كتب : FilGoal
إنه العام 1984، النسخة السابعة من كأس أمم أوروبا على وشك الانطلاق، فرنسا رابعة آخر مونديال تتحدى الدنمارك في مباراة افتتاحية مرتقبة بين مرشحين لنيل اللقب القاري.
لم تكن مواجهة فنية أكثر منها بدنية، التحامات وصراعات وتدخلات عنيفة، كانت الدنمارك المتضرر الأول حين اضطرت للاستغناء عن مهاجمها آلان سيمونسن بسبب الإصابة قبل دقائق من نهاية الشوط الأول.
وأمام أكثر من 47 ألف متفرج في ملعب حديقة الأمراء قاتل الاسكندنافيون حتى الرمق الأخير، لكن لسوء حظهم ارتطمت الكرة بمدافعهم إثر تسديدة المنفجر في تلك البطولة، ميشيل بلاتيني، لتسكن الشباك في الدقيقة 78 وتتقدم فرنسا.
أمام منافس غير مأمون العواقب مثل الدنمارك، لم ترتكن كتيبة المدرب ميشيل هيدالجو للدفاع، بل حاولت جاهدة مضاعفة النتيجة لتأمين نقاط المباراة، وفي انطلاقة شجاعة للظهير الأيمن الموهوب إيمانويل أموروس، راوغ لاعبين يرتديان اللون الأبيض قبل أن يسقطه جيسبر أولسن أرضا بركلة أكثر منها محاولة لاستخلاص الكرة.
استشاط أموروس غضبا وفور سقوطه أرضا أمسك بالكرة وقذفها صوب أولسن، لكن لحسن حظ الأخير مرت الكرة من فوق رأسه، ليقرر مدافع فرنسا هذه المرة أن تنجز رأسه المهمة، فقام ونطح منافسه بين عينيه لينال مباشرة البطاقة الحمراء ويترك زملاءه منقوصين قبل آخر 3 دقائق من الوقت الأصلي.
يتذكر أموروس الواقعة بالقول:"الطرد كان ظالما، عرقلني ثم ضغط على قدمي. كان تصرفا صبيانيا دافعه دمي الساخن بسبب أصولي الإسبانية".
أموروس لم يكن فرنسيا بالأساس، بل إسباني، ولد في فرنسا لزوجين إسبانيين مهاجرين، تركا بلدهما "هربا من بطش الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو"، مثلما روى أموروس من قبل.
البطاقة الحمراء حرمت أموروس من مواجهتي بلجيكا ويوغوسلافيا في الدور الأول، وكذلك من المواجهة التاريخية ضد البرتغال في نصف النهائي والتي حسمها هدف بلاتيني في الدقيقة 119.
كاد أموروس يفقد ما تبقى من البطولة والنهائي التاريخي ضد بلده الأم إسبانيا لولا خدمة جليلة من صديقه باتريك باتيستون.
استرجع أموروس ذكريات المجد بالقول:"باتيستون ادعى إصابته ليجعلني أشارك في النهائي".
كانت الدقيقة 73 والنتيجة تقدم فرنسا على إسبانيا بهدف بلاتيني في النهائي، لم يجد هيدالجو حلا سوى إشراك أموروس بعدما صدق تمثيلية باتيستون أنه تعرض لإصابة.
شارك ابن إسبانيا وهزم بلد أجداده بنتيجة 2-صفر ليتوج مع فرنسا بأول لقب في تاريخها.
رحلة أموروس المدافع الموهوب مع فرنسا لم تتوقف عند التتويج بكأس أوروبا، بل شارك في مونديال 1986 والذي شهد هدفه الدولي الوحيد ضد بلجيكا في لقاء تحديد الفائز بالميدالية البرونزية، أحرز من ركلة جزاء في لقاء حسمه الفرنسيون بنتيجة 4-2 بعد شوطين إضافيين في المكسيك.
ظل أموروس لاعبا دوليا في فريق الديوك حتى العام 1992، علق حذاءه الدولي بعد 82 مباراة بالقميص الأزرق. واحد من خيرة مدافعي فرنسا عبر التاريخ.
ربما النحطة هي المشهد الأبرز لأموروس، لكن هذا المدافع الصلد كان أفضل لاعب شاب في مونديال 1982 الذي جرى في بلده الأم إسبانيا ونالت فيه فرنسا المركز الرابع.
وفي المونديال التالي كان ضمن التشكيلة المثالية، نال جائزة أفضل لاعب فرنسي في 1986، وفي اختيارات مجلة أونز الفرنسية جاء ثانيا في قائمة أفضل لاعبي العالم بعد الأسطورة دييجو مارادونا.