كتب : رامي جمال
اعترف ميكيل أرتيتا المدير الفني لأرسنال بأن فريقه يعاني مشكلة هجومية وقال: "لتصبح فريقا كبيرا يجب أن تسجل 90 أو 100 هدف".
لكن وفقا لمعدل أرسنال الحالي في تسجيل الأهداف، فإن الفريق اللندني سوف ينهي الموسم بحصيلة أهداف أقل من نصف الرقم الذي ذكره المدرب الإسباني.
ونشر موقع "ذا أثليتك" الأمريكي تقريرا مطولا حول أزمة أرسنال الهجومية خلال الموسم الجاري في الدوري الإنجليزي.
سجل أرسنال تسعة أهداف في ثماني مباريات بالموسم الجاري من البريميرليج، ومتوسط عدد تسديدات الفريق في اللقاء الواحد هو تسعة، ما يجعله يحتل المركز الـ15 من بين 20 فريقا في تلك الإحصائية في المسابقة.
ولكن للمفاجأة، فإنه رغم معدل التسديد المنخفض، فإن معدل تسديد الأهداف هو 1.1 هدفا في اللقاء، ويحتل أرسنال المركز التاسع في تلك الإحصائية خلال الموسم الحالي.
ما تؤكده تلك الأرقام إن أرسنال يصنع القليل من الفرص، لكن عندما يفعل ذلك فإنها تكون ذات جودة مرتفعة يمكن أن يأتي منها الأهداف، إذ أن المعدل المتوقع لتسجيل هدفا من التسديد هو 0.12، وهو ثالث أعلى معدل لأي فريق في الدوري الإنجليزي.
إن طريقة لعب أرسنال ليست مباشرة مثل بعض الفرق الأخرى، بل يقوم الفريق بتدوير الكرة بحثا عن اللحظة المناسبة للانقضاض على خصمه، وتلك الطريقة لا تضمن النجاح بشكل دائم.
لماذا؟
من أجل تحسين الفريق وتسجيل المزيد من الأهداف فإنه على أرتيتا إيجاد طريقة للوصول لشباك الخصوم أكثر، وهذا بدوره يعني الاستحواذ بشكل أكبر في الثلث الأخير من الملعب.
يظل السؤال كيف يستحوذ أرسنال على الكرة؟
يعد تدوير الكرة بين لاعبي أرسنال هو الأبطأ لأي فريق في البريميرليج، وإن تمت مقارنتهم على سبيل المثال بليدز يونايتد، فإن فريق المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا يلعبون بشكل أكبر وأسرع، مثل مقارنة بطء موسيقى الجاز، بالموسيقى الإلكترونية الحديثة ذات الإيقاع السريع.
يقدر متوسط وقت احتفاظ أرسنال بالكرة بـ28 ثانية، وهو ثاني أعلى وقت في الدوري وخلف مانشستر سيتي بثانية وحيدة فقط.
وعندما يمتلك خصوم أرسنال الكرة فهم يحتفظون بها لـ26 ثانية وهو سادس أعلى متوسط في الدوري.
وبدون الكرة يضغط أرسنال بقوة وكثافة وحدة أعلى لكن معدل تمريرات الفريق وهو في وضع دفاعي لمحاولة الخروج بالكرة ارتفع من 12.4 تمريرة في الموسم الماضي إلى 16.1 تمريرة في نظيره الجاري، ما يوضح مدى سلبية الفريق في بدء الهجوم.
وفي فريق يفتقر للإبداع في الملعب، فإن أرسنال يعتمد على إغلاق المساحات أولا لمنع استقبال الأهداف ومن ثم الضغط، وحدث ذلك ضد مانشستر يونايتد حينما فاز الضيوف في ملعب أولد ترافورد بهدف دون رد.
أظهر أرتيتا في تلك المباراة قدرته على قيادة فريقه على إحداث الضغط بقوة على الخصم، لكن هذا الأمر قد يريد تنفيذه بشكل أكبر مستقبلا وبفاعلية أفضل مثلما حدث في مسرح الأحلام.
مشكلة الثلث الهجومي
تكمن مشكلة أرسنال في الثلث الهجومي والأخير في الملعب، لتوضيح ذلك أكثر، فإن 35% من استحواذهم في إجمالي مبارياتهم هو ما يصل لمناطق جزاء الخصم، وهو يحتل المركز الـ14 في الدوري في تلك الإحصائية، مقارنة بـ50% لمانشستر سيتي و48% ليفربول و43% لمانشستر يونايتد.
لا يعاني أرسنال فقط في إيصال الكرة للثلث الهجومي بل لا يخلق الفريق لنفسه فرصا كافية لمنح نفسه إمكانية الوصول لتلك المناطق الخطيرة، لذا يظل الفريق يدور الكرة في مناطق لا تشكل أي خطورة على الخصم..
إذ أنه خلال المباراة الواحدة 29% من استحواذ الفريق يصل للثلث الهجومي.
وهذا يوضح أنه ما لم يقم لاعب ما بالتسديد من 40 ياردة أو الانطلاق بمجهود فردي فسيواصل الفريق معاناته الهجومية.
خلق أرسنال 29 فرصة فقط في الموسم الحالي لتسجيل الأهداف، هذا هو ثاني أقل رقم في الدوري بعد نيوكاسل.
كل تلك الأرقام توضح مدى انخفاض قدرة الفريق الهجومية، على سبيل المثال تحت قيادة آرسين فينجر كان 44% من استحواذ الفريق يصل للثلث الهجومية.
