قدم مانشستر سيتي عرضا رائعا أخر أمام باريس سان جيرمان بعد أن فازوا خارج قواعدهم الأسبوع الماضي بهدفين مقابل هدف واحد في مباراة الذهاب.
كرر مانشستر سيتي انتصارهم مرة أخرى على باريس سان جيرمان بهدفين دون مقابل سجلهما رياض محرز ليكون إجمالي النتيجة 4-1 في المباراتين، ويصل الفريق الإنجليزي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه بعد المعاناة من الخروج بشكل متكرر من المسابقة في المواسم السابقة.
سجل مانشستر سيتي هدفين بسبب تنوع أسلوبهم مؤخرًا، لكن عملهم الدفاعي أظهر بالفعل مدى نضجهم في المنافسة الأوروبية بفضل الجهود البطولية للاعبيه، من ناحية أخري كانت المباراة دليلاً على مدى إحباط الزوار في إظهار قدراتهم علي المنافسة.
بدأ مانشستر سيتي بقيادة مديره الفني بيب جوارديولا المباراة بـ 4-3-3، مع وجود تعديلين عن مباراة الذهاب، بإشراك كلاً من الظهير الأيسر أوليكساندر زيتشينكو بدلا من جواو كانسيلو ولاعب الوسط فيرناندينو بدلا من رودري، فكانت التشكيلة، إيديرسون في حراسة المرمي، أمامه رباعي دفاعي، كايل واكر، جون ستونز، روبن دياز و أوليكساندر زيتشينكو ، خط الوسط، فيرناندينو، إلكاي جندوجان و بيرناردو سيلفا، وفي المقدمة الثلاثي الهجومي، كيفين دي بروين، فيل فودين ورياض محرز.
بينما بدأ باريس سان جيرمان في الجهة الأخري بقيادة ماوريسيو بوكيتينو المباراة بـ 4-3-3 أيضًا، حيث اجري المدير الفني الأرجنتيني ثلاث تعديلات علي فريقه المنهزم في الذهاب، فجاء إشراك الظهير الأيسر عبده ديالو بدلاً من ميتشل بيكر، أندير هيريرا بدلاً من الموقوف إدريسا جاي بالإضافة إلي البدء بالمهاجم ماورو إيكاردي بدلاً من كيليان مبابي الذي لم يكن جاهزًا للمشاركة أساسيًا، فكانت التشكيلة، كيلور نافاس في حراسة المرمي، أمامه رباعي دفاعي، أليساندرو فلورنزي، ماركينيوس، برسنيل كيمبيمبي وعبده ديالو، أمامهم رباعي وسط، لياندرو باريديس، أندير هيريرا وماركو فيراتي، وفي المقدمة الثلاثي الهجومي، أنخيل دي ماريا، ماورو إيكاردي ونيمار دا سيلفا.
بدأ مانشستر سيتي المباراة بتنظيم دفاعي محكم، عن طريق استخدام كتلة متوسطة وعالية بـ4-4-2، ومزيج بين 5-4-1 و5-3-2 عند الدفاع العميق بكتلة منخفضة، عند الدفاع بكتل متوسطة أو عالية تصبح كتلة الفريق ضيقة ومنكمشة طوليًا، حاول بيرناردو سيلفا وكيفن دي بروين الضغط علي ماركينيوس وكيمبيمبي مع مراقبة كلاً منهما لباريديس بوضعه في cover" shadow" وغلق زوايا التمرير عليه، بينما كان رباعي الوسط منكمشًا للداخل، التزم جندوجان وفيرناندينو بتغطية المساحات المركزية بينما كان كلاً من محرز وفودين يميلان للداخل لتغطية المساحات في أنصاف المساحات، في حين كان خط الدفاع قريبًا من خط الوسط وهو في حالة انكماش عرضي أيضًا لحماية أي مساحات قد تتنج بين الخطين.
