مضى نصف قرن على المرة الأخيرة التي وصل فيها الأسود الثلاثة إلى مباراة نهائية في محفل دولي كبير، ومنذ ذلك الحين كان حصول منتخب إنجلترا على المركز الرابع في كأسي العالم 1990 و2018 بمثابة أفضل أداء له على المسرح الكبير.
مثل أي فريق إنجليزي، تقف وسائل الإعلام خلفه وتمارس قدراً هائلاً من الضغط، يحدث ذلك أحياناً بشكل غير واقعي ومبالغ فيه، أعتقد المشجعون الإنجليز أن الكأس كانت لهم في عام 2018، وغنوا بالفعل "إنها ستعود إلى الوطن" قبل أن يتعرضوا لهزيمة مفاجئة أمام كرواتيا في الدور نصف النهائي، لا تزال الأسئلة تُطرح حول قدرة جاريث ساوثجيت المدير الفني لإنجلترا على الفوز بالألقاب، حيث لم يفعل ذلك من قبل خلال مسيرته التدريبية.
FilGoal.com يقدم لكم شرح لطريقة لعب منتخب إنجلترا مع مدربه جاريث ساوثجيت وكيف يعتمد على كوكبة النجوم التي تتواجد معه.
للتأهل إلى كأس الأمم الأوروبية 2020، كان لدى انجلترا مجموعة سهلة إلى حد ما بجانب التشيك، كوسوفو، بلغاريا ومونتنيجرو، تصدر الفريق مجموعته برصيد 21 نقطة، بواقع 7 انتصارات وهزيمة وحيدة جاءت أمام التشيك، سجل الفريق 37 هدفا وبلغ متوسط أهدافه 4.6 هدفاً في المباراة الواحدة بينما تلقت شباكه 6 مرات في 8 مباريات.
في التصفيات، فقط منتخب بلجيكا تمكن من تسجيل أهداف أكثر من إنجلترا بواقع 40 هدفا، بينما سجل المنتخب الإيطالي نفس عدد أهداف إنجلترا، لكن بالنسبة لبلجيكا وإيطإلىا كان عدد مبارياتهم 10 مقابل 8 مباريات لإنجلترا.
يمكن القول إن المنتخب الإنجليزي لديه أفضل عمق في القائمة وسط جميع قوائم الفرق، ربما يكون المنتخب الفرنسي والإيطالي، هما الوحيدان اللذان يستطيعان منافسته حقاً، يتمتع تشكيل إنجلترا بجودة كافية لإبعاد الخصوم عن طريقهم بسهولة.
يعتمد ساوثجيت على طريقتين رفقة المنتخب الإنجليزي، الأولي هي 4-3-3 والثانية 3-4-3 على حسب المنافسين.
في التشكيل الأساسي يظل جوردان بيكفورد هو الخيار الأول، وفي مركز الظهير الأيمن سيشارك كايل ووكر مع لوك شاو أو بين تشيلويل في مركز الظهير الأيسر.
خلال التصفيات وفي المواجهات الحاسمة رأينا هاري ماجواير كقلب دفاع أيسر بجانب جون ستونز، ويبدو أيضاً أن ضم كونور كودي وتايرون مينجيز قد يكون في مصلحة الفريق حيث يريد ساوثجيت من قلوب دفاعه دائماً أن يكونوا بارعين في التعامل مع الكرة.
يُمثل ديكلان رايس وجوردان هندرسون ثنائي الوسط، لكن سيكون على ساوثجيت اتخاذ القرار بشأن مشاركة هندرسون الذي عانى كثيراً من الإصابات خلال هذا الموسم رفقة ناديه ليفربول، لذلك فقد نرى كالفين فيليبس بجانب رايس في الوسط، إذا احتاج ساوثجيت إلى الدعم من البدلاء فسيجد الشاب صاحب الـ 17 عاماً، جود بيلينجهام لاعب بروسيا دورتموند حاضراً.
في الأمام يتمتع المنتخب الإنجليزي بمجموعة متنوعة من اللاعبين، لكن في الوقت الحالي لا أحد في القائمة قادر على تعويض هاري كين أو ماسون ماونت، لكن وجود لاعبين أمثال جادون سانشو، فيل فودين، بوكايو ساكا، ماركوس راشفورد، رحيم ستيرلينج وجاك جريليتش سيضمن لساوثجيت بالتأكيد خط أمامي متنوع الخصائص.
