تحقيق في الجول – هل تتلاعب تنزانيا بنتائج كورونا قبل مباريات إفريقيا؟
الجمعة، 19 مارس 2021 - 18:30
كتب : محمد عبد العظيم
فحوصات فيروس كورونا لبطولات إفريقيا قبل ربع النهائي، تتم دون إشراف من اللجنة الطبية بالاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف". فرصة سانحة لأصحاب الأرض للتلاعب بنتائج فحوصات الضيوف قبل المباريات لحرمانهم من بعض لاعبيهم.
هكذا هو الحاف في بطولات إفريقيا القارية، لكن الاتهامات تتمحور غالبيتها صوب اتجاه واحد في دار السلام، عاصمة تنزانيا.
نادي المريخ أثار تلك القضية الكبيرة قبل مباراتهم أمام سيمبا في الجولة الرابعة من دور المجموعات لدوري أبطاب إفريقيا.
فحوصات كورونا التي أجراها نادي المريخ في تنزانيا، أثبتت إيجابية عينة 8 لاعبين من الفريق. النادي السوداني أرسل شكوى عاجلة إلى "كاف"، يعترض فيها على نتائج المسحات.
المريخ أصدر بيانا رسميا عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، يعبر فيه عن وجود شكوك حول نزاهة الفحوصات التي خضع لها لاعبو الفريق في إحدى المستشفيات بالعاصمة التنزانية دار السلام.
دولة تنزانيا بشكل عام، لم تٌعر أي أهمية لفيروس كورونا منذ بداية الجائحة بالانتشار في العالم قبل عام من الآن. جون ماجوفلي رئيس تنزانيا كان دائم الدعم لنظرية المؤامرة، وأن فيروس كورونا مجرد وهم كبير.
الأرقام الرسمية لمصابي كورونا في تنزانيا مثلا، توقفت يوم 13 مايو 2020 عند 509 إصابة. 183 متعافِ، و21 حالة وفاة.
منذ ذلك الحين البعيد، أعلنت السلطات التنزانية عدم الإعلان عن أرقام الإصابات بفيروس كورونا مجددا.
تنزانيا كانت الدولة الإفريقية الأولى التي أعلنت استكمال المسابقات المحلية لها في الموسم الماضي، وبحضور الجماهير بشكل طبيعي.
رأينا مثلا مباراة الأهلي مع سيمبا في الجولة الثانية من دور المجموعات قبل قرابة شهر، وكيف كان الملعب ممتلئا عن آخره.
وبعد كل تلك الإجراءات غير الطبيعية في تنزانيا، كان الحدث الكبير لديهم مؤخرا، بوفاة جون ماجوفلي رئيس البلاد يوم 17 مارس الجاري.
سامية حسن نائبة الرئيس التنزاني أعلنت بأن سبب الوفاة هو تأثره بمرض في القلب، لكن تقارير عدة أخرى تؤكد بأن الرئيس الراحل توفى متأثرا بإصابته بفيروس كورونا.
الدلائل التي قد تدعم تظرية إصابة ماجوفلي بـ كورونا، هي التقارير التي تشير لإصابة عدد كبير من مساعديه بفيروس كورونا حاليا.
دليل آخر يعود إلى مكان تلقيه العلاج، إذ قال البعض إنه تلقى العلاج في الهند، فيما قالت وسائل الإعلام الكينية -الدولة المجاورة لـ تنزانيا- بأن زعيم إفريقي كان يٌعالج من فيروس كورونا لديهم في الأيام الأخيرة، دون الإفصاح عن هويته.
ما سبق كان تفصيلا لما يحدث في الليالي الأخيرة داخل تنزانيا، والذي ربما يرتبط بأحداثنا الرياضية التي سنتطرق إليها الآن. إعلان وفاة الرئيس التنزاني كان بعد مباراة المريخ، لكن مرضه كان قبل ذلك بالتأكيد، وربما تاريخ وفاته كذلك. ماجوفلي لم يظهر علنا في وسائل الإعلام منذ 27 فبراير الماضي.
أزمة المريخ
نعود لأزمة المريخ. FilGoal.com تواصل مع لي كلارك المدير الفني لنادي المريخ، وإسلام جمال المٌعد البدني للفريق، لتوضيح ما حدث قبل المباراة.
