كتب : أمير عبد الحليم
نبأ صادم كما وصفه الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" تلقاه مشجعو الكرة المصرية بالإعلان عن اختفاء كأس أمم إفريقيا من دولاب بطولاته، وما زاد الصدمة هو أن الكأس المسروقة لبطولة 2010.
لنبدأ أولا بشرح لماذا تحظى كأس 2010 بأهمية أكبر من كأسي 2006 و2008 اللتين فازا بهما منتخب مصر ليسطر تاريخا بثلاثية متتالية.
ينص العرف في بطولات كرة القدم المختلفة -غير المحلية- بأن يحتفظ الفريق المتوج بلقب نفس البطولة ثلاث مرات، بكأسها مدى الحياة، بشرط ألا يسبقه فريقا أخر في الوصول لهذا الرقم.
منتخب مصر هو الرائد في بطولة كأس أمم إفريقيا، هو الأكثر تتويجا باللقب في سبع مناسبات وهو أول من حصد اللقب، ورغم ذلك فلا تحتفظ مصر سوى بنسخة وحيدة لكأس البطولة مدى الحياة بحسب القوانين، وهي كأس 2010.
حصلت مصر على أول نسختين من بطولة كأس الأمم الإفريقية عامي 1957 و1959، وبذلك كان الفراعنة على موعد مع الاحتفاظ بالكأس مدى الحياة إذا حصل على اللقب الثالث، لكن غانا سبقت الفراعنة وحصلت على اللقب ثلاث مرات أعوام 1964، 1965 و1978 لتحتفظ بالكأس مدى الحياة.
وحصلت غانا على نسخة مصغرة من الكأس مدى الحياة وظلت الكأس الأصلية في خزائن الاتحاد الإفريقي، وصنع الكاف كأسا جديدة للبطولة.
النسخة الثانية من كأس أمم إفريقيا حملت اسم "كأس إفريقيا المتحدة" وكانت مصر قريبة أيضا من الاحتفاظ بها بعدما حصلت على نسختين من أمم إفريقيا عامي 1986 و1998، ولكن مصر لم تحصل على اللقب الثالث حتى سبقتها الكاميرون أولا عام 2000 ووصلت للقبها الثالث مع هذا الكأس لتحتفظ به مدى الحياة.
وكالعادة حصلت الكاميرون على نسخة مصغرة من الكأس، وظل الكأس في خزائن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
وبداية من 2006، حققت مصر الثلاثية التاريخية كأول منتخب يحصد لقب البطولات ثلاث مرات متتالية، ليصبح من حقها الاحتفاظ بالكأس مدى الحياة.
ولكن بخلاف المرات السابقة، لم تحصل مصر على نسخة مصغرة بل حصلت على نسخة مطابقة تماما للنسخة الأصلية، لتحتفظ بها في خزائن الاتحاد المصري لكرة القدم.
وهي النسخة التي تعرضت للسرقة، ولكن
ليست أصلية
"أبوابنا مفتوحة لدعم الاتحاد المصري لتعويض هذه التذكارات التي لا تقدر بثمن". كان هذا نص التغريدة التي نشرها حساب كاف اليوم الأحد.
وتوجه FilGoal.com لسؤال مصدر من كاف عن المقصود بالتعويض الذي يمكن تقديمه.
وأجاب "السكرتير العام لـ كاف طلب نشر رسالة دعم لمصر بخصوص هذا الشأن، ورغبة كاف في تقديم العون لها".
وشرح عبر FilGoal.com "مصر ليس لديها أي نسخة أصلية لكأس إفريقيا، هذا التقليد تم توقف العمل به منذ فترة طويلة".
وأوضح "الكأس الضائعة ليست أصلية، وكأسا بطولتي 2006 و2008 اللتين تم استردادهما ليستا أصليتين أيضا".
وواصل "الكاميرون أخر منتخب احتفظ بنسخة أصلية لكأس أمم إفريقيا، ولكننا مثل الاتحاد الدولي توقفنا عن العمل بهذا البروتوكول ولم تحتفظ مصر بأي نسخ أصلية قبل توقف العمل به".
متى اختفت
هذا ينقلنا إلى السؤال الأهم، متى اختفت الكأس؟
يؤكد عصام عبد الفتاح عضو أخر مجلسين منتخبين لإدارة اتحاد الكرة وثروت سويلم المدير التنفيذي السابق أن بعض الكؤوس اختفت من مقر اتحاد الكرة من بينهن كأس 2010 عقب حريق مقر الجبلاية في مارس 2013.
وبالتالي، من المفترض تواجد محاضر رسمية باختفاء الكؤوس في عهد مجلس جمال علام الذي قال بدوره إن الكأس سُرق في 2013.
وقال عضو من اللجنة الخماسية لإدارة اتحاد الكرة حاليا – فضل عدم ذكر اسمه - لـFilGoal.com: "بالفعل هناك محاضر سابقة باختفاء بعض الكؤوس والدروع والميداليات عقب حريق 2013".
واستدرك "المشكلة هنا أن المحاضر لم يُذكر بها الكؤوس التي فُقدت بالاسم، ولذلك قررنا التحقيق في الأمر للتأكد من أن كأسي 1998 و2010 كانتا ضمن المسروقات خلال هذه الفترة".