لعب أرسنال خلال الموسم الجاري 381 تمريرة فقط في الثلث الأخير من الملعب، وهذا يجعل الفريق يحتل المركز الـ14 في تلك الإحصائية.
الشيء المثير للدهشة كذلك أن أكثر اللاعبين الذين يعتمد عليهم أرسنال كي يرسلوا تمريرات للثلث الأخير هم جرانيت جاكا وديفيد لويز ويرسل الأول 11.4 تمريرة في اللقاء الواحد للثلث الهجومي مقابل 9.6 تمريرة للمدافع البرازيلي.
وبعدما غاب كلا اللاعبين عن الفريق ضد أستون فيلا، عانى المدفعجية كثيرا.
ويحاول أرتيتا حاليا اكتشاف طريقة أخرى لتقليل الاعتماد على الثنائي على تلك الجزئية، لكن حتى الآن هو لم يجدها.
للمزيد من التوضيح فإن الوافد الجديد على الفريق ويليان، يلمس الكرة في الثلث الأخير من الملعب 24 مرة، مقارنة بـ38 لـ44 لمسة حينما كان يلعب مع تشيلسي.
بالإضافة إلى ذلك فإن ويليان يتألق في لعب الهجمات المرتدة، لكن طريقة لعب أرسنال في تدوير الكرة ببطء والتقدم بما يساوي 0.95 مترا في الثانية الواحدة تجعل اللاعب البرازيلي يضطر للعودة للخلف للحصول على الكرة.
يجب أيضا الإشارة إلى أن غياب مسعود أوزيل أثر على الفريق حتى وإن كانت أرقامه تضائلت مع مرور السنوات.
ففي موسم 2015-2016 كان يلمس أوزيل الكرة 45 مرة في الثلث الأخير، وبحلول موسم 2018-2019 انخفض ذك الرقم لـ28 لمسة.
وبالمثل انخفض متوسط صناعة أوزيل للأهداف في كل 90 دقيقة من 0.56 صناعة في موسم 2015-2016 إلى 0.10 صناعة في موسم 2018-2019.
ذلك يشير إلى أن أوزيل مثل زملائه، يُحرم من إيصال الكرة له في المناطق التي يتألق فيها.
قد تعود مشكلة أرسنال كذلك إلى نقص عدد من يستطيع المراوغة ففي ظل تردد أرتيتا في الاعتماد بشكل كامل على نيكولاس بيبي، فإنه يعتمد على بوكايو ساكا وهيكتور بيلليرين.
وتجدر الإشارة إلى أن شيفيلد يونايتد وبيرنلي هما الفريقان الوحيدان اللذان راوغا أقل من أرسنال في الموسم الجاري.
أزمة أوباميانج
بعد تجديد تعاقده لثلاث سنوات فإن أرسنال لم يحصل على أفضل ما لدى مهاجمه بيير إيمريك أوباميانج حتى الآن خلال الموسم الجاري.
أوبا يسدد الكرة 1.1 مرة كل 90 دقيقة ليحتل المركز الـ47 في تلك الإحصائية في الدوري الإنجليزي.
الأهداف المتوقعة منه خلال كل 90 دقيقة هي 0.06 هدفان ويحتل المركز الـ65 في تلك الإحصائية.
لذا يحتاج المهاجم الجابوني للتقدم أكثر للأمام وإيصال الكرة له في مناطق خطرة ليتألق.
لاحظ كيف انخفض معدل الأهداف المتوقعة من أوباميانج مع مرور المواسم.
التحول من الدفاع للهجوم
يحتاج أرسنال للبحث عن طريقة لترتفع حصيلة لاعبيه في الهجوم، لكن يبدو أن أرتيتا يهتم بالنظام الخططي في المقام الأول على الرغم من أن أغلب اللاعبين المتاحين لديه لم يتواجدوا من الأصل من أجل ذلك النظام الذي يؤمن به.
خاصة وأن اللاعب الوحيد الذي كان يريده المدرب الإسباني من أجل ذلك النظام الذي يعتمد على الاستحواذ هو حسام عوار.
أوباميانج وساكا وويليان وبيبي كلهم يتألقون في المرتدات السريعة، لكن بطء لعب أرسنال يمنعهم من التألق والحصول على الكرة في أماكن خطرة على الخصم.
إن الأمر يعد مسالة توافق بين اللاعبين وأسلوب المدرب، حتى معاناة أليكساندر لاكازيت مهاجم الفريق قد يمكن تفسيرها جزئيا من حقيقة إنه ليس قلب الهجوم المثالي لأسلوب أرتيتا.
الأمر أشبه بأن أرتيتا يحاول سرقة بنك عن طريق فتح القفل باستعانته بسائقي سيارات للهروب من الموقف.
مع مرور الوقت يمكن إصلاح بعض من سلبيات النظام الحالي لأرسنال وكذلك مع قدوم سوق الانتقالات.
لكن أهم شيء حاليا أن يتنازل أرتيتا عن بعض مبادئه التكتيكية ليساعد لاعبيه على الازدهار.
لا يخلو أرسنال من وجود لاعبين موهوبين لكنهم يحتاجون لنظام يسمح لهم بالتألق، قد يكون التحولات المستمرة من الدفاع للهجوم بشكل سريع والتقدم أكثر للأمام أحد المفاتيح لمساعدة أرسنال على التألق الهجومي.