كتب : فادي أشرف
القاهرة، 11 أكتوبر 2020، الثامنة مساءا
مباراة قمة مصرية على استاد القاهرة، الأهلي يستضيف بيراميدز، الأول يستهدف الحفاظ على كبريائه ضد الفريق المصري الوحيد المتفوق عليه في المواجهات المباشرة ومواصلة أرقامه القياسية بعد حسمه للقب قبل 7 جولات من نهاية المسابقة، والثاني يريد حسم تأهله لدوري أبطال إفريقيا من خلال بوابة الدوري.
على بعد حوالي 4500 كيلومترا، في كازابلانكا وأخواتها من مدن المغرب، تتسمر أنظار العاشقين للرجاء والوداد ونهضة بركان على نتائج فريقهم المفضل، والفريقين الآخرين، لحسم لقب الدوري، الذي حسمه فريق المدرب جمال السلامي في آخر 30 ثانية من الجولة بفضل هدف عبد الإله حافيظي في الدقيقة الأخيرة من مواجهة الرجاء والجيش الملكي، ليحصد الدوري للمرة الأولى في 7 سنوات.
مثلما اهتم المصريون بشكل طبيعي بمواجهة الأهلي وبيراميدز، كُتبت بين الساعتين الثامنة والعاشرة بتوقيت القاهرة أكثر من 30 ألف تغريدة حول الدوري المغربي، وبحسب Google Trends الذي يعرض الكلمات التي تُستعمل للبحث ويقارن بين نسبتها، المصريون بحثوا عن كلمة الدوري المغربي أكثر من كلمتي الأهلي وبيراميدز.
الاهتمام المصري مفهوم، فالرجاء والوداد هما منافسا الأهلي والزمالك في نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا، ولكن سحر المنافسة رغم الملاعب الفارغة على عروشها، جذبت أعين المصريين.
منذ تأهل الرجاء لنهائي دوري أبطال إفريقيا 2002 أمام الزمالك، وخسارته بهدف تامر عبد الحميد الشهير، اختفت الكرة المغربية من على ساحة البطولة الأكبر حتى جاء العام 2016، ومنذ ذلك الحين لم تغب الفرق المغربية عن نصف النهائي سوى مرة وحيدة.
في الكونفدرالية، في آخر نسختين، دائما هناك طرف مغربي في النهائي.
في البطولة العربية هذا الموسم ، لن تتذكر مشهدا أجمل من نهاية مباراة الوداد والرجاء بالتعادل 4-4، وتأهل الرجاء لنصف النهائي.
ومع كل ذلك، يعود المنتخب المغربي المدجج بكتيبة محترفين ومطعم بأفضل عناصر الدوري المحلي، كأحد عمالقة القارة السمراء.
كل هذا ليس محض صدفة، بل نتاج خطط وخطوات أعادت الكرة المغربية المتوجة بـ 6 ألقاب لحساب دوري الأبطال إلى الساحة مرة أخرى، وجعلت أي رحلة إلى كازابلانكا أو الرباط محفوفة بالمخاطر لأي فريق في إفريقيا.
نقطة التحول، حسبما يقول صحفي جريدة المنتخب المغربية الشهيرة بوزيان رشيد، هو تولي فوزي لقجع رئاسة الاتحاد المغربي في عام 2014.
أما ألاين تراوري، لاعب وسط نهضة بركان، فيقول لجريدة "لو موند" الفرنسية: "في الأعوام الماضية، كان هناك رغبة لتغيير الأمور لتصبح أكثر احترافية. أنا في المغرب منذ عام ونصف، وأظن أن هذا الدوري الأفضل في إفريقيا".
البوركينابي الذي لعب لأوكسير ولوريان وموناكو، سيكون ضمن المنافسين على كأس الكونفدرالية.
بعد انتخاب لقجع في 2014 كرئيس للاتحاد المغربي، بدأ في تطبيق برنامجه الانتخابي.
جمال الكواشي، عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد المغربي، شرح لجريدة "لو موند": "المعيار الأول كان البنية التحتية، هذا تضمن بناء ملاعب سواء للأندية المحترفة أو الهاوية، وكذلك وضع نهاية لملاعب النجيل الصناعي لصالح النجيل الطبيعي، كما طلب لقجع من الأندية تحسين هيكلتها".
خوان كارلوس جاريدو، المدرب السابق للأهلي، والوداد والرجاء، قال في تصريحات لجريدة "لو ماتين": "الأمر الإيجابي (في تطور الكرة المغربية)، يعود إلى امتلاك الأندية ملاعب جيدة للغاية. هناك ستة ملاعب على مستوى عال"
يشرح بوزيان لـ FilGoal.com: "تم التركيز على إصلاح هيكلة الأندية، عن طريق إقامة دورات تدريبية هنا في مركز التأهيل المهني، وكذلك منح المسؤولين الكبار في الأندية دورات تكوينية وتدريبية تحت رعاية الاتحاد الفرنسي لكرة القدم".
