قبل مباراة الدور نصف النهائي أمام إسبانيا، كانت رحلة المنتخب الإيطالي سَلِسة وتسير بشكل هادئ في البطولة حتي وإن عانوا بشكل طفيف أمام النمسا. أربعة انتصارات من خمسة وفارق أهداف وصل إلى 9.
حدث ذلك قبل أن يواجهوا المنتخب الإسباني وهو منافس يحب امتلاك الكرة، وجاءت إحصائيته خلال البطولة بالنسبة لـ PPDA أو عدد التمريرات لكل إجراء دفاعي (عدد التمريرات التي يقوم بها الفريق الذي يمتلك الكرة قبل أن يفقدها) 8.1.
لم ينجح المنتخب الإيطالي في الخروج من ضغط منتخب اللاروخا الشديد وبحلول نهاية الشوط الإضافي الثاني، كانوا بحاجة ماسة إلى الذهاب نحو ركلات الترجيح، لذا سيحاول المنتخب الإنجليزي تبني خطة لعب مماثلة خارج الاستحواذ.
الضغط أمام الاستحواذ
كان متوسط المنتخب الإيطالي عند كل استحواذ هو تمريرتين ونصف فقط أمام إسبانيا، وقد احتفظوا بالكرة لمدة ست ثوانٍ كمتوسط، وكلاهما يمثل أدنى مستوى وصل إليه الفريق في البطولة.
لتقريب الصورة أكثر فقد بلغ متوسط المنتخب الإيطالي حوالي 10 ثوانٍ لكل استحواذ في كل من مبارياتهم الأربعة التي سبقت إسبانيا. حتى أنهم تمكنوا من تحقيق معدل إتمام تمريرات بنسبة 74 ٪ وهو أقل بكثير من متوسط إتمامهم للتمريرات طوال البطولة والبالغ 86٪.
كان لهذا الضغط تأثير خاص على قلبي دفاع وحارس المرمى إيطاليا الذين لم يتمكنوا من بناء اللعب بشكل صحيح فاضطروا إلى لعب الكرات الطويلة. حقق كل من ليوناردو بونوتشي (71٪) وجورجيو كيلليني (83٪) وجيانلويجي دوناروما (66٪) أضعف دقة تمرير مقارنة بأي مباراة لهم في بطولة كبرى، ولعب كل من دوناروما وكيلليني أعلى نسبة تمريرات طويلة في مباراة واحدة في البطولة حتى الآن.
من ناحية أخرى، ظهر جوردان بيكفورد بشكل مهتز أثناء امتلاك الكرة عند قدمه في نصف النهائي، لذا يجب أن يفكر مانشيني في إجباره على الخطأ من خلال الضغط المكثف وإغلاق زوايا التمرير عليه ثم الهجوم على الفور بمجرد الفوز بالكرة. لقد أهدر المنتخب الدنماركي الفرص التي قد ينتهزها المنتخب الإيطالي.
لو كنت مكان مانشيني كنت سأحاول إغلاق مسار تمرير بيكفورد نحو جون ستونز على وجه الخصوص، بلغت نسبة إتمام التمريرات بالنسبة لمدافع مانشستر سيتي 94٪ وهي أعلى نسبة للاعب شارك في أكثر من 300 دقيقة خلال البطولة.
لقد ربح المنتخب الإيطالي 51 تحولا عاليا أو high turnover (الضغط والفوز بالكرة في الثلث الأخير) وهو رابع أعلى معدل في البطولة وانتهت 12 منهم بتسديدة (المعدل الأعلى في البطولة) بينما ذهبت 3 منهم في شباك الخصوم.
بيكفورد ليس حارس مرمى طويل القامة أيضًا، لذا فإن تسديدات فيديريكو كييزا الدقيقة يمكن أن تكون فعَّالة إذا تمكن زملاؤه من إيصال الكرة إليه بسرعة، سجل المنتخب الإيطالي 3 أهداف من خارج منطقة الجزاء حتى الآن بينما لم يسجل المنتخب الإنجليزي أي هدف من خارج المنطقة.
من ناحية أخرى فإن 11٪ من تسديدات المنتخب الإنجليزي جاءت من داخل منطقة 6 ياردات الخصم، بينما كانت نسبة تسديدات المنتخب الإيطالي من داخل منطقة الـ 6 ياردات 2٪.
إذا تمكَّن المنتخب الإنجليزي من التغلب على ضغط إيطاليا العالي (في حالة راهن المنتخب الإيطالي على الضغط العالي العدواني)، فإن لديهم السرعة لاختراق الدفاع الإيطالي الذي ستكون أعداده قليلة في الخلف.
يمتلك المنتخب الإنجليزي ثاني أكبر عدد من سلاسل التمريرات في البطولة والتي تزيد عن 10 تمريرات (110 تمريرة) بعد إسبانيا (176 تمريرة)، وبلغ متوسط استحواذه 54٪ وهو رابع أعلى معدل في البطولة، لذلك إذا تمكن الفريق من الجمع بين خطة اسبانيا لمواجهة الطليان مع الإنهاء السليم للهجمات، فسيكون الفائز.
