"أنا مستعد للتحديات، وإنتر هو التحدي الأصعب في مسيرتي"، أنطونيو كونتي المدير الفني لـ إنتر لصحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية.
كونتي قائد يوفنتوس كلاعب والمدير الفني الذي قاد الفريق للعودة من جديد لمنصات التتويج بعد غياب، أصبح المدير الفني لـ إنتر الجار اللدود ويساعدهم الآن على إنهاء سيطرة يوفنتوس.
طبيعة إنتر بدورها دائما كانت ما صعبة، جيوفاني تراباتوني أحد أساطير التدريب في إيطاليا ويوفنتوس والذي سبق له أيضا تدريب إنتر سبق وأن وصف تدريب النيراتزوري بـ "دورة في الغسالة"، إذ من الصعب أن تحافظ على توازنك.
هذا هو السبب وراء فوز أقوى الشخصيات فقط في الإنتر: هيلينيو هيريرا وتراباتوني وجوزيه مورينيو.
الآن، أنهى إنتر الموسم الماضي وصيفا في الدوري الإيطالي والأوروبي، ويقترب كونتي من الحصول على لقب الدوري الأول للإنتر منذ ثلاثية مورينيو في عام 2010.
قبل وصول كونتي أنهى إنتر موسمه بفارق 21 نقطة عن يوفنتوس، والآن يستمد النيراتزوري قوته من ثنائية روميلو لوكاكو ولاوتارو مارتينيز، ويرى فابيو كابيلو أسطورة التدريب الإيطالية أن نيكولو باريلا من أفضل 3 لاعبين وسط في أوروبا.
يبدو أن موسم إنتر نحو التتويج الذي طال انتظاره يسير بنجاح، لكن ليس بتلك البساطة بعد ظهور شائعات حول بيع الشركة المالكة للنادي بسبب الأزمة الاقتصادية.
بيبي ماروتا الرئيس التنفيذي للإنتر قال في وقت سابق: "إنهم لا يزعزعون الاستقرار، هذه مجموعة متماسكة للغاية. كان هناك عمل شاق في هذا الصدد من كونتي وعندما يتماسك الفريق معا، حتى المشاكل الأكبر تصبح صغيرة".
شركة "سونينج"
بدأت شركة سونينج في الظهور عام 1990 في مدينة نانجينج الصينية من بيع وحدات التكييف إلى كل شيء في البلاد.
ومن ثم تطورت لتدخل مجالات الإعلام والعقارات والتكنولوجيا لتصبح من أكبر الشركات وأغناها في الصين تحت قيادة "زيهانج جيندونج".
وفي 2018 تغير اسم الشركة إلى Suning.com في إشارة لتحولها لبيع منتجاتها عبر الإنترنت، ولا تزال الشركة من أكبر الشركات تجزئة لمواد البناء في الصين لكن مبيعاتها تأثرت.
مع تفشي فيروس كورونا، تعرض سعر الأسهم للانخفاض 3 مرات، وجاءت خطة الإنقاذ التي شملت شركة أخرى من أكبر الشركات الصينية بنتائج عكسية، واضطرت لبيع ما يقرب من ربع عملياتها المدرجة في البورصة للدولة الصينية وقد أخبرتها الحكومة أن تنسى كرة القدم.
كان الدعم المالي الذي قدمه زيهانج لشركة إيفرجراند (أحد أكبر شركات التطوير العقاري في الصين) بمثابة الضربة التي قصمت ظهر البعير، لأن الأموال التي أقرضها لشركة إيفرجراند ظهر تأثيرها لاحقا على الشركة.
في البداية كان الاعتقاد أنها بمثابة صفقة تبادل أسهم مع شركة "علي بابا" والمملوكة للملياردير "جاك ما" قد تعيد لسونينج لمكانتها مرة أخرى، لكن الشركات تهاوت ومن ثم عانى جاك ما من مشاكل مع الحكومة الصينية، وفي الصين لا مجال لدخول معارك مع الحكومة.
باعت سونينج جراء الأزمة 1.6 مليار جنيه إسترليني أي ما يعادل 23% من الأسهم لشركتين استثماريتين مدعومين من الدولة.
بعيدا عن الشركة وما آلت إليه، ما هو وضع النادي مع أندية كرة القدم.
جيناسو سونينج
في 2015 اشترت شركة سونينج نادي جيناسو سانتي، وفي نفس الصيف تعاقد النادي مع راميريز لاعب وسط تشيلسي وأليكس تيشيرا مهاجم شاختار دونتسك وتم تعيين الإيطالي المخضرم فابيو كابيلو مديرا فنيا.
بعد عام اشترت الشركة أغلبية أسهم إنتر مقابل 230 مليون جنيه إسترليني.
