دخلت إيطاليا يورو 2004 وهي غاضبة. قبل 4 سنوات خسرت اللقب لصالح فرنسا بهدف ديفيد تريزيجيه الذهبي، وبعدها بعامين ودعت كأس العالم بجدل تحكيمي شهير بطولة الحكم الإكوادوري بايرون مورينو، الذي قُبض عليه في أمريكا بعد ذلك لتهريب الهيرويين!
منذ فضيحة خيخون في كأس العالم بإسبانيا 1982، لم تكن مباريات الجولة الأخيرة من البطولات المجمعة تقام في وقت واحد، ولكن منذ تآمر ألمانيا الغربية والنمسا لإخراج الجزائر، تغيرت القاعدة.
المجموعة الثالثة في يورو 2004، بالبرتغال، كانت قوية على عكس التوقعات. إيطاليا كانت من المفترض أن تحسم الصدارة مبكرا أمام الدنمارك والسويد وبلغاريا، ولكنها تعادلت مرتين مع منافسيها الاسكندنافيين، فيما هزمت الدنمارك والسويد بلغاريا.
الوضع قبل الجولة الثالثة، التي جمعت السويد بالدنمارك، وإيطاليا ببلغاريا، كالتالي: تعادل السويد والدنمارك بأي نتيجة أكبر من 1-1، يعني تأهلهما وخروج إيطاليا، مهما سجلت من أهداف ضد حصالة المجموعة، بلغاريا.
وقبل الدخول في خضم معركة الـ 90 دقيقة الأخيرة، فلنعد للمباراة الأولى والتي جمعت إيطاليا والدنمارك في مدينة جيماريش بدرجة حرارة وصلت إلى 34 درجة مئوية.
المباراة اشتهرت بلقطة بصق فرانشيسكو توتي صانع ألعاب الأتزوري على وجه كريستيان بولسن لاعب وسط الدنمارك، والتي غاب بسببها عن باقي البطولة.
وفي ذلك الوقت وخلال منتصف الشوط الأول خرج نجم روما من أرض الملعب لتغيير حذائه.
حينها علق على الأمر لصحيفة "جارديان" الإنجليزية: "كان الأمر أشبه بوضع قدميك في الرمال المغلية، لم يحدث لي شيء من هذا القبيل من قبل".
شركة "نايكي" حينها منحت توتي حذاءً جديدا في يورو 2004، لكنه عاد للارتداء الأحذية التي ارتداها مع روما، مواصلا: "كان الأمر مؤلما للغاية، لدي بثورتان كبيرتان، واحدة في كل قدم".
وهو ما تشاركه معه زميله كريستان بانوتشي في روما والمنتخب، إذ أوضح أن الجوارب هي المشكلة، قائلا: "لقد أصبت ببثور (كيس مياه) على كعبي في نهاية المباراة. الخيط الذي صنعت به هذه الجوارب خشن للغاية".
جينارو جاتوزو الذي شارك بديلا في الشوط الثاني علق "لا تجعلني أضحك على هذه القصة، الكينيون يركضون مئات الكيلومترات وهم حفاة القدمين. كان عليّ أيضا أن أرتدي حذاء جديدا، في الواقع، نفس ماركة توتي. لقد حُطمت قدمي، لذلك عدت وارتديت الحذاء القديم".
جيوفاني تراباتوني المدير الفني للأتزوري رفض أن تكون حرارة الجو عذرا لكن أوضح "كانت شديدة وتسببت في مشاكل".
توتي في النهاية رفض أن يلقي باللوم على الأحذية فقال: "إذا أردنا البقاء في البرتغال، علينا أن نبدأ الفوز".
في المباراة التالية أمام السويد تعادلت إيطاليا بهدف لكل فريق في لقاء شهد هدفا أسطوريا لزلاتان إبراهيموفيتش بالكعب في مرمى جانلويجي بوفون.
الآن، نعود من جديد لما قبل المباراة الثالثة أمام بلغاريا.
الإعلام الإيطالي لم يفوت الفرصة، كما أخبرناكم، فإيطاليا غاضبة.
وفود الصحافة الإيطالية استجوبت مدرب الدنمارك مورتن أولسن قبل مواجهة الدنمارك والسويد حول اتفاق بين الفريقين للتعادل 2-2 ليرد: "نحن أناس أمناء، سنلعب لكي نفوز. إيطاليا ستتحدث عن مثل تلك الأمور لكننا في الدنمارك والسويد لن نفكر فيها".
مدرب السويد لارس لاجرباك كان رده أكثر فلسفية: "ماكيافيللي كان صاحب نظرية أن الغاية تبرر الوسيلة، وكان إيطاليا، ربما يفكر الإيطاليون بطريقة ميكيافيللية بعض الشيء، ولكن أن تنتهي المباراة 2-2 فهذا أمر غير معتاد".
السويد دفعت بنجومها. كيم كالشتروم بدأ لأول مرة في البطولة كصانع للعب خلف اليافع المتألق زلاتان إبراهيموفيتش والمخضرم هنريك لارسون، في وجود نجم أرسنال المتوج بدوري اللاهزيمة لتوه فريدريك ليونبرج.
أما الدنمارك فاعتمدت على يون دال توماسون نجم ميلان في صناعة الفارق ضد السويديين.
توماسون سجل أولا للدنمارك بعد تعاون مع المهاجم الطويل إيبي ساند، ولكن في الشوط الثاني حصل لارسون على ركلة جزاء، وسجلها، قبل شهر من انتقاله من سيلتك إلى برشلونة.
في تلك اللحظة التي سجل فيها لارسون، بالتحديد بعد انطلاق الشوط الثاني بدقيقة، بلغاريا كانت متقدمة على إيطاليا، ولكن سيموني بيروتا أدرك التعادل لصالح الأتزوري.
لارسون واصل محاولاته، ولكن لكن كرة ضالة في منتصف الشوط الثاني وجدت توماسون في منطقة جزاء السويد، ليسجل الثاني للدنمارك.
إيطاليا على حافة هدف من تنفس الصعداء، أو أن تحيا الكابوس.
خطأ، قد يوصف بأنه غريب من حارس الدنمارك أندرياس سورينسن، منح ماتياس جونسون فرصة التعادل في الدقيقة 88، ويا للمفاجأة، تعادلت السويد. 2-2.
هدف جونسون جعل هدف أنطونيو كاسانو في اللحظة الأخيرة ضد بلغاريا كأنه لم يكن، وودعت إيطاليا البطولة.
ربما كانت مؤامرة، أو صدفة سيئة الحظ بأن تنتهي المباراة 2-2 بعد 16 تسديدة دنماركية و15 تسديدة سويدية. ليست إحصائيات مباراة متفق على نتيجتها.
ولكن ربما ما حدث بعد ذلك، أكد كونها مؤامرة..
احتفل لاعبو الفريقان الاسكندنافيان بالتأهل، وهو أمر طبيعي، ولكن غير الطبيعي أنهم احتفلوا معا!
رفض بعض لاعبو الفريقين على رأسهم ماركوس ألباك مهاجم السويد ذلك السلوك، بل ورفض محاولات حارس الدنمارك سورنسن زميله في أستون فيلا، الاحتفال معه.
فيما خرجت إحدى صحف السويد بعنوان في اليوم التالي "برافو يا إيطاليا.. لقد توقعت النتيجة الصحيحة".
كان من الطبيعي أن يخرج الفريقان من الدور التالي، الدنمارك بإهانة من التشيك بثلاثية نظيفة، والدنمارك بركلات الترجيح من هولندا.