كتب : عمر مختار
تضع كرة القدم عادةً عدة تساؤلات على الفرق، وهنا يأتي دور المدير الفني لكن أياً كان السؤال المطروح على هذا الفريق الإيطالي، فإنه يجيب ببساطة. في الشوط الأول أظهر الفريق قدراته الهجومية المذهلة، حيث لعب كرة القدم الاستباقية القائمة على الاستحواذ، وفي الثاني الفنون الدفاعية الأنيقة.
من ناحية أخرى، يمكننا قول وداعاً للجيل الذهبي لبلجيكا، الذي ربما كان محكومًا عليه بالفشل لمجرد تحميله عبء بالنظر إلى الأسماء المرعبة الموجودة في قائمته، لقد تراجع في الشوط الأول قبل أن يصعد للهجوم في الشوط الثاني تماماً مثل إيطاليا القديمة، لكن ذلك لم يجعله قادرا على العودة ليخسر 2-1 ويودع يورو 2020 من الدور ربع النهائي.
بدأت المباراة بشكل هادئ حيث تقاسم الفريقان نسبة الاستحواذ خلال أول 15 دقيقة، استخدم المنتخب البلجيكي نمطه المعتاد عند امتلاك الكرة حيث حاول الخروج بالكرة من الخلف عن طريق استخدام الظهير الجناح في الجهتين، ولاعب الوسط القريب من جهة الكرة مع سقوط الجناح على الخط بالإضافة إلى محرك بداية الهجمة قلب الدفاع الطرفي، يستخدم المنتخب البلجيكي شكل المربع عند الأطراف لصنع عملية مركبة للخروج بشكل سليم.
لقد كان أسلوب المنتخب البلجيكي للخروج بالكرة هو نفسه الأسلوب المُحبب للمنتخب الإيطالي للحصول على الكرة حيث يجبر خصومه على الذهاب نحو الطرف ثم يقوم بالضغط بشكل مكثف هناك، لذلك كانت بداية المعركة من هناك، لقد استحوذت فكرة واحدة على تفكير مارتينيز خلال الساعة الأولي، ألا وهي وضع لاعبيه في مواقف 1 ضد 1 أمام لاعبي المنتخب الإيطالي وخاصةً جناحه جيريمي دوكو ومهاجمه روميلو لوكاكو.
كانت فكرة مارتينيز هي إخراج جورجينو خارج تمركزه ثم اللعب خلف دي لورينزو في الجهة اليمنى لإيطاليا، مع إجبار المنتخب الإيطالي لخصمه على التوجيه نحو الطرف فإن تعامل البلجيكيين كان يبدأ من قلوب دفاعه في الأطراف وخاصة عند يان فيرتونخن في اليسار، لكن على عكس المعتاد لم يكن ثورجان هازارد معانقاً للخط الجانبي وذلك لأن فريدريكو كييزا كان يغلق عليه مسار التمرير لذلك كان هازارد مضطراً للتمركز في نصف المساحة اليسرى لاستلام تمريرة فيرتونخن لداخل الملعب أو حتى بدون كرة لسحب جورجينو بعيداً حيث تبادل هذا الدور مع كيفن دي بروين.
يبدأ أكسل فيتسل بالتحرك بعيداً عن هازارد لإبعاد نيكولو باريلا عن مكان الكرة بينما يقوم دي بروين بالاقتراب من الجهة اليسرى ثم يتحرك عرضياً للعمق لسحب جورجينو بعيداً ليكون دوكو في موقف 1 ضد 1 مع دي لورينزو وخلفه لوكاكو مع بونوتشي.
لكن بعدها بثلاث دقائق، اضطر مارتينيز لإخراج الشاذلي بعد تعرضه لإصابة بشد عضلي وأقحم لاعب الوسط دينيس برايت، كان هذا يعني تحويل دوكو إلى ظهير جناح أيسر مع شراكة فيتسل وبرايت في الوسط، في الوقت الذي احتاج فيه مانشيني إلى ضخ دماء جديدة في الفريق فأشرك كلا من بريان كريستانتي، دومينيكو بيراردي، أندريه بيولتي بدلاً من فيراتي، إنسيني وإيموبيلي على الترتيب، بالإضافة إلى التبديل الاضطراري بنزول إيميرسون بالميري بدلاً من المصاب سبيانتزولا.
سمح وجود دوكو كظهير جناح على الخط للمنتخب البلجيكي بخلق خطورة كبيرة وذلك بوضعه في مواقف 1 ضد 1 أمام دي لورينزو عن طريق تحرك برايت نحو الخط الجانبي لسحب باريلا مع سقوط دي بروين للوسط لسحب جورجينو، ومع ذهاب كييزا للطرف الآخر من الملعب وعدم تقديم بيراردي للمساندة الدفاعية اللازمة كان من السهل على دوكو خلق الخطورة.
يتخيل المعظم أنه كان من السهل على مارتينيز أن يكون أكثر جرأة للسيطرة على المنتخب الإيطالي وذلك على سبيل المثال بإعطاء حرية أكبر للظهير الجناح سواء كان هازارد أو حتى مونييه، عند التفكير في قوة المنتخب الإيطالي عند التحولات أو قدرتهم العالية على التمرير السريع فإن المديرين الفنيين سيفكرون آلاف المرات قبل إعطاء التعليمات ووضع الإستراتيجية السليمة من وجهة نظرهم، ولذلك فإنني دائماً أضع تلك الإحتمالات في عين الاعتبار للخروج في النهاية بنتائج أفضل.
سيتعين على المنتخب الإيطالي الآن مواجهة المنتخب الإسباني في الدور نصف النهائي يوم الثلاثاء على أرضية ميدان ويمبلي، السؤال التالي هو ما إذا كان بإمكانهم تحقيق نتيجة جيدة والوصول للنهائي لأول مرة منذ 2012 بدون ليوناردو سبيناتزولا، كان لاعب روما أحد أهم لاعبي إيطاليا في البطولة حتى الآن، فهل سيستطيع روبيرتو مانشيني الإجابة على التساؤل القادم؟