غالبًا ما يتم النظر إلى تكتيك كرة القدم الخاص بالمنتخبات على أنه جزء من الماضي، ربما تكون وجهة النظر هذه صحيحة نظرًا لقلة وقت التحضير، حيث يفكر المدربون أكثر في تحسين تشكيلتهم والتعامل مع الأفراد بدلاً من الاهتمام بالاستراتيجيات.
ونتيجة لذلك، يظهر اللاعبون كأنهم في بيئة مختلفة تمامًا عن البيئة التي يعيشونها رفقة أنديتهم، حيث يستمتعون بالوقت والمركز المُفعم بحرية أكبر بشكل لم يشهده جمهور اللعبة منذ تسعينيات القرن الماضي أو أوائل الألفية الجديدة.
إن وجود جورجينو يمرر الكرة ويكسر خطوط الخصوم في البطولة يُشبه وضعه في آلة الزمن، ماذا لو وضعنا أحد أكثر اللاعبين موهبة تقنيًا على مر التاريخ في عصر لم يكن فيه الضغط أمرًا هامًا وكانت الأفكار الدفاعية أقل تطورًا؟
يؤدي عدم استخدام التكتيك بنسبة كبيرة في المنتخبات إلى تحفُّظ بعض الفرق التي تحظى بأسماء كبيرة في قائمتها، وقد رأينا ذلك بوضوح في منتخبات مثل إنجلترا، فرنسا، بلجيكا والبرتغال.
نتيجة لذلك يلجأ المدربون لاتخاذ قرارات تغير قواعد اللعبة فقط عن طريق تغيير دور اللاعب الفردي، لذلك هذا التحليل يسلط الضوء على اللاعبين الأكثر تأثيرًاً على فرقهم في البطولة وكيف استخدمهم المدربون لتحقيق أهدافهم.
8 - ريكاردو رودريجيز: قلب دفاع أيسر متداخل
من السهل أن تعرف لماذا يُمثل استخدام قلب دفاع متداخل تهديدًا بالنسبة للخصوم، إنها طريقة يتم بها خلق زيادة عددية غير متوقعة حيث يكون من الصعب على لاعب الخصم تتبع قلب الدفاع المتداخل والذي يركض فجأة دون تنبؤ مسبق، يعتبر الأسلوب حاليًا غير تقليدي، مما يعني أن عدداً قليلاً من الفرق تقوم باستخدامه.
من الجيد وجود لاعب متعدد الاستخدامات في الفريق وهو ما يجعل لاعبًا مثل ريكاردو رودريجيز مميزًا، يعرف رودريجيز الوقت والمكان المناسبين تمامًا للقيام بالتداخل مع الظهير الجناح.
7 - هاري ماجواير: قلب دفاع يصنع اللعب
ينجرف ماجواير بشكل استباقي للأمام نحو نصف المساحة اليسرى لإيجاد لاعب بين الخطوط أو الظهير الأيسر على الطرف، إنه يُمثّل خيارا تقدميا موثوقا به في المرحلة الأولى من بناء اللعب أو الانضمام إلى المرحلة الثانية منه.
يفعل ماجواير ذلك لوضع زملائه في مواقف 1 ضد 1، وعادةً ما يختار التوقيت المثالي للتقدم وخلق الزيادة العددية هناك.
هناك مثال جيد على فطنة ماجوير التقدمية أثناء امتلاكه للكرة أمام التشيك، لاحظ ماجوير أن زملاءه جميعًا محاصرون من قبل الخصم لذلك قرر التقدم بالكرة من العمق بدلاً من نصف المساحة اليسرى، مع اعتقاد لاعبي التشيك أن ماجواير سيتجه نحو اليسار فإن تغيير قراره بالتقدم العمودي هذا غيَر توجُه لاعبي التشيك بشكل جانبي، مرر ماجواير بعد ذلك تمريرة بينية نحو كين ووضعه في موقف انفراد بحارس المرمى.
6 - خواكيم مايله: ظهير جناح معكوس يصنع اللعب
قدم منتخب الدنمارك مباراة مميزة أمام فنلندا في دور المجموعات لكنه خسر في النهاية بعد حادثة كريستيان إريكسن، لكن كاسبر شولماند أراد المزيد من الانسيابية لذلك أضاف لمسة إبداعية أخرى أمام بلجيكا وغير الطريقة من 4-3-3 إلى 3-4-2-1.
من خلال نقل يانيك فيسترجارد إلى مركز قلب الدفاع الأيسر وخواكيم مايله إلى ظهير جناح أيسر، أضاف شولماند مزيدًا من الديناميكية والتناوب الموضعي إلى هجوم قوي وحاسم بالفعل.
خلق ذلك مسارًا آخر للتقدم عبر الأطراف خاصة في الجانب الأيسر خصوصًا مع وجود دامسجارد بين الخطوط.
أمام بلجيكا، استمر مايله في الانتقال ذهابًا وإيابًا بين الخط الجانبي ونصف المساحة اليسرى.
إن معانقة مايله للخط الجانبي والقيام بدور اللاعب صانع الألعاب من هناك يسمح للدنمارك لأخذ أكثر من شكل في طريقة 3-4-2-1.
