باولا دابينا.. الناشطة النسوية التي أدارت ظهرها لـ عالم مارادونا
الجمعة، 04 ديسمبر 2020 - 21:49
كتب : FilGoal
حضر الأربعاء 25 نوفمبر 2020 بنبأ مؤلم لعالم كرة القدم، عندما توفي دييجو أرماندو مارادونا عن ستين عاما.
رحل مارادونا على حين غرة، وانهالت عليه قصائد الرثاء ومظاهر التكريم من كل حدب صوب، تقاتل الأرجنتينيون للاقتراب من جثمانه، وتوشحت كرة القدم بالسواد كما لم تفعل من قبل.
لكن، في رقعة غير ملحوظة من العالم، يوم السبت 28 نوفمبر، أقيمت مباراة ودية بين الفريق النسائي لـ ديبورتيفو لاكورونيا، والفريق النسائي لـ بياخيس إنترّياس المغمور القابع في القسم الثالث، بإقليم جاليثيا في مملكة إسبانيا.
انتهت المباراة بفوز ديبورتيفو بعشرة أهداف دون رد، لكن النتيجة لم تكن أبدا أهم ما حدث في تلك المواجهة، وإنما ما فعلته باولا دابينا لاعبة بياخيس إنترّياس قبل انطلاق المواجهة.
المُدرّسة صاحبة الـ24 عاما، رفضت الوقوف دقيقة صمت على روح مارادونا، وجلست على عشب الملعب، وأدارت ظهرها للمدرجات في لافتة اعتراض.
بعد المباراة، بررت باولا تصرفها عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي قائلة إنها رفضت تكريم "شخص مُغتَصِب ومتحرش بالأطفال ومعتدٍ".
خلال ساعات قليلة، انتشرت اللقطة في كل أنحاء العالم، لأن باولا ببساطة اتخذت اتجاها مخالفا تماما لما سار عليه العالم منذ لحظة إعلان وفاة مارادونا.
ولّدت تلك الصورة الكثير من المشاعر السلبية، وسلّطت على اللاعبة تهديدات عديدة بالقتل، لكنها على الجانب الآخر، كانت حدثا تاريخيا إيجابيا بشكل كبير للنادي الإسباني المغمور.
يوضح إنريكي رودريجيز رئيس بياخيس إنترّياس في حديثه لصحيفة "أس"، كيف استفاد ناديه اقتصاديا بشكل بالغ من تصرُف اللاعبة باولا دابينا دون قصد.
إنريكي قال: "الأمر برمته جنوني. يوم الإثنين الماضي هاتفني الفتى المسؤول عن حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخبرني أنهم يتلقون الكثير من الطلبات للحصول على أقمصة تحمل اسم ورقم باولا دابينا".
وأضاف: "لم يتوقع أحد ردود الفعل هذه أبدا، أثناء اللقطة كنت أتحدث مع المسؤول عن الفريق النسائي لـ ديبورتيفو، ولمحت باولا جالسة ولم أعط اهتماما للأمر. في صباح اليوم التالي عندما استيقظت تلقيت سيلا من الرسائل عما حدث، ذُهلت هاتفت باولا وهي أخبرتني بكل شيء، وحصلت على إذني بعمل مقابلات لشرح وجهة نظرها".
وأوضح: "عدد متابعينا على وسائل التواصل الاجتماعي تصاعد مثل الرغاوي، كما زاد الطلب جدا على أقمصة الفريق، وزاد عدد المشتركين في النادي".
وشرح: "كنا نمتلك مخزنا صغيرا يحتوي على 50 قميصا تقريبا من أجل الأعضاء كبار السن، والآن لم يتبق إلا 8 أقمصة من أصل 50 قميصا وتوج علي التواصل مع المصنع لعمل مجموعة جديدة من الأقمصة لتغطية الطلبات المتزايدة".
وذكر موقفا طريفا: "وصلتني مكالمة من رقم خارجي، لم أرغب في الرد خشية أن تكون أحد التهديدات القادمة من الأرجنتين، لكن اتضح أنه رجل إسباني مقيم في ميامي ويريد شراء 3 أقمصة لـ باولا دابينا، كما وصلتنا طلبات شراء من البرازيل".
واعترف: "نحن نادٍ متواضع ومجلس إدارته صغير، وتحقيق هذا هو أمر مذهل بالنسبة لنا، كان مستحيلا أن نتخيل هذا الرواج العالمي الواسع بعد 5 سنوات فقط من تأسيس النادي، هذا هو أكبر حدث يمر بتاريخ نادينا".
وكشف: "وصلتنا طلبات عضوية في النادي من أشخاص خارج جاليثيا، كل هذا دون أن نفعل أي شيء من الأساس".
وشدد: "النادي لا يرغب في استخدام صورة باولا دابينا (لأجل مزيد من الدعاية)، هي بطلة الواقعة بالطبع ونحن ندعمها في موقفها الشجاع، لكننا لا نريد استغلالها".
وأوضح: "لو استشارتني قبل أن تقوم بهذا التصرف، لم أكن لأمنعها، إنه موقف محترم جدا".
وأتم: "نحن نحترم باولا وندعمها ونفخر جدا بشجاعتها، دون شك، باولا هي بطلة اللحظة الأكثر تاريخية لنادينا".
...
