"نعمل من أجل التحسن، ونعم، نريد التأهل لدوري أبطال أوروبا" – ستيفانو بيولي المدير الفني لميلان في حديثه لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية.
"الرجل العادي" كما يُلقب بيولي في إيطاليا نظرا لأنه لا تدُم مسيرته التدريبية طويلا مع الفرق ولم يحقق ألقابا أصبح بطلا في أعين مشجعي ميلان في الأشهر الـ 5 الأخيرة.
ميلان العملاق الإيطالي النائم في سُبات عميق ويستفيق لمباريات أو للحظات في الموسم، عاد مرة أخرى وإن لم يكن هناك شيء قد تحقق بعد لكن على الأقل "جراندي ميلان" عاد للواجهة من جديد.
الأرقام والإحصائات تقول أن الفريق الحالي تاريخيا سيفوز بلقب الدوري الإيطالي، ولتدرك تطور الفريق على الأقل مقارنة بالموسم الماضي فقد حقق 34 نقطة من 14 مباراة مقابل 17 نقطة من الموسم الماضي أي الضعف.
أكثر فريق حصد نقاطا في 2020 بالدوري الإيطالي من 35 مباراة بحصد 79 نقطة بفارق 6 نقاط عن إنتر، كما زادت قوة الفريق الهجومية فسجل في 15 مباراة متتالية هدفين أو أكثر ليصبح أول فريق يحقق ذلك منذ برشلونة عام 1948 في 18 مباراة.
لكن كل ذلك تحقق ببعض التفاصيل الصغيرة فلنعد بالذاكرة قليلا.
عقب رحيل كلارينس سيدورف عن تدريب الفريق في 2014 بدأ ميلان تحت قيادة سيلفيو بيرلسكوني بتدعيم الفريق بصفقات صفرية تحت قيادة فيليبو إنزاجي.
رحل المهاجم وجاء سينيسا ميهايلوفيتش، دّعم ميلان صفوفه بصفقات تقارب الـ 80 مليون يورو، ومع نهاية الموسم لم يتم ضم سوى لاعبين لصفوف الفريق تحت قيادة فينتشيزو مونتيلا.
تثبيت أداء الفريق مع بقاء مونتيلا ودعم الإدارة ساهم بوصول الفريق للدوري الأوروبي لأول مرة بعد غياب 3 سنوات عن المسابقات القارية.
بقى مونتيلا مع الإدارة الصينية الجديدة والتي ضمت 11 لاعبا بقيمة 200 مليون يورو، وفشل مع الفريق الجديد ولم يكمل المشوار وعوضه جينارو جاتوزو مؤقتا ليتولى المهمة.
بنهاية الموسم حجز الفريق تأهله للدوري الأوروبي للموسم الثاني تواليا وفشل هدفه الأساسي في التأهل لدوري الأبطال، جددت الإدارة الجديدة الثقة في جاتوزو ودعمت الفريق صيفا وشتاءً.
في موسم 2018-19 وبالثواني الأخيرة ظل ميلان منتظرا لبطاقة التأهل للدوري الأبطال لكن البطاقة ضاعت لإنتر وأتالانتا بعدما كانت في يد الروسونيري قبل ذلك.
وجدت إدارة ميلان ضالتها مع تطور أداء الفريق والأسماء الموجودة والتي تحتاج لمدير فني يمتلك الفنيات، فجاء ماركو جيامباولو لكن 7 جولات ورحل في ظل عدم وجود أسماء تنفذ أفكاره.
اختيار خاطئ من ميلان أطاح بمدرب واعد محليا، وجاء بـ بيولي الذي بدأ ميلان معه من الصفر مرة أخرى مثل كل موسم كما كان يفعل النادي من 2014.
مجئ بيولي واجه وسم من جماهير ميلان حينها "Pioli Out" لكن قبّل بالمهمة الصعبة، أداء متوسط بطبيعة الحال مع مواجهات قوية فخسر الديافولو أمام لاتسيو ويوفنتوس وروما وبخماسية من أتالانتا، ثم بدأ عام 2020 في المركز الـ 11 بجدول الدوري وأخيرا خسارة أمام جنوى، ثم توقف العالم كله بسبب فيروس كورونا.
