عودة ليدز يونايتد للدوري الإنجليزي لم تضف للدوري فريقا عريقا في المسابقة فحسب؛ بل أضافت فريقا لديه فلسفة واضحة وملامح فنية مميزة، وهو ما ظهر ضد ليفربول.
بقيادة مارسيلو بيلسا؛ خسر ليدز مباراته الأولى ضد ليفربول؛ لكنه أرهق حامل اللقب كثيرا وكان قاب قوسين أو أدني من حصد نقطة على الأقل. (طالع التفاصيل)
بطريقة 4-1-4-1 بدأ بيلسا المباراة، ليواجه ليفربول كلوب ورسمه المعتاد بالـ4-3-3.
سمة ليفربول هي الضغط على حامل الكرة، وفي الجهة المقابلة؛ يهوى بيلسا الصعود بالكرة بالتدريج وبناء الهجمة بشكل منظم؛ لذلك كان تمركز عناصر ليدز يتغير دائما أثناء امتلاك الكرة.
بداية الهجمة لليدز تبدأ بتمريرة قصيرة من الحارس إيلان ميسلييه، ودائما تذهب لـ كالفين فيليبيس لاعب الارتكاز، الذي بدوره يحدد كيف سيبدأ الهجوم وفقا لضغط وتمركز لاعبي الخصم.
لذلك كان فيرمينو هو المسؤول عن مراقبته، والضغط عليه حتى يمنعه من التمرير، مع صعود جوردان هندرسون لغلق أي زاوية للتمرير على فيليبيس إذا تخلص من فيرمينو.
بيلسا فطن لهذا سريعا؛ فقرر أن يعود بجوار فيليبيس بابلو هيرنانديز ويصبح أمامهما ماتيوس كليتش أو العكس؛ حتى لا يفقد ليدز الكرة سريعا.
هذا التعديل جعل لاعبو ليدز قادرون على التعامل مع ضغط ليفربول والتخلص منه بسهولة والوصول لمرمى أليسون، مثل اللعبة التالية:
هنا بابلو هيرنانديز بجوار فيليبيس، ويمرر لكليتش من خلف هندرسون.
الوضع التشريحي لكليتش جعله لا يعاني رغم ضغط جوميز عليه، وبلمسة رائعة مرر لجاك هاريسون.
أثناء التمريرة السابقة كان هيرنانديز يتحرك بشكل مباشر نحو المرمى وينتظر تمريرة هاريسون، حتى قبل وصول الكرة للأخير من كليتش.
وبعد صعود جوميز للضغط على كليتش، وتقدم ترينت ألكسندر أرنولد لاعتراض مسار هاريسون، كان هيرنانديز خاليا من الرقابة، وفي موقف 2 ضد 1 على فيرجيل فان دايك.
لم يسجل ليدز لأن فان دايك أبعد عرضية هيرنانديز لسوء تنفيذ الأخير.
تلك كانت أول خدعة من بيلسا لكلوب لفك الضغط ليفربول.
أما الخدعة الثانية فكانت مثمرة للغاية وسجل منها ليدز مرتين.
قرر بيلسا لعب كرات طولية لاختصار الوقت واستغلال تقدم لاعبو ليفربول في وسط ملعب ليدز للضغط على حامل الكرة.
هنا، فيليبيس هرب من رقابة فيرمينو في وسط الملعب.
ومباشرة أرسل كرة طولية لهاريسون الذي يقف على خط الملعب مع ألكسندر أرنولد.
وما يثبت أن اللعبة لم تكن صدفة؛ فإن هيرنانديز كان متقدما للأمام ومتمركزا في أنصاف المساحات بين جوميز وأرنولد ليجعلهم في حيرة. فهل سيمرر له فيليبيس أم سيمرر لهاريسون؟ ومن يراقبه؟ وهكذا.
خروج جوميز لمراقبة هيرنانديز جعل هاريسون في موقف 1 ضد 1 على أرنولد وتفوق عليه وتفوق أيضا على جوميز العائد متأخرا لمركزه؛ ليصل لاعب ليدز لحدود منطقة الجزاء ويسجل.
خدعة الكرات الطولية تكررت أيضا في الهدف الثاني، بمساعدة من فان دايك الذي أهدى الكرة لباتريك بامفورد.
هنا، يُرسل ميسلييه كرة طولية للظهير الأيسر ستيورات دالاس خلف محمد صلاح. وفي نفس الصورة يتمركز هاريسون عاليا وتتم مراقبته من قبل ألكسندر أرنولد.
أرنولد لا يستيطع التقدم لمراقبة دالاس حتى لا يترك هاريسون؛ ليقرر نابي كيتا الضغط عليه وتسليم كليتش لـ جوميز.
جوميز تأخر في الوصول لكليتش، الذي تبادل الكرة مع دالاس قبل أن يرسل الأخير عرضية فشل فان دايك في تشتيتها لتصل لبامفورد ويسجل الهدف الثاني.
ومن هذه الأماكن أرسل لاعبو ليدز كرات طولية للوصول لمرمى أليسون.
أما التحرك دون كرة فكان خدعة أخرى للتسجيل في ليفربول.
هنا هيلدر كوستا على الجناح الأيمن ينتظر إيجاد مساحة للعب الكرة بها في منطقة جزاء ليفربول رغم تقدم أندرو روبيرتسون للضغط عليه.
لوك أيلانج الظهير الأيمن لليدز، تسلل خلف روبيرتسون ليخرج فان دايك من مركزه ويتحرك لرقابته.
في ذلك الوقت كان كليتش يتحرك للدخول لمنطقة الجزاء لاستغلال المساحة التي نشأت بفضل تحرك أيلانج وفان دايك.
لاعبو ليفربول سهلوا الأمور أكثر على كليتش؛ فلم يتحرك معه جيني فينالدوم أو كورتيس جونز.
المباراة كشفت العيوب الموجودة في ليفربول، ليتعين على كلوب إعادة النظر في منظومته الدفاعية. فلاعبيه لم يتحركوا كوحدة واحدة في تطبيق الضغط وظهرت مساحات كبيرة خلفهم لتأخرهم في تسليم رقابة اللاعبين لبعضهم البعض.
هذا بجانب الهفوات الفردية التي ظهرت من لاعبي خط الدفاع مثل فان دايك وجوميز وكيتا، وهي مشاهد غير معتادة منهم.
ربما يكون الحل في أن يتنازل الفريق عن الضغط الشرس على أي فريق يلعب مثل ليدز ويقوم بتحضير الهجمة بهدوء، وربما يكون بالاعتماد على ثلاثي في خط الوسط لديه قدرة في الركض بشكل أكبر على أن يعود كيتا لدكة البدلاء.
أما ليدز فقدم وجبة كروية دسمة ضد ليفربول لكنها لم تكن كافية للفوز؛ إلا أنها تنبئ عن أن كتيبة بيلسا سيكون لها ملامح فنية واضحة في الدوري الإنجليزي.
اقرأ أيضا