يضغط المنتخب الإنجليزي بكتلة عإلىة بـ 5-2-3 إذا كان هيكلهم 3-4-3، وبـ 4-4-2 إذا كان الهيكل 4-3-3، يستخدم ساوثجيت اسلوب الضغط الموجه للكتلة أو المكان، حيث يحافظ اللاعبون على شكلهم ويتحولون نحو الكرة في كتلة ثابتة، لا يضغطون بعدوانية على حامل الكرة، لكن يتحكمون بالمساحة حول مكان الكرة، ثم يضغطون بشراسة عندما يتم لعب الكرة في المساحات الضيقة داخل الكتلة.
هنا أمام الدنمارك كان هيكل الفريق 3-4-3، لذلك تم الضغط بـ 5-2-3، يقترب ماونت كثيراً من كين الذي يحاول إغلاق زاوية التمرير نحو لاعب وسط الدنمارك، يمنع هذا الانكماش المنافس من محاولة التمرير العمودي في المركز.
عندما يمرر قلب دفاع الدنمارك الكرة إلى زميله، يبدأ ماونت بالتحرك سريعاً، عندها يترك كين قلب الدفاع الذي مرر الكرة ويذهب فوراً لمراقبة لاعب الوسط، عندما يمرر قلب الدفاع للظهير الأيمن، يصعد ظهير جناح إنجلترا مايتلاند للضغط عليه، بعدما تم حصار الظهير سيكون من الصعب عليه التمرير للاعب الوسط لإن حينها سيقوم لاعبو إنجلترا بوضع مصيدة للضغط، لذلك سيضطر إلى لعب الكرة الطويلة.
عند التحول من كتلة عالية إلى متوسطة، يتحول الفريق إلى 5-4-1، حيث يغطي اللاعبون ويحمون مناطقهم عن طريق الاقتراب من اللاعب الحامل للكرة دون الضغط بشراسة.
هنا أمام النمسا كان هيكل الفريق 4-3-3، لذلك تم الضغط بـ 4-4-2، وبنفس اسلوب الضغط الموجه للمكان.
عند الاستحواذ، لا يختلف شكل الفريق في المرحلة الأولي من بناء اللعب في الهيكلين باستثناء أن ساوثجيت يستخدم هيكل غير متماثل في 4-3-3 حيث يجعل ظهيره الأيمن كايل ووكر يتحول إلى قلب دفاع ثالث بينما ينطلق الظهير الآخر للأمام.
يمرر الثلاثي الدفاعي الكرة أفقيا لمرات عديدة للبحث عن ثغرة يستطيع أي منهم استخدامها للمضي قدما للأمام، هنا كان عليهم انتظار 30 ثانية إلى أن وجد كايل واكر مساحة للتمرير نحو جيمس.
هنا وجد ماجواير ثغرة للتمرير نحو ماسون ماونت في نصف المساحة اليسرى.
وهنا مرة أخرى وجد واكر ثغرة للتمرير نحو ماونت في نصف المساحة اليمنى.
في أحيان كثيرة، تلجأ قلوب الدفاع للتمرير الطولي نحو الأطراف لكسر ضغط المنافسين، فامتلاكهم دقة تمرير عالية يجعلهم يفعلون ذلك بكل سهولة، هنا يرسل قلب الدفاع المتوسط كودي تمريرة طويلة نحو جيمس على الخط الجانبي.
وهنا يرسل واكر تمريرة طويلة نحو مايتلاند في الجهة الأخرى.
عندما تخرج إنجلترا من ضغط المنافس وتتحول للمرحلة الثانية في الاستحواذ، فإنهم يميلون إلى خلق زيادة عددية عند الأطراف، مع اقترب قلب الدفاع الطرفي بجانب أحد ثنائي الوسط، مع الجناح والظهير الجناح، فإنه يصبح من السهل عليهم اختراق المنافس.