عادت كرة القدم وعاد ميلان لكن بوجه مغاير في ظل حديث عن مدير فني جديد يبدأ الموسم الجديد.
بإضافات بسيطة تحل بعضا من المشاكل والثغرات في يناير، نتائج الفريق والأداء أجبر الإدارة على الإبقاء عليه والتجديد له واستمرار الاستقرار لأول مرة ويبدو أن هذا القرار يؤتي ثماره.
خسارة واحدة أمام ليل في الدوري الأوروبي، من 36 مباراة في جميع المسابقات، وتفوق على الكبار بالفوز على نابولي وإنتر ويوفنتوس وروما ولاتسيو، وهو ما كان الفريق يفشل فيه سابقا، ميلان يقف على أقدامه فعلا.
في 2020 إجمالا لم يخسر ميلان سوى 3 مباريات فقط في جميع المسابقات أمام إنتر وجنوى وليل، سجل 106 ويدخل عام 2021 وهو على قمة الكرة الإيطالية للفريق الأصغر عمريا في الدوريات الخمسة الكبرى بفضل استقرار يحدث لأول مرة فنيا وإداريا.
إبرا
تأثير ستيفانو بيولي الفني في أرضية الملعب على أداء الفريق وتألق لاعبين بأعينهم عاملا أساسيا، لكن هناك من ترجم ذلك على أرضية الملعب.
زلاتان إبراهيموفيتش يخطف الأضواء من زملائه لكنه يظل بطلا للقصة.
يُعرف دائما عن نجوم ميلان أن ولايتهم الثانية مع الفريق ما تكون خافتة لكن مع إبراهيموفيتش الوضع مختلفا، فيقول السويدي لموقع "يويفا": "أول سؤال تلقيته حين عدت لميلان كان متعلقا باللاعبين السابقين للنادي الذين عادوا ولم يظهروا بنفس المستوى، فشلوا. الفارق بالنسبة لي أنني لم أفقد الشغف لما أفعل. كل مرة أدخل فيها الملعب أشعر أني طفل صغير يأكل حلوى لأول مرة. الكرة هي صديقتي المفضلة وأريد الاستمرار معها لما تبقى من عمري".
"الحياة تحديات. شعرت أنني فعلت ما يكفي وبدأت أفكر هل أستمر أم لا. بالنسبة لي، العودة كانت تحديا كبيرا من أجل تغيير العقلية، محاولة تغيير الموقف وأن تجعل اللاعبين يدركون حجم فريق ميلان. ميلان الذي أعرفه، ميلان الذي يعرفه العالم كله".
عقلية إبرا الانتصارية تظهر في ذلك التصريح "ربما ترى ذلك في الفريق أيضا، في التعادل مع بارما، ربما قبل 6 أشهر لكانوا سعداء بهذه النتيجة، لكن هذه المرة كانوا جميعا غاضبين، واستمر ذلك في اليوم التالي للمواجهة".
إيفان جازيديس المدير التنفيذي لميلان والذي كان في البداية ضد التعاقد مع إبراهيموفيتش في يناير الماضي وكذلك سيمون كايير كونهم كبار في السن وضد مشروع النادي بالاستثمار في اللاعبين الشباب، أوضح قائلا لصحيفة "لا جازيتا ديللو سبورت": "إنه شخص استثنائي لديه حافز غير عادي وذكي جدا. هذا الصفات تمنحه قوة كبيرة في كل ما يفعل، إبرا يُحسن أداء الفريق لأنه يتحداك لتقديم أفضل ما لديك، وهذا التحدي يقبله الجميع، اللاعبون والأندية. يصنع الفارق".
إسماعيل بن ناصر لاعب الوسط الجزائري ضمن أكثر من لاعب تحدثوا عن تأثير إبراهيموفيتش إذ قال في تصريحات سابقة: "سعيد لأنني ألعب وأتعلم الكثير منه".
وأضاف "كنت لاعبا مختلفا منذ عام مضى، الآن أتعلم عديد الأشياء، إبراهيموفيتش جعلني لاعبا أفضل، يريد منا أن نصبح محترفين، ويتحدث كثيرا وهذا يساعدنا أيضا".
