ياسين بونو من المغرب لإسبانيا.. حارس مرمى "يُبقي فريقه على قيد الحياة"
الأربعاء، 23 سبتمبر 2020 - 18:58
كتب : محمد يسري
جرت العادة أن تنتقل المواهب الإفريقية للفرق الأوروبية في وقت مبكر، وهو ما حدث مع ياسين بونو لكن الغريب في الصفقة كونه حارسا للمرمى وليس جناحا مهاريا أو هدافا استثنائيا.
ياسين بونو
النادي : الهلال
ناشئ الوداد البيضاوي انتقل مباشرة لأتليتكو مدريد عام 2012. خطوة لا تحدث كثيرا في القارة إفريقية، وحدثت رغم عدم مشاركته كثيرا مع الفريق الأول في الدوري المغربي.
ما الذي جعل أتليتكو مدريد يفكر في ضمه؟ وأين تم اكتشافه وكيف كان يتم إعداده؟ أسئلة تجدون إجابتها في السطور التالية.
FilGoal.com يقدم لكم حكاية ياسين بونو على لسان مدربيه.
مراهق عملاق في رادس
رغم عدم تقبل والد بونو ممارسة ابنه لكرة القدم حيث قال له وفقا لصحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية: "لا تمضِ وقتا طويلا في كرة القدم".
إلا أن ياسين انضم لبراعم الوداد وهو في الـ8 من عمره، بعد نصيحة من أحد المدربين للعب كحارس مرمى بسبب طول قامته.
تدرج بونو في صفوف الناشئين، حتى تم تصعيده للفريق الأول موسم 2009-2010 وهو في الـ18 من عمره، تصعيد تم حفاظا عليه من الرحيل، ولسبب آخر كشفه ميشيال دو كاستال مدرب الوداد في هذا الموسم لـ FilGoal.com.
دو كاستال قال لـFilGoal.com: "رغم صغر سنه إلا أن موهبته كان كبيرة".
بونو وقع لنادي نيس الفرنسي وهو في الـ17 من عمره لكن الانتقال لم يتم ليعود مرة أخرى للوداد.
عام 2011 كان الأكثر تميزا لبونو مع الوداد، حيث شارك مع الفريق في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا ضد الترجي بعدما انتهت مباراة الذهاب في مركب محمد الخامس بالتعادل السلبي، فقط وهو في الـ20 من عمره.
يقول دو كاستال لـFilGoal.com: "مشاركة بونو جاءت بسبب إصابة نادر المياجري الحارس الأساسي للفريق".
خسر الوداد المباراة بهدف دون رد، ورغم اللعب في رادس إلا أن بونو ظهر بمستوى جيد بحسب وصف دو كاستال.
إصابة المياجري جعلت بونو يشارك في 15 مباراة متتالية مع الوداد في المسابقات المحلية؛ ليتم تسليط الضوء أكثر عليه.
من تولون لأتليتكو مدريد
ما قدمه بونو مع الوداد جعله ينضم للمنتخب الأوليمبي الذي كان يستعد للمشاركة في أولمبياد 2012 التي أقيمت بلندن.
أسود الأطلس استعدوا للأولمبياد بخوض دورة تولون الودية، وهُناك لفت بونو أنظار كشافي أتليتكو مدريد، خصوصا أن طول قامته كان 190 سم.
انتهى مشوار المغرب في البطولة الودية يوم 28 مايو، وبحلول يوم 15 يونيو؛ كان بونو قد أصبح لاعبا في صفوف أتليتكو مدريد بعد أن وقع على عقد لمدة موسم يلعب خلاله مع الفريق الثاني، مع أحقية النادي الإسباني في تمديد التعاقد لموسمين إضافيين.
فضل بونو الانتقال لإسبانيا رغم أن عرض أتلتيكو المالي كان أقل مما قدمه له الوداد لتجديد عقده، كما أن اللعب للرديف جعل بونو يقول أن مسؤولو الوداد قاله له: "ما فعله يعد خاطئا" بحسب ما نشرته صحيفة "موندو ديبورتيفو".
