10 نوفمبر 1988.. عندما وُلد ميلان ساكي في ضباب بلجراد
الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020 - 23:23
كتب : إسلام أحمد
"لقد كاد أن ينتهي حلم ميلان"، دراجان ستويكوفيتش قائد ريد ستار بلجراد لهيئة الإذاعة البريطانية "BBC".
"بعد المباراة، أدرك ميلان أنهم كانوا محظوظين للغاية. ربما كان ذلك عملا من الله! حتى عندما تحدثت إلى أدريانو جالياني، يضحك على ذلك ويقول بفضل الضباب في بلجراد، أصبحنا فريقا كبيرا!".
هل فكرت في لحظة أن مباراة واحدة كانت سببا في أسطورة ميلان ساكي؟ مباراة لولاها ما سيطر الروسونيري على الألقاب الإيطالية والأوروبية في الثمانينيات والتسعينيات مع مدربه الإيطالي أريجو.
في موسم 1987-88 حقق ميلان لقب الدوري الإيطالي لأول مرة منذ تسع مواسم مع أريجو ساكي على حساب نابولي مارادونا وكاريكا وشارك في الموسم التالي بدوري أبطال أوروبا ممثلا لإيطاليا.
بدأ الروسونيري مشواره القاري بالفوز على فيتوشا صوفيا البلغاري 7-2 منها سوبر هاتريك لفان باستن في الإياب، بالدور الأول بينما تفوق ريد ستار على دوندالك الإيرلندي 8-0.
في الدور الثاني كان اللقاء الأكثر شراسة بين الفريقين، في الذهاب وعلى ملعب سان سيرو انتهت المباراة بالتعادل 1-1.
سجل ستويكوفيتش هدفا وسط أنصار ميلان يساوي تأهلا، فيتذكر قائلا: "كانت تلك واحدة من أجمل اللحظات في مسيرتي".
"لقد كان تحديا كبيرا حقا بالنسبة لنا للعب في سان سيرو بحضور جماهيري كامل، لكننا قدمنا أداءً رائعا".
"بالنسبة لهدفي، قمت بالمراوغة عبر الدفاع بأكمله وخاصة فرانكو باريزي، لتسجيل هدف وكانت لحظة رائعة. ثم أظهرنا عقلية قوية وشخصية قوية لعدم رفع الراية البيضاء. لقد فاجأنا الكثير من الناس".
الإياب في التاسع من نوفمبر 1988 سجل ديان سافيسفيتش هدف أصحاب الأرض على ماراكانا معقل الفريق الصربي في الدقيقة 50 بعد مجهود قوي وصناعة من القائد ستويكوفيتش.
وتعرض بيترو باولو فيردس مهاجم ميلان صاحب هدف التعادل في الذهاب للطرد بعد لكم جوران يوريتش ليكمل الروسونيري اللقاء بعشر لاعبين، كل شيء ضد ميلان.
ستويكوفيتش يصف تلك اللحظات: "ميلان سقط على ركبتيه".
لكن الأحوال الجوية تحولت بشكل غريب للغاية فيواصل القائد الصربي: "بعد ذلك حدث كل شيء بسرعة كبيرة. بعد 10 دقائق من الشوط الثاني حل الضباب، وفي لحظة واحدة، فجأة أصبح غير مرئي. أراد الحكم السماح لنا باللعب ولكن لم يكن لديه خيارا، كان ذلك مستحيلا".
"في الشوط الأول كانت الرؤية جيدة، لكن دقيقة بدقيقة ساءت الأمور، أولا لم أتمكن من رؤية المدرج. ثم لم أتمكن من رؤية المرمى. ثم لم أتمكن من رؤية منطقة الجزاء. ثم لم أستطع رؤية الكرة".
الحكم الألماني ديتير باولي قرر إيقاف المباراة في الدقيقة 57، مانحا ميلان قبلة الحياة بعد 24 ساعة بإعادة المباراة من جديد مرة أخرى.
لكن قبل أن يعلن الحكم إلغاء المباراة وإعادة المباراة في اليوم التالي يحكي باولو تافيجيا المدير السابق لنادي ميلان ما دار في تلك اللحظات لموقع "MilanNews": "أطلق الحكم صافرة إيقاف المباراة وكان علينا الانتظار 45 دقيقة لمعرفة إذا كان الضباب سينقشع ونستكمل اللقاء أم لا".