بام نويتينك مدافع أودينيزي قال لصحيفة "جارديان" ملخصا كل هذا: "ميلان هو زلاتان. الفريق لا يضاهى منذ عودته".
تواجد إبراهيموفيتش في الميدان ومن الخارج باولو مالديني أسطورة ميلان وإيطاليا والذي يصنفه الكثيرون الأفضل في العالم له ثقله أيضا على المجموعة والتي كانت دائما ما تفتقد القائد المرجعي لها مع غياب أساطير الفريق عن الظهور في النادي بالسنوات الأخيرة.
تطور مذهل
الفريق بأكمله تطور، شاهد تألق جانلويجي دوناروما في الزود عن مرماه وهو يرتدي شارة القيادة بعمر الـ 21 عاما كأكثر من حافظ على نظافة شباكه في الموسم الماضي بالدوري الإيطالي، ومن أمامه دافيدي كالابريا الذي نفض غبار السذاجة الدفاعية وصار لاعبا آخر.
أما ثيو هيرنانديز والذي يشبهه البعض بـ "القطار في ظل انطلاقات المميزة ليخطف الأضواء في مركز الظهير الأيسر على مستوى العالم بفضل مساهماته التهديفية الحاسمة.
في الوسط "الدبابة" فرانك كيسي والذي صار لاعبا آخر عما كنت تشاهده طيلة 3 مواسم سابقة وبجوار إسماعيل بن ناصر أفضل لاعب في كأس الأمم الإفريقية 2019 والذي يغطي كل أرجاء الملعب وكلاهما تاسع أكثر من يركض في الدوري الموسم الحالي.
ثنائية كايير وأليسيو رومانيولي ورغم غياب الأخير إلا أنهم ضمن الأكثر تشتيتا دفاعيا في الدوري الإيطالي بين الخمسة الأوائل، ومع الدنماركي ميلان يستقبل 0.9 هدفا في المباراة مقابل 2.6 في غيابه.
هاكان تشالهان أوجلو كان الأكثر تطورا على مستوى الشخصية فصار بمثابة "مكوك" في خط وسط ميلان بين الصناعة والتسجيل وحلا مبدعا بأشكال مختلفة وهو الأكثر مساهمة في الأهداف بتسجيل 15 هدفا وصناعة 16 لعام 2020 متفوقا على إبراهيموفيتش.
أنتي ريبيتش أيضا بعد نصف موسم للنسيان صار ثالث هدافي ميلان في 2020 برصيد 13 هدفا وصنع 7 أهداف.
إذا كيف يلعب ميلان ليحافظ على تفوقه الفني؟
يستفيد ميلان أثناء لعبه في العمق من الاعتماد على الكرات الطولية صوب زلاتان إبراهيموفيتش، يأتي ذلك من خلال الاستحواذ على الكرة بالقرب من حدود منطقة الجزاء وبالتالي يتيح فرصة الزيادة العددية للاعبي الفريق بالقرب من مناطق الخصم، وفي حال فقدانها يستطيع الفريق الفوز بالكرة الثانية في ظل تواجد ما يقارب 8 لاعبين في منتصف ملعب الخصم بدءا من الظهيرين مرورا بباقي لاعبي الفريق.
ما يميز إبراهيموفيتش أكثر أنه يقترب من عمق مناطق جزاء الخصم ليمنح لاعبو الروسونيري الفرصة للاقتراب أكثر من دفاعات الخصم وتشكيل خطورة خاصة في ظل تميز لاعبي الفريق سواء هاكان أو كيسي في التسديد من خارج منطقة الجزاء.
وفي التوقيت ذاته يمتاز ميلان في ظل امتلاك لاعبين يعرفون كيفية الخروج من الخطوط الخلفية بدءا من جانلويجي دوناروما وأليسيو رومانيولي وإسماعيل بن ناصر.
الجزائري يعود للمناطق الخلفية لفتح بابا للحصول على التمريرة ومن ثم توزيع اللعب مع زيادة الظهيرين للأمام أو لفرانك كيسي الذي يبدأ في التقدم للأمام إذ يميل أكثر لمساندة ثيو هيرنانديز ما يخلق جبهة قوية في الشق الهجومي وكذلك أيضا يغطي خلف الظهير الأيسر بسبب المساحات التي تظهر خلفه.