هنا يمرر جيمس المراقب من قِبل لاعبين نحو واكر، سوف يبدأ أحد ثنائي الوسط فيليبس بالتوجه لداخل الملعب لسحب مراقبه.
سوف يتوجه جيمس من الخط الجانبي إلى نصف المساحة اليمنى، بينما يبقي ماونت على الخط الجانبي مستعداً للركض، نتيجة لذلك سيجد واكر ممر داخلي للتمرير نحو جيمس ثم يبدؤون بخلق تفوق عددي على الطرف.
مرة أخرى بعد أن مرر ماجواير الكرة نحو ستيرلينج في الطرف، سينطلق تشيلويل خلفه على الخط الجانبي.
يمرر ستيرلينج الكرة نحو ماونت ثم يبدأ الركض داخل منطقة الجزاء لسحب مدافعي بولندا معه.
نتيجة لذلك، يتم خلق مساحة على الطرف يمرر فيها ماونت نحو تشيلويل.
مرة أخرى يتكرر الأمر، هنا يأخذ تشيلويل دور ستيرلينج ويركض لداخل المنطقة لسحب لاعب الوسط، مما يترك مسار افقي لستيرلينج يستطيع من خلاله المرور ولعب العرضية.
أحد المميزات الكبيرة التي تمتلكها إنجلترا دوناً عن غيرها هي وجود هاري كين، دوره الحيوي في السقوط للمنتصف والمشاركة في صناعة اللعب يجعل الفريق غير قابل للتنبؤ، هذا بالطبع بعيداً عن إمكانياته المذهلة كهداف قدير داخل منطقة الجزاء.
يحاول ساوثجيت تحقيق الاستفادة القصوى من كين بجعله نقطة الاتصال الرئيسية بين اللاعبين، هنا يخلق الفريق زيادة عددية عند الطرف، لكن وجود عدد كبير من لاعبي الدنمارك سيمنعهم من فعل ما يريدون، لذلك سيقوم كين بالتمرير العرضي نحو رايس.
بمجرد أن يحدث ذلك، سيعود واكر للخلف، وسيبدأ رايس برفع وجهه للبحث عن التمريرة الآتية، لاحظ تحرك كين إلى داخل المنطقة واستعداد ماونت لاستخدام جسده للتحرك.
سيبدأ رايس بتعديل وضع جسده للتمرير نحو ماونت، سيتحرك كين بعض خطوات إضافية لسحب المدافع بعيداً، يمرر رايس نحو ماونت في المساحة الخالية وبالتالى ينجح الفريق في خلق موقف واعد.
هنا مرة أخرى أمام النمسا، يسقط كين لاستلام تمريرة تربيير.
سوف يبدأ باستخدام وضعية جسده والدوران ثم التمويه أنه سيمرر تمريرة خلفية نحو رايس.
لكنه يخدع لاعب وسط النمسا ويمُر نحو الداخل، ثم يمرر تمريرة قطرية طويلة نحو أرنولد في المساحة الخالية.
هنا مرة أخرى، ينتظر كين تمريرة تريبير، حيث يضع في اعتباره مسبقا أنه سيخلق اتصالاً مباشراً مع ساكا.
مجرد أن يمرر تربيبر نحو كين يقوم الأخير بالتمرير من لمسة واحدة نحو ساكا.
واحدة من أكثر عيوب المنتخب الإنجليزي هي المساحات خلف الظهيرين، أي بين قلب الدفاع الطرفي والظهير، وخاصة خلف الظهير الأيسر.
كما تظهر مساحات مركزية واضحة أثناء الدفاع بالكتلة المتوسطة، حيث يميل ثنائي المحور للأطراف قليلاً مما يترك مساحة كبيرة في المركز ونصف المساحة في الجهة الأخرى من الملعب.
يمتلك المنتخب الإنجليزي نجوماً في كل مركز على أرض الملعب مع خط دفاع أفضل من أي وقت مضي، إذا تمكن ساوثجيت من خلق تناغم بين هؤلاء النجوم وأضاف لهم إمكانية الاستفادة من اللعب المفتوح والذي لم يظهر كلياً في البطولة الماضية، بعيداً عن إجادة الكرات الثابتة، فإن هذا الفريق سيشكل تهديداً حقيقياً ومخيفا للمنافسين.