لكن ما الذي لفت نظر أتلتيكو مدريد لحارس مغربي كان في الـ21 من عمره؟ هذا ما يوضحه ألفريدو سانتايلينا مدربه في النادي الإسباني لـFilGoal.com
سانتايلينا كان لاعبا لخط الوسط لدى أتليتكو مدريد الفترة ما بين 1989 وحتى 1993 وخاض مع الفريق 120 مباراة وفاز بلقب كأس ملك إسبانيا مرتين، قبل أن ينتقل لديبورتيفو لاكورونيا ويفوز معهم بلقب كأس الملك أيضا بالإضافة لكأس السوبر الإسباني.
وبدأ سانتايلينا حديثه قائلا: "نال بونو إعجاب الثنائي جوليان مونيوز وكارلوس أجيليرا المسؤولين عن اكتشاف المواهب في أتليتكو مدريد. موهبته في حراسة المرمى هي ما لفتت الانتباه إليه، فوقع مع فريق الرديف الذي كنت أتولى تدريبه".
ويوضح المدرب الذي اعتمد على بونو في 35 مباراة "الانتقال كان فرصة مهمة له، فكان يتم تجهيزه ليكون الحارس المستقبلي لأتليتكو مدريد، فيتدرب طوال أيام الأسبوع مع الفريق الأول لكن يلعب مع الرديف".
لم يبدأ بونو الموسم مع أتليتكو مدريد ب لأن مشوار المغرب انتهى في أولمبياد لندن يوم 1 أغسطس بعد نهاية دور المجموعات، وبالتالي كان عليه أن يحصل على قِسط من الراحة قبل الانخراط في المباريات حتى ولو لم يشارك في أي مباراة مع أسود الأطلس.
ضد ريال مدريد وعلى ملعب ألفريدو دي ستيفانو ارتدى بونو قميص أتليتكو مدريد لأول مرة، وتألق وقاد فريقه للعودة بانتصار من أرض الغريم بهدفين مقابل هدف سجلهما ساؤول نيجيز.
مشاركة جاءت في الجولة الرابعة لدوري الدرجة الثانية الإسباني، وفي يوم 23 سبتمبر، بعد أيام من انتهاء فترة الراحة التي حصل عليها بعد الأولمبياد.
ويُفسر سانتايلينا سبب مشاركته "تكيف بونو سريعا مع زملائه ومع فلسفة أتليتكو مدريد. كان لديه رغبة كبيرة في التطور، وكان يستحق ما حدث له. بدايته كانت طبيعية بالنسبة لصبي ترك عائلته وذهب لبلد آخر لديه ثقافة مختلفة".
ولم يتطور بونو فقط في مهارات حراسة المرمى، وإنما في التمرير أيضا، فيقول سانتايلينا: "الفريق كان يبدأ الصعود بالكرة من الخلف؛ لذلك كنا نجعله يتدرب على اللعب بالقدمين، ليتحسن كثيرا".
وعن سؤاله باختيار أفضل مباراة قدمها بونو مع أتليتكو مدريد، قال: "لا استطيع تسليط الضوء على مباراة معينة، لأنه كان ثابتا في المستوى طوال الموسم".
وفسر سانتايلينا لماذا لم يشارك بونو في أي مباراة مع الفريق الأول لأتليتكو مدريد، وقال: "كان من الصعب أن يحصل على فرصة للمشاركة في وجود تيبو كورتوا، لكنه كان بديلا له في أكثر من مباراة".
كورتوا لعب معارا لأتليتكو مدريد من تشيلسي من موسم 2011-2012 وحتى موسم 2013-2014، وخاض 154 مباراة بينهم 76 لقاء دون استقبال أي أهداف، وحين كان يجلس على الدكة كان يشارك الحارس المخضرم دانيال أرنزوبيا الذي اعتزل بنهاية الموسم.
أما بونو خلال موسمي 2012-2013 و2013-2014 لعب بونو 47 مباراة مع الرديف حافظ فيهم على شباكه في 14 مباراة، واستقبل 60 هدفا.
بنهاية موسم 2013-2014؛ عاد كورتوا إلى تشيلسي ليظن الجميع أن أسهم بونو في اللعب مع الفريق الأول ستزداد؛ لكن انتداب يان أوبلاك من بنفيكا وميجيل آنخيل مويا في صيف 2014 بدل الأوضاع.
خرج بونو في إعارة لريال سرقسطة لكنه لم يشارك سوى 38 مرة في موسمين فقط بعدما كان الخيار الثالث أو الثاني للفريق ليعود لأتليتكو مدريد في صيف 2016.
