كتب : محمد سمير
"غدا ستمر الأيام وتتواجدون في هذا المكان من أجل مساندتي" حلم من ميار شريف شاركته مع عائلتها وهي تشاهد إحدى نسخ بطولة رولان جاروس للتنس.
قوبل حلم ميار بالابتسامة من شقيقتها داليا فكان ردها بتحدي "كلهم سيأتون وأنتي لا" وفقا لما نقلته شقيقتها الأخرى رنا.
اتجهت أنظار جميع المصريين صباح اليوم الثلاثاء إلى بطولة رولان جاروس للتنس إحدى البطولات الكبرى، لكن هذه المرة لمساندة بطلة مصرية تدعى ميار شريف.
حققت ميار هذا الأسبوع عددا من الأرقام القياسية في تاريخ التنس النسائي المصري، فباتت أول مصرية تحقق الفوز في بطولة كبرى "جراند سلام" كما أصبحت أول مصرية تصل إلى الدور الرئيسي في بطولة رولان جاروس.
انتهت مغامرة ميار شريف المصنفة 172 على العالم بصورة أكثر من رائعة بعد الخسارة أمام التشيكية كارولينا بليسكوفا المصنفة الرابعة عالميا والثانية على البطولة، بصعوبة كبيرة بمجموعتين مقابل مجموعة واحدة.
بداية الحلم:
ولدت ميار شريف في مايو 1996 -24 عاما- وبدأت مشوارها مع رياضة التنس منذ طفولتها في عمر الخمس سنوات.
لعبت ميار التنس مثل شقيقتها الكبرى رنا، وتمارس اللعبة أيضا شقيقاتها داليا وروان.
تعلقت ميار باللعبة بشدة وبات طموحها المشاركة بشكل احترافي لتصبح مثل الأبطال الذين تراهم عبر شاشات التلفاز.
وقالت ميار في تصريحات لموقع رولان جاروس الرسمي: "أتذكر عندما كان عمري 13 عاما وأنا أقفز من الفرحة لتتويج روجر فيدرير بلقب البطولة".
وتابعت "أحاول تحقيق إنجاز يبقى لسنوات طويلة".
وكتبت رنا شقيقة ميار الكبرى عبر حسابها الشخصي "كنا نشاهد بطولة رولان جاروس سابقا، وميار قالت لوالدتي غدا سيأتي اليوم الذي تتواجدي به في الملعب لمساندتي، فضحكت داليا شقيقتي لتقول ميار ستأتون جميعا إلا هي".
وبدأت ميار مشوارها مع اللعبة نحو تحقيق أحلامها بالتدرج في الأكاديميات والأندية المختلفة.
تألقت ميار في مرحلة الناشئين وتدرجت في التصنيف العالمي بتلك المرحلة قبل أن تبتعد عن المسابقات لفترة.
عقبة جديدة:
توقفت ميار عن المشاركة في بطولات الناشئين بعد التخرخ من المدرسة قبل أن تلتحق بجامعة بيريدين بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
التحقت ميار في تلك الفترة بفريق التنس بجامعتها وشاركت في العديد من بطولات الجامعات وحققت أرقاما مميزة على مستوى الفردي والزوجي.
كانت تزور ميار مصر في تلك المرحلة على فترات وتشارك في بطولات قليلة مثل التي كانت تقام في شرم الشيخ من أجل التواجد في التصنيف العالمي.
وفي عام 2017 فازت ميار على المصنفة الأولى في أكبر بطولات الجامعات بالقسم الغربي في أمريكا.
وقالت شقيقتها رنا عبر صفحتها عن تلك الواقعة "كنا سعداء بما حققته ميار في ذلك التوقيت فبعد الفوز على المصنفة الأولى في أكبر بطولات للجامعات، تغلبت على التونسية أنس جابر في تصفيات بطولة كندا المفتوحة".
وتابعت "هناك من واجه ذلك بسخرية وأنها بطولة محلية غير مهمة وسفر ميار للجامعة في أمريكا أوقف مسيرتها ومن الصعب عودتها مجددا".
أنهت ميار مشوارها الجامعي عام 2018 وتخرجت بشهادة في الطب الرياضي وبالتحديد في إصابات ملاعب التنس.
2019 نقطة تحول:
تخرجت ميار من الجامعة وبدأت من جديد خطوات تحويل حلمها إلى واقع واللعب على المستوى الاحترافي.
ولم تبدأ ميار بالبطولات الكبرى ونجحت بالفعل في التقدم بالتصنيف العالمي ووصلت ضمن أفضل 300 لاعبة على مستوى العالم.
وكانت نقطة التحول الكبرى في أغسطس عندما شاركت في دورة الألعاب الإفريقية بالمغرب، وحققت ميار ذهبية المسابقة على المستويين الفردي والزوجي.
تأهلت ميار إلى دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو كأول مصرية تشارك في الأولمبياد على مستوى رياضة التنس، ولكن بشرط وحيد أن يكون تصنيفها ضمن أفضل 300 لاعبة بالعالم قبل انطلاق البطولة ووقتها كانت رقم 212.
ذاع صيت ميار بين المتابعين المصريين بعد تأهلها إلى الأولمبياد وانتظر الجميع ما ستقدمه خلال الفترة المقبلة.
الحلم تحول إلى واقع:
تحول حلم ميار إلى حقيقة بالمشاركة في إحدى البطولات الكبرى "جراند سلام" عندما شاركت في بطولة أستراليا المفتوحة في يناير الماضي.
