حوار الذكريات والابتسامات والصمت.. فينجر: في الـ 70 من عمري وما زلت أقدر على لعب كرة القدم

"عندما قابلته في إحدى مقاهي منطقة باريس، في فرنسا، وجدته يُخبرني بأنه شارك في مباراة خيرية قبل يوم واحد من تلك المقابلة".. الشخص المقصود هنا الذي شارك في مباراة خيرية هو آرسين فينجر، والشخص الذي يحكي هو روبرت كرامبتون، صحفي تايمز.

كتب : معتز سيد

الجمعة، 02 أكتوبر 2020 - 22:15
فينجر - أسطورة أرسنال

"عندما قابلته في إحدى مقاهي منطقة باريس، في فرنسا، وجدته يُخبرني بأنه شارك في مباراة خيرية قبل يوم واحد من تلك المقابلة".. الشخص المقصود هنا الذي شارك في مباراة خيرية هو آرسين فينجر، والشخص الذي يحكي هو روبرت كرامبتون، صحفي تايمز.

صاحب الإرث الكروي الكبير في أرسنال والكرة الإنجليزية، استعاد ذكرياته واستعاد ابتسامته وتذكر لحظات حزنه ودموعه، في حوار رائع مع صحيفة تايمز البريطانية.

في مقهى باريس، ويا حظ من كان يجلس هناك، بدأ فينجر حديثه قائلا: "قبل يوم من الآن، شاركت في مباراة خيرية".

هل لعبت بشكل جيد؟ أجاب آرسين "نعم، كنت جيدا جدا".

وأضاف متحدثا بفخر "يمكنني إخبارك ذلك لأنك لم تشاهدني ألعب. أنا في الـ 70 من عمري وما زلت أقدر على لعب كرة القدم. فريقي انتصر بكل تأكيد، بنتيجة 4-1 ولكني لم أُسجل لأنني لعبت كمدافع".

على عكس المباراة الخيرية، فينجر كان يلعب كلاعب وسط هجومي ومسيرته كلاعب لم تكن بالمسيرة الاحترافية الضخمة.

فينجر ليس حالة استثنائية، كونه لم يكن لاعبا بمسيرة ضخمة وأصبح مدربا كبيرا، ولكن أيضا يوجد يورجن كلوب وأليكس فيرجسون لم يتمتعا بمسيرة كروية ضخمة، ولكن مسيرتهما في عالم التدريب، يا لها من مسيرة!

بيب جوارديولا يختلف عن فينجر وفيرجسون وكلوب، فتمتع بمسيرة كبيرة كلاعب، قبل أن يُكملها كمدرب.

جوزيه مورينيو يختلف أيضا عن الأسماء السابقة، لأنه لم يتمتع أبدا بمسيرة كروية محترفة.

الأسماء السابق ذكرها كانت حاضرة في إنجلترا في الموسم الأخير لـ آرسين فينجر مع أرسنال، ومنذ هذا الوقت ولم يدخل ملعب أرسنال مرة أخرى!

وكشف فينجر: "سأذهب إلى هناك (ملعب الإمارات) يوما ما".

وأضاف "تلقيت دعوات سابقة ولكنني فضلت أن أبتعد تماما الآن. كان الأمر صعبا في البداية بكل تأكيد، بعد مسيرتي الكبيرة جدا مع النادي، ولكني اعتقدت أنه من الأفضل المتابعة من بعيد في البداية".

فيرجسون حصل على مقعد خاص في ملعب أولد ترافورد لحضور مباريات الفريق، فلماذا لم تحصل على ذلك في أرسنال؟ يتحدث فينجر حول تلك النقطة قائلا:"لا أعلم. دائما ما أقول إنني سأظل ألعب دورا في النادي، لكن يمكنني أن أفهم أنه من الأفضل في البداية أن تكون هناك مسافة نوعا ما. إذا عُرض علي سأقبل بكل تأكيد".

وأكمل حديثه قائلا: "أنا فقط أقوم بعملي. طالما أنني أتواجد في مكان ما، فأنني سأبذل قصاري جهدي".

