ألمانيا.. تنفيذ طريقة لوف الخططية للتغلب على مشكلة الدفاع
الخميس، 10 يونيو 2021 - 11:51
كتب : عمر مختار
ظهر المنتخب الألماني بوجه شاحب للغاية منذ حصوله على لقب كأس العالم 2014، بعد عامين من فوزهم في البرازيل، قدموا عرضا غير مقنع في بطولة يورو 2016 إذ عانوا أمام فريق إيطالي متوسط المستوي، قبل أن يخرجوا أمام المنتخب الفرنسي المستضيف.
كان فوزهم بكأس القارات في عام 2017 بمثابة مصدر أمل لهم من خلال مزيج مثالي بين الشباب والخبرة، كان يجب أن يُمثل ذلك عودة مثالية بالنسبة لهم، لكن القدر كان له رأي آخر بعد تقديمهم أداء مخزيا في كأس العالم 2018 جعلهم يودعون البطولة من دور المجموعات لأول مرة منذ 80 عاما.
لكن الهزيمة الثقيلة أمام إسبانيا بسداسية نظيفة، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، قبل أن يتعرضوا لخسارة مفاجئة أمام مقدونيا الشمالية، تعرض يواكيم لوف المدير الفني لألمانيا لهجوم كبير خصوصا بعد أن قام بتغييرات كثيرة في الفريق قضت باستبعاد كل من توماس مولر، جيروم بواتينج وماتس هاملز، وظهرت عبارات واضحة تفيد بأن هانز ديتر فليك كان العنصر الأساسي في تتويج الفريق بلقب المونديال وأن لوف كان يستقبل منه المعلومات ليس إلا.
سيبحث الآن فريق يواكيم لوف الذي يعتبر واحدا من أكثر الفرق موهبة ومهارة في أوروبا عن الفوز باللقب القاري في نسخته السادسة عشرة، بعد أن وجدوا أنفسهم مع بطلي العالم وأوروبا، فرنسا والبرتغال تواليا، فيما أطلق عليها مجموعة الموت.
للتأهل لكأس الأمم الأوروبية 2020، تصدر المنتخب الألماني مجموعته التي ضمت كل من هولندا، أيرلندا الشمالية، بيلاروسيا وإستونيا، إذ فاز بسبع مباريات، وخسر واحدة كانت أمام هولندا، سجل الفريق 30 هدفا وبلغ متوسط أهدافه 3.7 هدفا في المباراة الواحدة بينما تلقت شباكه 7 أهداف في 8 مباريات.
في التشكيلة الأساسية، سيحجز مانويل نوير مكانه في حراسة المرمي، في الدفاع سيشارك كل من ماتس هاملز، أنتونيو روديجير كقلبي دفاع، سيوفر نيكولاس شولي، إيمري تشان وروبن كوخ الخيارات الدفاعية البديلة، في مركز الظهير الأيمن سيتواجد ماتياس جينتر وسيكون بديله لوكاس كلوسترمان، بينما في الجهة اليسرى يمكن أن يستفيد لوف من خدمات روبن جوسينز كما اعتاد مؤخراً، ومع وجود مارسيل هلستنبيرج وكريستيان جونتر سيضمن بديله بكل تأكيد.
يُمثل جوشوا كيميتش، ليون جوريتسكا وتوني كروس ثلاثي الوسط، لكن سيكون لوف في حيرة من أمره بشأن ترك واحد من كروس أو إلكاي جندوجان على دكة البدلاء، أو يمكنه البدء بكليهما في الوسط ونقل كيميتش إلي مركز الظهير الجناح الأيمن خصوصاً مع عدم جاهزية جوريتسكا للبدء أساسياً في المباراة الأولي، إذا احتاج لوف إلى الدعم من البدلاء فسيجد فلوريان نيوهاوس حاضرا.
