خطيئة جوارديولا

نتائج متراوحة الزمن تظهر على الشاشة عندما تبحث عن عبارة Guardiola’s Tactical Blunders، أو أخطاء جوارديولا التكتيكية الفادحة.

كتب : فادي أشرف

الأحد، 30 مايو 2021 - 13:45

نتائج متراوحة الزمن تظهر على الشاشة عندما تبحث عن عبارة Guardiola’s Tactical Blunders، أو أخطاء جوارديولا التكتيكية الفادحة.

نتائج من 2016 و2017 و2018 و2019 و2020، توقفت لفترة في 2021 حتى نهائي دوري أبطال أوروبا ضد تشيلسي والذي خسره الفريق، والمتهم الأول هو بيب جوارديولا.

مذنب مرة أخرى

لم يقاوم جوارديولا تفكيره الزائد خاصة في المباريات الأوروبية مرة أخرى، ربما كان ذلك بسبب الوقت الطويل بين حسمه للدوري وتحديد منافسه في نهائي دوري أبطال أوروبا، أو بسبب خسارته من توماس توخيل مرتين منذ أن تولى تدريب تشيلسي، أو رغبة في التأكيد على أمر مؤكد بالفعل وهي عبقريته.

قدم سيتي موسما رائعا رغم بداية مهتزة. انقلاب موسم سيتي للأفضل بدأ مع تغيير نظام اللعب وتثبيت رودري أو فيرناندينيو بشكل دائم أمام قلبي دفاع الفريق. في 60 مباراة هذا الموسم لعب فيرناندينيو أو رودري في ذلك المركز، والمباراة الوحيدة التي لم يحدث فيها ذلك فاز سيتي على أولمبياكوس 3-0، ولكن تشيلسي ليس أولمبياكوس، لذا كانت فكرة اللعب بإيلكاي جوندوجان الذي لا يملك المزايا الدفاعية الخاصة برودري أو فيرناندينيو مغامرة غير محسوبة، بل ومدمرة لفرص سيتي.

وبالتالي، ظهر أداء سيتي كما ظهر على استاد دراجاو حيث حقق أقل معدل أهداف متوقعة خلال هذا الموسم، 0.52 هدف متوقع.

وفي المقابل دفاعيا وبطبيعة الحال لم يكن قادرا على مجاراة هجوم تشيلسي الذي لو أردت وصفه بكلمة واحدة، فهو سريع للغاية سواء بالكرة أو بدونها.

افتقد سيتي للاعب يدمر هجمات تشيلسي، وفي وجود نجولو كانتي في وسط ملعب غير دفاعي لسيتي، دانت السيطرة كاملة لتوخيل الذي حصل فريقه على معظم الكرات الثانية وكان خطيرا للغاية في التحولات الهجومية.

كذلك، وجود رياض محرز ورحيم سترلينج في نقاط بعيدة عن المرمى معظم أوقات المباراة منع سيتي من خلق فرص خطيرة على مرمى إدوارد ميندي خاصة في ظل نظام توخيل المعتمد على ثلاثي دفاعي لا يترك الكثير من المساحات.

ببساطة، يمكن إضافة مباراة تشيلسي، لمباراة ليون الموسم الماضي، وتوتنام في الموسم الذي سبقه، ومباراة ليفربول في 2018، كل تلك المرات التي غير فيها جوارديولا نظامه في الوقت الخطأ.

على الجانب الآخر، لم يغير توخيل تقريبا أي شيء في تشكيله ونظام فريقه. ريو فيرديناند محلل BT Sport وأسطورة مانشستر يونايتد قال: "نعرف إن جوارديولا يفكر كثيرا ويتردد أحيانا، ربما رأى نقطة ضعف ما في تشيلسي لكن توخيل أبطل أي خطورة من ناحية سيتي".

