كتب : زكي السعيد
فاز أتليتك بلباو بكأس السوبر الإسباني، بانتصاره المثير على برشلونة 3-2 بعد التمديد لوقتٍ إضافي في ملعب لا كارتوخا بمدينة إشبيلية.
سجّل أنطوان جريزمان لـ برشلونة قبل أن يتعادل أوسكار دي ماركوس لـ أتليتك في آخر لحظات الشوط الأول.
وفي نهاية المباراة سجّل جريزمان مجددا لـ برشلونة، قبل أن يتعادل أسيير فياليبري لـ أتليتك بلباو في الدقيقة الأخيرة.
وأخيرا سُجل الهدف الثمين الذي حصد اللقب لـ أتليتك بلباو بواسطة إينياكي ويليامز في بداية الوقت الإضافي.
وشهدت المباراة طرد ليونيل ميسي قائد برشلونة ببطاقة حمراء مباشرة في الدقيقة الأخيرة من الوقت الإضافي.
ليحصد أتليتك بلباو لقبه الثالث في تاريخه بالسوبر الإسباني، بعد 1984 التي حصدها دون أن يلعب لفوزه بالدوري الكأس، و2015 التي قهر فيها برشلونة نفسه.
فيما تجمّد رصيد برشلونة من الألقاب عند 13، وخسر النهائي للمرة 11 في تاريخه.
كما حصد أتليتك بلباو لقبه المحلي رقم 35 عموما، والثاني في القرن 21.
وكان أتليتك بلباو قد أطاح بـ ريال مدريد حامل لقب الموسم الماضي في نصف النهائي، ليحقق الفوز على الميرنجي وبرشلونة في مباراتين متتاليتين لأول مرة منذ عام 1955.
واستطاع مارسيلينو جارسيا تورال المدير الفني لـ أتليتك بلباو أن يحصد لقبه الأول مع الفريق بعد أن قاده في 3 مباريات فقط، منها مباراتين أمام برشلونة ومباراة أمام ريال مدريد.
وفاز مارسيلينو على برشلونة للمرة الثانية فقط في مسيرته التدريبية بعد أن قهره في نهائي كأس ملك إسبانيا 2019 كمدرب لـ فالنسيا، في مقابل 15 خسارة و6 تعادلات.
الفوز هو السابع فقط لـ أتليتك بلباو في آخر 53 مواجهة ضد برشلونة بمختلف البطولات.
وهو أول فوز لـ أتليتك بلباو على برشلونة في ملعب محايد (بعيدا عن سان ماميس وكامب نو) منذ انتصاره الشهير في سانتياجو برنابيو أو ما يُعرف بـ "معركة مدريد" بنهائي الكأس 1984.
واستضاف المباراة ملعب لا كارتوخا الذي يتسع لـ 60 ألف متفرج، لكنه كان خاليا لأول مرة في تاريخ نهائيات كأس السوبر بسبب الجائحة.
ويتواجد الملعب في جزيرة لا كارتوخا على نهار جوادالكبير بمدينة إشبيلية في إقليم الأندلس، وتأسس عام 1999 لاستضافة بطولة العالم للألعاب القوى.
ويعد ملعب لا كارتوخا هو سادس أكبر ملعب في إسبانيا، ومن المقرر أن يستضيف نهائي كأس ملك إسبانيا 2020 بين أتليتك بلباو وريال سوسيداد الذي سيقام في أبريل المقبل.
ويشتهر الملعب باستضافته انتصار إسبانيا الكاسح على ألمانيا بسداسية نظيفة قبل عدة أسابيع، قبل استضاف نهائي كأس الاتحاد الأوروبي 2003 بين بورتو وسيلتك، مباراة سجل فيها هنريك لارسون هدفين، المساعد الحالي لـ رونالد كومان.
ميسي
النبأ الأهم قبل ساعة من انطلاق المباراة، كان تواجد الأسطورة ليو ميسي في التشكيل الأساسي، بعد غيابه عن نصف النهائي أمام ريال سوسيداد للإصابة.
ليشارك ميسي في مباراته رقم 20 بكأس السوبر الإسباني، كما لعب سيرخيو بوسكيتس مباراته رقم 16 في المسابقة، ولا يتفوّق على ثنائي لا ماسيا أي لاعب آخر في هذا الصدد.
كما عاد الأمريكي سيرجينيو ديست لتشكيل برشلونة الأساسي على حساب أوسكار مينجيزا بعد غيابه عن لقاء ريال سوسيداد.
