رامي عباس.. من مُترجم مغمور إلى العقل المدبر لـ محمد صلاح
الجمعة، 16 أبريل 2021 - 22:05
كتب : زكي السعيد
في عالم كروي أكثر انفتاحًا ومليئًا بالصفقات الضخمة والعملاقة، بات وكلاء اللاعبين منافسين لموكليهم في شهرتهم وثروتهم.
مينو رايولا، جورجي مينديش، جوناثان بارنيت، يسيطرون على تحركات مجموعة من أضخم الأسماء على شاكلة كريستيانو رونالدو، وزلاتان إبراهيموفيتش، وبول بوجبا، وجاريث بيل، وإرلينج هالاند.
ومن جهة أخرى، تسيطر العائلة على الشؤون الاقتصادية للاعبيها مثلما هو الحال مع خورخي ميسي والد ليو، وراني راموس شقيق سيرخيو، ونيمار سنيور والد نيمار جونيور، وواندا نارا زوجة ماورو إيكاردي.
وبعيدا عن المجموعة الأولى، والعائلة الثانية، يتفرد محمد صلاح نجم ليفربول بكونه لا يمتلك وكيلا يمثله، وإنما محامٍ كان مغمورا قبل أن يرتبط اسمه بالفرعون المصري: رامي عباس عيسى.
المحامي الكولومبي ذو الأصول اللبنانية، يتولى الشؤون التفاوضية والإدارية الخاصة بـ صلاح منذ سنوات، دون أن يكون بالضرورة وكيلا بارزا في عالم كرة القدم، كيف حدث ذلك ومتى ولماذا؟
أسئلة أجاب عنها تقرير مطول نشرته شبكة The Athletic هذا الأسبوع، تتبعت فيه علاقة رامي عباس وصلاح بالتدرج الزمني.
-----
برينو تانوري هو محامٍ برازيلي مقره ساو باولو، وهو شخص يسهل ملاحظته، طويل القامة، فكه واضح المعالم، وكتفيه عريضين، يده مثل فرشة الدهان. عندما يدخل غرفة، من السهل أن يلاحظه الناس سريعا.
في يناير 2015، قضى تانوري الكثير من الوقت في لندن يعمل على صفقات انتقال تخص لاعبين من أمريكا الجنوبية بشكل أساسي.
انخرط في صفقة انتقال خوان كوادرادو إلى تشيلسي، وعندما تم تقديم اللاعب الكولومبي في ستامفورد بريدج؛ ظهر تانوري في بذلته الأنيقة بشكل بارز في الصورة حتى لو لم يكن يتوسطها.
بالقرب من كوادرادو في نفس الصورة، تواجد شخص أقصر قامة، لحيته طويلة ويرتدي بنطال جينز: رامي عباس عيسى، كولومبي المولد، وساعد تانوري وقتها في التواصل مع كوادرادو ومع عملاء آخرين لغتهم الأم ليست البرتغالية. لم يكن في ذلك أي مخاطرة من الجانب القانوني.
قبل ذلك بعقد من الزمان، سجل عباس نفسه كوكيل في كولومبيا بعد أن تخرج في كلية الحقوق بجامعة ليستر. إنه نصف لبناني قضى فترة طويلة في الإمارات العربية المتحدة.
وعندما بات إلسون بسيرا أول كولومبي ينتقل إلى الدوري الإماراتي من بوابة الجزيرة في 2003، قرر عباس تقديم نفسه إليه في ملعب التدريب وبدأ في مساعدته كمترجم.
واعتاد عباس السفر إلى إنجلترا لمباشرة دراسته كلما سنحت الفرصة. من جانبه، بيسيرا الذي كان وحيدا في بلد أجنبي، بدأ يثق أكثر فأكثر في عباس، وطلب منه أن يتولى بعض المفاوضات على عقده.
لكن للأسف، توفي بيسيرا عن 27 عاما فقط بعد أن تعرض لطلق ناري في ملهى ليلي كولومبي بعد مشادة مع مجموعة من الرجال.
