كتب : محمد يسري
بدأ توماس توخيل ولايته التدريبية مع تشيلسي بقوة، فحافظ على نظافة شباكه خلال مبارياته الثلاثة الأولى مع الفريق ليكون أول مدير الفني يحقق هذا الإنجاز منذ جوزيه مورينيو.
خلفا لفرانك لامبارد، تم تعيين توخيل، الذي تمت إقالته من باريس سان جيرمان قبل أيام من تولى المهمة للفريق اللندني؛ وهي إقالة جاءت بسبب خلافات مع إدارة الفريق الباريسي وليس لتراجع النتائج أو لسوء الأداء.
وسريعا قام توخيل بتغيير أسلوب تشيلسي في الملعب. لم يعد الفريق في انتظار لمحة فردية عشوائية مثلما كان يحدث في الأيام الأخيرة مع لامبارد، وإنما استحوذ الفريق بنسبة أكبر على الكرة، مع الحفاظ على نظافة الشباك.
والنتيجة كانت انتصار توخيل في 4 مباريات وتعادله في 2 بالدوري، مع انتصار في كأس الاتحاد.
السر خلف هذه الانتصار هو ثقة اللاعبين في توخيل حتى الآن.
والسبب هو أن توخيل يُخبر اللاعبين بما سيحدث على أرض الملعب وكيف سيلعب المنافس وكيف سيتصرفون خلال المباراة. فمن هُنا يثق اللاعب في المدرب.. حتى يأتي العكس.
وربما يوضح تصريح تيمو فيرنر اكتساب توماس ثقة اللاعبين سريعا، حين قال المهاجم الألماني: "إن عدنا لـ3 أو 4 مباريات في قبل وصول توخيل، كنا على بعد 9-10 نقاط من المراكز الـ4 الأولى".
فما الذي فعله توخيل خططيا لإعادة إعمار تشيلسي بعد لامبارد؟
غير توخيل الرسم الخططي للفريق من 4-2-3-1 لـ 3-4-2-1، واستغنى عن صانع الألعاب الصريح مقابل تواجد مدافع إضافي، وهُنا يكمن السر.
يدفع توخيل بـ سيزار أزبيليكويتا كقلب دفاع أيمن مع تياجو سيلفا وأنطونيو روديجر، وأمامهم ثنائي إرتكاز مكون من جورجينيو وماتيو كوفاسيتش على الأغلب.
الهدف من اللعب بثلاثي خلفي يأتي حتى يخرج تشيلسي بالكرة من الخلف بشكل سليم ولإفساد ضغط الخصم.
هكذا يتمركز تشيلسي في الخلف أثناء الصعود بالكرة. هُنا ضد ولفرهامبتون ذهب أداما ترواري للضغط على رودريجر، ليمرر سيلفا لجورجينيو.
وضد توتنام، كان يضغط مورينيو بـ سون هيونج مين وفينيسيوس كارلوس وستيفن بيرجوين وندومبيلي على سيلفا وروديجر وجورجينيو وكوفاسيتش، لكنه كان يترك أزبيليكويتا دون ضغط، لذلك المدافع الإسباني هو مفتاح تشيلسي للخروج بالكرة.
فماذا يفعل تشيلسي بعد الخروج بالكرة؟
لا يعد فيرنر مهاجما صريحا، ويزيد إنتاجه التهديفي حين يلعب بجوار مهاجما صريحا مثل تامي أبراهام أو أولييفيه جيرو وهو ما أجبر لامبارد على الدفع به كجناح.
أما توخيل فلم يعتمد على فيرنر كمهاجم أيضا، لكنه وجد حلا أخر عن الذي كان يعتمد عليه لامبارد.
تتحول طريقة تشيلسي 3-2-4-1، بصعود ظهيري الجنب كالوم هودسون أودوي وماركوس ألونسو للأمام للعب كأجنحة مع دخول الجناحين: فيرنر وماسون ماونت للتمركز في أنصاف المساحات في عمق الملعب. كما يظهر في الصورة التالية.
تمركز فيرنر وأجنحة تشيلسي عموما في أنصاف المساحات يساعد الفريق في إيجاد مساحات أكبر للهجوم من خلالها.
هنا مثلا سحب حكيم زياش قلب دفاع ولفرهامبتون وبتمريرة واحدة جعل هودسون أودوي في موقف لصناعة فرصة محققة للتسجيل.
وأيضا يحدث العكس، إذ يخرج الجناح للطرف ويسحب مدافع، ليدخل الظهير للعمق في المساحة الخالية.
هُنا ضد نيوكاسل ذهب فيرنر للطرف وانطلق ألونسو ليكون هناك موقفا 2 ضد 1.
وهُنا ضد بيرنلي، كرر كريستيان بولسيتش نفس اللعبة مع ألونسو الذي دخل للعمق وتسلم الكرة في منطقة الجزاء.
لكن هذا لا يُعد الشكل الهجومي الوحيد لتشيلسي مع توخيل، فأحيانا يدفع بثنائي في الهجوم ومن خلفهم صانع للألعاب، لكن ليس بالشكل التقليدي.
ضد بيرنلي دفع توخيل بـ بولسيتش في الشوط الثاني ليلعب في العمق بجوار فيرنر، ومن خلفهم يأتي ماونت، مع استمرار الحركة بين الثلاثي دائما وعدم التمركز بشكل ثابت في نفس المركز حتى لا تتم مراقبتهم من قِبل المدافعين.
التقدم للهجوم بهذا الكم من اللاعبين، يساعد تشيلسي في افتكاك الكرة سريعا بعد خسارتها في مناطق المنافس ويمنع الخصم من الصعود بها، إذ يطبق الفريق الضغط العكسي بإلتزام ودقة هائلة، والصورة التالية توضح.
ما يطبقه توخيل حتى الآن مع تشليسي هو ما كان يرغب لامبارد في تنفيذه لكنه لم يستطع، لذلك كان هناك بعض الملامح من هذه الجمل في فترته لكنها ظهرت بعشوائية.
فيما قدم توخيل نفسه بشكل ممتاز للاعبي تشيلسي، فلم يعتمد على المجموعة التي كان يعتمد عليها لامبارد فقط، وأعاد كيبا وروديجر وألونسو وجورجينيو للملعب مجددا بعد فترة من الإقصاء.
لكن الاختبار الأصعب لم يأتِ لتوخيل بعد، وفي حالة الفشل قد تقل ثقة اللاعبين به، وهو ما قد يقلب الأمور رأسا على عقب في النادي الذي لا يمتلك غرفة خلع ملابس هادئة في السنوات الأخيرة.
*الصور من: Nouman Channel via YouTube