في المقابل، واصل مارسيلينو جارسيا تورال المدير الفني لـ أتليتك بلباو، التعويل على طريقة 4-4-2 المفضلة له، بوجود الثنائي الهجومي الخطير: إينياكي ويليامز، وراؤول جارسيا.
كما أجرى تعديلا في عمق الدفاع بإقحام جيراي ألفاريز على حساب أوناي نونييز.
شوط هادئ ونهاية مجنونة
خلافا للمتوقع، دخل الفريقان المباراة بهدوء شديد وبحذر بالغ، لتغلب الرتابة على أغلب فترات الشوط الأول.
التسديدة الأولى في المباراة لم تحدث إلا بعد مرور 26 دقيقة عندما أطلق الظهير الأيمن لـ أتليتك بلباو، أندر كابا، تسديدة قوية، تصدى لها العملاق مارك أندري تير شتيجن وأبعدها إلى ركلة ركنية.
من جانبه حاول ميسي تشكيل خطورة بتسديدة من مسافة بعيدة في الدقيقة 37، لكنها مرت أعلى العارضة.
أتليتك بلباو رد بعرضية من دي ماركوس نحو راؤول جارسيا في الدقيقة 39، لكن رأسية مهاجم أتليتكو مدريد السابق جاءت غير دقيقة.
وأخيرا في الدقيقة 40 اهتزت الشباك بواسطة جريزمان الذي سجّل هدف برشلونة الأول.
ليو ميسي كان مهندس هجمة الهدف، فأرسل تمريرته المفضلة نحو جوردي ألبا المنطلق من الجهة اليسرى، والظهير الكتالوني أعاد له الكرة –كما هو متعارف عليه-، ليسدد ميسي لكن كرته ارتدت من الدفاع لتجد جريزمان الذي أودعها الشباك دون صعوبات.
ليسجل جريزمان هدفه التاسع في شباك أتليتك بلباو، وهو أكثر منافس هز شباكه خلال مسيرته بالتساوي مع رايو فايكانو وسيلتا فيجو.
كما ساهم جريزمان في 6 أهداف خلال آخر 4 مباريات مع برشلونة، وسجل هدفه رقم 23 عموما في مسيرته مع برشلونة، ليخترق قائمة أكثر 100 مسجل للأهداف في تاريخ النادي الكتالوني.
الهدف يتحمّل جزءا كبيرا من مسؤوليته دي ماركوس جناح أتليتك بلباو الذي فشل في التغطية على جوردي ألبا، لكنه لن ينتحب طويلا.
بعد دقيقتين فقط، أو 92 ثانية بالتحديد، أدرك دي ماركوس التعادل بعد عرضية رائعة من ويليامز، وهروب مميز في ظهر جوردي ألبا نفسه.
ليسجل دي ماركوس أول هدف له منذ 29 سبتمبر 2018، وللصدفة فقد كان هدفه يومها في شباك برشلونة أيضا.
دراما تقنية الفيديو
مع بداية الشوط الثاني، أجرى كومان تغييرا بدا اضطراريا، بخروج ديست ودخول مينجيزا.
برشلونة بدأ الشوط هادئا كسابقه، فاكتفى بتهديد بسيط من ميسي الذي نفّذ ركلة حرة مباشرة في الدقيقة 52، مرت بجوار القائم.
اللحظة الفارقة في الشوط الثاني حلت في الدقيقة 57 عندما نفّذ مونيايين ركلة حرة، قابلها راؤول جارسيا برأسية سكنت شباك تير شتيجن، وأطلقت العنان لاحتفال باسكي صاخب.
لكن بعد دقيقتين من مراجعة صحة الهدف، تبيّن أن راؤول جارسيا كان في موقف تسلل، لتعود النتيجة إلى التعادل 1-1 مجددا ويُلغى الهدف.
أتليتك بلباو لم يتوقف عن التهديد، فأخطأ رونالد أراوخو في التشتيت بالدقيقة 67، لتستقر الكرة أمام ويليامز الخطير بمنطقة الجزاء، لكن تسديدته لم تكن دقيقة.
الصدمة جاءت في الجهة الأخرى عندما تقدّم برشلونة في النتيجة بهدفٍ ثانٍ سجله جريزمان بعد عرضية أرضية من جوردي ألبا في الدقيقة 77.
ليسجل جريزمان هدفه العاشر في مسيرته أمام أتليتك بلباو، ويقرّب برشلونة كثيرا من اللقب.