بعدها انخرط عباس أكثر بين مجموعة من اللاعبين الكولومبيين الدوليين، وهذا ساعد على تقوية علاقته بـ تانوري والذي قام بعمل صفقات أوروبية من وقت لآخر. عباس لم يكن جزءا من كل الصفقات التي يعقدها تانوري، لكن كان منطقيا أن يطلب منه تانوري السفر معه إلى لندن لمساعدته على إتمام انتقال كوادرادو من فيورنتينا إلى تشيلسي.
هذا الشهر شهد عدة تجمعات أخرى، أهمها ذلك الذيي نظّمته الوكيلة الإيطالية كريستيان ماريتشي. كانت قد بدأت العمل وقتها مع محمد صلاح وقابلت جوزيه مورينيو مدرب تشيلسي لتأمين انتقال اللاعب المصري إلى البلوز قبل ذلك بـ12 شهرا.
في ذلك الشهر، أرادت ماريتشي نقله إلى إيطاليا، وهذا أدى إلى اجتماع بين صلاح ومجموعة من الوكلاء الذين تعرفهم جيدا. تانوري كان حاضرا يومها وقام بدعوة عباس.
وبحسب ماريتشي، صلاح وعباس لم يكونا قد التقيا قبلها أبدا، وهي لم تتعرف على عباس وقد قُدِم إليها بصفته مترجما. وماريتشي لاحظت سريعا أن صلاح ارتاح لـ عباس بسبب تحدثه العربية.
وخروج اللاعب المصري من ستامفورد بريدج صار أكثر تعقيدا بسبب الممثلين السابقين له الذين ظنوا أنهم لا يزالون مسيطرين على شؤونه.
في 18 يناير 2015، صلاح كتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "أرجوكم لا تنقلوا أي أخبار عن وكيلي السابق أوليفر كروننبرج، ولا تصدقوا أيا مما يقوله".
أمّا تشيلسي، فكان مرحبا برحيل صلاح، وقد أرادوا أيضا استعادة الأموال التي استثمروها في شرائه، لكن لم يتقدّم أي نادٍ إيطالي بالمبلغ المطلوب. وبينما كان تشيلسي يسابق الزمن لضم كوادرادو قبل نهاية سوق الانتقالات، وفيورنتينا يبحث عن جناح، تمت صفقة الإعارة.
رغم ذلك، كان لا يزال هناك المزيد لعمله في أول عدة ايام من فبراير لتجنب أن يقضي صلاح ما تبقى من الموسم على دكة بدلاء تشيلسي.
وفي تلك اللحظة تحديدا، بات عباس أكثر انخراطا في المسألة، وفي نفس اليوم الذي ظهر فيه عباس بالصورة مع كوادرادو في لندن، كانت ماريتشي في نفس الصورة مع صلاح أثناء هبوطه في مطار بيرتولا بمدينة فلورنسا.
في تلك الليلة وعبر حسابه على إنستجرام، كتب عباس بلغته الإسبانية: "أعتبر الأيام الثلاث الأخيرة هي الأكثر أهمية في مسيرتي المهنية".
وأول ما كان في حاجة إلى توضيح، هو اللقب الوظيفي لـ عباس.
فـ عباس ليس وكيل صلاح، بل هو المحامي والمستشار الخاص به.
ورغم ذلك، فـ عباس لا يزال يحمل الرخصة التي تثبت كونه وكيلا في كولومبيا منذ 2005، لكنه يميل إلى توصيف نفسه بشكل مختلف.
والسبب في ذلك أن عباس لا يحب وكلاء اللاعبين، يشعر أن دوافعهم تتعارض غالبا. فماذا سيحدث لو اختلف لاعب مع ناديه، لكن في نفس النادي هناك لاعبين آخرين يعملون مع هذا الوكيل؟ هل يغامر وقتها الوكيل بعلاقته مع النادي من أجل لاعب واحد؟
في مقابلة صحفية نادرة لـ عباس مع مجلة GQ الشرق الأوسط عام 2019، أجاب الكولومبي عن هذا التساؤل.
قال عباس وقتها: "أعتقد أن الوكيل سيعمل على الموازنة بين مصالحه، لأنه عندما يمثّل 30 أو 40 لاعبا، فإنه لن يستطيع الاعتناء بهم بنفس القدر في نفس الوقت".
وعباس لا يمثّل قدرا كبيرا من لاعبي كرة القدم، إذ يتصدر صلاح وحده شجرة صغيرة من موكليه.
هكذا كان الوضع في السنوات الست الماضية، فـ صلاح تألق بشدة مع فيورنتينا، لكن في لحظة ما خلال أول 4 أشهر له في إيطاليا، قرر صلاح الانفصال عن ماريتشي وتعيين عباس بدلا منها.
في صيف 2015، انضم صلاح إلى روما، وفي مقر تدريبات روما كان الشخص الواقف إلى جواره لالتقاط الصورة كان عباس، مرتديا بذلة هذه المرة.
ماريتشي من جانبها، وبالرغم من عدم انخراطها في الصفقة بشكل رسمي، فإنها تؤمن أنها ساعدت على إتمامها عن طريق فتح المفاوضات مع روما في الأساس.
بعد عامين، صورة مماثلة تم التقاطها في مقر تدريبات ميلوود عند انتقال صلاح إلى ليفربول. وسجلات الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم توضح أن عباس كان وسيطا للاعب والنادي في الصفقة.
لم يتوقع أحد وقتها أن صلاح سيحطم كل الأرقام القياسية في أنفيلد ويصير واحدا من أفضل المهاجمين في العالم. ونجاحه خلّف بعضا من المرارة لدة ماريتشي تحديدا.
من المهم أيضا القول إن عباس لم يروج لنفسه كثيرا. الكثير من المنخرطين في المجال أخبروا The Athletic أنه يبدو في صورة الناشز، شخص مستاء من الوضع الراهن ويحاول القيام بالأمور على طريقته الخاصة.
ولعله لا يقوم بالعديد من المقابلات الصحفية، لكنه شخصية عامة؛ ليس هناك أي وكيل لاعبين يمتلك متابعين أكثر منه على تويتر، وهي المنصة التي يستعملها للتعليق على مسائل حقوق الحيوان وشؤون مهنية أخرى.
عندما استُبدِل صلاح أمام تشيلسي الشهر الماضي رغم حاجة ليفربول إلى التسجيل للعودة في المباراة، عباس تفاعل وكتب نقطة عبر حسابه. هذه التغريدة تلقت 10 آلاف إعجاب تقريبا.
.
— Ramy Abbas Issa (@RamyCol) March 4, 2021
في ديسمبر، قبل عباس عمل صلاح لمقابلة مع صحيفة أس حيث تحدث بشكل واضح عن إمكانية انضمامه إلى ريال مدريد وبرشلونة.
قرار عمل تلك المقابلة تم اتخاذه بسبب عدم إلحاح ليفربول في التفاوض على تجديد عقد صلاح الذي ينتهي في 2023 عندما يبلغ اللاعب 31 عاما.
ومن الغموض، تحوّل عباس إلى واحد من أشهر "وكلاء" لاعبي كرة القدم على مستوى العالم. فقط إياك أن تطلق عليه لفظ "وكيل".
وفقا لموقعها الرسمي، فـ SPOCS هي شبكة استثمارات رياضية عالمية تتواجد مكاتبها في ألمانيا، وإنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وسويسرا، وصربيا، وبلغاريا، والنمسا، والتشيك، وتركيا، وبلجيكا، ورومانيا، ومصر، وغانا، والإمارات العربية المتحدة، والصين.
