل مرعبة، اتفق عليها أرشيف جريدة الأهرام في ذلك الوقت مع نجمي الأهلي في ذلك التوقيت ربيع ياسين ومحمد عامر.
يروي محمد عامر "اضطررنا إلى السفر بطائرة حربية لأن مطار كوماسي في ذلك الوقت لم يكن يستعمل في الأغراض المدنية. لقد كانت رحلة عذاب. 14 ساعة في طائرة حربية تم تجهيزها بدكك خشبية. اصطحبنا مراتب من استراحة النادي لتساعدنا على الحصول على قليل من الراحة".
أما ربيع ياسين فيصف "تلك الطائرة كانت ضيقة للغاية، لكن كان علينا احتمال كل تلك المعوقات".
الوصول إلى غانا لم يكن المكافأة التي انتظرها اللاعبين حيث يقول عامر: "وصلنا إلى الفندق وكان متواضعا للغاية لدرجة أن السفارة المصرية في غانا كانت تقوم بتوفير الطعام لنا وفي صباح المباراة استيقظنا في حالة من الهلع الشديد في الخامسة فجرا على أصوات مزعجة من جانب جماهير أشانتي كوتوكو وكانوا يستخدمون نباتات معينة لإصدار أصوات مزعجة ولم نعرف طعم النوم وقتها"، ويضيف ربيع ياسين "أكثر ما كان يضايقنا الازعاج الشديد.. في الخامسة فجرا استيقظنا من النوم في حالة من الرعب نتيجة الأصوات ومحاولة اقتحام الفندق".
كان الأهلي أمام جحيم بحسب عامر: "الطريق إلى الملعب كان معاناة جديدة، ظللنا علي باب الاستاد لمدة ساعة ونصف في أجواء حارة للغاية ودخلنا غرفة الملابس قبل المباراة بربع ساعة فقط وارتدينا ملابسنا بسرعة ولم نتمكن حتى من الإحماء".
أما ربيع ياسين فيتذكر "تعرضنا لمضايقات غير طبيعية من أعمال شعوذة وتم رش بودرة غريبة علينا والقاء مناديل عليها طلاسم وأمام ذلك لم نملك سوى قراءة القرآن بشكل مستمر".
ويستكمل عامر "استعنا بأحد رجال الأزهر الشريف في السفارة لمواجهة أعمال السحر والشعوذة وقيامهم بذبح قرد في الملعب!".
في ظل هذه الأجواء، تقدم كوتوكو بهدف بعد 12 دقيقة فقط. هدف ظنه الغانيون بداية ريمونتادا ضد الأهلي بحسب "غانا فوتبول ليجاسي".
يقول ربيع ياسين "بعد هدف الأشانتي شعرت بقلق بالغ خاصة أنه هدف مبكر ووسط حشود من الجماهير وهو ما يفسر الفرحة الهيستيرية لنا والاحتفال بشدة باللقب".
ويشرح عامر "أرضية الملعب كانت سيئة للغاية وهو ما استفدنا منه بشدة والحمد لله كان لي دور بأن مررت الكرة التي أحرز منها محمود الخطيب هدف التعادل بعد أن اهتزت شباكنا مبكرا ونجحنا في التماسك أمام ٦٠ ألف متفرج".
الفرحة الأولى كانت مختلفة حيث يتذكر عامر "فور الوصول إلى مطار القاهرة كانت الأجواء مختلفة للغاية حيث تم السماح للجماهير لأول مرة بالدخول إلى مكان هبوط الطائرة لتحملنا الجماهير من سلم الطائرة إلى قاعة كبار الزوار واستقبلنا الوزير عبد الأحد جمال الدين وقيادات الدولة وقتها. تحركنا من المطار إلى النادي ووصلنا إليه بعد سبع ساعات بعد التفاف الجماهير والسيارات لدرجة ان بعض الجماهير تسلق الاتوبيس وتضرر سقفه بشدة وسقط جزء منه.. لقد كانت فرحة عارمة".
ويتم "حصلنا وقتها على مكافأة ١٠ آلاف جنيه ولكن فرحة الجماهير كانت أكبر مكافأة يمكن الحصول عليها وقتها".