"ذهبت إلى غرفة الملابس للحصول سيجارة وشاهدت بالفعل أربعة أو خمسة لاعبين في الحمام، لم يدركوا أن التعليق مؤقت".
"تصرفت بيأس وأخبرت الحكم ديتير باولي أني أساءت فهم لغته الإنجليزية وأن مسيرتي تدمرت لكنه قال لي سنلعب غدا ظهرا".
"لم أخبر أحدا بما حدث لمدة 20 عاما، لقد تصرفت وكأنها كانت الفكرة طوال الوقت".
في اللحظات ذاتها جلس ستويكوفيتش وفريقه في غرفة خلع الملابس بعد الضباب، وقد صُدموا لرؤية المدرب فلاديمير بتروفيتش يوافق على رغبة ميلان في إعادة المباراة بعد ظهر اليوم التالي.
يقول القائد: "علمنا أنها كانت فكرة سيئة، كنا بحاجة إلى الراحة".
ويواصل "كان سافيسيفيتش في الجيش، ولم يكن لاعب كرة قدم محترفا، وتحولت الميزة لميلان. لقد كانوا وحوشا على المستوى الجسدي، مع العديد من اللاعبين الجيدين على مقاعد البدلاء الذين يمكنهم مساعدتهم. لقد استعادوا خوليت للمباراة الثانية! شعرت كما لو كنت ألعب بمفردي".
تافيجا يسرد قصة أخرى في ليلة مباراة العاشر من نوفمبر: "ليلة المباراة لم أستطع النوم، لذلك طلبت من موظف استقبال الفندق أفضل ملهى ليلي في بلجراد. حصلت على سيارة أجرة مع جيدو سوسيني المتحدث الرسمي للنادي وأنا مقتنع بأن الحكم سيكون هناك أيضا".
"بشكل ممتع بما فيه الكفاية، بعد 30 دقيقة، وصلت مرسيدس بيضاء مع مساعد الحكم وبعض الفتيات برفقة مديري ريد ستار. رآني الحكم وتبادلنا نظرة تعني أعرف ما تفعله وأنت تعرف أنني رأيتك، ولم أقل شيئا".
في اليوم التالي، تواجد رود خوليت على مقاعد البدلاء بعدما غاب عن الأولى بسبب معاناته من الإصابة، وشارك لكنه لم يساهم في تحويل المسار لميلان.
تقدم ميلان أولا عن طريق ماركو فان باستن ثم عدّل ستويكوفيتش النتيجة من علامة الجزاء ووصل الفريقان لركلات الترجيح التي فاز بها ميلان 4-2، بعدما أهدر سافيسفيتش ركلة الترجيح الخاصة به.
ميلان بعد تلك المباراة تحول لوحش كاسر في أوروبا، تفوق على ريال مدريد في مباراة الـ 5-0 الشهيرة في نصف النهائي، ثم فازوا في النهائي على ستيوا بوخارست الروماني 4-0 على ملعب كامب نو.
مباراة ريد ستار كانت سببا في حصد الروسونيري 8 ألقاب قارية بين دوري أبطال والسوبر الأوروبي وكأس إنتركونتينتال مع ساكي في 3 سنوات فقط من أصل 10 ألقاب حققها الفريق.
يقول ستويكوفيتش: "لم يكن فريق ميلان من الأفضل حينها، لقد كان الأفضل من وجهة نظري. الأفضل على الإطلاق".
"كل شيء كان متعادلا في المباريات الثلاث. لعبنا كرة قدم جيدة للغاية، لذا من يدري ما هو الحد الأقصى لفريق ريد ستار هذا. ربما كان بإمكاننا الوصول إلى النهائي إذا تغلبنا على ميلان؟ إلقاء اللوم على الضباب في ذلك".
بعد 3 أعوام رفع ريد ستار لقب دوري أبطال أوروبا بقيادة داركو بانشيف وسينيسا ميهايلوفيتش وروبرت بروزينيكي بعدما حقق الفوز على مرسيليا الفرنسي والذي لعب له ستويكوفيتش حينها بفضل ركلات الترجيح.
ستويكوفيتش نفسه حصد لقب دوري الأبطال مع مرسيليا في 1993 على حساب ميلان في المباراة النهائية.
ويختتم القائد ستويكوفيتش: "ميلان لن ينسى أبدا هاتين المباراتين في بلجراد. لقد وُلد في ضباب بلجراد".