تلك الشبكة أُسِسَت قبل 20 عاما بواسطة ساشا إمباتشر، مذيعة رياضية ألمانية. ومن وقتها اكتسبت سمعة في انتقالات اللاعبين من إفريقيا إلى أوروبا. وعملها يقتصر على اللاعبين الأفارقة من الصف الأول فقط.
في سوق الانتقالات الأخيرة، SPOCS توسطت في صفقة انتقال أوزان كاباك من شالكه إلى ليفربول. المجموعة نقلت سابقا مارتن دوبرافكا من سبارتا براج إلى نيوكاسل يونايتد.
كما أن ساشا كالايدزيتش مهاجم شتوتجارت الحاسم صاحب الـ9 أهداف في آخر 10 مباريات بالدوري الألماني يبدو الاسم المقبل في الانتقالات إلى الملاعب الإنجليزية.
في يناير، قامت SPOCS بنقل مصطفى محمد من الزمالك إلى جالاتاسراي حيث سجّل المصري 5 أهداف في أول 5 مباريات. ومع الوقت قد ينتقل مصطفى محمد بدوره إلى الدوري الإنجليزي على خطى صلاح.
أحد منافسي SPOCS يقول إنهم يفضلوا نقل اللاعب لمرتين أو 3 فقط طوال مسيرته، رغم أن ذلك يعني عدم حصولهم على عمولات الانتقالات بشكل مستمر على المدى القصير، لكن ذلك أتى بثماره على المدى الطويل وبات أكثر ربحا إن تمكّن اللاعب من الانضمام لنادٍ كبير في اللحظة المناسبة.
يحيى علي كان مسؤولا عن مكتب القاهرة عندما شاهد صلاح يلعب للمقاولون العرب في العمر الثامنة عشر، وقتها تلقى صلاح عروضا من أندية ألمانية، لكنه لم يرد تحمُل المخاطر المالية.
ولطالما كانت مصر دولة يصعب على لاعبي كرة القدم مغادرتها، يرجع ذلك إلى أن أفضل اللاعبين يميلون إلى التوقيع للزمالك أو الأهلي ويتقاضون رواتب عالية، وأيضا لأن أغلب الوكلاء في مصر لا يمتلكون ما يكفي من العلاقات التي تساعد على انتقال لاعبيهم إلى أوروبا.
أمّا يحيى علي فكان مختلفا بسبب شراكته مع SPOCS، وهذا ساعد صلاح على الخضوع لتجارب اختبار في بازل. ونجاح صلاح في سويسرا أدى إلى المزيد من الصفقات مع لاعبين مصريين مثل محمد النني الذي انتقل لاحقا إلى أرسنال.
ومؤخرا تولى السويسري ريني فايلر تدريب الأهلي بوساطة SPOCS.
أمّا صلاح، فقد انتقل إلى تشيلسي بعد مستوياته القوية أمامهم في المسابقات الأوروبية. وهناك بعض الندم في SPOCS على عدم انضمامه إلى ليفربول وقتها بسبب عدم توصل الريدز لاتفاق مادي مع بازل.
تشيلسي من جانبه ضغط بقوة لإتمام الصفقة لأنه تخلى في نفس سوق الانتقالات عن كيفن دي بروين إلى فولفسبورج، وخوان ماتا إلى مانشستر يونايتد.
لكن صلاح لم يستطع فرض نفسه على التشكيل الأساسي لـ مورينيو، وخاض 19 مباراة مسجلا هدفين. ورغم معانته في ستامفورد بريدج، فإن SPOCS رأوا أنها كانت خطوة ناجحة، ففي النهاية نجحوا في نقل لاعب من إفريقيا وأوصلوا إلى الدوري الإنجليزي في ظرف 3 سنوات ونصف تزامنا مع تحوّله إلى لاعب دولي.
لكن مشاعر صلاح بدأت في التغير بشأن النصائح التي كان يتلقاها، والفشل الذي رآه في تشيلسي جعله يدرك أهمية الخطوة التالية، توجب أن تكون الخطوة الصحيحة، مسيرته لم تعد تحتمل مزيدا من الأخطاء مثلما حدث في لندن.