لعبت ميار أمام الأمريكية آن لي في الدور الأول التمهيدي في رحلة البحث لكتابة التاريخ وتحقيق حلم التأهل للدور الرئيسي.
وكما كان متوقعا خرجت ميار من الدور التمهيدي ولكن بخسارة كانت قريبة بمجموعتين دون رد 3-6، 5-7.
تحول حلم ميار إلى واقع هذه المرة عندما شاركت في بطولة رولان جاروس التي تحدثت مع عائلتها أنها يوما ما ستكون هنا وسيحضرون لمساندتها مثل هؤلاء الأبطال.
ونجحت ميار الأسبوع الماضي في كتابة التاريخ بالفوز على الكولومبية ماريا أوسوريو بمجموعتين دون رد (6-4، 6-0)، وكان لفوز ميار صدى واسعا لأنها أصبحت أول لاعبة مصرية في التاريخ تحقق الفوز في مباراة ببطولة من البطولات الكبرى "جراند سلام".
لم يتوقف طموح ميار المصنفة 172 عالميا عند ذلك الحد ونجحت في الدور الثاني التمهيدي من الفوز على الأمريكية كاتي مكنالي المصنفة 120 على العالم بمجموعتين دون مقابل (6-2، 6-4).
وباتت ميار على بعد خطوة من كتابة تاريخ جديد كأول مصرية تصل إلى الدور الرئيسي في بطولة جراند سلام وبالتحديد رولان جاروس, وتغلبت على جوليا جاتو الإيطالية المصنفة 156 عالميا بنفس النتيجة (6-1، 6-3) لتدخل التاريخ.
تأهلت ميار للدور الرئيسي لتصطدم بالتشيكية كارولينا بليسكوفا المصنفة الرابعة عالميا والثانية في البطولة، وكان من المتوقع خسارة بسهولة لبطلتنا المصرية، لكن ذلك لم يحدث.
قدمت ميار أداء أكثر من رائع وفازت بالمجموعة الأولى 7-6 قبل أن تخسر في الثانية 2-6 وفي المجموعة الفاصلة خسرت ميار بصعوبة 4-6 لتخرج فتاة مصر الذهبية مرفوعة الرأس أمام العالم.
إشادات واسعة:
نالت ميار شريف إشادة واسعة بعد إنجازها الرائع في رولان جاروس على المستوى المحلي والدولي.
حتى أن بليسكوفا قد قالت عنها عقب المباراة "كانت مباراة صعبة جدا وأظن لعبت بشكل جيد وهي خصم صعب للغاية".
صحيفة "جارديان" البريطانية انهالت بالمديح على ما قدمته خلال المباراة وقالت: "ميار شريف بطريقتها في اللعب بالضربات الأمامية وتحركاتها الممتازة وسعة حيلتها جعلت مواجهتها جحيما بالنسبة لبيلسكوفا، ورفضت الاستسلام. سنرى المزيد من ميار في الأعوام المقبلة وسيكون من الرائع إن ألهمت المزيد من اللاعبين المصريين والأفارقة لكي يخطوا خطاها".
أما مجلة "ليكيب" الفرنسية فقالت: "ميار شريف المصرية المصنفة رقم 172 في العالم وأول لاعبة من دولتها تشارك في بطولة تنس كبرى صعبت الأمور تماما على بيلسكوفا في مباراة استمرت لساعتين وربع".
أما الموقع الرسمي لاتحاد التنس فقال: "شريف قدمت أداء لا يُنسى وكسرت إرسالين لبيلسكوفا في المجموعة الأولى لكن ذلك لم يكن كافيا لإزعاج التشيكية أكثر".
وأشاد بإنجاز ميار أبطال مصر في مختلف الألعاب على رأسهم محمد صلاح نجم ليفربول ومنتخب مصر الذي كشف عبر موقع التواصل "انستجرام" مشاهدته للمباراة التاريخية للبطلة المصرية.
أيضا نجما الاسكواش علي فرج ونور الشربيني متصدرا التصنيف العالمي سابقا أشادا بإنجاز ميار ومشاهدتهما للمباراة رغم مشاركتهما اليوم في بطولة دولية كبرى في لعبة الاسكواش.
ماذا بعد:
هل تتوقف طموحات ميار عند ذلك الإنجاز؟ بالتأكيد هذا لا تتمناه البطلة المصرية أو حتى المتابعين الذين تعلقوا بمستواها ونالت استحسانهم.
قالت ميار في تصريحات سابقة لموقع رولان جاروس: "دائما ما كنت أتابع قائمة أفضل 100 لاعبة في العالم، كنت أتعجب لماذا لا نتواجد هنا؟".
وتابعت "أسير خطوة بخطوة نحو أحلامي وأتمنى الوصول لتلك القائمة يوما ما".
الطموح الأكبر الآن لميار هو الاتجاه نحو قائمة أفضل 100 لاعبة في العالم، ميارة المصنفة 172 كان أفضل تصنيف لها في أغسطس الماضي عندما وصلت للمركز 170.
أما ثاني الطموحات المنتظرة هي مشاركات أكثر لميار في البطولات الكبرى جراند سلام وتحقيق المزيد من الإنجازات.
وبتأهل ميار شريف إلى أولمبياد طوكيو فبالتأكيد المنتظر ليس تحقيق ميدالية أولمبية لكن تحقيق مزيد من الإنجازات في المسابقة.