ركز مانشستر سيتي علي حماية العمق أكثر، بإجبار باريس علي الخروج نحو الأطراف ومن ثم يبدأون الضغط هناك لخلق التحول، عند الدفاع بكتلة عالية، كان بيرناردو سيلفا يضغط علي ماركينيوس، دي بروين يضغط علي كيمبيمبي وكلاهما يغلق زاوية التمرير نحو لاعب الإرتكاز باريديس، يراقب لاعبي وسط مانشستر سيتي جندوجان وفيرناندينو لاعبي وسط باريس فيراتي وهيريرا، زيتشينكو يراقب دي ماريا رقابة رجل لرجل ويذهب معه أينما ذهب، فيما يصعد دياز مع مراقبه في نفس الجهة سواء كان إيكاردي أو نيمار ثم يتركه لزميله ستونز إذا قرر الركض للجهة الأخري.
هنا يضطر قلبا دفاع باريس للتمرير نحو الأظهرة في الأطراف، عند التمرير تبدأ أجنحة السيتي بالضغط علي الأطراف، عندها يوجد حلان فقط لأظهرة باريس للخروج من الموقف، الأول هو العودة مرة أخري لقلب الدفاع ثم العودة بالكرة إلي حارس المرمي وتدوير اللعب للجهة الأخر للبدء بنفس الكيفية، والثاني وهو يمثل مخاطرة شديدة وهو أن يقوم الظهير بالركض العكسي إلي داخل الملعب لكسر خط ضغط مانشستر سيتي، لكن احتمالية قطع الكرة في هذه المنطقة يعني وجود خطورة كبيرة علي مرمي باريس، لذلك كانت اظهرة باريس تختار الحل الآمن اكثر.
أثناء الخروج بالكرة أمام ضغط مانشستر سيتي المنظم كان حل باريس سان جيرمان الوحيد هو تحرك لاعبيه بدون كرة، وخاصة أظهرته، فعند الخروج بنفس الكيفية المذكورة أعلاه، وبعد تدوير الكرة للجانب الأيسر لباريس (الأيمن لمانشستر سيتي) فرضًا، يمرر كيمبيمبي الكرة عموديًا نحو نيمار الذي يسقط للمساندة في الخروج بالكرة في نصف المساحة اليسري ويسحب معه واكر، يمرر نيمار من لمسة واحدة نحو باريديس أثناء وقوف محرز لغلق زاوية التمرير علي ديالو، يتحرك ديالو عموديا علي الخط منتظرًا أن يمرر باريديس في المساحة خلف واكر، لم يحدث هذا الموقف إلا نادرًا نظرا لقدرة ديالو المحدودة في التصرف كظهير أيسر يُنتظر منه إيجاد حلول.
أما عند الدفاع بكتلة متوسطة، فبالـ 4-4-2 كان فودين ومحرز يشكلان رباعي الوسط الضيق بجانب جندوجان ورودري، مع تقارب المسافات بين خط ضغط مانشستر سيتي الأول والثاني، حاول فودين ومحرز حماية الممرات الداخلية التي يُحتمل أن يستلم فيها دي ماريا ونيمار الكرات، مع خروج واحد من دياز أو ستونز لمراقبة اللاعب الذي يسقط في المساحات بين خط الوسط والدفاع، ومرة أخري يجبر مانشستر سيتي لاعبي باريس علي التمرير نحو الأظهرة، جوارديولا لم يكن لديه أي مشكلة في جعل اظهرة فريقه في مواقف 1 ضد 1 مع أظهرة باريس، لأن في النهاية الأمر يتوقف هنا علي الجودة التي من الواضح أنها لم تكن في صالح باريس.
قليلة هي المرات التي نجح فيها باريس في كسر كتلة مانشستر سيتي الضيقة والمتوسطة، حيث كان فيراتي يسقط للخلف علي الطرف الأيسر لخلق مواقف 4 ضد 3 رفقة باريديس وكيمبيمبي وماركينيوس ضد محرز، دي بروين وبيرناردو، يبدأ فيراتي في الإستلام ثم ينتظر تحرك نيمار من الطرف إلي العمق ومن ثم يمرر له، أثناء ذلك يعود محرز بسرعة للداخل مع تدخل فيرناندينو وجندوجان وعودة بيرناردو ودي بروين وصعود ستونز لحصار لاعبي باريس.