لي كلارك قال لـFilGoal.com: "مٌتعجب تماما مما حدث، لقد عاملونا بأسوأ طريقة، وفقدنا أهم لاعبينا بالتلاعب بنتائج الفحص بعد أن تم إخطارنا بالنتيجة قبل بداية المباراة بساعتين فقط أو أقل من ذلك ربما".
وتابع "كنت قد وضعت التشكيل وكان هناك 7 لاعبين من المصابين سيبدأون المباراة، واضطررنا للعب بالشباب الذين لم يكونوا جاهزين لهذا التحدي".
في السياق ذاته، قال إسلام جمال لـFilGoal.com: "خضعنا لفحص كورونا قبل السفر إلى تنزانيا، وأثبت سلبية مسحة الفريق. حين وصلنا إلى تنزانيا خضعنا لفحص آخر وتم تأخير نتيجة الفحص في المستشفى أكثر من 6 ساعات، ثم حصلنا على النتيجة قبل بداية المباراة بساعتين، وتفاجأنا بوجود 8 لاعبين مصابين".
وأكمل "تمت معاملتنا بشكل سيء، لدرجة أن النادي التنزاني قام بوضع مادة في غرفة الملابس ومقاعد البدلاء، سببت ضرر لنا في أجسادنا وعرضتنا للحكة المستمرة. سيمبا تعمد وضعنا في هذا المأزق".
اتهام سيمبا بالتلاعب في نتائج كورونا، لم يكن الأول خلال الموسم الحالي من دوري أبطال إفريقيا، إذ سبق واتهمه أيضا فريقا بلاتيو يونايتد النيجيري، وبلاتينيوم الزيمبابوي الذين زعما بوجود تلاعب واضح من نادي سيمبا بنتائج كورونا قبل مواجهتي الفريقيان في الدور التمهيدي، ودور الـ 32، وقد تأهل منهما سيمبا إلى دور المجموعات لدوري أبطال إفريقيا.
واجه سيمبا فريق بلاتيو يونايتد في الدور التمهيدي، وانتهت مباراة الذهاب بفوز سيمبا بهدف نظيف في نيجيريا، ليضع سيمبا قدما في دور 32 قبل مباراة العودة في تنزانيا.
وقبل بداية مباراة الإياب بدقائق، أعلن نادي بلاتيو يونايتد تقدمه بشكوى رسمية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" ضد سيمبا، وذلك بسبب ثبوت إيجابية فحص كورونا للاعبين ضمن صفوف الفريق، وشكك النادي في صحة النتائج.
عبدول مايكابا مدرب بلاتيو يونايتد قال لـFilGoal.com عن تلك الواقعة: "قبل أن نسافر من نيجيريا خضعنا لفحص كورونا تابع لوزارة الصحة من أجل الحصول على تصاريح السفر، وكانت النتيجة سلبية لجميع البعثة المسافرة، وسافرنا إلى تنزانيا".
"فور الوصول، طلب منا مسئولو نادي سيمبا خضوع الفريق لفحص الكورونا ووافقنا على الرغم من قيامنا به قبل السفر، لكنهم لم يعترفوا بنتائج وزارة الصحة النيجيرية".
وأتم "بعد خضوعنا للفحص، تأخرت النتيجة إلى قبل بداية المباراة بدقائق قليلة للغاية، وتفاجأنا بوجود حالتي إصابة بالفيروس لأفضل لاعبي الفريق، وهما صنداي أديتونجي، وإبراهيم أبو بكر. أخبرنا مراقب المباراة بذلك، وقال أنه سيخبر مسئولي كاف بما حدث، لكن لم نحصل على رد بعد ذلك ولعبنا المباراة وانتهت بالتعادل السلبي وخرجنا من البطولة".
تأهل سيمبا لدور الـ 32 وواجه فريق بلاتينيوم الزيمبابوي، وانتهت مباراة الذهاب في زيمبابوي بفوز بلاتينيوم بهدف نظيف.
قبل بداية مباراة العودة في تنزانيا والتي انتهت بفوز سيمبا برباعية، أعلن نادي بلاتينيوم إصابة 8 أشخاص ضمن صفوف الفريق بفيروس كورونا.
