خورخي مينديز.. الفائز الأكبر دائما في سوق الانتقالات حتى مع وجود وباء
الثلاثاء، 06 أكتوبر 2020 - 17:56
كتب : إسلام مجدي
في ظل الكثير من الحديث حول الخسائر التي تعرض لها كل من في عالم كرة القدم هل يمكن أن يخرج أي رابح في مثل ذلك الموسم الاستثنائي الذي لم يشهد عالم كرة القدم الحديث مثله قط؟
عالم كرة القدم تعرض للعديد من الخسائر جراء الوضع الحالي وتفشي وباء كورونا، برشلونة وحده سجل أكثر من 97 مليون يورو كخسائر، ومئات الملايين الأخرى التي تكبدها أصحاب حقوق البث التلفزيوني، بجانب في أوروبا الخسائر كبيرة لدرجة تصل إلى 3.8 مليار يورو.
خلف كل تلك الأزمات هناك فائزين، عدد قليل للغاية أمر طبيعي، لكن أن يخرج فائز كبير؟ خورخي مينديز رجل الأعمال البرتغالي ووكيل أعمال اللاعبين، الرجل الذي حصد أكثر جزء من كعكة تقدر بـ5.4 مليار يورو سنويا من سوق انتقالات اللاعبين، لكن هذا العام ورغم تلك الخسائر الكبيرة، مينديز أدى عمله بشكل أفضل من أي أحد، كيف ذلك؟
في سوق الانتقالات الصيفية الماضية، روبن دياش عميل مينديز رحل إلى مانشستر سيتي من بنفيكا بمبلغ يقدر بـ68 مليون يورو، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بنفيكا احتاج إلى مدافع، فقرر مينديز سد العجز بأحد موكليه.
مينديز كذلك سهل انضمام جيمس رودريجيز من ريال مدريد إلى إيفرتون، ورتب عملية بيع مات دوهيرتي لاعب ولفرهامبتون إلى توتنام بمبلغ 17 مليون يورو، وديوجو جوتا إلى ليفربول بمبلغ 45 مليون يورو.
حتى مع اكتمال عمليات البيع وخروج اللاعبين من ولفرهامبتون، واستقبل الأموال من نفس المكان، عوض ولفرهامبتون لاعبيه بموكلي مينديز أيضا، نيلسون سيميدو من برشلونة وأموال جوتا لضم موهبتين من بورتو، عن طريق الوكيل البرتغالي أيضا.
وعلى كافة الأصعدة، مينديز ترك بصمته في مختلف أنحاء أوروبا، صفقاته هذا الصيف كلفت مئات الملايين.
قال بيبيو روسو الذي كتب كتابا عن مينديز في الماضي: "يبدو أن الأزمات لم تمسه قط، يمكننا القول إن الشبكة الاقتصادية لخورخي مينديز قاومت فيروس كورونا كما لو انه يمتلك اللقاح".
نموذج العمل الخاص بمينديز قائم على العلاقات، وسوق الانتقالات الصيفية أظهرت مدى قدرته على استعمالها.
مينديز يعمل بذكاء في سوق غير مستقرة بالمرة، فالعمل مع النوادي المتعثرة ماليا سعيا لموازنة ميزانيتها لاستغلال بعض الأشياء التي تساهم في استغلال الفرصة في خضم عدم اليقين المالي للوضع الجاري، جذور عمل مينديز أصبحت متأصلة للغاية في عالم كرة القدم، لدرجة أنه في بعض الحالات يكون هو وشركته ممثلين في جميع الجوانب، النادي المشتري والنادي البائع للاعب وبالطبع الصفقة ذاتها ككل للاعب.
على سبيل المثال، صفقة دوهرتي صاحب الـ28 عاما، من ولفرهامبتون إلى توتنام، يد مينديز طالت كافة الأنحاء بها.
مجموعة فوصان الدولية الصينية تمتلك نادي ولفرهامبتون وبعض الأسهم (نسبة الأقلية) مملوكة لشركة جيستفوت الخاصة بمنيديز.
دوهرتي أصبح موكلا لمينديز في وقت سابق خلال العام الجاري، ترك نادي يدربه نونو إسبريتو سانتو أول عميل محترف تواجد على الإطلاق مع مينديز، لينضم إلى فريق يدربه واحد من أشهر عملاء مينديز، جوزيه مورينيو.
علاقة ولفرهامبتون مع مينديز كانت موضع تدقيق في عالم كرة القدم الإنجليزية، خاصة وأن النوادي المنافسة اشتكت من العلاقة الوثيقة للوكيل ورجل الأعمال مع مجموعة فوصان وإسبريتو سانتو وعدد كبير من لاعبي الفريق.
رابطة كرة القدم فتحت تحقيقا لم تجد من خلاله أي خروقات أو مخالفات في الطريقة التي نجح بها فريق ولفرهامبتون، المدعوم بعدد كبير من وكلاء مينديز، وذلك في طريقته للتأهل إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في 2018.
لكن صفقات مينديز مع ولفرهامبتون والأندية الأخرى عادت مجددا إلى دائرة الضوء، إذ كانوا في قلب صفقتين وصفتها الصحيفة بـ"الغريبتين" هذا الصيف، إذ شارك فيهما نادي بورتو الذي كان على صلة بمينديز لعقد من الزمان.
