ثورة مورينيو الخططية في توتنام.. لماذا يلعب كين كإرتكاز
الثلاثاء، 08 ديسمبر 2020 - 14:03
كتب : محمد يسري
"أنا أسعد مما كنت عليه حين قبلت المهمة. هذا شعور جيد جدا" هكذا صرح جوزيه مورينيو بعد عام من تدريب توتنام.
تصريح مورينيو كان قبل إعتلاء قمة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد 11 جولة، والآن وبعد الحصول على الصدارة يبدو أن سعادة مورينيو تضاعفت.
لم يكن يتوقع أحد ما سيفعله مورينيو مع توتنام بعد تجربة مع مانشستر يونايتد انتهت بإقالته، وهو قرار أكد أن البرتغالي لم يعد المدرب الاستثنائي، وأن مسيرته التاريخية بدأت رحلتها نحو الإنهيار.
لكن بعد عام مع توتنام، تغيرت الأحوال 180 درجة، نسخة شرسة ظهرت من الفريق اللندني، لتعيد للأذهان نسخ فرق مورينيو التي كانت تفتك بالمنافسين، مثلما حدث مع ريال مدريد، تشيلسي وإنتر.
FilGoal.com يستعرض الثورة الخططية التي قام جوزيه مورينيو مع توتنام.
لا يزال يعتمد مورينيو على 4-2-3-1 التي كان يلعب بها في ريال مدريد ومانشستر يونايتد، هاري كين مهاجم صريح وسون هيونج مين جناح أيسر وستيفن بيرجوين جناحا أيمن، وخلفهم تانجي ندومبيلي كصانع ألعاب مع موسى سيسوكو وإيميل هويبيرج كلاعبي إرتكاز.
الاختلاف الوحيد بين هذه الأسماء والتي كان يمتلكها مورينيو في الموسم الماضي هو هويبيرج القادم من ساوثامبتون في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، بالإضافة للحصول على النسخة الأفضل ندومبيلي الذي لم يكن يشارك كثيرا في الموسم الماضي.
لكن الاختلاف الأكبر هو ما يفعله لاعبو توتنام على أرض الملعب، وليس على الورق.. تحديدا أثناء الهجوم.
في الحالات الهجومية، يعود كين للخلف ويترك مكانه كرأس حربة، على أن يصعد من خلفه سون ويتجه مباشرة نحو المرمى ليحصل على تمرير طولية من لاعب وسط أو تمريرة من كين نفسه، مع تمركز الجناح الأخر بشكل يجعله يفتح مساحات في دفاع الخصم عن طريق سحب مدافع أو ظهير الخصم بعيدا عن منطقة الجزاء.
أو دخوله للعمق لاستلام تمريرة زميله المدافع وفك الضغط والسماح للفريق بالصعود للأمام بالكرة.
ما حدث ضد سيتي يوضح هذه الفكرة.
هنا ندومبيلي تسلم الكرة وتخلص من رقابة لاعبي سيتي، ليتقدم كين نحو الفرنسي ويسحب معه إيميرك لابورت وروبين دياش.
وبمجرد تحرك كين للاقتراب من ندومبيلي، تحرك سون خلف المهاجم الإنجليزي لاستلام الكرة الطولية لينفرد بمرمى إديرسون مورايش ويصبح في موقف يعرف جيدا كيف يتصرف به.
ضد أرسنال سجل سون نفس الهدف من مجهود فردي رائع وخطأ من بيرند لينو في التمركز، بكرة بدأت من كين العائد للخلف والذي كان أخر من مرر للكوري الجنوبي قبل تسجيله للهدف.
عودة كين للخلف بهذا الشكل جعلته يخلق 14 موقفا لزملائه للتسجيل و28 موقفا للتسديد.
فأحيانا يتبادل كين وسون المراكز ليكون كين هو الجناح الأيسر وسون هو المهاجم، وهذا ما يساعد خط وسط توتنام على الحصول على الدعم أثناء تحضير الهجمة أو حتى الحالات الدفاعية.
التقارب بين سون وكين وبيرجوين هو الفارق بين مورينيو في توتنام ومورينيو مع مانشستر يونايتد بحسب جاري نيفيل محلل شبكة "سكاي سبورتس" البريطانية.
حيث كتب عبر موقع الشبكة البريطانية "أولا، يتمركز كين بشكل أكثر عمقا من زلاتان إبراهيموفيتش. ثانيا سون وبيرجوين يتمركزان بالقرب منه. فبدلا من أن يكون أقرب لاعبين لزلاتان هما أندير هيريرا وبول بوجبا –الثنائي الذي لعب ضد ليفربول- أصبح لديه لاعبين مناسبين للحصول على مواقع متقدمة أثناء اللعب على المرتدات".
وهو ما توضحه الصور.
هنا إبراهيموفيتش بعيدا عن لاعبي يونايتد ضد ليفربول.
أما هنا فكين بالقرب من أجنحة ولاعبي وسط توتنام.