بالعودة إلي سماح مانشستر سيتي للاعبي باريس بالتمرير نحو الأظهرة، فإن كتلة الفريق تصبح منخفضة بهيكل 5-4-1 حيث يتحول واحد من محرز أو فودين إلي ظهير جناح بينما يصبح واحد من لاعبي الوسط جناحًا ويبقي لاعب واحد فقط في الأمام وغالبًا كان دي بروين.
تمتع السيتي بكثافة عددية في منطقة الجزاء أثناء تلك الحالات حيث كان يعود فيرناندينو وجندوجان لمساندة خط الدفاع مما يمنع وجود أي تساوي في العدد وبطبيعة الحال أي زيادة عددية محتملة لباريس داخل المنطقة.
عند فقدان الكرة، حاول باريس الضغط بكتلة عالية بـ4-3-3 ومتوسطة ب4-1-4-1 بإستخدام اسلوب الضغط رجل لرجل الموجه للمساحة، فكان إيكاردي يحاول إغلاق زواية التمرير نحو فيرناندينو وهو يذهب للضغط علي إيديرسون، نيمار مستعد للضغط علي ستونز، دي ماريا مستعد للضغط علي دياز، فيما يراقب هيريرا جندوجان.
استخدام بوكتينيو لهذا الاسلوب كان مخاطرة شديدة جدًا، لأن اسلوب ضغط الرجل لرجل الموجه للمساحة لا يمكن الإعتماد عليه إذا كان لدي الخصم لاعب حر جيد بالكرة، إيكاردي كان دائمًا ما يقع في فخ الذهاب بسرعة للضغط علي إيدريسون، مع تمويه ستونز بالتمرير نحو حارس مرماه ثم خداع إيكاردي والتمرير نحو فيرناندينو، كان مانشستر سيتي ينجح في الخروج بالكرة بكل سهولة.
وعندما يغلق إيكاردي زاوية التمرير بشكل صحيح علي فيرناندينو ويذهب للضغط علي إيديرسون، كان بيرناردو يسقط للمنتصف لسحب باريديس معه، مما يخلق مساحة مركزية لدي بروين يمرر فيها إيديرسون الكرة ويبدأ سيتي التحول سريعًا.
في مشهد الهدف الأول، حاول التركيز فقط علي ما فعله جندوجان، إيكاردي يغلق زاوية التمرير علي ستونز ويذهب للضغط قطريًا علي إيديرسون الذي يمرر عموديًا إلي جندوجان، عندما يلمح بيرناردو تمريرة إيديرسون إلي جندوجان يحاول السقوط للمنتصف لجعل نفسه خيار تمرير في نصف المساحة اليسري.
جندوجان المراقب من هيريرا قرر ألا يمرر الكرة إلي ستونز في اليمين لأن هذه التمريرة سوف تعود بكل شئ إلي الوضع الإفتراضي مرة أخري، لكنه قرر العودة مرة أخري إلي إيديرسون، تسببت تلك التمريرة في ذهاب إيكاردي لغلق زاوية التمرير نحو ستونز، حفزت الضغط عند هيريرا الذي ذهب مسرعًا للضغط علي إيديرسون، عودة بيرناردو للمنتصف لم تُحرك فقط باريديس لنصف المساحة اليسري لكنها اخرجت أيضًا فلورنزي خارج اللعبة وجعلته يقف بوضعية جسد خاطئة لمواجهة زيتشينكو.