5 - أندرياس كريستنسن: قلب دفاع ولاعب وسط دفاعي
بدأ المنتخب الدنماركي المباراة أمام ويلز بطريقة 3-4-3 لكن المنتخب الويلزي كان يصنع تفوقًا عدديًا في الوسط بتراجع آرون رامسي أو جاريث بيل لمساعدة لاعبي الوسط مما خلق مواقف 3 ضد 2 دائمًا.
لاحظ شولماند ذلك بسرعة وبالفعل وفي الدقيقة الثانية عشرة، طلب من أندرياس كريستنسن التقدم إلى خط الوسط للعب في المركز رقم 6 أثناء امتلاك الكرة وعند فقدانها أيضًا.
كان تأثير ذلك التعديل ملحوظاً، في غضون الربع ساعة الأولى، سدد المنتخب الويلزي 3 تسديدات من داخل منطقة الجزاء بالإضافة إلى تسديدات جاريث بيل من خارج المنطقة بينما سدد المنتخب الدنماركي خلال ذلك الوقت تسديدة واحدة من مسافة بعيدة.
على مدار الدقائق المتبقية من المباراة، سدد المنتخب الويلزي 3 تسديدات فقط من داخل منطقة الجزاء بينما سدد المنتخب الدنماركي 9 تسديدات من داخل منطقة الجزاء وأحرز 4 أهداف.
على الرغم من أن كريستنسن لمس الكرة 30 مرة فقط خلال المباراة (فقط حارس المرمي كاسبر شمايكل لمس الكرة عدد مرات أقل) ومرر القليل جدًا من الكرات، ولم يسجل سوى عدد قليل من التدخلات الدفاعية إلا أن التغيير كان فعالاً للغاية.
في الناحية الدفاعية، أدى صعود كريستنسن لخط الوسط إلى منع الزيادة العددية للمنتخب الويلزي ودفع بيير إميل هويبيرج وتوماس ديلاني على الخروج ومواجهة رامسي وبيل، نتيجة لذلك تم غلق مسارات التمرير نحو أنصاف المساحات والعمق وحطم تمامًا استراتيجة ويلز لكسر كتلة الدنمارك.
أما في الناحية الهجومية، فقد مكّن هويبيرج وديلاني من التقدم بحرية أكبر للأمام، وصنع مثلثات على الجوانب وتحقيق الاستفادة القصوى من دامسجارد وبرايثوايت.
إن التكيف التكتيكي داخل اللعبة مهم جداً حيث سمح للدنمارك بالتحكم في خصومه، يمكن للفريق الآن البدء بثلاثة قلوب دفاع ثم نقل قلب الدفاع إلى خط الوسط إذا احتاجوا إلى عدد أكبر في خط الوسط سواء للخروج بالكرة من الخلف عند امتلاكها أو في الحالة الدفاعية عند فقدانها.
4 - ليوناردو سبيناتزولا: ظهير جناح شامل
يحاول المدربون استخدام المدافعين بكل الطرق الممكنة في كرة القدم الحديثة، سواء باستخدام هيكل غير متماثل بتحويل أحد الظهيرين إلى قلب دفاع ثالث، أو استخدامه كظهير عكسي في خط الوسط، أو جعله يعانق الخط الجانبي ووضعه في مواقف 1 ضد 1 مثل الأجنحة القديمة.
هذا أمر منطقي، حيث يريد المدربون تحقيق الاستفادة القصوى من المدافعين لتسهيل المهام في الثلث الأخير، تساعدهم الأمثلة المذكورة أعلاه على تقدم الكرة إلى الثلثين الأوسط والأخير. استخدام الأظهرة العكسية يتيح للمدربين ذلك مع توفير التغطية اللازمة أيضًا في المرحلة الانتقالية.
يملك ليوناردو سبيناتزولا إحساسًا رائعا بالمكان والوقت المناسبين للهجوم واستخدام المساحة، لم يستفد منه مانشيني فقط كظهير جناح كلاسيكي يقوم بتوسيع رقعة الملعب، لكنه استغل قدراته الهجومية داخل منطقة الجزاء أيضًا.
مع اهتمام المدافعين بكل من لورينزو إنسيني، تشيرو إيموبيلي ودومينيكو بيراردي أو فيديريكو كييزا، فإن آخِر شيء يتوقعه المنافسون هو ظهير أيسر يركض في الجانب الأعمى ومستعد بالفعل للتسجيل.
لا يقتصر تأثير سبيناتزولا فقط على العملية الهجومية أثناء الاستحواذ لكن في المراحل الانتقالية أيضًا، حيث يُمكن له التفوق على المنافس بفضل الذكاء الذي يمتلكه في الاتصال مع زملائه وسرعة انطلاقته القوية.
3 - بيدري: لاعب وسط في كل مكان
غالبًا ما يسقط بيدري بعمق مع إسبانيا خلال المرحلة الأولي لبناء اللعب، حيث يحاول إما القيام بتمريرة سريعة من اللمسة الأولى لزميله في المساحة، أو يحاول بنفسه التقدم بالكرة.