أهداف بصبغة مورينيو الذي يفضل الهجوم المرتد دائما لأن فرقه ترتكن للدفاع. لكن ماذا لو كان منافس توتنام يدافع ولم يعط الفرصة للفريق للعب على الهجوم المرتد؟
يتغير شكل توتنام أثناء تحضير الهجمة مستخدما أسلوبين مختلفين.
الأول هو أن يعود هويبرج بين قلبي الدفاع ليتقدم ظهيري الجنب سيرجي أورييه وسيرجيو ريجليون للأمام ويعود ندومبيلي بجوار سيسيوكو لوسط الملعب وأمامها يكون كين. وكأن الطريقة تكون 3-4-1-2.
فوجود ثنائي إرتكاز (ندومبيلي وسيسوكو) وأمامها كين يعطي توتنام الأفضلية والزيادة العددية في الخروج بالكرة من الخلف.
وهذا ما حدث ضد ويست بروميتش ألبيون ومانشستر يونايتد.
هُنا ضد مانشستر يونايتد، دخل لوكاس مورا الجناح الأيمن للعمق، ليسحب معه لوك شاو الظهير الأيسر ليونايتد، ومع عدم إلتزام جناح يونايتد الأيسر بالعودة للدفاع واستهتار بول بوجبا في التغطية خلف شاو؛ حصل سيرجي أورييه على الكرة بعد تمريرة رائعة من هويبرج ليسجل في شباك دافيد دي خيا.
لاحظ تقدم ريجليون مع سون أيضا.
وهنا أيضا أورييه تقدم حتى خط نهاية الملعب في الجانب الأيسر مع صعود ريجليون في الجانب الأيسر.
أما الثاني فيكون ببقاء ظهير في الخلف مع صعود الأخر، والتغطية بلاعب ارتكاز بدلا منه، مع عدم عودة كين للخلف على أن يدخل الجناح الذي يلعب أمام الظهير المتقدم للعمق لتفريغ مساحة على الخط له.
لنشرح هذه الفكرة بالصور..
هُنا تقدم ريجليون وظل هويبرج في الخلف ودخل جاريث بيل للعمق أثناء عودة سون لوسط الملعب.
وبطولية من إريك داير أصبح ريجليون حرا بعدما أخطأ باسكال جروس في رقابته.
ولا مانع من تطبيق نفس الفكرة ضد ويست بروميتش ألبيون الذي يدافع بـ6 لاعبين، مع الدفع بمهاجم إضافي حتى لا تكون الزيادة العددية لصالح أصحاب الأرض.
ريجليون يتقدم للأمام مع تواجد هويبرج وكارلوس فينيسيوس وكين ومورا داخل منطقة الجزاء مع صعود مات دوهيرتي لوسط الملعب للتغطية والحصول على الكرة الثانية واستخلاصها سريعا.
مع هذه التحركات في بناء اللعب وتحضيره والوصول لمرمى المنافس يعد الثنائي كين وهويبرج الأهم بالنسبة لمورينيو.
يعود كين للخلف كثيرا، لدرجة إن النظر لأماكن لمسه للكرة قد تُشير إلى أنه لاعب ارتكاز وليس مهاجما.
كانت هذه أماكن لمس كين للكرة حتى الجولة 9، أي قبل مباراتي تشيلسي وأرسنال.
كما أن الثنائي هما أكثر من يتم البحث عنهما أثناء التمرير.
هويبرج كان هدفا لاستلام كرات زملائه 652 مرة، يليه كين بـ498 مرة.
أما كين فيعد خامس أكثر من لمس الكرة في الثلث الأوسط للملعب، بـ222 لمسة، بعد هويبرج، داير، سيسوكو وندومبلي.
وأيضا استخلص الكرة من الثلث الأوسط 4 مرات، وهو نفس عدد استخلاص ندومبيلي من نفس المكان وأكثر من سيسوكو الذي اكتفى بـ3 استخلاصات للكرة.
بالإضافة لتشتيته للكرة 19 مرة مقابل 14 لسيسوكو و25 لهويبرج ومرة واحدة لندومبيلي.
وبالنسبة للتمرير فإن هويبرج وكين يتصدران المشهد أيضا.
هويبرج مرر 131 كرة طولية اكتمل منها 106، مقابل 56 لكين اكتمل منها 36، ليكون المهاجم الإنجليزي سادس أفضل ممر كرات طولية بعد داير، هويبرج، لوريس، توبي ألديرفيرلد ودافنسون سانشيز.
لذلك فإن عودة كين للخلف لم تكن لصناعة اللعب فقط وإنما في استخدام قدرته على لعب الكرات الطولية للأمام بشكل أفضل.
وأيضا عودته كانت لمساعدة توتنام في بناء الهجمة.
بالإضافة للأساليب التي يعتمد عليها مورينيو في بناء الهجمة على الأرض، يفضل مورينيو أيضا الصعود للأمام معتمدا على الكرات الطولية التي تلعب من الخلف وتحديدا داير وهوجو لوريس حارس المرمى صوب كين، الذي يعرف كيف يفوز بالكرات الهوائية.