ولأن الطفرات لا تحدث دون الأموال، كان للإدارة المالية دورا هاما في خطة النهضة.
ماليات الأندية صارت تتبع مركز التحكم والإدارة الوطني في المغرب، وفي المقابل، يحصل كل ناد على ما يوازي 600 ألف يورو من اتحاد الكرة كل عام، بينما يتكفل الاتحاد بتنقلات وإقامة الفرق المشاركة في إفريقيا، بحسب الكواشي.
يقول بوزيان لـ FilGoal.com "أساس الطفرة، هو الانتقال المالي للأندية. الأندية صارت شركات مساهمة تهتم بالربح المادي، كرة القدم أصبحت صناعة في المغرب".
ذلك الأمر، بحسب بوزيان، جعل الأندية المغربية متقاربة ماليا ومتنافسة بقوة، ربما لم يصبحوا بفحاشة ثراء الأهلي والزمالك وبيراميدز، إلا أنهم لديهم قدرة اقتصادية كبيرة.
يضيف تراوري: "الاتحاد المغربي يكافئ الأندية بناء على مراكزها في الدوري. رواتبنا لا تتأخر وأماكن التدريب تتحسن، الآن الكرة المغربية جاذبة للاعبين والمدربين الأجانب وهذا سيساهم دائما في تحسنها".
المدرب التونسي فريد شوشان، والذي يدرب فريق يوسفية برشيد عاشر الدوري قال في تصريحات لموقع كووورة تدليلا على تقارب المستويات: "الإمكانيات المادية متوفرة ما يجعل المنافسة تبقى قائمة فلقب الدوري تتنافس عليه 7 فرق.
وفي كأس العرش، دائما ما يشهد مفاجآت وفوز فرق من القسم الثاني باللقب. أي أن التنافس دائما موجود في الكرة المغربية التي أراها تسير في الطريق السليم من ناحية العمل الميداني".
لكن كرة القدم لا تتطور دون تطور اللاعبين نفسهم، والتطور من المغرب يبدأ من أسفل الهرم.
في هذا الإطار، عمل الاتحاد المغربي على طريقين مثلما يشرح بوزيان: "الإطار الأول كان إجبار كل ناد في الدرجة الأولى أن يكون لديه قطاع ناشئين بتكوين معين للصغار وفريق الأمل والشباب، وجعل وجود هذا المركز التكويني إجباريا للمشاركة في البطولة".
الطفرة المادية بالتأكيد كانت سبب رئيس في التطور الواضح، لكنها لم تكن للأندية فقط. ملك المغرب، محمد السادس، دعم اتحاد الكرة المغربي بـ 250 مليون درهم لتطوير اللعبة والبنية التحتية، والنتيجة كانت مركب محمد السادس الذي وصفه بوزيان بأنه "الأفضل في المغرب، وربما من الأفضل في إفريقيا".
ماذا يحدث في مركب محمد السادس؟ كلايرفونتاين جنوب المتوسط
يشير بوزيان: "تم تقسيم المغرب لـ 4 مناطق لتكوين الناشئين، وينضم الأفضل منهم للإطار التكويني للاتحاد المغربي".
في سلا، قرب الرباط، تم افتتاح مركب محمد السادس ليصبح كلايرفونتاين جنوب البحر المتوسط، في إشارة للمدرسة الفرنسية الشهيرة التي أخرجت جيلين توجوا ببطولتي عالم في 1998 و2018.
المدرسة التي تم إنشاؤها في 2009، أخرجت مواهب مثل يوسف النصيري وحمزة منديل، تم استنساخها في أكثر من مدينة مغربية، والأفضل ينضم لتلك المدرسة المركزية .
"ما يحدث خطوات كبيرة للكرة المغربية. الأندية تعمل بشكل أفضل وتستطيع التنافس مع الأفضل في القارة مثل الأهلي والترجي ومازيمبي. نتائج الأندية المغربية في بطولتي الأندية هذا الموسم تؤكد أن النموذج الذي نعمل به ناجح"، هكذا أتم مصطفى الحديوي، نجم منتخب المغرب السابق والرئيس الحالي لرابطة اللاعبين المحترفين هناك في تصريحات لـ "لو موند".
4 أندية من أصل ثمانية وصلوا للدور نصف النهائي من بطولتي الأندية، مغاربة، يثبتون أن الكرة المغربية على الطريق الصحيح.