في الأمام، يتمتع المنتخب الألماني بمجموعة متنوعة من اللاعبين، لكن في الوقت الحالي لا أحد في القائمة قادر على تعويض سيرج جنابري أو كاي هافيرتز، ستُمثل عودة توماس مولر حافزا حقيقيا له لإثبات جودته وتحقيق المجد الغائب عنه، في حين سيعطي وجود ليروي ساني خيارات عديدة ليواكيم لوف لاستخدامه كظهير جناح أيسر، ومع وجود تيمو فيرنر، كيفن فولاند، يوناس هوفمان والشاب الصغير جمال موسيالا سيضمن الفريق وجود عمق في قائمته.
يُفضل المنتخب الألماني استخدام الكتلة العالية أو المتوسطة أثناء الضغط بـ 4-1-4-1، ربما يكون تفاعلهم في الحالة الدفاعية هو أكبر نقاط ضعفهم، استخدم لوف مؤخراً اسلوب الضغط الموجه للمساحة، حيث يهدف الفريق دائما إلى توجيه خصمهم للعب نحو المركز، يضعون مصايد للضغط هناك ومن ثَم يبدأون التحوُّل السريع، وذلك بإغلاق جميع المساحات الممكة نحو الأطراف لذلك تُمثِل الأجنحة بالنسبة لـ لوف أهمية كبيرة جداً.
هنا أمام رومانيا، يقترب هافيرتز من الظهير الأيسر، بينما يستعد جنابري للضغط على قلب الدفاع ثم حارس المرمي، يجبرون بذلك الظهير على التمرير نحو الوسط، يُشكَّل هذا محفزاً للضغط عند جوريتسكا الذي يستعد بقوة للإقتراب من لاعب الوسط، بينما يغطي جندوجان إمكانية التمرير العرضي.
بنفس الكيفية، سوف يركض جنابري قطرياً نحو قلب الدفاع ليغلق عليه مسار العودة بالكرة نحو حارس المرمي، بينما سيتأكد هافيرتز من إغلاق مسار التمرير نحو الظهير وسيقترب جوريتسكا وجندوجان من ثنائي الوسط في الوقت الذي يغطي فيه كيميتش المساحات المركزية الممكنة، سيُجبر ذلك قلب الدفاع على التمرير الطويل وسيحصلون على الكرة مرة أخرى.
كذلك أمام مقدونيا الشمالية، يغلق ساني على الظهير مسار التمرير نحو الطرف، يقترب هافيرتز من لاعب الوسط بينما يتجه جنابري نحو حارس المرمي.
عند التحول لكتلة متوسطة، يضمن الفريق أن أظهرته تتفاهم مع الأجنحة أثناء الضغط، هنا سيمرر لاعب الوسط نحو قلب الدفاع الأيسر، لذلك سينظر هافيرتز أولاً نحو كلوسترمان ثم سيبدأ الوقوف بشكل صحيح لغلق مسار التمرير، الإتصال بينهم أمر هام لضمان نجاح العملية.
لا يستخدم الفريق الكتلة المنخفضة كثيراً، فهم يفضلون عدم السماح للمنافس بالتمرير الكثير ويهدفون إلى استرجاع الكرة في مناطقه في وقت سريع.
بمجرد أن يخسروا الكرة، يقوم الفريق بضغط مضاد سريع في مناطق الخصم.
في المرحلة الإنتقالية من الدفاع إلى الهجوم، يعتمد المنتخب الألماني على سرعة لاعبيه وقدرتهم على التناقل السريع وتبادلهم للأماكن مع التمرير العمودي المباشر.
عند الإستحواذ وفي المرحلة التي يواجه فيها ضغطاً عالياً، يكون شكل الفريق 1-4-1-4-1 حيث يُشكِّل مانويل نوير لاعباً إضافياً معهم للخروج بالكرة من الخلف، يتمركز الرباعي الدفاعي بشكل أفقي، بينما يسقط كيميتش كلاعب وحيد أمامهم، يتمركز الثنائي جندوجان وجوريتسكا في انصاف المساحات، ويقف ساني وهافيرتز على الخطوط الجانبية أمام الأظهرة.