فلوريس هو أكثر من أرسل كرات طولية بين حراس الفرق الـ6 الكبرى وثاني من أكمل محاولاته بـ 75 كرة بعد إديرسون بـ82.
ضد أرسنال في مباراة الجولة 35، كانت الكرات الطولية هي متنفس توتنام للتغلب على ضغط لاعبي المدرب ميكيل أرتيتا.
وفي الموسم الحالي، فاز كين بـ30 كرة هوائية وخسر 44 بنسبة نجاح 40.5%. فهو الثاني خلف داير الذي فاز بـ34.
أما هويبرج فكان القطعة الناقصة التي يبحث عنها مورينيو منذ زمن بعيدا.
يجيد هويبرج تغطية المساحات خلف زملائه، وقيادة وسط الملعب بلعب تمريرات تجعل موقف توتنام أفضل عند استحواذه على الكرة، مع تغييره المستمر للملعب بإرسال كرات طولية مما يسمح بالخلاص من الضغط الواقع على الفريق من المنافسين.
لهذا لم يكن غريبا بأن يصفه مورينيو بالـ "عبقري" قبل أن يوضح "يقرأ المباراة بشكل ممتاز جدا وأتوقع أنه يوما ما سيصبح مدربا بكل تأكيد".
ويُكمل "بير لاعب قوي جدا جدا من الجانب البدني والتكتيكي أيضا، هو أفضل كثيرا مما يعتقده الناس".
كان هذا عن الحالات الهجومية لتوتنام. فكيف أصبح مورينيو يدافع هذا الموسم؟
عند الدفاع تتحول 4-2-3-1 إلى 4-4-2 مع صعود ندومبيلي/جيوفاني لو سيلسو بجوار كين لمنع قلبي دفاع المنافس من التمرير مع غلق زوايا التمرير إلى ثنائي إرتكاز الفريق المنافس بالإضافة لإلتزام جناحي الفريق بظهيري المنافس وظهيري الفريق بجناحي المنافس.
مع عودة الفريق بأكمله للتمركز في وسط ملعبه. 10 لاعبين من توتنام يتمركزون خلف خط منتصف الملعب.
بجانب إغلاق العمق بلاعبي الإرتكاز. فقد يراقب سيسوكو صانع ألعاب الفريق مع بقاء هويبرج حرا (أو العكس) للتغطية خلف لاعبي فريقه والضغط على أي لاعب يهرب من الرقابة.
مع عودة الفريق بأكمله للتمركز في وسط ملعبه. 10 لاعبين من توتنام يتمركزون خلف خط منتصف الملعب.
ما حدث ضد أرسنال يوضح ذلك.
هنا الفريق بأكمله في وسط ملعبه معتمدا على 4-4-2.
وهنا سيسوكو يقوم بتغطية المساحة التي تركها سون بعدما ذهب لرقابة هيكتور بيللرين مما أتاح فرصة تمرير لويليان قبل أن يُغلقها لاعب الوسط الفرنسي.
غلق العمق بثنائي الإرتكاز وتطوير الأسلوب الدفاعي لتوتنام أمر أشاد به نيفيل. قائلا: "أتذكر مباراة لمانشستر يونايتد ضد ليفربول حيث خرجت من المباراة معتقدا أنني لا يمكن أن أشاهد يونايتد يلعب بهذه الطريقة. مورينيو لعب بسداسي في الدفاع وكان الفريق يائسا. أعلم أن ليفربول كان أفضل لكن المشكلة أن يونايتد لم يتمكن من لعب هجمة مرتدة واحدة".
وتابع نيفيل "لا يزال يرغب في الاستقرار الدفاعي ويريد الخروج بشباك نظيفة. لا أعتقد أنه يثق في تماما في الرباعي الخلفي لكن بالنظر لتوتنام ستجد أن لا يزال هناك سداسي في الخلف بوجود سيسوكو وهويبيرج –كما فعل ضد ليفربول- لكن مع اختلاف كبير".
وأتم "لقد حدث تغييرا طفيفا لكنه نفس النظام. لقد تكيف جوزيه وأصبح لديه توازن بين كونه جيدا دفاعيا ولديه قدرة على التهديد من المرتدات. أعتقد أنه يجب أن يلعب بهذه الطريقة لكي يفوز باللقب. ظهيرا الجنب يحتاجان لتدعيم من لاعبين –يقصد بعودة الجناحين للخلف- ومورينيو لديه خطة للفوز بالدوري هذا الموسم".
ما يقدمه مورينيو حتى الآن مع توتنام يجعله يتصدر الدوري. لكن هل يستطيع الفريق إكمال الموسم بنفس الأداء دون أن يتأثر المردود البدني المتوقع لسون وكين تحديدا بسبب أدوارهم الدفاعية وقطعهم لمسافات طويلة على أرض الملعب؟ هذا ما سنعرفه خلال الجولات المقبلة.
*المصادر
-Sky Sports
-Football lonodn
-The Coaches's voice
-قناة Football Made Simple على يوتيوب
-قناة Nouman على يوتيوب
-statsbomb