العلاقة بين SPOCS وصلاح انتهت في 2015، وThe Athletic علمت أنه بعد تغريدات صلاح في بداية 2015 عن وكيله السابق كرونينبرج، فقد اتفق الطرفان على عدم التطرق لمسألة انفصالهما علنًا.
مجموعة SPOCS لم تكن متاحة للتعليق على ذلك عندما تم التواصل معهم أثناء كتابة هذا التقرير.
في تلك اللحظة تولت ماريتشي المسؤولية، درست في جامعة بولونيا قبل أن تنتقل إلى فيينا حيث عملت في غرفة تجارية إيطالية، قبل أن تحصل على رخصة مزاولة وكالة اللاعبين من فيفا ويويفا في 2010، وقد قابلت صلاح لأول مرة في بازل وصارا صديقين.
صلاح كان منبهرا عندما عادت ماريتشي من اجتماعها مع مورينيو باتفاق على انتقاله إلى تشيلسي. مصدر مُقرب من الموقف قال: "كانت لحظة صعبة جدا في مسيرة صلاح، وكريستينا استطاعت تجاوز كل تلك المشاكل بشكل سريع".
ماريتشي تواصلت وقتها مع أوليس سافيني صديقها الموثوق، وهو وسيط قابلتها أثناء دراستها في بولونيا. وتحدث الثنائي بإسهاب لإيصال صلاح بالأندية الكبرى في إيطاليا. كان هناك اهتمام من روما وفيورنتينا وإنتر ميلان.
سافيني سافر إلى لندن عدة مرات ليقابل صلاح وتشيلسي الذي أصر على الحصول على مبلغ 11 مليون جنيه استرليني الذي استثمره في صلاح قبل عام واحد عندما ضمه من بازل.
روما كان مهتما للغاية، لكن المفاوضات تعطلت لقرابة الثلاثة أسابيع. ماريتشي وسافيني اعتقدا أنهما توصلا لاتفاق أخيرا، لكن فجأة تراجع روما ووقّع مع سايدو دومبيا من سسكا موسكو.
ذلك كان بمثابة فرصة لـ فيورنتينا الذي كان يفاوض تشيلسي بالفعل على انتقال كوادرادو عبر الوكيل أليساندرو لوتشي، رفقة تانوري.
وعندما عقدت ماريتشي اجتماعا في لندن للتباحث بشأن مستقبل صلاح، كان تانوري الشخص الوحيد الذي يعرف رامي عباس.
مصدر صرح: "لم يكن هناك أي شخص يعرف عباس، تواجد فقط هناك من أجل الترجمة".
رغم ذلك، نال عباس إعجاب سريعا جدا، وعباس حظى بثقته.
صلاح البالغ وقتها 24 عاما، كان قد عانى خلال تواجده في تشيلسي بآخر 18 شهرا، لم يكن واحدا من اللاعبين الأساسيين وشعر بأنه منعزل عن هيكل الفريق.
وبعد عدة سنوات من التعامل مع لاعبين ومدربين ووكلاء ومحامين ووسطاء لم يكن صلاح يعرف موقفهم منه بالضرورة؛ فقد قدّر بشدة وضوح عباس الذي ينظر إليه في عينيه طوال الوقت، وأتم الإجراءات بسرعة.
وبالنسبة لـ عباس، فيمكنك تخيل كيف كانت تلك الخطوة مثيرة له. كان هناك الكثير من الأمور لإتمامها في وقت قصير، وصلاح كان قلقا دائما لمعرفة المكان الذي ستذهب إليه أمواله، ولهذا أصر على تحرير عقده مع فيورنتينا باللغة العربية.
فيورنتينا شعر بالذعر وسمح لـ عباس بالمساعدة، وهذا سهّل الصفقة بشكل كبير مما كان منتظرا.