بمجرد أن يتم تمرير الكرة عرضياً من جهة لأخرى بإستخدام نوير، يسقط أحد الجناحين من الخط الجانبي إلى الوسط بجانب كيميتش بينما يتحرك واحد من جوريتسكا أو جندوجان على حسب الأقرب للكرة للأمام أكثر في نصف المساحة ويملأ الآخر المركز، يبدأ الجناح بالتمرير نحو الظهير لتحفيز الضغط عند المنافس ثم يتحرك مباشرة لفتح زاوية تمرير، في الوقت الذي يصبح فيه جوريتسكا حراً تماماً لإستلام الكرة.
بعد الخروج بالكرة وتراجع الخصوم للدفاع بكتل متوسطة ومنخفضة، يستخدم المنتخب الألماني شكل 4-3-3 غير متماثل، حيث يتحول كلوسترمان إلى ظهير جناح بينما يبقي الظهير الآخر في الخلف ليصبح قلب دفاع ثالث.
عند ذلك يتحول الشكل إلى 3-1-6 لإحتلال جميع الممرات المركزية، حيث يعانق كل من كلوسترمان وساني الخطوط الجانبية لتوسيع الملعب عرضياً، بينما يملأ هافيرتز وجوندوجان أنصاف المساحات اليمنى واليسرى على التوالي، في حين يهاجم جوريتسكا وجنابري المساحات المركزية.
هذا الانتشار الواسع الجيد يجبر الخصم على ترك ثغرات أفقية مما يسمح بوجود لاعب حر دائماً يمكنه استغلال المساحة خلف خط الدفاع.
هنا أمام أيسلندا، يرسل روديجر كرة قطرية طويلة نحو ساني، حيث تساعد هذه الكرات الطويلة على تحريك الكرة بسرعة إلى الثلث الأخير وتمنح الفريق لعباً مباشراً أكثر.
يمثل كيميتش مفتاحاً رئيسياً لتحريك الكرة بين الخطوط، حيث يسقط مع المدافعين الثلاثة ليشكِّلوا شكل الدايموند ويتمكنوا من خلق زيادة عددية على خط الضغط الأول للمنافس.
إذا تم ملاحقة كيميتش من قبل لاعب الخصم، فإن جندوجان يسقط إلى جانبه لتوفير خيارات تمرير وإخراج لاعب الخصم من مركزه، حتى يتمكنوا من خلق زيادة عددية علي الخصم، أصبح لعب المنتخب الألماني جماعياً أذكي، يقوم اللاعبون بالتحرك المستمر وتغيير المراكز دون توقف مما يترك الخصم في حالة ارتباك دائم.
أيضاً تساعد شجاعة ساني في التحرك وطلب الكرة خلف دفاع الخصم زملائه في الفريق على التحرر، حيث تضع تحركاته وسرعته ضغطاً على مراقبه، هل يجب أن يذهب معه للخارج نحو الخط الجانبي أو يغطي اللاعب المتحرك نحو الداخل، ليس هذا فقط، بل يجعل ألمانيا تهاجم من الناحية اليسرى في كل دقيقة تقريبًا.
يُمثل قلب الدفاع الأيسر في المنتخب الألماني دوراً كبيراً في التقدم عبر نصف المساحة اليسرى، عدم امتلاك الفريق لقلب دفاع يجيد اللعب بالقدم اليسرى يجعل وجود لاعب يجيد استخدام قدمه جيدا أمراً هاماً، حيث غالبًا ما يتحرك بشكل قطري لإختراق خطوط ضغط المنافس والذين لن يصبح لديهم الوقت الكافي لسد الثغرات بسرعة كافية.