كما حصلت على خدمة البث المباشر PPTV في الصين وبدأت في عرض مباريات الدوري الإيطالي والصيني وحصلت على حقوق الدوري الإنجليزي مقابل 523 مليون جنيه إسترليني بين 2019 و2022.
الآن الشركة في المحكمة ضد الدوري الإنجليزي بسبب عدم قدرتهم على دفع قيمة العقد المبرم وانهياره، وهو ما يُثير القلق في إنتر.
في ختام 2020 تُوج جيناسو سونينج بلقب الدوري الصيني لأول مرة في تاريخه وكان تيشيرا هدافا للفريق.
لكن بعد أقل من شهرين، أعلن النادي عبر بيان رسمي "إيقاف تشغيل كل العمليات في نادي جيناسو" وهو ما طال الفريق الأول وكذلك فرق السيدات والشباب.
قبلها قد أُعلن عن رفع اسم الشركة من شعار نادي جيناسو، وذلك عندما أوضحت الحكومة الصينية أن على الشركة التركيز على المتاجر وليس صرف الأموال على كرة القدم.
زيهانج جيندونج صرح يوم 19 فبراير الماضي: "سنغلق كل عمل ليس متعلقا بمجال التجزئة دون تردد".
في الصين تمتلك الحكومة السلطة لإخبار الشركات الخاصة بالاستثمار في كرة القدم، ويفعلون ذلك حتى تخبرهم متى يتوقفون.
العام الماضي أعلن نادي تاينجين كوانجيان إفلاسه بعد إفلاس الشركة المالكة ورحل عن صفوفه أكسيل فيتسل إلى بوروسيا دورتموند وألكسندر باتو عاد للبرازيل مجددا عقب عامين فقط من المشاركة في دوري أبطال آسيا، ليهبط للدرجات الأدنى.
صحفي مقيم في الصين تحدث لـ "ذا أثليتك" قائلا في هذا الصدد: "مشجعو جيانسو غاضبون من سونينج، وهناك الكثير من التعاطف معهم من المشجعين الآخرين لأنهم يعرفون أنه يمكن بسهولة -وفي حالة تيانجين- بالتأكيد أن يحدث هذا لأنديتهم".
أصدر الاتحاد الصيني لكرة القدم أكثر التصريحات رقة بعد قرار سونينج بترك نادي جيناسو، قائلا إنه "آسف" لسماع الأخبار وشكر الشركة على دعمها السابق للعبة.
التأثير على إنتر؟
استحوذت سونينج على أغلبية أسهم إنتر في صيف 2016، وعندما يبدأ مالك جديد مهمته في النادي يضم نجما كبيرا، على سبيل المثال ضم إرنستو بيليجريني، كارل هاينز رومينيجيه الفائز بالكرة الذهبية.
فيما تفاخر ماسميو موراتي بضمه لبول إينس وروبرتو كارلوس وخافيير زانيتي ثم ضم أغلى صفقة في العالم، رونالدو الظاهرة.
شركة سونينج واجهت تسوية اللعب المالي النظيف وحجب 20 مليون يورو عن خزائن النادي وفرض قيود على القائمة الجديد المشاركة في الدوري الأوروبي.
لم تخيب سونينج الآمال المعقودة عليها فصرفت 352 مليون يورو كأكثر فريق في الكرة الإيطالية منذ 2016.
في أول صيف ضم النادي جابريل باربوسا من البرازيل والبرتغالي جواو ماريو مقابل 78 مليون يورو، لكن الثنائي فشل في تجربته مع إنتر.
وقبل بداية الموسم أقيل روبرتو مانشيني من منصبه بعدما اقترح ضم عدة أسماء مختلفة أبرزها يايا توريه، وانتهى الموسم بتعيين 4 مديرين فنيين ودون التأهل لدوري أبطال أوروبا.
مع لوتشيانو سباليتي في الموسم التالي، خطف إنتر بطاقة التأهل لدوري الأبطال لأول مرة منذ 7 سنوات في الجولة الأخيرة من الأولمبيكو أمام لاتسيو.
حينها ظهر ستيفان زيهانج –أصغر رئيس نادي كرة قدم في أوروبا (27 عاما حينها) قائلا: "أخيرا لدينا القدرة على التحدث عن الوصول إلى الألقاب التي كنا نفكر فيها ولمسها، والتي فقدها الإنتر كثيرا. كل مباراة، كل حدث واحد سنفوز به".
كان ستيفان الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، والذي بلغ من العمر 29 عاما العام الماضي يتواجد بانتظام في ميلانو قبل انتشار فيروس كورونا.