واستمر "سعيد جدا أنني خدمت أرسنال وتركتهم في يد أمينة. لقد عملت في النادي على 3 مستويات، مستوى اللعب بأسلوب أرسنال والانتصار، ومستوى تطوير اللاعبين، ومستوى تطوير النادي نفسه، والمستوى الثالث مستحيل في الأيام الحالية".

وأشار "لم يعد المدربون مثلي أنا وفيرجسون، لم تعد مسؤولية كل شيء في النادي متروكة عليهم".

ربما يورجن كلوب كذلك الآن، تعقيب من صحفي تايمز رد عليه فينجر قائلا: "لا. كلوب يُركز على فريقه فقط. هو لم يقم ببناء ملعب جديد، ولا يتولى مسؤولية التفاوض في الصفقات. ما يحدث الآن بعيد تماما عما كان يحدث معنا، أنا وفيرجسون".

ذكر سيرة فيرجسون، جعل فينجر يسترجع ذكرياته الرائعة والمثيرة مع السير أليكس أسطورة مانشستر يونايتد.

وتحدث فينجر: "فيرجسون صديقي وأعرف رقم هاتفه، وبيننا الكثير من الاحترام".

واستدرك ضاحكا "بكل تأكيد الأمور لم تكن كذلك دائما، فكانت هناك بعض الفترات الصعبة مع حادثة البيتزا وغيرها (حادثة نفق ملعب أولد ترافورد عام 2004 وإلقاء قطعة بيتزا على وجه فيرجسون من قبل سيسيك فابريجاس لاعب أرسنال)".

ويكمل ضاحكا "ولكن عندما لا تكون هناك منافسة، يصبح كل شيء أكثر هدوءًا وموضوعية".

واستمر "فيرجسون يعرف في النبيذ أكثر مني. اااه كانت لدينا العديد من المعارك الجيدة. هو رجل ذكي للغاية ولا يمكنك أن تصنع ما فعله إذا كنت غبيا".

من فيرجسون، انتقل فينجر إلى بيب جوارديولا ليفجر مفاجأة قائلا: "عندما كان بيب لاعبا جاء إلى منزلي وطلب الانضمام لـ أرسنال".

وتابع "لكن وقتها كنت أمتلك باتريك فييرا وجيلبرتو سيلفا ولذلك لم أقدر على ضمه".

الحديث عن فيرجسون ثم بيب، جعل فينجر يتحدث عن الكرة الإنجليزية بشكل عام، ليكشف "أتابع كل مباراة في الدوري الإنجليزي، إنه دورّيِ الخاص".

ودلل "لا تحتاج لتكون خريجا من مدرسة مميزة وخاصة لكي تعلم أن بايرن ميوينخ سيتوج بلقب الدوري الألماني، ويوفنتوس بلقب الدوري الإيطالي، وباريس سان جيرمان بلقب الدوري الفرنسي، أما الدوري الإنجليزي فهو أكثر دوري لا يمكنك التنبؤ به، حتى لو لم يكن كذلك العام الماضي (تحقيق ليفربول اللقب بفارق كبير)".

ما هي الأندية التي اهتمت من قبل لتعيين فينجر كمدير فني للفريق؟ قال فينجر: "تلقيت عرضا أكثر من مرة من باريس سان جيرمان، كذلك بايرن وريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس ومنتخب فرنسا ومانشستر يونايتد".

آخر فريق ذكره فينجر، مانشستر يونايتد، جعل صحفي تايمز يُعيد طرح إجابة فينجر ولكن في صيغة سؤال.

آرسين صاحب الـ 70 عاما يستعد لنشر كتابه الأول عن سيرته الذاتية ويحمل اسم "حياتي بين الأحمر والأبيض" وستبدأ عملية بيع الكتاب خلال شهر أكتوبر الجاري.

وعن الكتاب، قال فينجر: "نعم، كتبته بنفسي. تلقيت بعض المساعدات البسيطة، ولكن نعم أنا من كتبت سيرتي الذاتي".

وواصل "دائما ما طُلب مني فعل ذلك، ولكن الأمر كان صعبا للغاية علي، لأنني أولا لا أحب الحديث عن نفسي كثيرا، وثانيا لأنني لا أحب هذا الصوت في رأسي الذي يقول لي إنك لن تدرب من جديد وأنك اعتزلت. لم أحب ذلك أبدا".