من المتوقع أن يبدأ جاريث ساوثجيت مرة أخرى بـ بوكايو ساكا وسيبحث كين عن تمريرات بينية خلف خط الدفاع الإيطالي كما فعل ذلك بنجاح أمام الدنمارك، لكن كيلليني وبونوتشي كانا ممتازين باستثناء مباراة إسبانيا بكل تأكيد نظرًا لللامركزية التي أضافها داني أولمو، لذا يجب على هجوم المنتخب الإنجليزي أن يكون في يومه للتغلب عليهم.
استقبل المنتخب الإيطالي 7٪ من التسديدات من داخل منطقة الـ 6 ياردات، على الرغم من أنهم يدافعون أحيانا بشكل عميق لكنهم يمنحون منافسهم تلك الفرصة. ضع في اعتبارك أن هذه الفرص جاءت أمام فرق أضعف بكثير من إنجلترا، في المقابل لم يتلق المنتخب الإنجليزي أي تسديدة من داخل منطقة الـ 6 ياردات في البطولة حتي الآن.
يملك ليوناردو بونوتشي ثالث أكبر عدد من الاعتراضات في البطولة بواقع 12 اعتراضا، ولم ينجح أي خصم للمنتخب الإيطالي خلال البطولة حتي الآن في لعب تمريرة بينية ناجحة تخترق دفاعهم. لذلك سوف يكون المنتخب الإنجليزي في اختبار أمام تلك الإحصائية أيضًا.
قد يكون التمرير القصير والسريع طريقة أكثر فاعلية بالنسبة لإنجلترا من التمرير المباشر لتحقيق الفوز، حيث يستطيع فيل فودين وجاك جريليش تنفيذ تلك الأفكار، ستكون التمريرات الطويلة القطرية من كالفين فيليبس نحو الأجنحة مطلوبة أيضًا، ثم القيام بعد ذلك بتمريرة قصيرة نحو منطقة الجزاء.
حصل المنتخب الإنجليزي على 13 تسللا في مقابل 23 بالنسبة للمنتخب الإيطالي، قد يبدو الأمر غير مهم لكنه يصبح مهم حقًا في وجود الـ VAR، لن أتفاجأ إذا لعب المنتخب الإنجليزي على استخدام هذا الفخ.
سجل المنتخب الإنجليزي 5 أهداف بالرأس خلال البطولة أكثر بهدفين من أي فريق آخر في البطولة، لذلك سيحاولون بكل تأكيد الفوز بالكرات الثابتة واستغلال ميزة فارق الطول. فاز هاري ماجواير بمعدل 4.3 مبارزة جوية في المباراة الواحدة بينما فاز كيلليني بـ 1.5.
سيحاول ساوثجيت تحقيق الاستفادة القصوى من ستيرلينج وساكا حيث ستمثِّل تحركاتهم الرائعة وتمريراتهم المفاجئة محفزًا للدفاع الإيطالي للخروج من تمركزه، وهذا بالتأكيد ليس المكان الذي يحبون التواجد فيه.
سيذهب ساوثجيت مرة أخرى لجريلش وفودين بمجرد أن يبدأ خصمه بالتعب جسديًا وذهنيًا، بينما سيلجأ المنتخب الإيطالي إلى دومينيكو بيراردي من على مقاعد البدلاء. يملك بيراردي الذي شارك في 309 دقيقة فقط، 7 تسديدات جاءت بعد المراوغة لكن لم تذهب أي منها داخل الشباك. سدد المنتخب الإيطالي 50 مرة خارج المرمى وهو ضعف رقم المنتخب الإنجليزي (25).
رحيم ستيرلينج في مواجهة الدفاع الإيطالي
لم يكن ستبرلينج لاعبًا عاديًا بالنسبة لإنجلترا خلال البطولة وإذا فاز الفريق باللقب فيمكن اعتباره ببساطة أفضل لاعب في البطولة.
إن قدرة ستيرلينج على إثارة الخوف في دفاعات الخصم بفضل سرعته وقدرته على تغيير الاتجاه في جزء من الثانية جعلته سلاحًا مثاليًا لساوثجيت. لقد قام بـ 32 محاولة مراوغة منها 18 ناجحة أكثر من أي لاعب آخر في البطولة، تسعة منهم جاءوا في المباراة الأخيرة أمام الدنمارك كأكثر لاعب يقوم بذلك في مباراة واحدة في بطولة أوروبا منذ إيدين هازارد أمام المجر في يورو 2016 (12).
ستيرلينج هو واحد من أسرع 10 لاعبين في البطولة بعد أن وصل إلى 33.1 كم في الساعة.