أثناء خروج مانشستر سيتي بالكرة أمام ضغط باريس العالي، كان الفريق يبحث عن الخروج من خلال الطرف وليس العمق، في الواقع هذا هو سبب البدء بمهاجمين وهميين بيرناردو ودي بروين، مانشستر سيتي لم يكن بحاجة إلي تمريرات مباشرة في العمق فبيب عاني كثيرًا في المسابقة الأوروبية علي مر السنين الماضية بسبب التحولات التي تنتج من خلال تلك التمريرات، فكان الهدف هو البحث عن محرز وفودين في انصاف المساحات اليمني واليسري علي الترتيب، يمرر قلبي الدفاع ستونز أو دياز والأظهرة واكر وزيتشينكو إلي نصف المساحات علي حسب جهة الكرة، يستلم محرز أو فودين الكرات ثم يحاولون التمرير إما إلي المنطلقين خلفهم علي الخط (حاول بيب استخدام دي بروين للركض في المساحة خلف كيمبيمبي) أو إلي الوسط من ثم التحكم في الرتم.
بعد 25 دقيقة طلب بيب التبديل بين دي بروين وفودين علي أن يميل الأول للجهة اليسري أكثر، في تلك الفترة حاول لاعبي مانشستر سيتي الاكثار من التمرير القصير في الطرف الأيمن بإستخدام التحرك دون كرة بين واكر، محرز، بيرناردو وفودين، حاول بيب جعل دي بروين في مواقف 1 ضد 1 في نصف المساحة اليسري أمام هيريرا ، أو 2 ضد 1 بمساندة زيتشينكو ضد فلورينزي بعد أن لاحظ عدم عودة دي ماريا بشكل كافي للمساندة الدفاعية.
بوكيتينيو طلب من دي ماريا الدخول أكثر للعمق ونصف المساحة اليمني لخلق إتصال بينه وبين نيمار وإيكاردي، ومع سماح مانشستر سيتي لأظهرة باريس بإستلام الكرات ومواجهة الأظهرة للأظهرة، كان هذا يعني وجود أحيانًا مواقف 3 ضد 2 ومساحة خلف ظهير مانشستر سيتي تسمح للاعب الإضافي بالركض فيها لكن المشكلة كانت في نوعية اللاعبين التي تركض في تلك المساحة، وهما هيريرا وفيراتي اللذان لا يملكان السرعة الكافية أو قدرة التحمل للذهاب لنهاية الخط ولعب العرضية.
في الشوط الثاني غير بوكيتينو من شكل ضغط فريقه نوعًا ما، فأصبح ثنائي وسطه المركزي، هيريرا وفيراتي يضغط أظهرة سيتي وليس كما حدث في الشوط الأول أن تضغط أظهرته أظهرة مانشستر سيتي، لذلك كان سيتي يستخدم زيتشينكو للخروج أكثر من واكر.
ظهر جليًا دور فيرناندينو في الشوط الثاني، مع تكثيف مانشستر سيتي للضغط، بنفس الكيفية حاولوا وضع الفخ لباريس بالتمرير نحو ديالو في اليسار، يقف بيرناردو بوضعية جسد تسمح له بقطع الكرة إذا حاول ديالو التمرير نحو باريديس والركض نحو كيمبيمبي إذا تم التمرير له، محرز يضغط علي ديالو، جندوجان يقترب من باريديس ويحاول غلق الزاوية علي نيمار، بينما وهو الأهم، يستعد فيرناندينو بالضغط بسرعة علي باريديس، حاول سيتي دائمًا إغراء باريس بالتمرير في العمق لقطع الكرة هناك.
لم يعرف باريس كيف يخرج بالكرة في الشوط الثاني، ضغط مانشستر سيتي العالي كان مخيفًا وفعالاً للغاية، حاول الفريق الباريسي تدوير الكرة من جانب إلي آخر لكن لم تفلح محاولاتهم.
يمكن لمانشستر سيتي الآن تحقيق الثلاثية، بعد أن فازوا بالفعل بكأس الكارباو، وهم على بعد نقطة واحدة فقط من التتويج بلقب البريميرليج، أما بالنسبة لمديرهم الفني بيب جوارديولا، فسيكون هذا هو أول نهائي له في دوري أبطال أوروبا منذ فوزه الثاني بالمسابقة الأوروبية مع برشلونة في عام 2011.