الذكرى الـ31.. عندما ارتضت هولندا وأيرلندا بالتعادل في ظل تأخر مصر ضد إنجلترا

الإثنين، 21 يونيو 2021 - 10:50

كتب : نادر عيد

مصر في كأس العالم 1990

سمع رود خوليت نجم هولندا صوتا يناديه في ملعب لافافوريتا بباليرمو، تفاجأ بميك ماكارثي قائد أيرلندا يقول:"رود، إنجلترا فائزة على مصر، فلنبقي على هذه النتيجة، سنتأهل معا، حسنا؟".

إعادة نشر

21 يونيو 1990

كان هذا تخيلا لما جرى في مباراة هولندا وأيرلندا بختام دور المجموعات لكأس العالم 1990، والتي أكد أكثر من لاعب أن الفريقين ارتضيا بانتهائها بنتيجة 1-1 ليتأهلا معا إلى الدور ثمن النهائي في ظل تفوق إنجلترا على مصر في المجموعة السادسة التي كانت آخر ما حُسم في الدور الأول لمونديال إيطاليا.

كانت المجموعة معقدة جدا قبل الجولة الأخيرة، كل فريق لديه نقطتين وهدف مسجل وهدف مستقبل، من سيخسر في الجولة الأخيرة سيتجه إلى المطار عائدا إلى بلاده، وربما التعادل يكفيه لبلوغ دور الـ16.

ومع حلول الدقيقة 58 تمكنت إنجلترا من هز شباك أحمد شوبير، وفي المقابل، هولندا متقدمة على أيرلندا بهدف خوليت منذ الدقيقة 11.

لكن حتى انتقل الخبر من جزيرة ساردينيا إلى باليرمو بأن مارك رايت وضع الإنجليز في المقدمة، كانت أيرلندا أدركت التعادل عن طريق نيال كوين في الدقيقة 71 بعد خطأ فادح للحارس هانز فان بروكلين.

ليبدأ اللاعبون التفكير، هل نجازف أملا في الفوز، أم نرضى بالتعادل لنضمن بلوغ دور الـ16؟

ويبدو أنهم اختاروا المسار الآمن، وهو ما كشفه هانز جيلهاوس لاعب هولندا في المباراة حين صرح في حواره مع RTE Sport"التعادل كان كافيا. قلنا ذلك في الملعب، حسنا، سنلعب بهدوء الآن، لأن تقدم إنجلترا على مصر كان جيدا بالنسبة للفريقين".

وأضاف "آخر 10 أو 15 دقيقة كانت بمثابة تناقل للكرة ليس أكثر، قلنا إن الأمور تسير في صالحنا فلنبقي النتيجة كما هي. الأيرلنديون سجلوا في الدقيقة 70 أو 71، وبعد ذلك مباشرة توقف الجميع باعتقادي".

ربما تصريحات جيلهاوس انتشرت بشكل أسرع وأكبر لأنها قيلت لوسيلة إعلامية وفاجأت البعض بقصة ليست معروفة للجميع، لكن اتفاق الهولنديين والأيرلنديين على التعادل كان معروفا منذ سنوات وكشفه روني ويلان لاعب أيرلندا في تلك المباراة حين أصدر سيرته الذاتية في 2011.

قال ويلان في كتابه "Walk On: My Life in Red":"تسرب الخبر إلى الملعب بأن إنجلترا فائزة على مصر، هذه نتيجة تجعل التعادل كافيا لعبور هولندا وأيرلندا إلى الدور التالي. نظر لاعبو المنتخبين إلى بعضهما البعض، لم يحتاج أي لاعب لقول أي شيء، لغة الجسد كانت تتحدث، غمزات وإشارات باليد. فلنهدأ الآن. الفريقان توقفا، كانت أول مرة أشاهد شيئا مثل ذلك في مباراة أشارك فيها".

وأضاف "كنا نتناقل الكرة في الدفاع ثم نعيدها لباكي بونر (حارس المرمى)، ثم نعاود الكَرّةَ. لم يرتاح الهولنديون لذلك، وكأنهم يقولون: عليك المحاولة لتعطي انطباعا أنك تنافس، عليك بذل بعض المجهود! كانوا ينقلون الكرة في كل مكان محاولين الظهور بشكل محترم. ظهرنا كمخادعين في شكل صريح نوعا ما".