يمتلك ستيرلينج أيضًا أعلى عدد أهداف متوقعة في البطولة بـ 3.92 هدف وقد سجل 3 أهداف، بينما يحتل كين المركز الثالث في القائمة، لكن كين سجل 4 أهداف من أصل عدد أهداف متوقع بلغ 3.57 (بدون ركلات الجزاء لكنه يشمل الكرة المرتدة من ركلة الجزاء).
تشيرو إيموبيلي هو اللاعب الإيطالي الوحيد في قائمة أكثر 30 لاعب حصولاً على عدد أهداف متوقع بـ 2.24 هدف. لقد قام ب 17 تسديدة وهو ثالث أعلى رقم في البطولة. احتل لياندرو سبيناتزولا المركز الـ 34 بـ 1.14 هدف متوقع.
معركة الخطوط الجانبية
يجب على المنتخب الإيطالي أن يضع كييزا في مواجهة لوك شو. قدم شو تمريرتين حاسمتين وعدد تمريرات حاسمة متوقع بلغ 1.64 تمريرة، لكنه فعل ذلك في المرحلة الهجومية وخلال الثلث الهجومي وترك مساحة خلفه في الدفاع معتمدًا على سرعة كايل واكر الاستثنائية في الدفاع.
يمتلك واكر عدد تمريرات حاسمة متوقع 0.14 فقط، لكن لديه 33 استرجاعا للكرة حيث جاء في المركز الثاني خلف كالفين فيليبس الذي قام بـ 37 استرجاعا. لقد كان واكر رائعًا في منع الهجمات المرتدة ويجب أن يستمر كذلك اليوم.
على الجانب الآخر، سوف يكون شو سعيدًا أمام دي لورينزو الذي ارتكب 11 خطأ كثاني أكثر لاعب في البطولة، ومع إصابة سبيناتزولا ومشاركة إيمريسون على يسار دفاع إيطاليا، سيتطلع المنتخب الإنجليزي لإستغلال جوانب إيطاليا.
كان سبيناتزولا لاعباً مهماً لإيطاليا وقد امتلك 1.8 مراوغة ناجحة في المباراة الواحدة وهو ضعف عدد المراوغات لأي لاعب إيطالي آخر. جاءت أيضًا 28٪ من تسديدات إيطاليا من الجهة اليسرى، وقد شاهد الجميع إيميرسون أمام إسبانيا في نصف النهائي، كان أقل دقة بكثير من سبيناتزولا.
يقوم المنتخب الإنجليزي بالتسديد أكثر من المركز، وهم يفعلون ذلك من مسافة قريبة من المرمى، بينما يقوم المنتخب الإيطالي بالتسديد من مسافات بعيدة.
صراع خط الوسط
فيراتي مُمرر رائع لكنه لن يحصل على الكثير من الوقت مع مراقبة لاعب ليدز يونايتد كالفين فيليبس الذي ركض أكثر من 15 كم في نصف النهائي.
تذكر أيضًا أن هاري كين يسقط إلى وسط الملعب للقيام بالضغط على خصمه وهذا هو المكان الذي يحاول فيه المنتخب الإيطالي بناء هجماته، لذا سيعطي المنتخب الإنجليزي الأولوية للثلث الأوسط وسيحاولون تحريك الكرة بسرعة أكبر بكثير من الفرق التي واجهت إيطاليا سابقًا.
يتحرك ستيرلينج إلى مراكز التهديف الرئيسية في انتظار أن يقوم الفريق بتحول سريع. لقد مارس الضغط مرة واحدة فقط في الثلث الهجومي في البطولة بأكملها، لذلك يقوم فيليبس بتغطية أدوار اللاعبين في هذا الصدد.
بعيدًا عن تمريرات فيراتي الدقيقة، فقد قام بـ 21 تدخلا أكثر من أي لاعب آخر في البطولة وعلى الرغم من غيابه عن أول مباراتين، إلا أنه صنع 10 فرص وجاء في المركز الثاني بعد خوردي ألبا، لذلك إذا استطاع المنتخب الإنجليزي قطع الاتصال عنه، فإنهم بذلك سيقطعون الرابط الأهم بين خط وسط وهجوم إيطاليا.
ويأتي مانويل لوكاتيللي في المركز الثاني من حيث عدد التدخلات التي أجريت في البطولة بواقع 14 تدخلا، في حين أن جورجينيو لديه ثالث أكبر عدد استرجاع للكرة في البطولة بـ 40 استرجاعا، لديه أيضًا 21 اعتراضًا أكثر بـ 7 اعتراضات من أي لاعب آخر، لذلك يجب على المنتخب الإنجليزي تخطي هذا الجزء من الملعب باستخدام تمريرات طويلة نحو الأجنحة.
سيكون نيكولو باريلا أحد أهم اللاعبين على الإطلاق في المنتخب الإيطالي، فهو يجلب السرعة المطلوبة بشدة لخط الوسط ويمثل تهديدًا حقيقيًا في منطقة الجزاء خاصة إذا كان فيليبس مشغولاً بفيراتي.