شيدو تشيزوندو المتحدث الرسمي لنادي بلاتينيوم قال لـ FilGoal.com عن ذلك: "قبل المباراة بساعتين، تم إخطارنا من جانب مسئولي سيمبا بوجود 8 حالات كورونا في الفريق، بينهم 5 لاعبين، والباقي ضمن الجهاز الفني. الأمر أثار تعجبنا، إذ أنه تم تسليمنا النتائج قبل المباراة بساعتين فقط من خلال نادي سيمبا، ولم نحصل عليها مباشرة من المعمل الذي خضعنا للاختبارات فيه".
وأتم "لم نتقدم بشكوى للاتحاد الإفريقي بسبب ضيق الوقت، لكن أخطرنا مراقب المباراة بما حدث".
لم يكن الأمر متوقفا فقط على نادي سيمبا في اتهامه بالتلاعب بنتائج فيروس كورونا، إذ شكك فيرجيلو بايز طبيب فريق بريميرو دو أجوستو في نتائج فحص كورونا التي خضع لها فريقه قبل مواجهة نامونجو التنزاني في دور الـ 16 مكرر من الكونفدرالية الإفريقية.
أقيمت المباراتين في تنزانيا، وذلك بسبب الإغلاق في أنجولا بعد ارتفاع حالات كورونا. انتهت مباراة الذهاب بفوز نامونجو بنتيجة 6-2، وقبل المباراة أعلن النادي الأنجولي غياب 6 لاعبين بسبب إيجابية عينة كورونا الخاصة بهم.
وبعد نهاية المباراة، قال فيرجيلو بايز للموقع الرسمي لناديه "لم أفهم ما حدث، لقد خضعنا قبل المباراة بيومين لفحص الكورونا وأثبت سلبية مسحة الجميع، وفوجئنا قبل بداية المباراة بساعة ونصف فقط بأن هناك 6 حالات مصابة بفيروس كورونا، والغريب أن جميع اللاعبين المصابين هم من التشكيل الأساسي لنا".
واستمر "لقد تقدمنا بشكوى تجاه ما حدث لمراقب المباراة والاتحاد الإفريقي، وحتى الآن لا يوجد تفسير لما حدث".
وتأهل نامونجو لدور المجموعات رغم خسارته في العودة بنتيجة 3-1 مستفيدا من فوزه الكبير في الذهاب، إذ أوقعته القرعة إلى جانب بيراميدز، والرجاء البيضاوي، ونكانا ريد ديفلز بدور المجموعات.
الرد التنزاني
FilGoal.com سأل نادي سيمبا عن تلك الاتهامات، وكان الرد من قبل علي محمد عضو مجلس إدارة النادي.
وقال علي محمد لـFilGoal.com: "لا يوجد لدينا تعليق على تلك الاتهامات، كيف نتدخل في نتيجة فحص كورونا، والأندية تذهب بنفسها إلى المستشفى لعمل الفحص؟".
وأتم "كورونا منتشرة في العالم، صحيح أن الارقام قليلة هنا في تنزانيا، لكن لم نتدخل أبدا في تغيير نتيجة فحص لأي نادي، ونرفض تلك الاتهامات تماما".
في النهاية نحن الآن أمام مجموعة من الفرق في طرف تتهم نادي سيمبا، أو تنزانيا عامة بالتلاعب في نتائج فحوصات كورونا، لكن دون دليل ثابت وحاسم. وفي المقابل طرف آخر ممثلا في تنزانيا يرفض الاتهام تماما.
المؤكد هو إن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" ساهم في تلك الأزمة بعدم إشرافه على نتائج المسحات في الأدوار الأولى وحتى الدور ربع النهائي.
إذا تواجد الإشراف من قبل الاتحاد الإفريقي، فلن يكون ذلك التشكيك منطقيا. ضعف الإمكانيات ربما يكون عذرا في عدم تواجد تقنية "فار" في المباريات حتى ربع النهائي، لكن الفرق تقوم بالمسحات بالفعل وتتحمل تكاليفها، فما الضرر من إشراف كاف عليها؟ خاصة حين نتحدث عن أرواح لاعبين وليس مصير مباريات.