أدرك إمكانات إنتر كعلامة تجارية لأسلوب الحياة (النادي على وشك الإعلان عن شعار جديد) واستوديو ترفيه. فأنشئ Zhang Inter Media House، حيث رأى القيمة في أندية كرة القدم كمزود محتوى فريد.
بدأ إنتر التجديد في كل شيئا بدأ من مقر التدريبات في أبيانو جنتيلي وكذلك الانتقال لمكاتب جديدة وعقد شراكة مع ميلان من أجل بناء ملعب جديد بدلا من اللعب على جوسيبي مياتزا.
ومع انضمام بيبي ماروتا في منصب المدير التنفيذي والذي جلب معه كونتي في خطوة أكبر من سباليتي لبدء تحقيق الألقاب.
كونتي هو المدرب الأعلى أجرا في أوروبا بعد دييجو سيميوني المدير الفني لأتليتكو مدريد، فهو يتقاضى 11 مليون سنويا ما يعادل أندريا بيرلو وجانبييرو جاسبريني وباولو فونسيكا وستيفانو بيولي مدربو يوفنتوس وأتالانتا وروما وميلان معا.
تحررت إدارة إنتر من قيود اللعب المالي النظيف، فضموا دييجو جودين دون مقابل ثم فالنتينو لازارو مقابل 22 مليون يورو من هيرتا برلين.
ضم نيكولو باريلا مقابل 45 مليون يورو من ساسولو ليصبح الأغلى في تاريخ إنتر، قبل أن يصبح روميلو لوكاكو الأغلى في تاريخ النادي بعد أسابيع مقابل 75 مليون يورو.
حاولت الإدارة التخلص من خدمات إيفان بيريتسيتش وماورو إيكاردي ورادجا ناينجولان، بقى الأول في النادي بعد الإعارة لصفوف بايرن ميونيخ الموسم الماضي، والأخير أعير مرتين لكالياري ورحل الأرجنتيني بنصف قيمة الشرط الجزائي المُقدر بـ 110 مليون يورو صوب باريس سان جيرمان.
كونتي من أجل أن يظل منافسا ضم أشلي يونج ثم فيكتور موسيس في الشتاء وفي الأيام الأخيرة تعاقد مع كريستيان إريكسن مقابل 27 مليون يورو قبل 6 أشهر من نهاية تعاقده مع توتنام وأصبح الأعلى أجرا في النادي.
تأثير فيروس كورونا؟
إنتر من أكبر المتضررين من غياب الجماهير، متوسط حضور جماهير الإنتر كان الأعلى في إيطاليا بـ 65.800 متفرج وفقد إنتر 60 مليون يورو من غياب جماهيره بالإضافة لـ 130 مليون يورو من شبكة سكاي سبورت الإيطالية.
تعرض النادي لضغوط من أجل التفاوض مع الرعاة فستجد أن النادي تخلى عن عقد رعاية شركة بيريلي بعد 25 عاما من تواجدها على قميص النادي ولأول مرة من 1995، فيريد النادي الحصول على أكثر من 11 مليون يورو في الموسم الواحد.
سجل إنتر خسارة 102 مليون يورو في أحدث سجل مالي صادر للنادي.
كونتي قال في وقت سابق "توقف مشروع النادي في أغسطس".
أبرم النيراتزوري صفقة أشرف حكيمي بقيمة 40 مليون يورو من ريال مدريد، مع ضم أرتورو فيدال وألكسندر كولاروف بأسعار بسيطة من برشلونة وروما، وتخلى عن بعض لاعبيه بسعر أقل بعدما ارتفعت قيمة أجور لاعبي الفريق إلى 74 مليون يورو.
شهد السوق انكماشا حادا. كما قال جريج كاري من جولدمان ساكس لقمة Business of Football في فاينانشيال تايمز الشهر الماضي: "تستخدم الكثير من الأندية فترة الانتقالات لتجديد التدفق النقدي بشكل أساسي. حسنا، لا أحد لديه أي أموال في الوقت الحالي".
كمثال أصبح إريكسن عضوا أساسيا في الفريق بعدما كان مهمشا وعلى طاولة البيع للإنتر في النصف الأول من الموسم.
وبات لاوتارو مارتينيز قريبا من التجديد بعدما كان أقرب للرحيل صوب برشلونة حسب التقارير التي ملئت الصحف سابقا,
كما ظهرت مؤخرا تقارير تفيد بوجود مشاكل بين إنتر وكلا من ريال مدريد ومانشستر يونايتد بسبب تأخر النادي في سداد قيمة دفعات انتقال حكيمي ولوكاكو على الترتيب، إلا أن النادي أوضح أنه يحترم كل الاتفاقات.
ماذا يحدث في إنتر؟
في أول تقرير نُشر من صحيفة "كورييري ديللو سبورت" الإيطالية نفى إنتر عبر بيان رسمي إمكانية بيع أسهم النادي ووصف التقارير "لا أساس لها من الصحة تماما".