بورتو على أعتاب انهيار مالي ولديه ديون ضخمة، لجأ إلى مينديز ليجد مشترين لبعض نجومه الصاعدة، ويبدو أن الوكيل البرتغالي أتقن عمله، إذ أقنع مجموعة فوصان، بدفع ما قد يصل إلى 59.4 مليون يورولضم ثنائي شاب يُشار إليه أنه واعد لكن لم يختبر بشكل كاف بعد، فيتور فيريرا "فيتينها" وفابيو سيلفا.
كما أعلن نادي بورتو أن ربع تكاليف صفقة انضمام سيلفا إلى ولفرهامبتون والتي تقدر بـ40 مليون يورو، كانت في هيئة عمولات وكلاء، وبالطبع أغلبها ذهب إلى مينديز.
حجم عمولة مينديز من صفقة سيلفا كان كبيرا، أعلى بكثير من المتوسط السائد في مثل تلك الصفقات، لكنه ليس بالغريب بالنسبة لصفقات مينديز، وكيل الأعمال البرتغالي حصل على عمولة تقدر بـ 29.6 مليون يورو من قيمة صفقة انضمام جواو فيليكس إلى أتليتكو مدريد والتي بلغت 117 مليون يورو.
التقرير أشار إلى أن الأمر كان بمثابة إشارة إلى أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" مهما فرض من قيود لمحاولة الحد من تجاوزات السوق، لا يمكنه أن يتغلب على أكثر الوكلاء براعة وقدرة على استخراج عائدات ضخمة.
بورتو الذي يخضع لرقابة سوق الأموال البرتغالية رفض شرح سبب موافقته على التخلي عن 25% من سعر بيع سيلفا كعمولة لوكيل اللاعب.
كما رفض متحدث باسم مينديز التعليق على أي من صفقات الوكيل السابقة أو الحالية، وقال إن الوكيل لا يتحدث عن عمله علنا.
أبدى الوكلاء البرتغاليون استيئاهم بشكل خاص حول تأثير مينديز على الصناعة لسنوات، رغم ذلك يتمتع خورخي بعلاقات قوية للحد الذي يجعل الأندية تدعوه بشكل روتيني لإجراء الصفقات حتى عندما لا يكون له علاقة باللاعب المعني، في يناير على سبيل المثال، حصل على عمولة 6.8 مليون يورو لمساعدته في ترتيب بيع فرانشيسكو ترينكاو لاعب براجا إلى برشلونة، ووكلاء ترينكاو المعتمدين لم يشاركوا في الصفقة.
ووصف رئيس بنفيكا في وقت سابق خلال عام 2018 دور مينديز بأنه أشبه بخدمات سيارات الأجرة، ينقل أفضل ما يمتلكه النادي من مواهب في اتجاه وملايين الدولارات في الاتجاه الآخر.
مينديز كان قد ساعد بنفيكا خلال الأسبوع الماضي على تجديد حساباته، بعدما وافقت الشركة على رحيل كارلوس فينينسيوس على سبيل الإعارة إلى توتنام، بموجب اتفاق قد يدفع النادي اللندني بسببه 40 مليون يورو لكي يصبح لاعبا دائما بين صفوفه، كما باع دياش إلى مانشستر سيتي بـ68 مليون يورو.
وصول دياش إلى مانشستر سيتي كان أشبه بالأنباء السيئة وفقا لوصف التقرير إلى نيكولاس أوتاميندي، لأنه يلعب في نفس المركز، لكن مينديز لديه الحل، أوتاميندي تم بيعه إلى بنفيكا بـ15.2 مليون يورو ليشغل المركز الذي لعب به دياش. وبالطبع حصل مينديش على عمولات من الصفقتين.
في بعض الأحيان سمحت له علاقاته بالأندية والمدراء التنفيذيين بأن تبدو العملية كما لو كانت سباق خيل لا ينتهي، مجموعة من اللاعبين ينتقلون من فريق إلى آخر، وفي كل مرة يتولى مينديز مهمة فهو يجمع العمولات، ويشرف على نظام يبدو وكأنه مرتب بدقة شديدة مثلما يرتب المدربون أعمالهم في الملعب.
مينديز لا يُجري الكثير من الحوارات الصحفية، لكن طُلب منه في المحكمة خلال عام 2017 أن يوضح كيف سار عمله التجاري في جلسة استماع في إسبانيا، وذلك بعد أن وجهت السلطات اتهاما بالتهرب الضريبي لعدد من موكليه من ضمنهم ثنائي ريال مدريد السابق كريستيانو رونالدو وجوزيه مورينيو. وتم البت في معظم القضايا بالإقرار بالذنب والغرامات.
مينديز وقتها قال للمحكمة الإسبانية إنه لا يعرف أي شيء عن الترتيبات الضريبية لعملائه، وقال إنه استأجر محترفين للتعامل مع مثل تلك الشؤون، وأشار إلى أن تركيزه كان منصبا على مسيرته المهنية.
خلال العام الجاري، وبطريقة ما، نجح مينديز في الحفاظ على عمله على أكمل وجه رغم انهيار السوق بسبب الأحداث، يظل دائما الوكيل الجاهز بالحل، إذا ما نجحت الأندية في دفع عمولته.