كانت تلك الصورة في نظر رئيس النادي، من منظور اقتصادي بحت، لكن من منظور باولا كان الوضع مختلفا بالطبع.
أجرت باولا دابينا مقابلة مطولة مع "أس" قبل عدة أيام، شرحت فيها اتجاهاتها النسوية ودوافعها للقيام بتصرف مماثل جعلها أشهر من نار على علم.
تكشف باولا عما تعرضت له من هجوم بعد الواقعة: "اضطررت إلى تخصيص حساباتي على وسائل التواصل الاجتماعي، لأني لم أتعرض للتحرش وحدي، بل زميلاتي أيضا، فقد وصلوا إلى حساباتهن من خلالي. وصلني أيضا تهديدات بالقتل، وتهديدات من نوعية "سأعثر على عنوانك وآتي إلى منزلك وأكسر ساقيك".
وأضافت "لم أتوقع أن ينتشر الأمر بهذه الطريقة، ظننته سيبقى بين متابعيني على إنستجرام، حتى عندما نُشرت الصورة في مجلة بونتيبيدرا بيدا حيث تعمل شقيقتي، ظننت أن الأمر سينتشر داخل بونتيبيدرا فقط، لكن فجأة، تحوّل الأمر إلى نبأ عالمي".
وتعجبت: "قبلها بأيام كان اليوم العالمي لمناهضة العنف بين الجنسين، وأعتقد أن الوقوف دقيقة صمت على مارادونا هو تصرف منافق، لأنه شخص معتدٍ، بينما لا نقف دقيقة صمت على ضحايا العنف الجنسي".
وتأسفت: "وفاة مارادونا حدثت في اليوم العالمي لمناهضة العنف بين الجنسين غطى تماما على ضحايا عنف الرجال، وتحوّل التركيز بالكامل على مارادونا، جُرِد اليوم من جوهره تماما".
وسُئلت باولا عما إذا كانت قد حصلت على إذن من إدارة ناديها بالقيام بهذا التصرف، فأوضحت أنها لم تمتلك الوقت لذلك من الأساس.
تسترجع باولا ما حدث: "لم أكن أعرف أننا سنقف دقيقة صمت من الأساس إلا خلال ذهابنا إلى الملعب في الحافلة، وقتها قلت لهن إنني سأبدي اعتراضي، لكني لم أعرف كيف سأتصرف، فقط قررت في لحظة دخولي الملعب أنني سأدير ظهري للمدرجات، كان هذا ما تبادر إلى ذهني حتى لا أقلل من احترام أحد".
وأكملت: "زميلاتي لم يقلن لي أي شيء على الإطلاق، إنهن يحترمني دائما، ويدركن أنني ناشطة نسوية".
وشرحت دورها المجتمعي في المساواة بين الجنسين: "المجتمع يفرض على الفتيات اللعب بـ (باربي) وأن يعشقن اللون الوردي وأن يكن حساسات. في المقابل يدفع الفتية إلى حب كرة القدم والسيارات وأن يكونوا أقوياء وشجعان. معركتي تكمن في القضاء على هذه الأنماط وأن يمارس الفتية والفتيات ما يريدون".
وأبدت رأيها في دييجو مارادونا: "مارادونا بالنسبة لي، على المستوى الكروي، امتلك قدرات رائعة. لكنه على المستوى الإنساني لم يفعل ما يجعله محبوبا بعد أن طفت على السطح وقائع حالات الاعتداء الجنسي والتحرش بالأطفال، وهذا يتعارض مع أفكاري وما أقاتل من أجله. ولذا فالوقوف دقيقة صمت تكريما له سيكون ضد مبادئي، لم أستطع أن أفعل ذلك".
وأكدت: "لا يمكن الفصل بين مارادونا اللاعب ومارادونا الشخص، فاللاعب هو شخص قبل أن يكون لاعبا، خصوصا إذا كان قدوة لكثير من الأشخاص كما هو الحال مع مارادونا، لا يمكن الفصل بين الأمرين كما هو الحال مع أزمته مع المخدرات التي لا تعنيني مثلا، فكل شخص حر فيما يفعله لنفسه، لكن لحظة اعتدائه على أشخاص آخرين، هذا أمر لا يمكن السماح به".
واعترفت: "لقد فوجئت للغاية أنه لم يوجد أي لاعبة أخرى رفضت الوقوف دقيقة الصمت على مارادونا في بقية المباريات".
...
لم تكن حياة مارادونا خارج الملعب هادئة تماما، وعلاقته بالنساء لم تكن استثناءً بحسب بعض رواياتهم.
روسيو أوليفا، لاعبة سابقة، وآخر من واعدها مارادونا بشكلٍ علني، اتهمته في عدة مناسبات بالاعتداء عليها.
وفي 2014، انتشر مقطع فيديو لـ مارادونا وهو يضرب روسيو أوليفا.
كلاوديا فيافانيي زوجته السابقة بدورها اتهمته سابقا بالاعتداء عليه، إذ صرحت محاميتها في 2019 أن دييجو "تحرش بها ومارس معها عنفا نفسيا ممنهجا".
كما توفي مارادونا وترك قضايا ضده بممارسة الجنس مع قاصر معلقة، إذ طالبت امرأة تُدعى لارا بنسب طفلها إلى مارادونا، أمر أثار الجدل لأن وقت حملها تزامن مع كونها قاصرا.
اقرأ أيضا: