المواهب اللاتينية إلى الدوري الأمريكي.. طفرة ألميرون وجسر إلى أوروبا
الجمعة، 26 مارس 2021 - 19:11
كتب : إسلام أحمد
في 2007 حقق ديفيد بيكام طفرة في الدوري الأمريكي عند انتقاله إلى لوس أنجلوس جالاكسي.
ميجيل ألميرون
النادي : نيوكاسل يونايتد
عانى الدوري في ذلك الوقت بعد 10 مواسم من انطلاقه من تراجع عدد الجماهير واحتاج للاسم الذي يدفع الجميع للتركيز على لعبة كرة القدم في البلاد والعالم، وكان بيكام الحل.
كان الهدف هو جلب لاعبين يلفتون الانتباه يتعرف عليهم المشجعون العاديون من الخارج ثم يُلفتون انتباههم إلى النادي. وفي الغالب، كان ذلك ناجحا جدا.
بعد ما يقارب 10 سنوات أصبح الدوري الأمريكي ملفتا للنجوم الكبار وصار يُعرف بمحطة الاعتزال الأخيرة.
في الدوري الأمريكي يوجد سقف للرواتب، وإذ كنت نجما ولاعبا دوليا ستحصل على راتب أعلى وتُصنف كلاعب مُحدد أو DESIGNATED PLAYER بحد أقصى 3 لاعبين في الفريق الواحد.
أندريا بيرلو وستيفن جيرارد وتيري هنري وديديه دروجبا وكاكا وفرانك لامبارد أنهوا مسيرتهم في الدوري الأمريكي ومن بعدهم زلاتان إبراهيموفيتش الذي عاد مرة أخرى لمواصلة مشواره الأوروبي.
بحسب موقع BABAGOL فأن أندية الدوري الأمريكي حاولت زيادة عائداتها والبحث عن مصادر دخل إضافية، فقررت محاكاة بعض الدوريات الأوروبية وأبرزها الدوري الهولندي الذي يمتلك ملاعب صغيرة وحقوق بث تلفزيوني صغيرة لكن أندية مثل أياكس وفينورد وألكمار لا زالوا يحققون الملايين بفضل تطوير اللاعبين وبيعهم بسعر أعلى.
التقرير أشار إلى "تستثمر الأندية الهولندية في الشباب، سواء كانوا موهوبين محليين أو لاعبين شباب من جميع أنحاء العالم. انظر إلى بعض أكبر وأشهر لاعبي كرة القدم حولك وتحقق من جذورهم الكروية. بدأ لويس سواريز بدايته في أوروبا مع جرونينجن، وانتقل إلى أياكس ثم تم بيعه إلى ليفربول بما يقرب من أربعة أضعاف ما دفعوه".
بين 2016 و2018 تغييرت القواعد تماما في الدوري الأمريكي مع الباراجوياني ميجيل ألميرون.
انضم صانع ألعاب لانوس الأرجنتيني إلى صفوف أتلانتا يونايتد مقابل 7.5 مليون يورو في 2016 عندما بدأ الفريق مشواره لأول مرة في الدوري الأمريكي.
وأصبح ألميرون البالغ حينها 22 عاما "لاعبا مُحددا شابا" وهو مصطلح سيعتاد على الدوري سريعا مع توافد كتيبة كبيرة من اللاعبين الشباب، خاصة من أمريكا الجنوبية.
حجر الزاوية
بين 2007 و2016 ماذا تغير في الدوري الأمريكي ليصبح جسرا للاعبي أمريكا الجنوبية إلى أوروبا.
قال ألميرون لراديو ABC Cardinal في عام 2018: "يعتقد الجميع أن المرء يذهب إلى الدوري الأمريكي للاعتزال، لكن هذا خطأ".
وأضاف "الدوري ينمو عاما بعد عام. لا أعرف ما إذا كان بإمكاننا مقارنته بالآخرين ولكنه ينمو ببطء وهذا أمر مهم. يصل اللاعبون الشباب الذين يتناسبون مع أولئك الذين لديهم المزيد من الخبرة".
فيليبي كارديناس صحفي يغطي الدوري الأمريكي لشبكة "ذا أثليتك" قال عبر برنامج "Extra time": "كانت هناك دائما علاقة بين أمريكا الجنوبية والدوري الأمريكي منذ الموسم الافتتاحي عام 1996".
وأردف "أعتقد أن ما يتغير الآن هو أن اللاعبين القادمين أصبحوا أصغر سنا. وأعتقد أن عوائد بيعهم ستساعد على استشكاف المزيد. أعتقد أن فرقا معينة ستبدأ على الانفتاح في أسواق مختلفة. لأن التركيز فقط على الأرجنتين وأوروجواي، على سبيل المثال".
في 2016 تواجد 72 لاعبا من القارة اللاتينية في الدوري الأمريكي، وكان عدد اللاعبين الأرجنتينين الأكثر بين أبناء القارة بـ 26 لاعبا.
في 2020 ارتفع العدد اللاتيني إلى 125 لاعبا، فتجد أن الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا ثاني وثالث ورابع الجنسيات الأجنبية تمثيلا في المسابقة بعد كندا.
على النقيض من ذلك يضم الدوري الإيطالي 81 لاعبا من أمريكا اللاتينية، و77 في الدوري الإسباني و32 في الدوري الإنجليزي.
أغلى 5 لاعبين في تاريخ الدوري الأمريكي حتى الموسم الجديد 2021، 4 منهم من أمريكا الجنوبية –المكسيكي رودولفو بيتزارو رابعا-، والأكبر سنا يبلغ 25 عاما وهو جونزالو مارتينيز الذي انتقل لاحقا إلى النصر السعودي بمقابل أكبر من الذي انضم به إلى أتلانتا يونايتد.
يرى نيكولاس لوديرو صانع ألعاب منتخب أوروجواي وسياتل ساوندرز أن هناك أسباب تدفع فرق الولايات المتحدة لضم لاعبي أمريكا الجنوبية، فقال سابقا لـ Yahoo Sport: "كرة القدم تسير في دماء أبناء أمريكا الجنوبية، واعتقد أن هذا ما يجذب الأشخاص في الولايات المتحدة والعالم لنا".
وأضاف "يعرفون أن اللاعب اللاتيني يعيش كرة القدم بشغف، ولهذا السبب ترى أنهم يجلبون الكثير منا إلى هنا، وأحيانا نقدم الفرق الذي يحتاجها الفريق".
في السنوات الأخيرة لا يجد أفضل لاعب في أمريكا الجنوبية فرصة كبيرة للانتقال إلى أوروبا، لوان لاعب وسط جريميو والذي ارتبط بالانتقال إلى ليفربول في 2017 انتقل الموسم الماضي إلى كورينثاينز.
ميجيل بورخا المهاجم الكولومبي الذي قاد أتليتكو ناسيونال للفوز بكوبا ليبرتادوريس 2016 لازال يلعب في القارة اللاتينية بين بالميراس البرازيلي وأتليتكو جونيور.
الفوز بجائزة أفضل لاعب لا يعني الانتقال لأوروبا، جونزالو مارتينيز انتقل لصفوف أتلانتا يونايتد الأمريكي عوضا عن اللعب في القارة العجوز.
في 2016 جذب أتلانتا يونايتد الأنظار عندما ضم الأرجنتيني تاتا مارتينيو المدير الفني كل من: جوزيف مارتينيز من فنزويلا، والباراجواياني هيكتور فيلابا من نادي سان لورينزو الأرجنتيني، ولاعب الوسط الأرجنتيني ياميل أسد من فيليز سارسفيلد، وكارلوس كارمونا من تشيلي وإيزيكيل باركو من إندبندينتي، وبعد عامين حصدوا لقب الدوري الأمريكي.
سيمون إدواردز صحفي يعيش في كولومبيا أوضح لـ موقع world football index: "يعلم اللاعبون أنهم سيحصلون على رواتب جيدة وأن رواتبهم مضمونة كل شهر، وهذا ليس هو الحال دائما في أمريكا الجنوبية".
وتابع "ثم تحصل على نوعية الحياة والملاعب وفرصة إظهار جودتك لجمهور أوسع. توفر كرة القدم البرازيلية والأرجنتينية منصة جيدة لأفضل اللاعبين في القارة، لكن الدوري الأمريكي لكرة القدم يتمتع بمكانة أعلى من كرة القدم الأوروجوايانية أو الكولومبية أو التشيلية".
وواصل "ألميرون هو مثال مهم للاعبين في أمريكا الجنوبية على أن الانتقال إلى الدوري الأمريكي ليس نهاية الرحلة".