أيضا سوف يكون المنتخب الألماني بحاجة كبيرة إلى خدمات جندوجان، فالذكاء الذي يتمتع به في التمركز بين الخطوط مذهل، لمسته الأولى جيدة لكن الثانية رائعة، يجعل جندوجان المباراة تبدو سهلة على زملائه بقراءته الجيدة للعبة وفهمه لكيفية التحرك بدون كرة.
يشغل جندوجان دائمًا نصف المساحة اليسرى، ثم يركض بشكل قطري نحو العمق لخلق مساحة لساني على الخط الجانبي، يقوم أيضاً بمساعدة الفريق في المرحلة الأولى من بناء اللعب إذا لزم الأمر ثم يعود لخلق اتصال في الخط الامامي.
بالنظر إلى نظام الفريق في الفترة الأخيرة، فإن مشاكلهم قد قلت نوعاً ما، ينتشرون بشكل جيد أثناء الإستحواذ بحيث تصبح المسافات بينهم قريبة يطبقون الضغط المضاد بشكل أفضل مما يجعلهم قادرين على استعادة الكرة بسرعة.
لكن على الرغم من ذلك، فهم يواجهون مشاكل في القيام بالضغط بشكل صحيح ولذلك لا يستطيعون منع التحولات وبالتالي غالبًا ما يتم كشف دفاعهم كثيراً.
لا يضغط المنتخب الألماني في العموم بشكل جيد بسبب عدم وجود ضغط على قلوب الدفاع سوياً، حيث يقوم لاعب واحد فقط بالضغط عليهم كما ذُكر أعلاه، ولكن هذا يحدث غالبًا بشكل سئ، حيث نادرًا ما يتم غلق زوايا التمرير بين قلبي الدفاع، ويتم تنفيذ الضغط العالي بشكل غير فعال في أحيان كثيرة، نتيجة لذلك، غالبًا ما يضطر واحد من جندوجان أو جوريتسكا للصعود إلى خط الضغط الأول وبذلك يستطيع الخصم خلق زيادة عددية خلال خطه الثاني.
عندما يفقد المنتخب الألماني الكرة، يكون لديه لاعب الوسط الدفاعي فقط بالإضافة إلي الثلاثي الدفاعي للقيام بالضغط المضاد، وبالنظر لأن لوف يطلب عادةً من مدافعه الأوسط التأخير وخلق العمق، فإن الفرق الكبري ستعاقبهم إذا لم يتعاملوا حينها بشكل جيد، أمام فرنسا البرتغال، سيحتاجون إلى لاعبين خلف الكرة لحماية خط الدفاع إذا أرادوا منع الهجمات المرتدة حقاً.
المشكلة الثانية هي عندما تقوم الفرق بإستخدام ضغط عالي منظم يكون هدفه منع كيميتش من استلام الكرة وإغلاق زوايا التمرير عليه.
هنا تقوم أيسلندا بالضغط على الثلاثي الدفاعي، في الوقت الذي يسعي فيه كيميتش لإستلام الكرة والدوران، حيث يتمركز جندوجان وجوريتسكا أعلى قليلاً، نتيجة ذلك اضطر هافيرتز إلى السقوط لكنه كان محاصراً دائماً من لاعب أيسلندا مما جعلهم يفقدون الكرة في منطقة حساسة وسمح للمنتخب الأيسلندي بخلق تحول سريع.
يعمل المنتخب الألماني دائمًا كوحدة واحدة، على عكس الكثير من الفرق الأوروبية، مما يمنحه ميزة على الفرق التي قد تبدو أفضل على الورق، سوف يواجهون مهمة شاقة للتأهل للدور التالي، خاصة مع كل الفوضى التي تحدث خارج الملعب، ستكون مباراتهم أمام البرتغال حاسمة للغاية قبل المواجهة الأخيرة أمام المجر التي قد تسبب لهم إزعاجاً بإجادتها للكرات الثابتة.