وصلاح بات واحدا من أهم الصفقات الشتوية في تاريخ الدوري الإيطالي، سجّل 9 أهداف في 26 مباراة مع فيورنتينا الذي أراد شراءه بشكل نهائي وفقا لما اعتقدوا أنه بندا في العقد.
لكن النادي اكتشف بعد ذلك أن القرار في يد اللاعب وهذا أدى إلى زيادة في الطلب عليه.
ماريتشي وسافيني بدآ التفاوض مع روما مجددا. وسافيني التقى أيضا مع معارفه في إنتر، عندها عرف أن رامي عباس تواصل مع إنتر بشكل منفصل، وما تبعها كان فصلا آخر من الجدالات في وجود طرفين يزعمان تمثيلهما لـ صلاح.
علاقة صلاح وماريتشي تدهورت سريعا، فقد رأت أن عباس يدلل صلاح كثيرا، وعباس من جانبه لم وكيلا بالمعنى الحرفي ولم يكن لديه قائمة طويلة من العملاء يستحوذون على وقته، وبالتالي كان قادرا على إعطاء صلاح الاهتمام الكافي الذي يريده.
هؤلاء الذين عرفوا كيف هو التعامل مع صلاح في أيامه الأولى بـ أوروبا، اعتبروه شخصا يمكن التحكم فيه، لكن تجاربه اللاحقة مع كرة القدم عززت من حواسه.
ويعتقدون أيضا أنه رأى الفائدة التي سيعود عليه به اتفاقا جيدا، إذ سيكون قادرا على السيطرة على عباس أكثر من أيٍ من وكلائه السابقين لأنه كان غير تقليدي. يقول مصدر: "لقد سيطر صلاح على مصيره بشكل أكبر منذ تلك اللحظة".
أول ذكر لـ صلاح على حساب رامي عباس عبر إنستجرام يرجع إلى 2 مارس 2015 عندما كتب: "يُتبَع...".
بعد 3 أشهر، فيورنتينا كان يحاول الإبقاء عليه، والصحافة المحلية لم تكن متأكدة من هوية وكيله. صحيفة "كوريري سبيوني" أوضحت أن صلاح لديه العديد من الممثلين وهذا صعّب من الإلمام بالتحركات الحقيقية في المفاوضات.
وللمرة الثانية، أثبت عباس أنه قادر على إيجاد الحل لـ صلاح، وقام بنفسه، وليس ماريتشي، بالتوقيع على عقود انتقال اللاعب إلى روما رغم الشكاوى التي حررها فيورنتينا والتي استمر النظر فيها لمدة عامين.
وبعد أن رفض فيفا شكوى فيورنتينا بشأن تحكمه في مصير صلاح، رفضت المحكمة الرياضية الدولية دعوى بـ30 مليون جنيه إسترليني من فيورنتينا في 2017.
بحلول ذلك الوقت، كان عباس على دراية بإجراءات قاعات المحاكم السويسرية، وبعد أن تولى شؤون صلاح، واصل العمل مع تانوري.
وفي بداية 2016 سافر كلاهما إلى لوزان لحضور جلسة استماع في المحكمة الرياضية الدولية بقضية لوكوموتيف موسكو ولاعبه البرازيلي السابق تشارلز.
وبعد مغامرة طويلة مع القوانين من تانوري، تم الحكم بتغريم اللاعب 1 مليون دولار بالإضافة إلى 10% فوائد يدفعها للنادي، تلك كانت معركة جديدة فاز بها عباس.
قبل 15 عاما فقط، لم يكن هناك أي إلزام قانوني للنادي أو اللاعب لقراءة قانونية لعقد الانتقال. لكن بالنظر إلى عشرات الملايين الجنيهات الإسترلينية المتناقلة في الحسابات المصرفية التجارية، غيّر فيفا قوانينه، وتدريجيا بات المحامون أشخاصا بارزين أكثر في عملية التفاوض.