وأردف "سيتطلع نجوم أكبر الأندية أو أفضل المنتخبات الوطنية للشباب للاحتراف في أوروبا أولا، ولكن بالنسبة لأي شخص آخر، فإن الولايات المتحدة هي الخطوة الثانية المثالية".
بعد موسمين لألميرون فاز بجائزة أفضل لاعب وافد في 2017 وساهم في حصد أتلانتا يونايتد لقب الدوري الأمريكي الموسم التالي، رحل صوب نيوكاسل الإنجليزي في يناير 2020 كأغلى صفقة في تاريخ جيوش المدينة حينها مقابل 24.5 مليون يورو.
روبرتو روخاس صحفي باراجوياني قال أيضا للموقع ذاته: "نظرا لحقيقة أن الدوري الأمريكي لا يتوافق تماما مع معايير البطولات الأوروبية الكبرى، فلديك هذا النوع من الأمان للعديد من المواهب الشابة في أمريكا الجنوبية للوقوف على أقدامهم والتطور بشكل صحيح مع قدر كبير من وقت اللعب والتنافسية".
وتابع "الدوري الذي مر عليه 25 عاما تقريبا سيستغرق بعض الوقت ليتفوق على البرازيل أو الأرجنتين من حيث المعايير، لكننا نرى الكثير من هؤلاء اللاعبين الشباب يتجهون إلى الولايات المتحدة بسبب الاستقرار المالي واستخدامها كنقطة انطلاق إلى أوروبا".
يضم الدوري الأمريكي مجموعة كبيرة من اللاعبين الشباب، على سبيل المثال حصد أندريه شيانشيكي المدافع البرازيلي جائزة أفضل لاعب شاب في موسم 2019 مع كلورادو رابيدز، فيما فاز الأوروجوياني دييجو روسي بجائزة أفضل لاعب شاب الموسم الماضي، ما يُبرز السيطرة اللاتينية مؤخرا.
روسي انضم من صفوف بنيارول الأوروجوياني وهو من أفضل المواهب الشابة في البلاد لصفوف لوس أنجلوس عند تكوين الفريق في 2018 والآن يعد من أبرز اللاعبين المنتظر أن تطأ أقدامهم الملاعب الأوروبية.
تألق اللاعبين اللاتينين يُضاف له ظهور لاعبي كندا مع فرق تورنتو وفانكوفور وايتكابس ومونتريال إمباكت، وعلى رأسهم بكل تأكيد ألفونسو ديفيز ظهير أيسر بايرن ميونيخ الحالي والذي شارك لأول مرة في الدوري الأمريكي بعمر 15 عاما.
بعد فترة وجيزة من بيع ديفيز، قال دون جاربر مفوض الدوري الأمريكي: "نحن بحاجة إلى أن نصبح أكثر من دوري يبيع اللاعبين، سيتمكن المعجبون الآن من الإشارة إلى النجوم البارزين في أوروبا والقول إنهم رأوهم قبل أن يكبروا. يكاد لا يوجد فخر أكبر من رؤية لاعبيك، ينجحون في المستوى الأعلى".
الأرجنتين بدلا من ميامي
عرف الدوري الأمريكي في السنوات الأخيرة زيادة عدد الفرق المشاركة في المسابقة إلى 27 قبل بدء موسم 2021.
الموسم الماضي عرف مشاركة إنتر ميامي لأول مرة في تاريخه بالدوري الأمريكي، وهنا نعود إلى نقطة البداية حيث ديفيد بيكام، مالك النادي.
الضيف الجديد ضم لصفوفه في أول مواسمه 9 لاعبين من أمريكا الجنوبية، على رأسهم جونزالو إيجوايين مهاجم يوفنتوس الإيطالي وريال مدريد الإسباني الأسبق.
6 من الـ 12 من الأرجنتين إذ مزح أحد المشجعين عبر تويتر قائلا إنه يجب تسمية الفريق "Argentina FC".
الاسم الأبرز في التعاقدات مع بداية مشوار النادي كان رودلفو بيتزارو والذي انضم مقابل 11 مليون يورو من مونتيري المكسيكي، يليه الشاب الأرجنتيني ماتيس بيليجريني الذي انضم مقابل 8 ملايين يورو.