تضاد يوضح المعنى

اختيارات جوارديولا تسببت مباشرة في هدف كاي هافيرتز. بشكل طبيعي كانت الكرة في حوزة سيتي، تقدم أوليكساندر زينشينكو لوسط الملعب، ولكن عندما فقد سيتي الكرة ومع تحولات تشيلسي السريعة، لم يقدر الأوكراني على تغطية كل تلك المساحة بعد تمريرة ماسون ماونت.

على الجانب الآخر، لو كان حدث ذلك الموقف بالعكس، لكان نجولو كانتي موجودا لإنقاذ الموقف.

بعكس جوارديولا، أبقى توخيل نظامه دون تغيير، واستغل سرعة فريقه في التحولات ليضرب دفاع سيتي، الذي لم يكن يعلم توخيل أن جوارديولا سيبقيه دون حماية.

ربما فكر جوارديولا في تسجيل هدف مبكر لذا كان تشكيله دون لاعب وسط مدافع، ولكن خططه ضربتها بساطة توخيل في نظامه المحفوظ لدى لاعبيه.

وكذلك، غير جوارديولا كثيرا في شكل فريقه الهجومي. شارك رحيم ستيرلينج على اليسار بعد فترة من عدم المشاركة ليبتعد فيل فودين عن المركز الذي كان مؤثرا من خلاله معظم فترات الموسم، ودفع بكيفن دي بروين كمهاجم وهمي على أن يعوضه البعيد عن مستواه بيرناردو سيلفا في الوسط، فخسر دي بروين وسيلفا وفودين في مباراة ربما كانت الأهم في مسيرته التدريبية.

إسهامات مبالغ فيها

أعاب البعض على جوارديولا، كثيرا وخاصة أمام تشيلسي، أنه يفكر كثيرا، ويغير كثيرا في أوقات خاطئة، ويسهم إسهامات مبالغ فيها في حين أن فريقه معتاد على، ويؤدي بشكل جيد، بطريقة معينة.

يقول المدرب الهولندي المخضرم في تدريب الناشئين جيرارد مولينارز إن مصطلح "over-coaching" يعني الإسهام الزائد عن الحد من المدرب خلال الحصص التدريبية أو المباريات، الأمر الذي يقتل قدرة اللاعبين على الابتكار ويحول المدرب إلى شخص يمسك بجهاز تحكم في اللاعبين".

الأمر أشبه بالخطط التي تضعها في لعبة فيفا على بلايستيشن قبل أن تقوم بنفسك بالتحكم في اللاعبين الإلكترونيين.. ولكن على أرض الواقع.

الخبير الأسترالي في عالم التدريب الرياضي واين جولدسميث وضع نظرية في ورقة بحثية نشرها عبر مدونته قال فيها إن تطور المدرب يأتي من تقليل إسهاماته في الملعب وليس بإكثارها، مشددا أن الـ"over-coaching" من أهم أسباب التأثير السلبي على مستويات اللاعبين على اختلاف الرياضات.

يضيف جولدسميث أن المدربين الذين يميلون لفعل ذلك يكونون "شباب لا يملكون الخبرة، أو الثقة في أنفسهم أو في لاعبيهم ويحاولون تعويض ذلك بإسهام أكثر خلال إدارة المباريات أو محاولة السيطرة على كل ما يخص اللاعبين".

وأكمل "من الممكن أن يكون المدربين تحت ضغط التقييم ويريدون إثارة الإعجاب من خلال التحكم في كل عناصر أداء لاعبيهم، أو مدربين متمحورين حول ذاتهم (ego-centered) ويريدون استعمال اللاعبين لتحقيق نجاحات يتم تسويقها على أن الفضل الأكبر فيها يعود للمدرب".

وأتم جولدسميث أن "over-coaching" يتسبب في أمور سلبية أخرى، مثل تمحور الفريق حول المدرب فقط وقتل إبداع اللاعبين داخل الملعب وخلق حالة من الإحباط بين اللاعبين".

هل يعي جوارديولا الدرس بعد 4 مناسبات عظمى خسر فيها لقب دوري الأبطال مع سيتي؟