كتب : محمد يسري
احتمال حدوث هذه المقابلة بسيط للغاية، لكن لو حدث قد ينم عن واحدة من أقوى مباريات كأس الأمم الأوروبية في التاريخ وليس في "يورو 2020" فقط. إلا أن قوة هذه المواجهة ليست كروية؛ بل سياسية بحتة.
الصراع العسكري الروسي الأوكراني الذي بدأ عام 2014، يجعل العالم لا يريد أن تلعب روسيا ضد أوكرانيا في "يورو 2020" حتى لا ينتقل الصراع إلى المستطيل الأخضر.
ولأن روسيا تقع في المجموعة الثانية مع الدنمارك وبلجيكا وفنلندا أما أوكرانيا فتتواجد في المجموعة الثالثة مع هولندا والنمسا ومقدونيا الشمالية، فلن يتقابل المنتخبين إلا في الدور ربع النهائي لكن بشروط محددة.
فقبل أن يعبر المنتخبين دور الـ16، يجب أن تتصدر روسيا المجموعة الثانية، على أن تكون أوكرانيا وصيفة المجموعة الأخرى، أو العكس.
وحال حدوث هذا الأمر، يجب أن يعبر المنتخبين مباريات دور الـ16 بنجاح لكي يتقابلا سويا.
ورغم صعوبة حدوث هذا السيناريو بالترتيب، إلا أن كرة القدم تجلب لمشاهديها دائما ما لا يتمنوه من سيناريوهات.
وإذا كنت تظن أن السياسة لن تنتقل للملاعب، فعلينا أن نوضح لك أن الاتحاد الأوروبي منع مواجهات الفرق الروسية ضد الأوكرانية في المسابقات الأروبية منذ تلك الفترة.
بجانب أن أوكرانيا ستلعب في "يورو 2020" بقميص يتواجد عليه خريطة لشبه جزيرة القرم، حيث يبدأ الصراع.
فما قصة الصراع الروسي الأوكراني؟
بعد أيام من سقوط فيكتور يانوكوفيتش الرئيس الأوكراني في 2014 بدأت روسيا في العمل على إعادة شبه جزيرة القرم إلى سيادتها.
فشبه الجزيرة التي تقع شمال البحر الأسود كانت تحت سيطرة الإمبراطورية الروسية منذ عام 1783 وحتى عام 1917 حين سقطت الإمبراطورية بسبب الحرب الأهلية قبل تواصل روسيا سيادتها على المنطقة في عام 1921 وهو تاريخ تأسيس الاتحاد السوفيتي.
لكن بسقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، انضمت شبه جزيرة القرم لأوكرانيا بصفة نهائية ورسمية.
ومنذ ذلك التاريخ تحاول روسيا استعادة شبه الجزيرة بشكل رسمي رغم السيطرة عليها.
محاولات روسيا لاستعادة شبه الجزيرة يُستدل عليه بتعداد السكان الذي أجرته أوكرانيا عام 2001.
حيث أظهر هذا الاستفتاء أن 58% من سكان شبه الجزيرة يعد من الروس، مقابل 24% أوكرانيين.
وبالعودة لـ2014، فإن روسيا استغلت المظاهرات التي أقيمت في شبه الجزيرة وسيطرت على مراكز القوة عن طريق جنود مجهولين كانوا يرتدون زيا عسكريا أخضر اللون في شهر فبراير.
وبحلول مارس، وبالتحديد يوم 16، تم إجراء استفتاء جاءت نتيجته بإعلان استقلال شبه الجزيرة.
لتعلن روسيا ضم شبه جزيرة القرم لها بشكل رسمي يوم 18 مارس.
وهو القرار الذي رفع عدد القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية، كما أن روسيا استمرت في سيطرتها على شبه الجزيرة رغم إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفضهما لما حدث.
تطور الأوضاع استمر وبعد حوالي شهر استولى متمردون تدعمهم روسيا بمنطقة دونباس على منطقتي دونيستك ولوهانسك، لكن الحكومة الروسية أشارت إلى أن من يتواجد في هذه المنطقة يعد "من المتطوعين" ولا يتواجد بصفة رسمية أو تكليف روسي.
الصراع تجدد بحلول عام 2016 حين زعمت روسيا مقتل جنديين وإصابة 10 آخريين، لكن الحكومة الأوكرانية نفت وقوع هذا الحادث من الأساس.
وخلال عام 2018، وبالقرب من مضيق كيرتش الذي يقع سيطرة السلطة الروسية تم إطلاق النار على 3 سفن حربية أوكرانية من قبل السفن الحربية الروسية ما أدى لوقوع خسائر.
وهكذا يدور الصراع منذ عام 2014 وسط تصريحات من كل جانب بأحقيته التاريخية في شبه الجزيرة.
وتشير التقديرات إلى مقتل 14 ألف جنديا بسبب هذا الصراع بجانب خسائر في المعدات الحربية.
لذلك، وحال مواجهة روسيا لأوكرانيا في يورو 2020، فلن يبحث اللاعبون عن التأهل لنصف النهائي وحسب، بل عن تحقيق انتصار معنوي.