لاحقا، بحسب فاينانشيال تايمز فأن إنتر يسعى لوضع 200 مليون دولار في حالات الطوارئ، والشيء الآخر إيجاد حصة أغلبية أو أقلية لشراء أسهم النادي.
الشركة أكدت في بيانها "التزامها بالدعم المالي المستمر للنادي مع أو بدون دعم خارجي إضافي، ولكن من المعقول والحكمة أيضًا أن ننظر إلى الخارج".
مع أخذ ذلك في الاعتبار، عينت سونينج مستشارين رئيسيين في آسيا للعثور على شركاء مناسبين، سواء كان ذلك لزيادة رأس المال السهمي أو غير ذلك.
من يشتري إنتر؟
هناك بعض الصناديق الاستثمارية المهتمة بشراء إنتر، وكان أبرزها شركة BC Partners مقرها لندن، وأجرت محادثات مع مُلاك إنتر بعد دراسة وافية لكنهم لم يتوصلوا لاتفاق.
أحد خبرا الصناعة أوضح لـ "ذا أثليتك": "لا أرى حقا كيف يمكنهم جعلها تعمل من منظور العائد. الأرقام فقط لا تعمل. كيف يمكنك أن تدفع 700 مليون يورو أو مليار، مهما كان السعر الذي يريدونه، مقابل شيء يخسر مئات الملايين؟".
"كيف يمكنك تحقيق عائد وتفترض أنه يمكنك بيع هذا بضعفين أو ثلاثة أضعاف المال؟ هذا هو ما تتطلبه الأسهم الخاصة للموافقة على الاستثمار. يجب عليك عرض حالة على لجنة الاستثمار الخاصة بك والتي توضح أنه يمكنك مضاعفة الأموال أو مضاعفتها ثلاث مرات في أربع أو خمس سنوات".
في المقابل هناك البعض الذي يرى الصورة بشكل متفائل وهو ما يتسبب في تردد سونينج في بيع النادي.
مستشار ذو خبرة في عمليات الاندماج والاستحواذ قال لـ "ذا أثليتك": "قيمة النادي قد تبلغ 3 مليارات يورو خلال نفس الإطار الزمني. هناك وجهة نظر أن أندية دوري الإيطالي مقومة بأقل من قيمتها مقارنة بالدوري الإنجليزي، وفي إنتر طرق الربح متاحة تحت إدارة أكثر انضباطا".
باولو دال بينو رئيس الدوري الإيطالي يرى أن الكرة تتجه للصناعة، ويستهدف زيادة عائدات الأندية وينتظر أن تصوت الأندية على بيع 10% من أسهمها لأحد شركات الترفية تُقدر بـ 1.7 مليار يورو والتي ترى أن لديهم القدرة على تحقيق أفضل الأهداف المالية للأندية الإيطالية.
أصبحت احتمالية فوز هذا الاقتراح بالموافقة موضع شك مؤخرا وسط مخاوف من
- سيكون للشريك تأثير كبير جدا مقارنة بحصته في الأسهم.
- قد يؤدي بند في صحيفة الشروط إلى إتلاف إيرادات الدوري الإيطالي نظرا لأنه يتعلق بـ "تغييرات غير متوقعة في الشكل".
الصحف الإيطالية أشارت إلى أن البند قد يشير إلى الدوري الأوروبي الممتاز والتي كان بدأ الحديث عن إمكانية تنظيمها مستقبلا بعيدا عن دوري الأبطال.
وهناك سيناريو افتراضي آخر مثل أن تنفصل شمال إيطاليا عن الجنوب على سبيل المثال.
إنتر على الأقل سيجد مكانا في الدوري الأوروبي الممتاز بفضل تحقيقه لـ 3 ألقاب سابقة وكونه عضوا مؤسسا في البطولة الجديدة، وهناك نظرة أخرى لجغرافيا المكان.
ميلانو تعد ثالث أغنى مدينة في أوروبا، ولدى إنتر شريك مستقر وجيد لبناء الملعب الجديد معه، وكذلك لتقسيم حقوق التسمية والتذاكر الموسمية.
كونتي لا ينظر إلى مشاكل الإدارة المالية فالأسكوديتو هو الهدف، إذ قال بعد الفوز على جنوى في وقت سابق: "عندما تكون في ناد مثل إنتر، بصرف النظر عن أي شيء آخر، عليك أن تبقي عقلك على أرض الملعب".
وأتم "لا يمكنني التأثير إلا على ما يمكنني التأثير فيه. لا فائدة من إهدار الطاقة على ما لا نستطيع. يجب أن نبقى مركزين على ما يمكننا تحديده".