زيادة هيرنانديز الهجومية صارت حلا قويا لميلان يعتمد عليه بسبب جرأته في التسديد والزيادة وسرعته وقدرته على إرساله للعرضيات، ما يساعد الفرنسي هو قدرات أنتي ريبيتش في شغل الظهير المؤكل برقابته بالدخول في العمق وترك المساحات للظهير الطائر من أجل الزيادة الهجومية.
على الناحية اليمنى لا يعتمد ميلان كثيرا على كالابريا وأليكسيس ساليميكريس إذ يفضل بيولي أن الاستفادة من قدرات الثنائي الدفاعية خاصة أنهم يكملان بعضهم البعض، سواء في الزيادة الهجومية أو التغطية الدفاعية لإحداث التوازن مع الجبهة اليسرى المنطلقة للهجوم، أدوار قد لا تظهر رقميا في أداء الثنائي مقارنة بالجبهة اليسرى لكنه حل سحري لميلان في كثير الأحيان.
لا يضغط لاعبو ميلان على الخصم بكل قوة من منطقة الدفاعية خاصة في ظل تواجد إبراهيموفيتش الذي لن يضغط على الخصم طيلة عمر المباراة بسبب عامل العمر، لكن يستطيع الفريق قطع الكرات بالضغط في منتصف الملعب عن طريق الزيادة العددية والاستفادة من تطور كيسي وبن ناصر أكثر في قطع الكرات من الخصم، في ظل اعتماد بيولي على دفاع المنطقة –ليس منطقة الجزاء- بل الدفاع عن المنطقة التي تتواجد بها الكرة لقطعها وبدء هجمة جديدة.
ماذا عن إنهاء العام بمشاهدة أفضل 20 هدفًا خلال 2020؟ 🤔🔝
استمتعوا بالعرض الأخير يا روسونيري 🍿😍#ميلان_دائمًا 🔴⚫️ pic.twitter.com/4BZtW2zrFK
— اي سي ميلان عربي (@acmilanar) December 31, 2020
الميركاتو
أنطونيو فيتيليو مدير موقع ميلان نيوز تحدث عن سوق انتقالات الفريق الصيفية الماضية لـ FilGoal.com:
أنطونيو قيّم ميركاتو الفريق الصيفي قائلا لـ FilGoal.com: "6 من 10. ميركاتو بدأ بشكل جيد مع وصول تونالي، وتجديد التعاقد لـ إبرا وكايير، لكن كان لا بد من أن ينتهي بشراء مدافع وربما مهاجم آخر".
واختار الصفقة الأفضل "بالتأكيد تونالي، مع الأخذ في الاعتبار أيضا المبلغ الكبير جدا الذي أنفقه النادي (35 مليونا على أكثر من موسم). أنا أيضا أحب هاوج، 4 ملايين يورو هو رقم منخفض، لكن بشكل خاص تجديد إبراهيموفيتش. كان من المهم للغاية أن يكون للفريق قائدا لسنة أخرى".
وعن خطأ ميلان في سوق الانتقالات الصيفية الماضية "وصل ميلان في اليوم الأخير بسلسلة من الأسماء على القائمة، لكن الأسعار لم تنخفض. اعتقدت الإدارة أن تكلفة اللاعبين ستنخفض في اليوم الأخير، لكنها لم تكن كذلك. يبقى هذا الخطأ الوحيد في سوق الصيف، في الساعات الأخيرة من السوق، حاول ميلان بجدية شراء كاباك وسيماكان، لكنه فشل".
إذا ماذا يتوقع من ميلان في سوق الانتقالات الشتوية؟ "سيعمل ميلان على إكمال التشكيل وأعتقد أن الفريق يحتاج لقلب دفاع ومهاجما".
ميلان يعاني من تركيز يويفا على قوانين اللعب المالي النظيف وهو ما يقيد تحركات الإدارة في الصفقات، لذلك ستبدو تحركات ميلان في الميركاتو الشتوي في أضيق الحدود ولضم لاعبين شباب يضيفون للفريق.
باولو مالديني لخص هدف ميلان وطموحه: "سيكون من السخف عدم التأهل إلى دوري الأبطال، أثق أن الفريق لن يستسلم في المنافسة على لقب الدوري".