مارسيلينو لجأ سريعا إلى دكة بدلائه في الدقيقة 81، فأقحم أليكس بيرينجر بدلا من كابا وأعاد دي ماركوس إلى مركز الظهير الأيمن.
كما أخرج لاعب الوسط الشاب فينسيدور وعوّضه بـ ميكيل فيسجا.
وعاد في الدقيقة 83 وأخرج المخضرم ميكيل بالينزياجا وعوّضه بـ إنييجو ليكوي.
لكن التغيير الأهم كان بدخول المهاجم أسيير فياليبري بدلا من راؤول جارسيا.
من جانبه حاول كومان قتل الوقت، فأدخل الثنائي برايثوايت وميراليم بيانيتش، بدلا من عثمان ديمبيلي وبيدري في الدقيقة 88.
وعندما بدأت جماهير برشلونة في الاستعداد للاحتفال باللقب، جاءت صدمة الدقيقة 90 وأدرك فياليبري التعادل بعد ركلة حرة نفّذها المُبدع مونيايين وتابعها المهاجم البديل بلمسة واحدة بعد 7 دقائق فقط من دخوله.
لتنتقل المباراة إلى الوقت الإضافي الرابع فقط في تاريخ كأس السوبر الإسباني، والثالث في آخر 4 مباريات.
هدف خارق
بعد 4 دقائق من بداية الوقت الإضافي، قرر ويليامز أن يرسم لوحة إبداعية خارقة، فسجّل هدف أتليتك بلباو الثالث بتسديدة غير عادية استقرت في المقص العلوي لمرمى تير شتيجن.
الهدف هو الخامس عموما لـ ويليامز في شباك برشلونة ليصير ضحيته المفضلة بين كل الفرق التي واجهها.
كما يعد هذا الهدف هو الأول في الوقت الإضافي لكأس السوبر الإسباني منذ عام 1982.
وتلقى برشلونة هدفا في الوقت الإضافي لأول مرة منذ هدف كريستيانو رونالدو الشهير الذي حصد لـ ريال مدريد كأس ملك إسبانيا 2011.
التبديلات لم تتوقف، فدخل نونييز في دفاع أتليتك بلباو بدلا من إنييجو مارتينيز، فيما أقحم كومان لاعبه المغضوب عليه ريكي بويج على حساب سيرخيو بوسكيتس في الدقيقة 97.
البديل نونييز كاد أن يقتل المباراة في الدقيقة 105 بعد عرضية جديدة، لكن الكرة مرت من أمامه بغرابة شديدة.
مع بداية الشوط الإضافي الثاني غامر كومان بكل ما يملك، فأقحم البرتغالي فرانسيسكو ترينكاو بدلا من كليمنت لونجليه بتغيير هجومي صريح.
الشوط الأخير كان مثيرا للغاية، فكاد برشلونة أن يدرك التعادل بالدقيقة 110 من مخالفة أرسلها ميسي نحو منطقة الجزاء، وقابلها فيسجا برأسية عشوائية كادت أن تستقر في شباكه، لكنها مرت بجوار القائم.
هجمات برشلونة تواصلت، فأرسل جوردي ألبا عرضية جديدة نحو جريزمان في الدقيقة 111، لكن الفرنسي سدد كرة يمينية طائرة طائشة هذه المرة.
في المقابل، أضاع لاعبو أتليتك بلباو أخطر فرص الشوط الإضافي عندما تقاتل ثنائي على الكرة في الهواء أمام الشباك الخالية، ليضربها نونييز أعلى العارضة بغرابة في الدقيقة 113.
طرد ميسي
ولو كانت المباراة في قمة الغرابة طوال ما حدث في 120، فإن اللقطة الأخيرة كانت الأغرب على الإطلاق: طرد ميسي.
القائد الأرجنتيني اعتدى على داني جارسيا في وسط الملعب دون كرة، وبعد رجوع خيسوس خيل مانزانو لتقنية الفيديو، قرر الإطاحة بـ ميسي في الدقيقة الأخيرة.
ويعد هذا الطرد هو الأول لـ ميسي في 753 مباراة مع برشلونة.
ولم يطرد ميسي في الملاعب الإسبانية منذ 15 عاما في مباراة بين برشلونة (ب) وبينيا سبورت.
بينما طُرد ميسي مرتين مع منتخب الأرجنتين، آخرها في مواجهة تشيلي بكوبا أمريكا 2019.
مشهد غير اعتيادي، انتهت عليه ليلة برشلونة السوداء.