هنا، يسقط عميقًا لاستلام الكرة من باو توريس، ومع قيام لاعب سويسرا بمراقبته، فإنه قادر على منح الكرة لكوكي بتمريرة من لمسة واحدة.
بيدري قادر على التأثير على اللعب دون لمس الكرة أيضًا، على الرغم من أنه يبلغ من العمر 18 عامًا فقط ، إلا أنه يمتلك بالفعل ذكاءً شديدًا أثناء التحرك بدون كرة مما يساعد على توفير مساحة له ولزملائه في الفريق، وهذه سمة استفاد منها المنتخب الإسباني كثيرًا في البطولة حتى الآن.
إن قدرة بيدري على إيجاد المساحات بين الخطوط مثيرة للإعجاب في مثل هذه السن المبكرة.
يتلقى بيدري الكرة في المساحة بين خطي دفاع ووسط الخصم، وهو قادر على الفور على الالتفاف والركض بالكرة هناك.
هذه سمة أخرى لديه أيضًا، حيث يستطيع حمل الكرة لمسافة طويلة في الملعب، والتي عادة ما يكون لها فائدة إضافية تتمثل في جذب لاعبي الخصم نحوه وفتح مساحة لزملائه في الفريق، لاحظ كيف جذب لاعب كرواتيا إليه مرة أخرى مما ساعد على خلق مساحة لفيران توريس.
يلعب بيدري تمريرات قصيرة وسريعة لزملائه في الفريق من حوله مع امتلاك الرؤية والقدرة على لعب تمريرات مباشرة أكثر عند الحاجة لذلك.
2 - ميكل دامسجارد: جناح من الزمن القديم
مرة أخرى يبدو أن تحويل كاسبر شولماند للطريقة من 4-3-3 إلى 3-4-3 كان خطوة عبقرية، مما أدى إلى إعطاء ميكل دامسجارد حرية أكبر لإحداث الفوضى في الثلث الأخير.
يميل دامسجارد للانجراف إلى الداخل والتحرك الدائم بين الخطوط. لقد أثبت بالفعل أنه مباشر بالكرة، ويبدو أنه يعرف ما يريده بمجرد حصوله عليها، مع وعي مسبق للسلوك يجعله يعرف تمامًا أين ستكون التمريرة التالية.
غالبًا ما ينتج عن تحرك دامسجارد في المساحة سحب لاعبين من الخصم خارج تمركزهم، هنا بمجرد رؤيته لديلاني يتجه بالكرة نحو الجهة اليسرى، يبدأ دامسجارد تدريجيًا في التحرك من الوسط إلى نصف المساحة اليسرى.
لعب مايله تمريرة رائعة لدامسجارد بعد أن تأكد من سقوط دولبيرج أعمق لسحب مدافع الخصم خارج تمركزه أثناء ذهاب دامسجارد نحو المساحة خلف دولبيرج.
استلم دامسجارد الكرة قبل أن يقوم بمراوغة قلب دفاع ويلز في المساحة، ثم احتفظ بالكرة تحت الضغط مع اقتراب اثنين من لاعبي الخصم للسيطرة عليه، لكن هذا ترك مساحة لدولبيرج الذي كان سببًا في البداية بأن يحصل دامسجارد على المساحة.
ساعد تحكم دامسجارد الجيد بالكرة على الالتفاف وخلق زاوية تمرير لزميله الذي سدد في المرمي بدقة رهيبة.
هنا مرة أخرى أمام روسيا، يتحرك دامسجارد بين الخطوط ويستلم الكرة هناك ثم يسدد ببراعة في الشباك.
1 - رحيم ستيرلينج: الحر
رحيم ستيرلينج هو أهم لاعب لدى جاريث ساوثجيت في قائمة المنتخب الإنجليزي حيث يستخدمه كلاعب حر متاح له التحرك في جميع أماكن الملعب.
يعتمد أداء ستيرلينج في البطولة على تحركات زملائه أيضًا وخاصة هاري كين الذي يسقط دائمًا للوسط لسحب مدافعي الخصوم مما يخلق مساحة خلفه لستيرلينج.
هنا أمام كرواتيا، يسقط كين نحو الجانب الأيسر بينما يتحرك ماونت بعمق أكثر مما يعطي تريبيير زاوية واضحة للعب رمية التماس نحو ستيرلينج في المساحة.
في مشهد هدف المباراة الوحيد، كان تحرك فيليبس بمثابة محفز حركة بالنسبة لستيرلينج الذي وجد المساحة التي خلقها كين خلفه بالاقتراب من فيليبس قبل أن يتلقي تمريرة الأخير ويسجل.
هنا أمام المنتخب الألماني كان ستيرلينج قادرًا على جذب روديجير خلفه ثم الركض قطريًا واختراق خط ضغط ألمانيا الثاني قبل التمرير نحو كين الذي وجد بسهولة جريليتش ثم شو ومرة أخرى سجل ستيرلينج.
في مباراة الدور ربع النهائي أمام أوكرانيا، خدع ستيرلينج الجميع وذلك بالركض بعرض الملعب قبل أن يمرر بذكاء نحو كين في العمق.