وشرح وليد العطار المدير التنفيذي الحالي لاتحاد الكرة لـFilGoal.com خطوات التحقيق، قال: "نجري تحقيقا داخليا مع إدراتي الحسابات والمخازن".
وواصل "لم نبلغ أي جهات أمنية حتى الآن، ونكتفي بالتحقيق الداخلي".
كأس من الموسكي
تقول المحاضر الرسمية إن حمادة المصري عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة الأسبق أعاد كأسي 2006 و2008 لخزائن الاتحاد بعد سرقتهما.
لم نستطع اختراع آلة الزمن للعودة إلى الماضي ومعرفة ما حدث في مقر اتحاد الكرة، لكننا ذهبنا إلى حمادة المصري لنسترجع معه الواقعة وما حدث بعد الحريق.
وبدأ المصري حديثه مع FilGoal.com قائلا: "أولا يجب أن أوضح أن دولاب البطولات في مقر اتحاد الكرة السابق كان يضم عددا قليلا من الكؤوس، أتذكر كانوا 6 كؤوس إفريقية وكأس لبطولة العرب مع بعض الدروع".
وأكمل "تعرضت بعض الكؤوس للسرقة أثناء حريق مقر اتحاد الكرة، حيث اقتحم بعض البلطجية المقر مع بعض المواطنين العاديين الذين تواجدوا بالصدفة ولم يدخلوا بأي نية سيئة".
وواصل "تلقيت اتصالا من أشخاص بعد الحريق بحكم أنني كنت العضو الأكثر شهرة في اتحاد الكرة وقتها، وأخبروني بوجود كأسين بحوزتهم وقابلتهم واستعدتهما منهم وكانتا كأسي 2006 و2008".
واستدرك "جميع الكؤوس الموجودة في مقر اتحاد الكرة ليست أصلية، وكأس 2010 المفقودة ليست أصلية ومسروقة من 2013 وتم تحرير محضر بالسرقة في وقتها، وتولت الشرطة والنيابة التحقيق في هذا الأمر".
وأشار المصري إلى أن عملية الجرد التي تتم سنويا في اتحاد الكرة لا تشمل دولاب البطولات، ولكن تخص المستلزمات الأخرى الخاصة بالتعاقدات وعمليات الشراء.
وشرح "هناك أمران يجب توضيحهما وهما أن السرقة مرفوضة أي كانت قيمة الشيء المسروق ويجب التحقيق في هذا الأمر ومعرفة الجاني، والثاني هو أن طريقة تناول هذا الخبر في الوقت الحالي تسيء لمصر ولقيمتها الكروية وهي صاحبة أقدم اتحاد كرة في إفريقيا ومنتخبها هو صاحب الرقم القياسي في الفوز بكأس الأمم".
كيف نستردها
لو سلمنا للواقع وأصبح ما حدث من الماضي، هذا ينقلنا للسؤال الأخير في تحقيقنا، كيف نسترد الكأس الضائعة؟
أجاب حمادة المصري لـFilGoal.com "الكأس المسروقة ليست أصلية، كاف يقوم بتنفيذ تصميم الكأس في إيطاليا ويمنحه للفريق الفائز، ومن يسرق الكأس يظن أنه سرق 8 كيلوجرامات من الذهب وهذا أمر غير صحيح، فهي مجرد مجسم لتصميم تستطيع تنفيذ أفضل منه في الموسكي".
وواصل "أحيانا تجد بين صفوف الجماهير في المدرجات من يرفع كأسا تنفيذه أفضل من الكأس التي يحصل عليها الفائز، ولكن القيمة في التتويج وليس الكأس".
وهذا ما أكده مصدرنا من كاف، وفجر مفاجأة قائلا: "إذا طلبت مصر كأسا بدلا من الضائعة سوف نرسل لها نسخة أخرى، وستكون غير أصلية أيضا".
واختتم تصريحاته "هذا ليس أمرا جديدا، هناك اتحادات محلية أضاعت كؤوسا خلال تجديد أو نقل مقراتهم وخاطبوا لإرسال بدائل وفعلنا".
لاتزال التحقيقات الداخلية جارية في اتحاد الكرة كما شكلت وزارة الرياضة لجنة للتحقيق العاجل في السرقة داخل اتحاد الكرة.
يتعجب المسؤولون السابقون عن الكيان الحاكم لكرة القدم في مصر من فتح هذا الملف بعد 7 سنوات من اختفاء الكأس، فيما يريد الحاليون إبراء ذمتهم من المشاكل التي وجدوها داخل الجبلاية.
وبينهم يتحسر نجوم الجيل التاريخي للفراعنة ومشجعوهم على تاريخ تقول كل الشواهد إنه لن يتكرر ثانية، ولكن كأسا بديلة من كاف ربما تضمد الجرح ولو مؤقتا حتى يأتي من يفوز لنا بكأس أخرى.
اقرأ أيضا
رقم قياسي ينتظر صلاح في بداية الدوري الإنجليزي
خطاب تحذيري من فيفا لاتحاد الكرة