بعد اكتمال نصاب مباريات الدور الأول بانتهاء المجموعة السادسة، ولأن اللجوء إلى البطاقات الصفراء والحمراء للفصل بين فريقين لم يكن مقررا آنذاك، لجأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى قرعة لتحديد ترتيب هولندا وأيرلندا، أيهما سيحتل المركز الثاني خلف إنجلترا المتصدرة بأربع نقاط بعد فوز وتعادلين. كان الفوز آنذاك يساوي نقطتين وليس ثلاثة.

لكن يبقى السؤال، هل تواطأت هولندا وأيرلندا لإقصاء مصر؟ أم لضمان التأهل للدور ثمن النهائي بغض النظر عن الفراعنة؟

الحقيقة أن تأهل مصر إلى الدور ثمن النهائي كان في يد رجال الجنرال محمود الجوهري، بخلاف ما حدث مع الجزائر في 1982، حين انتظر رابح ماجر وأصدقاؤه نتيجة مباراة ألمانيا والنمسا، والتي جرت بعد يوم من مواجهة الجزائر وتشيلي.

كان هدف وحيد للفراعنة كافيا لمنحهم أمل في بلوغ الدور ثمن النهائي، فوقتها كانت ستتساوى جميع منتخبات المجموعة وستحدد القرعة أي 3 فرق من الأربعة ستعبر للدور التالي.

ولو لم تتفق هولندا وأيرلندا على التعادل وفاز أحدهما على الآخر، فإن مصير منتخب مصر وقتها كان سيكون مغادرة إيطاليا كذلك.

فلو كانت هولندا تفوقت، مثلا، على أيرلندا، كانت ستصعد إلى الدور التالي كبطلة أو وصيفة المجموعة مع إنجلترا، وكانت وقتها القرعة ستحدد من الثالث، مصر أم أيرلندا.

ولو كانت القرعة وضعت مصر ثالثة فإنها لن تتأهل أيضا إلى الدور ثمن النهائي، لأنه يوجد منتخبات سجلها أفضل من الفراعنة احتلت المركز الثالث في مجموعتها.

ففي تلك البطولة كانت الفرصة مواتية لأربعة منتخبات تحتل المركز الثالث في مجموعاتها لكي تتأهل للدور ثمن النهائي.

كان سجل النمسا (ثالثة المجموعة الأولى) واسكتلندا (ثالثة المجموعة الثالثة) أفضل من مصر، كل فريق كان رصيده نقطتين وله هدفين وعليه 3، لكن الفراعنة كان رصيدهم نقطتين ولهم هدف وحيد وعليهم هدفين.

الحقيقة الواضحة هي أن التعادل كان كافيا لهولندا وأيرلندا في ظل تفوق إنجلترا على مصر، لكن لو كان زملاء حسام حسن سجلوا في شباك بيتر شيلتون لاختلفت الأمور في باليرمو بين رفاق ماركو فان باستن ولاعبي المدرب جاك تشارلتون.

ويبدو أن الهولنديين، أبطال يورو 1988، ندموا على ما فعلوا بعدما جعلتهم القرعة في المركز الثالث ليجدوا أنفسهم أمام ألمانيا، بطلة مونديال 90 لاحقا، في الدور ثمن النهائي ويكون مصيرهم الخروج مبكرا من مونديال إيطاليا بعدما كان متوقعا أن هذا الجيل ربما يحقق ما عجز عنه جيل الأسطورة يوان كرويف الذي لم يتوج بأي بطولة واكتفى بوصافة كأس العالم 1974 و1978.

وفي المقابل، كانت أيرلندا محظوظة باحتلالها المركز الثاني ووقوعها ضد رومانيا في الدور ثمن النهائي واستمر التوفيق حليفها في ركلات الترجيح لتصل إلى دور الـ8 قبل أن يقصيها هدف سالفاتوري سكيلاتشي هداف البطولة ونجم إيطاليا.

بلغت أيرلندا الدور ربع النهائي بثلاثة تعادلات وفوز بركلات الترجيح.

وعاد رجال الجوهري إلى القاهرة مرفوعي الرأس بعد قتال في مجموعة توقع المحللون أن المصريين سيكونون حصالتها.

لكنهم قاوموا بشدة وكانوا على بعد هدف ربما من تأهل للدور للتالي إلى أن انتهت فرصتهم وبكى إبراهيم حسن بحرقة ضياع فرصة كتابة تاريخ إضافي لهذا الجيل من اللاعبين.

التعليقات