حين عاد بونو كان أوبلاك قد ثبت أقدامه بين القائمين والعارضة؛ ليستغنى أتليتكو مدريد عن خدماته لجيرونا، ومع الفريق الكتالوني شارك في 84 مباراة ونجح في الصعود معهم للدرجة الأولى موسم 2016-2017.
المجد في الأندلس
مع مطلع موسم 2019-2020 استعار إشبيلية خدمات بونو من جيرونا بعد هبوطه للدرجة الثانية.
لكن بونو لم يكن الخيار الأساسي للمدرب جولين لوبيتيجي، حيث فضل عليه الكرواتي توماس فاشليك، على أن يلعب المغربي مباريات الكأس والدوري الأوروبي.
استمر الوضع عقب استئناف الدوري الإسباني والدوري الأوروبي بعد التوقف بسبب جائحة كورونا، حتى إصابة فاشليك في مباراة إيبار بالجولة 34 للدوري الإسباني.
هل تتذكرون ما قاله سانتايلينا عن تطور بونو في اللعب بقدمه؟ طبقه فعليا ضد مايوركا في الجولة 36.
صنع بونو هدفا لمواطنه يوسف النصيري، ليفوز إشبيلية بهدفين دون رد.
استمر بونو في اللعب في الدوري ولم يستقبل أي أهداف آخر 3 مباريات.
ما قدمه بونو في ختام المسابقة المحلية أقنع لوبيتيجي في الاعتماد عليه فيما تبقى من مباريات الدوري الأوروبي رغم تعافي فاشليك.
يقول سانتايلينا عن قرار لوبتيجي: "كانت خطوة حكيمة من قِبله، فقد كان بونو يستحق المكافأة والاستمرار حتى بعد عودة فاشليك من الإصابة".
ضد روما في دور الـ16 خرج بشباك نظيفة في فوز إشبيلية بهدفين، وضد ولفرهامبتون تصدى لركلة جزاء في الدقيقة 13 من راؤول خيمينيز حافظت على آمال الفريق الأندلسي حتى سجل لوكاس أوكامبوس هدف الانتصار قبل دقيقتين من النهاية.
الإنقاذ جعله أول حارس إفريقي يتصدى لركلة جزاء في الدوري الأوروبي منذ الجزائري رايس مبولحي حارس سسكا صوفيا حين منع فالكاو لاعب بورتو من هز شباكه من علامة الجزاء.
ضد يونايتد في نصف النهائي واصل بونو التألق رغم استقباله لهدف من ركلة جزاء نفذها برونو فيرنانديز بعد 9 دقائق.
هدف البرتغالي كان أول في شباك بونو بعد 512 دقيقة دون أي اهتزاز؛ ليكون هذا الرقم هو الأطول منذ أن كان أندريس بالوب حارسا للفريق موسم 2008-2009، حيث حافظ على شباكه مدة 510 دقيقة.
لاعبو يونايتد سددوا صوب مرمى بونو 7 كرات، تصدى لـ6 منها ولم يفشل سوى في ركلة الجزاء، ليقول عنه سانتايلينا: "أبقى الفريق على قيد الحياة في هذه المباراة، وقام بتدخلات جديرة بالاهتمام".
من تصديات بونو كانت هذه الكرة في الدقائق الأخيرة من المباراة، التي استخدم فيها قدمه وأبعد تسديدة أنتوني مارسيال.
وفي النهائي ضد الإنتر واصل بونو تألقه وتصدى لأكثر من فرصة ليمنح إشبيلية الفوز بنتيجة 3-2.
ليقول عنه سانتايلينا: "أنقذ فرصة خطيرة من روميلو لوكاكو كانت سبب في أن يفوز إشبيلية بلقب الدوري الأوروبي للمرة السادسة".
النتيجة الطبيعية لما فعله بونو كانت انتقاله لإشبيلية بشكل نهائي من جيرونا.
ويرى سانتايلينا أن بونو "نقل الكثير من الهدوء لإشبيلية" خلال المباريات التي خاضها.
وأتم "أنا سعيد جدا برؤية بونو ينجح في إسبانيا".
والآن لدى بونو الفرصة لكي يواصل كتابة تاريخه في إسبانيا.