ممثل مدينة ميامي 70% من سكانها تعود أصولهم لأمريكا الجنوبية، لذلك ارتبط بالأسماء اللاعبين اللاتينين في سوق الانتقالات أكثر من الأوروبين وأبرزهم إيدنسون كافاني ولويس سواريز.
حتى أن بيكام أوضح أن حب شارات أمريكا الجنوبية غذى المشروع قائلا أثناء الإعلان عن شعار النادي: "كان الشعار شيئا مهما حقا بالنسبة لي، لقد انجذبت دائما إلى الشعارات القديمة لأمريكا الجنوبية وهذا شيء شعرت أنني بحاجة لتطبيقه في هذا الشعار".
ماكس راموس نائب رئيس العمليات في النادي أوضح تعلق الجماهير بالفريق الذي لم يكن قد لعب مباراة رسمية في الدوري الأمريكي من قبل: "دائما ما أرى جماهير تقول Inter de Miami es mi equipo en la MLS (هذا فريقي المفضل في الدوري باللغة الإسبانية)، من الرائع أن نرى كيف تنمو العائلة".
وقال بول ماكدونو، مدير العمليات والمدير الرياضي في إنتر ميامي لـ Miami Herald: "لقد تغير مفهوم الدوري الأمريكي لأن بعض اللاعبين المؤثرين قد ظهروا وأداؤوا بشكل جيد، لاعبون أرجنتينيون مثل إيجناسيو بياتي ودييجو فاليري وخافي موراليس، لقد تحسنت المرافق كثيرا وأعتقد أن اللاعبين يدركون أنه دوري مستقر جيد حقا".
وأوضح "إذا كنت لاعبا أكبر سنا، فيمكنك المجيء إلى هنا والاستمتاع بنوعية حياة جيدة وكسب المال بشكل منتظم. في بعض الأحيان يكون الاقتصاد في النوادي هناك هشا. لا يحصل اللاعبون دائما على أموالهم. إذا قمت بالتوقيع مع نادٍ في الدوري الأمريكي، فأنت تعلم أنك ستحصل على أموال. إذا كنت لاعبا شابا، يمكنك المجيء إلى هنا لعرض مواهبك والخطوة المحتملة إلى أوروبا".
نفس الأمر يسير عليه نادي أوستن والذي سيبدأ المشاركة لأول مرة في تاريخه بالدوري الأمريكي بدءا من موسم 2021 في أبريل المقبل.
النادي الذي يبني تشكيلا كاملا جاءت أغلى 3 صفقات له من أمريكا الجنوبية إذ ضم الباراجوياني رودني ريدس (20) من جواراني مقابل 2.5 مليون يورو، وكذلك لاعبان آخران للفريق الذي وصل إلى ثمن نهائي كوبا ليبرتادوريس 2020 وهم سيسليو دومينجيز والمدافع الكولومبي جوهان رومانا.
كما ضموا توماس بوتشيتينو من تاييرس الأرجنتيني مقابل 2.7 مليون يورو والذي سبق له أن لعب لبوكا جونيورز من قبل.
كذلك أصبحت الأندية الأمريكية ندا لنظيرتها الأوروبية في الحصول على الصفقات، إذ تصارع أتلانتا يونايتد على خدمات الإكوادوري موسيس كايسيدو والذي تألق في تصفيات كأس العالم العام الماضي وأحد أبرز مواهب أمريكا الجنوبية العام الماضي، لكنهم رضخوا في النهاية لانتقال اللاعب إلى برايتون الإنجليزي رغم اهتمام فرق أكبر به.
قال كارديناس مواصلا حديثه لبرنامج "Extra Time": "أعتقد أنك ستستمر في رؤية ذلك. موسيس كايسيدو كانوا قريبين جدا في أتلانتا من ضمه وهو ابن 19 عاما، وهو لاعب أساسي بالفعل على مستوى المنتخب الوطني الأول، لا يوجد الكثير مثله".
وأوضح كارديناس: "لكن أعتقد أن هذا هو الاتجاه: اللاعبون الشباب. لن يدفع أتلانتا أرقاما قياسية (على مستوى الدوري المحلي) مثلما دفع سابقا لبيتي مارتينيز وإيزيكيل باركو، لكنك تحصل على هؤلاء اللاعبين الذين يمكنهم الدخول واللعب. وقد يُطلق عليهم المشروع".