اللوائح سمحت أيضا للمحامين بالمطالبة بحق تمثيلهم للاعب إذا دفعوا رسوما قدرها 500 دولار.
لكن أي محامٍ يسلك هذا الطريق عليه أن يكون حريصا للغاية، لأن أي وكيل لاعبين سيلاحظ تعديه على صلاحياته، فبشكل قانوني ستكون تلك نهاية مسيرة المحامي في عالم كرة القدم.
الوضع كان مختلفا مع عباس، لأنه اقترابه من صلاح كان عبر تانوري وليس وكيلا.
وعن طريق 3 خطوات سريعة، تحول صلاح من وكالة عالمية تمثله، إلى محامٍ فردي في ظرف 6 أشهر.
سلوك مشابه للذي قام به مؤخرا رحيم سترلينج وكيفن دي بروين في عدم استعانتهما بوكلاء لاعبين في مفاوضات عقديهما مع مانشستر سيتي.
وعباس قام بإعجاب في تويتر على نبأ تجديد دي بروين لعقده مع مانشستر سيتي، والبعض يعتقد أنه كان يوجه رسالة بذلك بأن ليفربول عليه القيام بالمثل مع صلاح الذي هو أصغر من اللاعب البلجيكي بعام، ولديه نفس الأهمية في الفريق.
رغم ذلك، علم The Athletic أن صلاح لا ينوي الضغط على ليفربول من أجل انتقاله إلى نادٍ آخر، لكنه قلق من المؤشرات الأولية من ليفربول التي تشير إلى نظرهم إلى مستقبله بشكل مختلف.
ومن المفهوم لماذا قد يحجم نادٍ عن تقديم عرض بأجر مرتفع للاعب سيبلغ 29 عاما قريبا في وسط جائحة خصوصا مع تبقي مدة لا بأس بها في عقده.
وهناك أمثلة قريبة لما قد يحدث عندما تتقدم الأندية بعروض كبيرة للإبقاء على لاعبين متقدمين في العمر، فهل يمكن أن يزعم أي شخص أن العقود الضخمة التي قدمها أرسنال لـ ميسوت أوزيل وبيير إيمريك أوباميانج قد حققت المطلوب؟
ومع ذلك، سيكون مفهوما لو أراد صلاح الذي يهتم جدا بقدراته البدنية أكثر من أغلب اللاعبين، أن يحصل على تأكيدات بالنظر لكونه سيصير هداف الفريق للموسم الرابع على التوالي رغم كونه ليس مهاجما صريحا من الأساس.
مصدر مقرب من اللاعب قال: "أعتقد أنه أمامه 4 أو 5 أعوام في المستوى العالي بكل سهولة. إنه نادرا ما يتعرض لإصابات ويحاول التطور طوال الوقت".
ورغم أن عملية انتقال صلاح إلى روما في 2015 كانت معقدة، فبعض المصادر في النادي قد أوضحت أن التفاوض على العقد بين والتر ساباتيني ورامي عباس كان واضحا نسبيا.
والأمر نفسه قد يُقال بشأن انتقال صلاح إلى ليفربول بعد عامين، كما لم يكن هناك أي عبث عندما حصل صلاح على المكافأة بعقد طويل الأمد بعد 12 شهرا من تحطيم الأرقام القياسية في النادي.
لكن المزاج بات مختلفا الآن، والشخص الذي يتواصل معه عباس داخل أنفيلد هو مايكل إدواردز المدير الرياضي. وحاله حال عباس، هو شخص مباشر، وعندما يتحرك الطرفان صوب نفس الأهداف، تكون المحادثات أكثر بساطة.
على النقيض، فهذه المرة يبدو أنه يجب تقديم بعض التنازلات لو كان صلاح سيستمر في ليفربول.
حاليا، هناك الكثير أمام عباس ليفكر فيه، لعله يؤثر على صلاح ولكنه لا يتحكم فيه. ومؤخرا بات يتحرك وفقا لأمنيات موكله.