وأردف "لكن في النهاية، قررت كتابته حتى لو كان لعائلتي فقط، ليمكنهم معرفة ماذا فعلت يوما ما".

فينجر انفصل عن زوجته annie عام 2015، ولديهما فتاة تُدعى Léa وعمرها 23 سنة.

لكن الآن بعدما كتب سيرته بالفعل ونستعد جميعا لقرائتها خلال الأسابيع القليلة جدا المقبلة، فهل قرر اعتزال التدريب؟

أوضح فينجر: "لست واثقا. لمدة 40 عاما كنت أقوم بذلك يوميا، والآن في آخر سنتين أستمتع بوقتي قليلا".

وفسر "أمارس الرياضة وأزور عائلتي وأصدقائي وأقرأ الكثير من الكتب. أستمتع بوقتي كثيرا".

الحديث عن الصحة الجيدة الآن لـ فينجر، جعله يسترجع القليل من ذكرياته، وقال آرسين: "عندما كنت شابا كنت أدخن السجائر. أبي كان يُدخن كثيرا ونشأت في حانة مليئة بدخان السجائر، وفي فرنسا التدخين أمر طبيعي وعادي".

ورغم تلك البيئة التي نشأ فيها فينجر، إلا أنه استمر بلا تدخين حتى بدأ ذلك في عمر الـ 34 وكشف "أحد أصدقائي كان مُدخنا شرسا وكنا نجلس سويا في أحد الأيام فطلبت منه أن يعطيني سيجارة، وهكذا بدأ الأمر".

وأكمل حديثه قائلا: "بقيت أُدخن مع وصولي إنجلترا، ولكن لم أكن مدخنا شرسا. فقط سيجارة أو اثنين بعد العشاء".

هل لاعبو أرسنال كانوا يعلمون أنك تُدخن؟ يبتسم فينجر قائلا: "لا أعتقد ذلك. لم أُدخن أبدا مع الفريق ولم يشاهدني أي أحد أفعل ذلك. احتاج الأمر لوقت طويل لأتوقف عن ذلك ولكني ما زلت أستمتع بشرب الخمر قليلا. القليل من النبيذ الأحمر الجيد".

كل الأسئلة التي طرحها روبيرت كرامبتون على فينجر أجاب عنها الأخير سريعا، باستثناء سؤال واحد فقط جعله يأخذ الكثير من الوقت قبل أن يُجيب.

هل بقيت في أرسنال أكثر مما ينبغي؟

سؤال جعل فينجر في حالة صمت، قبل أن يقول "الاستماع إلى هذا السؤال يجعلني أفكر قليلا".

"نعم. ربما بقيت طويلا جدا في أرسنال. لا أدري، لا أعرف، أعتقد أنني قدت النادي في أصعب فترة في تاريخه ونجحت في ذلك. لم أتوان يوما في أداء عملي في أرسنال".

"لم أر أي جمال أو راحة في الرحيل. أنا خاسر سيئ، ونعم إذا كنت خاسرا جيدا فإنك لن تستمر طويلا في تلك المهنة. أحببت عملي".

"النساء تُقاتل من أجل الحب، والرجال تقاتل لأنهم يكرهون الخسارة".

إجابة فينجر المطولة وابتسامة من يتلقى الإجابة، غيّرت من مسار الحوار ليصبح أكثر هدوءًا، بعدما وصل لنقطة ساخنة قليلا.

فينجر تحدث عن جماهير كرة القدم، قائلا: "كرة القدم تفتقد سحرها بغياب الجمهور".

واستمر "الجمهور هو الشيء الوحيد الذي يبقى. اللاعبون والأندية والملاعب يتغيرون، والجمهور لا. هو العنصر الوحيد الثابت".

آخر سؤال لـ فينجر كان سؤالا شخصيا من شخص أحقد عليه لجلوسه رفقة آرسين، والسؤال هو (ما شعورك الآن؟ ما شعورك في تلك اللحظة؟).

"أشعر بالـ نوستالجيا".. وانتهى حديث فينجر.